من أشد قصص الرعب التي تواجهها العائلات هي التي تتعلق بأي مكروه يحل بأطفالها ، و بالذات إذا كان هذا المصاب أن يختفي الطفل ولا يظهر له أي أثر.
هذه قصة عن اختفاء فتاة صغيرة تُدعى أشا ديغري ، ما يميز هذه القصة هو غرابتها ، فبطلة هذه القصة هي فتاة عادية كانت تعيش حياة طبيعية ، و فجأة خرجت من بيتها في ساعات الفجر الأولى وهي تحمل حقيبة كتبها ، بل أنها خرجت في ليلة عاصفة وماطرة ، تمت مشاهدتها وهي تمشي بجانب الطريق السريع خارج بلدتها قبل أن تدخل الغابة و تختفي عن الأنظار إلى يومنا هذا.
من هي أشا ديغري ؟.
وُلدت أشا جاكيلا ديغري يوم 5 أغسطس 1990م ، وهي أبنة هارولد وإيكيلا ديغري ، و لها أخ أكبر يُدعى أوبراينت.
عاشت العائلة في حي ريفي من مدينة شيلبي في ولاية كارولينا الشمالية ، كان الولدان يعملان ويتركان الولدان ليعودا للبيت كي يؤديا واجباتهما المدرسية ، حاول الأبوان أن يحميا أولادهما من المخاطر الخارجية وعزلهما عن أي مؤثرات ضارة ، و جعل حياتهما تدور حول الأقارب والكنيسة والمدرسة.
لم يملك آل ديغري جهاز حاسوب في البيت ، حيث خشي أهلها من أي ذئب يتربص بأطفالهم ، قالت أمها في مقابلة مع مجلة جيت عام 2013: “عندما تفتح التلفاز فأنت تسمع دائماً عن متحرش أغرى طفلاً عن طريق الإنترنت” ، و قالت أيضاً : أن ابنتها كانت متفهمة للمخاطر من حولها ، و كانت حذرة و خجولة و قانعة بالحدود التي وضعها والداها ، و لم تكن تحب الخروج كثيراً لأنها كانت تخاف الكلاب بشدة.
 |
كانت أشا ديغري فتاة طيبة و سعيدة |
كانت أشا وقت اختفائها تدرس في الصف الرابع في مدرسة ابتدائية قريبة ، وصفها المعلمون بأنها كانت فتاة طيبة و سعيدة و لم يروا عليها ما قد يجعلها تهرب ، كما وصفوها بأنها كانت طالبة مثالية و درجاتها ممتازة و لم تغب في تلك السنة إلا يوماً واحداً.
كانت المدرسة مغلقة يوم الجمعة الذي سبق اختفاءها ، حيث أُقفلت جميع مدارس المقاطعة في ذلك اليوم ، قضى الولدان اليوم في بيت عمتهما في نفس الحي ، و منه ذهبا إلى تدريبات السلة في ملعب المدرسة ، و في اليوم التالي خسر فريقها في المباراة و ارتكبت أشا خطأ و أبعدت ، تذكر أمها أن أشا بكت بشدة بعد المباراة و لكنها تجاوزت الأمر بعد مشاهدتها مباراة لأخيها.
يوم اختفاء أشاء :
في يوم الأحد 13 فبراير عام 2000 م ذهب الولدان للنوم في غرفتهما المشتركة حوالي الساعة الثامنة ، انقطعت الكهرباء في الحي بعد ساعة بسبب حادث سيارة ، ثم عادت في الساعة 12:30 ، اطمأن الأب هارولد على الولدين في هذه الساعة ثم عاد إليهما بعد ساعتين بالضبط قبل خلوده للنوم.
بعدها بزمن قصير سمع أوبراينت صرير سرير أشا ، و افترض أنها غيرت وضعية نومها ، يُعتقد أن أشا نهضت من سريرها في هذا الوقت وحملت حقيبة كتبها التي ملأتها بالملابس والأغراض الشخصية وخرجت بعد ذلك من البيت.
