أُمٌّ مراهقة
خسرت سنوات أنفقتها على تفاهات |
عندما تمر الفتاة بسن المراهقة يكون تفكيرها محدود جداً ، و غالباً ما يكون مزروع من الطفولة ، أهدافها الحرية و الاستقلال من عائلتها التي لا تفهم وضعها و احتياجاتها .
أنا من الفتيات اللواتي و قعن ضحية العائلة المحافظة ، و لنيل الاستقلال الذي حلمت به التجأت إلى وهم الحب و الزواج و أني ساعيش في قصر مع فارس أحلامي ، و مرت سنتان على زواجي و أنجبت الطفلة الأولى و الأخيرة ، و التي أعتبرها هديتي و فرصتي للنجاة .
كنت أعيش ببساطة و ملل ، و عندما أشعر بالكآبة من الروتين أمسك بهاتفي و أتصل برجال لا أعرفهم بسبب قلة الوعي الذي أنا فيه ، ممكن من يقرأ يعتبرني خائنة لكنني لا أعتبر نفسي كذلك ، فالخيانة بنظري اتصالٌ جسديٌّ فقط .
كنت أحب أن أغير كل فترة من الأشخاص اللذين أتعرف بهم بعد أن أتأكد أن الشخص قد تعلق بي ، من غير أي علاقة هاتفية غير مشروعة فكان أغلب كلامي معهم كأصدقاء لا ندخل بمواضيع جادة ، و بعد سنة من ولادتي لابنتي بدأت أشعر بعدم وجودي ، كأني جدار في المنزل ، و هنا جاء دور أخ زوجي الأكبر ، الذي بدأت ألاحظ علامات إعجاب من قبله ، و نظرات محرمة لجسدي ، فقررت أن أستغله لأكسر روتيني ، لا أنكر أني بدأت بلعبة حقيرة و خطرة و لا أعرف إذا كانت فعلتي خطأ أم صح ، فأنا فعلتها لأني أردت أن أشعر بإثارة في حياتي .
فتحت له المجال ليتعرف إلي ، و كنت مستمتعة و أنا أراه متيماً بي ، ينظر إلي بطريقة غريبة و كأنه يريد افتراسي ، و أنا في كل مرة يريد أن يقترب مني أتملص بذكاء و أشعر بأني مميزة ، و بعد أن مللت من هذا الوضع كرهته ، لأن كل همه هو خيانة أخيه الأصغر الذي يحترمه جداً ، و قررت أن ألعب لعبة الفتاة البريئة و ابتعدت بعد أن جن بي ، أعرف أنني لست بريئة و لا أنا ملاك لكني لا أتقبل الخيانة الجسدية فهي مقرفة بنظري ، و هنا توقفت و فكرت مطولاً لأيام و بهدوء ، و بدأت عيناي تلمعان و راودتني أفكار شيطانية لكني اخترت أن أرجع إلى البداية من غير أي تفكير ، و افتعلت مشكلةً مع زوجي و طلبت الطلاق ، و بعد مفاوضات عديدة حصلت على لقب “مطلقة” الذي ظننت بأنه سيخلصني .
هذا اللقب سبب لي مشاكل عديدة ، و فتح لي أبواب كبيرة ، أكبر مشاكلي في الطلاق هي خوف أهلي من كلام الآخرين ، من غير أن يفكروا بشعوري أو أن يضعوا اعتباراً لحقوقي ، و بعد أن تأزمت نفسيتي و أدمنت التدخين ، و أصبح كلامي غير لائقاً بامرأةٍ محترمة ، اتخذت قراري بأني سألعب اللعبة التي لا أجيد غيرها ، و هي استغلال الرجال لأصل إلى أهدافي من غير أن أعطى شيئاً بالمقابل .
بدأت اللعبة مع رجلٍ عجوزٍ طامع ، و استطعت أن أضمن لي وظيفة عن طريقه ، و بعدها افتعلت معه مشكلة و هربت بدون أضرار لي ، و كنت كلما أردت الحصول على شيء ما أتعرف على رجلٍ ما وأمثل أمامه صورة الفتاة المحبة و الجريئة و آخذ مرادي و أذهب ، إلى أن دخلت ابنتي المدرسة أول سنة ، عندها بدأت أفكر جدياً بمستقبلها ، و بأني لا أسطيع أن أجعلها تعاني مثلما جعلوني أهلي أعاني ، فكل ممنوع مرغوب .
و هكذا تركت الرجال و بدأت بدراسة مسائية مع عملي ، و الآن تخرجت ، و ها أنا أفتتح مشروعي من غير مساعدة من أهلي ، و لكن هناك حزن بداخلي غريب ، فعلاقتي بأهلي انطوائية جداً ، لا أنكر أني فعلت الكثير من غير دعمهم ، و لكني خسرت أكثر .. خسرت سنوات أنفقتها على تفاهات ، خسرت فرصة بأن أتزوج من شخص أحبه من غير مصالح ، خسرت فرصة أن أكون ذات شخصية مستقلة من البداية .
أنا لا ألوم أهلي على أخطائي ، و لكني كتبت تجربتي من أجل الأمهات اللواتي لا يبذلن مجهوداً لمعرفة أبسط أهداف بناتهن في الحياة ، و عدم دعمهن ، كنت من الممكن أن أهرب من المنزل و أكون فتاة ليل لكني لم أفعل ، فكري أيتها الأم .. لو فعلتها ابنتك ماذا ستفعلين ؟
لم أكتب تجربتي لأسمع تعليقات جارحة ، لكني كتبتها لأني أم أريد مصلحة ابنتي ، و أريد لها حياةً جميلة مع أحلام هادفة و شخصيه مستقلة .. مع احترامي لكل أم .
تاريخ النشر : 2016-09-05