ألغاز تاريخية

بصمات القدماء: موريس جيسوب والغاز المايا

بقلم : يسري وحيد يسري – مصر
للتواصل : [email protected]

موريس كاتشيم جيسوب عالم غامض في حياته وموته
موريس كاتشيم جيسوب عالم غامض في حياته وموته

انها واحدة من معارك العلم الخالدة…
ومعارك التاريخ الازلية…
معركة طافت شرق التاريخ وغربه…
وشمال العلم وجنوبه…
لكن لا التاريخ بإمتداده انهي القضية…
ولا العلم بصرامته حسمها…

في زاوية من زوايا الأرض، وبالتحديد امريكا الوسطى، كان العام ١٩٤٥ مثيرا.. ومدهشا.. وعاصفا.. على اي مقياس علمي او تاريخي.

في ذلك العام ظهر الي العالم احدي النظريات العلمية التي ستقلب العالم رأسا على عقب…
بدأت عندما انهمكت احدي البعثات العلمية لإستكشاف الآثار في البحث عن بقايا حضارة المايا في أمريكا الوسطى وكان ضمن البعثة العالم الفذ (موريس كاتشيم جيسوب) وهو عالم فيزياء وفلك ورياضيات وكان يدرس الأخيرتين في جامعتي دريك وميتشجن، اضافة الي عمله في أواخر العشرينات في جنوب أفريقيا في مرصد لامونت هاوس والذي اسفر عن كشفه لعدد من النجوم الفيزيائية المزدوجة التي تمت فهرستها من قبل جمعية الفلك في لندن إضافة إلى أنه كاتبا وله كتاب شهير يفند فيه ظاهرة الاطباق الطائرة يدعي the case for the ufo، وبرغم تاريخه العلمي إلا أنه لم يتقدم لنيل الدكتوراة، ربما بسبب رحلاته الكثيرة التي جابت ارجاء العالم بين جنوب أفريقيا والبرازيل والمكسيك.

وعنما عرضت عليه بعثة أمريكا الوسطى تلك الانضمام إليها، لم يكن احد يدري حتى (جيسوب) نفسه أن موافقته، ستجعله يحلق بعيدا… وبعيدا جدا.

blank
إن تلك الصخور والاثار العظيمة ليست عملا يدويا.. ابدا

ما رأه (جيسوب) من معابد وأثار ضخمة للحضارات السابقة على اكتشاف الأمريكيتين، جعلت (جيسوب) يصل إلى مرحلة الغليان الفكري؛ ولإنه عالم فقد تبلور غليانه هذا على هيئة مقال علمي لإحدى المجلات العلمية الأمريكية التي اعتاد مراسلتها، مقالة احتوت على عاصفة علمية لن تمر بسلام، فعندما وقف جيسوب امام صخور الانكا الهائلة الحجم ذات النقوش المعقدة، خرج باستنتاج علمي… إن تلك الصخور التي تعود لمليون عام تقريبا، ليست عملا يدويا.. ابدا، كما كنا نظن، بل هي عمل آلي تماما ،حيث تم صقل ونحت وزخرفة تلك الصخور بواسطة آلات متقدمة للغاية وزمن صنعها يعود إلى ما قبل طوفان نوح وانها وضعت في أماكنها تلك بواسطة آلات ربما تطير في الهواء او تستخدم مجالا مضادا للجاذبية.

لم يكن (جيسوب) يدرك انه بتلك المقالة وضع اللبنة الأولى في نظرية مثيرة عرفت بعد سنوات عدة (برواد الفضاء القدامى) والتي تعني بإتصال حضارتنا في وقت ما مع فضائيين من كوكب آخر وان كوكبنا مليء بما يدل على تلك الزيارات، ولك أن تتخيل ما فجره (جيسوب) بمقالته تلك، ردود الأفعال كانت كقطبي المغناطيس بين مؤيد لجيسوب بحرارة وبين رافض لها بالمرة دون مناقشة، لكن (جيسوب) استولت عليه الفكرة تماما ليسافر للمكسيك على نفقته الخاصة بعد انتهاء عمل البعثة الأثرية، للبحث عن ادلة جديدة، ليعثر هناك على عدة حفر غامضة وبعد دراستها لمدة عام خرج بإستنتاج جديد، ان تلك الحفر تكونت نتيجة قصف جوي من سفن فضائية هاجمت تلك البقعة منذ ملايين السنين.