استيقظت الأم إيكيلا في الساعة 5:45 صباحاً لتجهز أولادها للمدرسة ، كان ذلك اليوم مهماً لآل ديغري بما أنه كان عيد الفالنتاين و كذلك عيد زواجهما الثاني عشر ، قامت الأم بتجهيز حمام لهما و ذهبت لتوقظهما في الساعة 6:30 صباحاً ، واكتشفت أن أوبراينت موجود في سريره ، أما سرير أشا فكان خاوياً ، بحثت عنها أمها في أرجاء المنزل و لم تجدها ، وصل الخبر إلى الأب هارولد الذي رأى أن أشا ربما ذهبت إلى بيت أمه في الجهة المقابلة من الشارع ، فاتصلت الأم بالمنزل ليخبروها أنها لم تأتِ إلى هناك ، أُصيبت الأم بالذعر و اتصلت بأمهما التي أشارت عليها أن تتصل بالشرطة.
 |
تحدث شاهدان عن رؤيتهما لفتاة صغيرة تمشي على الطريق المؤدي الى الغابة |
أتت شهادات أخرى عما حدث بين نوم الأب واستيقاظ الأم ، ذكر سائق شاحنة و سائق سيارة أنها شاهدا فتاة تمشي جنوباً بمحاذاة الطريق السريع 18 و على مقربة من تقاطع الطريق مع الطريق السريع 180 ، و ذلك بين الساعتين 3:45 و4:15 من الفجر ، و شهد كلاهما أنها كانت ترتدي قميصاً أبيضاً بكم طويل و سروالاً أبيض ، أدلى الاثنان بشهادتهما بعد أن مشاهدتهما خبر اختفائها على التلفزيون ، ذكر سائق السيارة أنه استغرب من وجود فتاة صغيرة لوحدها في ذلك الوقت ! فدار بالسيارة حول المكان ثلاث مرات قبل أن يراها تدخل الغابة على جانب الطريق و تختفي ، يبعد هذا المكان مسافة 1.3 ميل (2.1 كم) عن منزلها.
 |
خريطة توضح سير رحلة أشا قبل أختفائها |
الغريب في الأمر أن الجو كان ماطراً وقتها ، بل أن السائق وصفه بأنه عاصف ، قال مأمور المقاطعة : أنه متأكد أن تلك الفتاة هي أشا ، لأن أوصافها متوافقة مع شكلها و ما يعتقد أهلها أنها ارتدت ذلك اليوم.
انطلاق عمليات البحث عن أشا :
وصلت الشرطة إلى بيت العائلة في الساعة 6:40 صباحاً ، تمت الاستعانة بكلاب الشرطة و لكنها لم تلتقط رائحة الفتاة ، خرجت الأم إلى الحي و نادت أشا ، و هو ما أيقظ الجيران الذين اشتركوا مع الأهل والأصدقاء للبحث عنها ، لم يسفر البحث عن شيء مهم سوى العثور على قفاز ، و لكن إيكيلا قالت : أنه لا يخص ابنتها ، وذكرت أنها لم تأخذ معها أي ملابس شتوية ، ظهرت قصتها على الفور في محطة الأخبار المحلية ، و منها أدلى السائقان بشهادتهما عند سماعهما بالخبر.
 |
بدأت الشرطة عملية البحث عن أشا مستعينة بالكلاب المدربة |
في اليوم التالي تم العثور على أغلفة حلوى في سقيفة خلف معمل لتنجيد الأثاث على الطريق السريع و يبعد مائة ياردة (90 متر) تقريباً من المكان الذي شوهدت فيه أشا و هي تجري إلى الغابة ، وجدوا قربها قلم رصاص و خطاط و كذلك ربطة شعر على شكل ميكي ماوس ، والتي أكدت الأم أنها تخص ابنتها ، في اليوم التالي لاحظت الأم أن ملابس ابنتها المفضلة غير موجودة ، و منها سروال جينز أزرق عليه أشرطة حمراء.
 |
تم العثور على أغلفة حلوى في سقيفة خلف معمل لتنجيد الأثاث |
تم إيقاف البحث بعد أسبوع ، حيث بحثت الشرطة في دائرة بنصف قطر 2-3 ميل من مكان آخر مشاهدة مؤكدة لاشا ، و تم نشر صورها في أنحاء المنطقة ، و تلقت الشرطة أكثر من ثلاثمائة بلاغ و دليل حول البيوت المهجورة والآبار و أي أماكن أخرى قد تكون موجودة بها.
