الزار

 

كنت في بلدة و ذهبت إلى بلدة أخرى لزيارة أقاربي ، و بينما كنت هناك سمعت منهم أحاديث وقصص عن ما يحدث في الزار (الظار) – لا أعرف كيفية كتابتها الحقيقية – المهم كانوا يتحدثون بتلقائية و بطريقة عادية و كأن الأمر عادي ، و اذا هممت بإشعال أنواع معينة من البخور أو تشغيل أغاني معينة – من باب السماع و ليس الاستمتاع – كانوا يسخرون مني و يضحكون و يقولون : تريديننا أن (ننزل) و النزول كما علمت لأحقاً يشبه الاستحضار للمسوس ، أي يكون الشخص في غير وعيه و يأتي بأفعال غريبة كالرقص والقيام بأفعال غير لائقة ، و هكذا.

و في يوم أخبرتنا أبنة الجيران بأن خالتها لديها جلسة (زار) و هي من تلك النوعية التي (تنزل) أنا طبعاً إنسانة عقلانية لا أصدق الخرافات ، لكن طبعاً ألمس والعين والسحر ليست كذلك ، كما أن الرقية الشرعية يمكنها تحريك مكامن النفس الإنسانية واستخراج كل الشرور بأذن الله ، لكن أن تقوم الأغاني بفعل كالاستحضار و تغيير ماهية النفس و تغييرها  وتغييبها فهذا ما لم يخطر على بالي يوماً.

عندما ذهبنا إلى بيت الخالة كان مجموعة من النسوة يجلسن في غرفة صغيره على مفرش على الأرض و هنالك أمرأة تلبس طربوشاً و بيدها مسبحة علمت أنها الخالة ، و لفت انتباهي عند دخلونا دماء الذبائح عند الباب و أخبرونا : أن طقس الدماء قد فأتنا ، أيضاً الغرفة كانت تعج بالبخور وكان يتم تحضير القهوة على ركن منها كما و قدموا السجائر للحضور و قاموا بتشغيل أغاني صاخبة ، و هناك تغير كل شيء ، الوجوه ، و الحركات ، و الأفعال ،

و كنت مصدومة للغاية إلى درجة أن احدى قريباتي و هي امرأه متدينة لا تحضر لتلك الأماكن لكن فقط لحب الاستطلاع مثلي ، عندما نظرت اليها وسط ذلك الصخب وجدتها تقوم بحركات لا إرادية غريبة جداً و قد تغير وجهها تماماً و كانت تبكي بحرقة ، وعندما توقف الصخب والأغاني عادت النسوة كما كن ، أنا حقيقةً مصدومة و لا أعلم التفسير المنطقي لذلك ! وعلمت منهن أن ذلك أسلوب حياة لديهن.