وفي خضم ذلك الصراع بين مؤيدي ورافضي ما قاله جيسوب، ارتقي العلم لكشف مذهل.. فقد توصل العلماء الي الليزر، ومن هنا بدأ العالم يتفتح على عالم جديد وبدأ العلماء يعددون مناقب الكشف العظيم هذا، ومن ضمنها تشكيل نقوش مثل تلك النقوش المعقدة بصخور الانكا، اذن ماقاله (جيسوب) يوما.. غدا حقيقة، وأن العلم الذي كان يرفض بعناد لنظرية (جيسوب) الان.. والان فقط يفتح ذراعيه لها، وعلى الرغم من تمسك العديد من العلماء برفضهم لتلك النظرية، إلا أن (جيسوب) نجح.. وعلى نحو ساحق، في جعل العلماء يزحفون نحو كل زاوية مظلمة من تاريخنا الأرضي للبحث في أسبابها ومدي ملائمتها لنظرية (جيسوب).

blank
خطوط نازاكا في البيرو اثارت حيرة العلماء قديما وحديثا

وهنا بدأت الذاكرة تعود للوراء قليلا، إلى عام ١٩٣٩ حينما أبلغ الطيارون عن مشاهدات لرسوم عملاقة في صحراء البيرو، لنجد أمامنا ما عرف لاحقا بخطوط نازكا وهي رسوم للحيوانات عملاقة وبشر يرتدون خوذ رأس، وكان من أبرز من درس تلك الخطوط المحيرة، العالمة الألمانية (ماريا ريشي) والتي سجلت أبعاد تلك الخطوط، خوفا من أن يمحوها الزمن وحينما سئلت عن كيفية رسم تلك الخطوط الهائلة على يد حضارة بدائية؟
أجابت على نحو حاسم: ما لم يستطيعوا الطيران، امر فسره (جيسوب) أن تلك الخطوط كانت مدارج للسفن الفضائية، وإلا فما الداعي لإنجاز رسوم كتلك لن يراها احد إلا على ارتفاع هائل من الأرض لكن فريق من العلماء تبني نظرية جديدة بل وربما اكثر اثارة من نظرية (جيسوب).

نظرية تقول انه عاشت على الأرض حضارات متقدمة للغاية وربما سبقت ما وصلنا اليه الان ولسبب ما اندثرت تلك الحضارات، وراح الناجون ينشرون ما تبقى من علوم حضاراتهم ليضعوا تلك الاعاجيب الحضارية كخطوط نازكا وكهوف طاسيلي ونموذج الطائرة بالمتحف المصري، لكن (جيسوب) رفض الفكرة وتشبث بنظريته، وفي ظل احتدام المعركة من الجانبين، لاحظ مغامر يدعي (بيل سبوهرر) أن الاواني الفخارية لشعب النازكا تبرز رسوم لبالونات طائرة، ورويدا رويدا، أدرك الرجل، ان شعب النازكا أدرك الطيران بواسطة بالونات الهواء الساخن، وهنا صنع منطاد من نفس الاقمشة التي يستعملها شعب النازكا تدعمه شعلة من القصب المشبع بالزيت وبذات التصميم في الرسوم القديمة، وبعد عدة محاولات للطيران لم تكلل بالنجاح، وضع الرجل إستنتاجه على المحك في نوفمبر ١٩٧٥ لتنجح التجربة هذه المرة ويطير بواسطة المنطاد، استنتاج من الماضي دعمته تجربة طيران في الحاضر ناجحة بل و ساحقة أيضا، ومن هنا بدأت تلك الحقيقة تتشكل، ان كل المؤشرات تؤكد ان شعب النازكا عرف الطيران وان تلك الحقيقة تجاور حقيقة خرائط القبطان (احمد محي الدين بيري) التي حسم العلماء أمرها… انه يستحيل رسمها دون مسح جوي وبآلات ذات تقنية متطورة للغاية تسمح لهم برسم تضاريس قارة مثل (أنتاركتيكا) على الرغم ان سمك الجليد الذي يغطي اراضيها يتجاوز الميل، بإلاضافة الي الاكتشاف الهائل بالمتحف المصري، حينما عثروا على نموذج لطائرة وليس لطائر.