طلب مأمور المقاطعة من وسائل الإعلام المحلية أن تُبقي القصة حية ، و طُلب من مكتب التحقيقات الاتحادي و مكتب تحقيقات الولاية أن يضعا الطفلة في قاعدة بياناتهما عن الأطفال المفقودين.
التحقيقات اللاحقة في قضية أختفاء أشا :
رأى المحققون أن هروب أشا لم يكن أمراً فجائياً و وليد اللحظة بل أنها خططت لهروبها لأيام عديدة قبل أن تقدم على ذلك ، و اعتمدوا في هذا الاستنتاج شهادة الأم بشأن ما حملته الفتاة معها ، يرى المحققون أن هذا هو التفسير المنطقي الوحيد ، و لكن لسبب ما فإما أنها ضلت طريقها في الغابة أو تعرضت للاختطاف ،
ربما اتخذت السقيفة كملجأ من المطر و أوقعها حظها العاثر في يد القاتل أو الخاطف هناك ، طرح العديد من رواد الإنترنت فرضية أن تكون وقعت في شباك متحرش قريب منها ، كأن يكون من أقاربها أو من أصدقاء العائلة. قالت الأم : أن الشرطة أخبرتها أن تتعايش مع فكرة أن يكون زوجها أو أبنها مشتبهين في القضية ، و أنها واجهت بالفعل شائعات بين الناس تمس زوجها.
لكن أكثر ما يحير المحققين بشأن هذه القضية هو أنها لا تتطابق مع الشكل النمطي لقضايا الأطفال الهاربين ، أول مشكلة هي أنها في التاسعة من عمرها ، بينما يكون القُصّر الهاربون من المراهقين ، وأصغرهم يكونون في الثانية عشرة ، كما أنها لم تعاني مشاكل في البيت ، كأن تعيش مع عائلة قاسية أو يكون تحصيلها العلمي ضعيفاً ، أكد المعلمون في مدرستها أنها كانت على العكس من ذلك ، فقد كانت طالبة مثالية و لم تظهر عليها أي مشاكل.
 |
كانت أشا طالبة متفوقة و محبوبة من معلميها |
لقيت القضية اهتماماً على مستوى البلاد و تناقلت قصتها برامج شهيرة مثل برنامج مونتيل ويليامز الذي استضاف العائلة ، و كذلك تم تخصيص فقرة لها في برنامج أوبرا، و تناولها برنامج الجرائم “أكثر المطلوبين في أمريكا”.
أحرز المحققون تقدماً في القضية بعد سنة ونصف ، و لكنه لم يكن إيجابياً.
في يوم 3 أغسطس 2001 م ( والذي سبق عيد ميلادها الحادي عشر بيومين ) تم العثور على حقيبة كبتها وأغراض أخرى على الطريق السريع 18 قرب بلدة مورغانتون على بعد 26 ميل (42 كم ) من بلدة شيلبي ، تم اكتشاف الحقيبة خلال عمليات بناء جرت قرب الطريق ، و كانت ملفوفة بكيس بلاستيكي ،
 |
تم العثور على كتاب أطفال و قميص يخص أشا |
و قال العامل الذي عثر عليها : أنه وجد فيها أسم أشا و رقم هاتف بيتها ، تم نقل الحقيبة إلى مقر مكتب التحقيقات الفدرالي لإجراء الفحوصات ، و لكنه لم ينشر النتائج للعلن ، ذكر المكتب في الذكرى العشرين لاختفائها أن الحقيبة تخص أشا بالفعل ، كما وجدوا كتاب أطفال بعنوان “بركة ماكيليغوت ” للكاتب دكتور زوس ، و كذلك قميص عليه صورة فرقة “نيو كيدز أون ذا بلوك”. كلا الغرضين لم يكونا بحوزتها في المنزل قبيل اختفائها ، حدد المحققون أن الكتاب مأخوذ من مكتبة مدرستها ، و لكنهم لم يتعرفوا على صاحب القميص.
 |
ماركوس ميلون يقضي عقوبة على تهم بالتحرش بالأطفال |
وحتى الآن هذا آخر دليل ملموس في القضية. وصلت جميع الأدلة اللاحقة بعد هذا إلى نهاية مسدودة ، كما تم التحقيق مع عدد ممن لهم سوابق في التحرش بالأطفال دون نجاح ، و من هذه الأدلة معلومة حصلت عليها الشرطة من نزيل في سجن المقاطعة في عام 2004 م ، و بدأت الحفر في تقاطع في مدينة لونديل ، عثرت الشرطة على عظام بالفعل ، ولكنها كانت تخص حيواناً ،
آخر هذه الأدلة هي رسالة تلتقها صحيفة شيلبي ستار في نوفمبر 2020 م ، وأتت من سجين في سجن الولاية يُدعى ماركوس ميلون ، يبلغ ميلون من العمر 53 عاماً و يقضي عقوبة على تهم بالتحرش بالأطفال ، زعم ميلون أن أشا ميتة و أنه يعرف مكان دفنها ، تحقق الشرطة حالياً في هذا الدليل، و لكنهم لا يعلقون آمالهم عليه ، إذ في حالات كهذه يهدف السجين على الأغلب لعقد صفقة ليتم تخفيف عقوبته.
 |
تم نشر صورة أشا في كل مكان مع عرض مكافأة كبيرة |
في فبراير 2015م ، أعلن مكتب التحقيقات الاتحادي أنه سيعمل مع مكتب تحقيقات الولاية و مكتب مأمور المقاطعة على فحص الأدلة والشهادات في القضية من جديد ، و أنهم سيضعون جائزة قدرها 25,000 دولار مقابل أي معلومات تؤدي لحل القضية ، كما أعلنت مجموعة في البلدة عن جائزة إضافية قدرها 20,000 دولار.
صنع المركز الوطني للأطفال المفقودين صورة تخيلية عدة مرات لشكلها المحتمل و هي بالغة ، وآخرها صورة عام 2020 م بشكلها المفترض و هي بعمر التاسعة و العشرين.
 |
تم تصميم صورة افتراضية لاشا و هي بعمر التاسعة و العشرين |
أعلن المكتب بعد 15 شهراً في مايو 2016 م أن هناك دليلاً جديداً مهماً سيتم البحث فيه ، حيث قُدّمت شهادة بأن أشا شوهدت وهي تركب سيارة قرب المكان الذي اختفت فيه ، وصف الشاهد السيارة بأنها من جيل السبعينات ، وأنها من علامة فورد أو لينكون ، و أن لونها أخضر داكن و هناك صدأ فوق منطقة الإطارات.
 |
سيارة من جيل السبعينيات خضراء اللون ذات علامة فورد أو لينكون |
استمر آل ديغري في سعيهم لإبقاء ذكرى ابنتهم وقضيتها حية ، وضعوا لافتة كبيرة بجانب الطريق السريع حيث شوهدت آخر مرة ، في عام 2008 م ، وضعوا منحة جامعية باسمها للطلاب المتوفقين ، و يقيمون مسيرة سنوية للتعريف بقضيتها و جمع التبرعات لتمويل عمليات البحث ، و تبدأ من بيتها إلى مكان اللافتة حيث اختفت ، كانت المسيرة تُقام في البداية في يوم اختفائها ، ولكن غيّره آل ديغري في السنوات الأخيرة إلى يوم أبكر من فبراير كي لا يشاركهم الناس الحزن في عيد الفالنتاين.
 |
أستمر والدا أشا بالبحث عنها و تنظيم الفعاليات لتخليد قضيتها |
تحدثت الأم عن تجربتها وآلامها في مقابلة مع مجلة جيت عام 2013 م ، قالت أنها حزينة لأن قضية ابنتها لم تلقى نفس الاهتمام الذي تلقاه نفس قصص الأطفال المفقودين ، و ترى أن كونها سوداء ساهم في هذا ، قالت في لقاءات أخرى لاحقة أنها لا تزال تحتفظ بالأمل كي لا تصاب بالجنون ، و أنها لا تصدق أنها ماتت ، بل ما تزال على قيد الحياة ، وأنها إلى اليوم تتمنى أن تجد أشا وهي تدخل باب بيتها.
 |
لا زالت عائلة أشا متمسكة بالأمل و أنها ما تزال على قيد الحياة |
كبر الابن اوبراينت و تزوج وأنجب طفلة ، قال الأبوان : أن الطفلة خففت الآلام التي تركتها السنين ، ولكنها لم تمحوها.