بدا وكأن نواحي الأرض تعزز من رسم صورة باهرة لقدماء الارضيين.

blank
نقوش طاسيلي تعود لالاف السنين .. هل يطير هذا الرجل؟!

لكن بغض النظر عن الاحتدام العلمي بين النظريتين، المؤكد ان (موريس كاتشيم جيسوب) نجح بشكل باهر في اقناع العديد من العلماء، ان الارض عاشت في ظل حضارة متطورة بالفعل…

من ايد جيسوب عزاها الي الفضائيين… ومن خالفه عزاها الي قدماء الارضيين الذين اندثرت حضارتهم لسبب ما.

لكن بنظري النظريتين لا تنفي أحدهما الأخرى، النظريتين لهما من الادلة ما يؤكد صحتهما، فإذا كانت شواهد التاريخ اثبتت بما يسحق أي ذرة شك، أنه في وقت ما من تاريخنا وفي أرض ما من كوكبنا عاشت حضارة متقدمة ربما فاقتنا تطورا.
شواهد الحضارة ذاتها تركت ما يدل على زيارات الفضائيين، الملاحظ لكهوف طاسيلي مثلا سيجد رسومات لأشخاص يرتدون خوذات رأس ونساء يرتدين فساتين ذات طرز حديثة وعلى نفس النهج ستجد في احدي مقابر المايا شخص يجلس داخل ما يشبه كابينة قيادة للمركبات الفضائية.

بشئ من التدبر سندرك ان الهدف من تلك الرسوم تأريخ التواصل الحضاري والكوني الذي حدث بإتصال الارضيين و الفضائيين في زمن ما، وهذا الاتصال يثبت تطور حضارة الارضيين و الفضائيين معا، لإن تاريخنا يشهد بوجود حضارات مازالت تثير اعجابنا وحيرتنا تجاهها، ولا يستبعد أن قدماء الارضيين عاشوا في ظل حضارة َمتطورة يوما ما.

النظريتين يتكاملان.. ولا يتناقضان..
انها حقيقة تاريخية يعتريها غبار التاريخ.. وضباب الزمن
وربما اتي يوم نقرأ فيه بتمعن تلك العبارة التاريخية:
(لقد عاشت على الأرض حضارات اكثر تطورا منا.. فتحت ابوابا جديدة للتواصل الحضاري والكوني و المعرفي.. للقادمون من الفضاء)

لقد افرزت المعركة العلمية التي قادها (موريس كاتشيم جيسوب) من جهة والفريق الذي ناظره من جهة أخرى عن بذور حقيقة تاريخية.. الله وحده يعلم متى سيأتي حصادها؟
وسواء اتي اليوم ام لم يأتي…
لن ينفي ذلك البصمات…
بصمات القدماء

هوامش : عثر على جيسوب منتحرا في سيارته بغاز العادم عام 1959 وهناك من يقول بأنه لم يكن انتحارا بل تعرض للقتل. الرجل في سنواته الاخيرة لم يكن طبيعيا ابدا.

كلمات مفتاحية :

– Morris K. Jessup

تاريخ النشر : 2021-06-11

guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى