بصمات على المرآة من العالم الآخر .. ما حقيقتها ؟
هل المرايا و الأسطح العاكسة لها علاقة بالعالم الآخر ؟ |
منذ القِدم خشي الإنسان من رؤية انعكاس صورته على الماء حيث اعتقد أنه يرى انعكاس روحه ، و في الحضارات القديمة استخدم الناس النحاس المصقول كالمرايا و لم تظهر المرايا الحديثة إلا عام 1835 م عندما قام الكيميائي الألماني “يوستوس فون ليبيغ” بطلاء طبقة رقيقة من الفضة على سطح الزجاج ليصنع أول مرآة بشكلها الحالي ، و مع ابتكار المرايا ساد الاعتقاد بين الناس أن المرايا هي بوابة للتواصل مع العالم الآخر و أنها تحتفظ بالأرواح في داخلها و لازالت هناك العديد من المعتقدات و الخرافات التي تدور حول المرايا حتى يومنا هذا ، بل إن هناك أناس لا ينامون إلا إذا قاموا بتغطية المرآة بقطعة من القماش خوفاً من تعرضهم للأذى بسبب الأرواح .
و لعل من أشهر أفلام الرعب التي تحدثت عن المرايا هو فيلم الرعب الأمريكي mirrors ، الذي تم إنتاجه عام 2008 م و الذي أدى فيه دور البطولة الممثل الكندي كيفير ساوثر لاند .
فيلم mirrors أحد أشهر الأفلام التي تناولت موضوع المرايا |
يبدأ الفلم برجل يقف متوسلاً أمام المرآة التي يظهر فيها شخص يشبهه تماماً ثم يقوم هذا الشخص بنحر عنقه ليسقط الرجل ميتاً ، ليحل مكانه في العمل بن كارسون ( كيفير ساوثر لاند ) ، ذلك الرجل الذي فُصل من عمله كمحقق في شرطة نيويورك و الذي يقرر العمل كحارس ليلي في متجر ماي فلاور الذي تعرض للحريق قبل 5 سنوات و لم يتبقَّ منه سوى مستودع توجد به العديد من المرايا ، و في أول ليلة له في المكان يلاحظ كارسون وجود بصمات أصابع على المرايا ظلت صامدة رغم محاولته إزالتها ، و يجد في المكان محفظة تعود لجاري لويس حارس المتجر السابق ، و في المحفظة يجد ورقة كتب عليها إسكير .
في هذه الأثناء تقوم أخت كارسون بالانتحار بشق فمها أمام المرآة ، مما يجعل كارسون يتأكد من أن شكوكه حول المرآة صحيحة و أنها هي السبب فيما يحدث ، فيحاول تحطيم المرايا في المتجر و لكنها لا تتحطم ، فيصرخ متسائلاً ماذا تريد ؟ فيتشقق الزجاج و يظهر اسم إسكير ، عندها يحاول كارسون حل لغز تلك الكلمة و هذا المكان ، فيقوم بالنزول إلى الطابق السفلي المغمور بالمياه ليجد أرشيف الدراسات النفسية و يكتشف أن هذا المتجر قد بُني على أنقاض مستشفى سانت ماثيو للأمراض النفسية ، و عندما يزيح الطوب من الجدار يجد غرفة تغطي جدرانها المرايا و يوجد في وسطها كرسي . يتصل بصديقه الشرطي و يطلب منه مساعدته في العثور على معلومات عن المريض إسكير ، ثم يعود ليخبره أنها مريضة تبلغ 12 عام كانت قد توفيت نتيجة انتحار جماعي بذلك المستشفى ، و لكن كارسون يكتشف من سجلات المستشفى أن تلك الفتاة مازالت على قيد الحياة و أنه تم إطلاق سراحها قبل يومين من الحادثة
يرى بصمات على المرآة |
في هذه الأثناء تلاحظ زوجة كارسون انعكاسات غريبة في المرايا التي في منزلها فتقوم باستدعاء كارسون الذي يقوم بطلاء جميع المرايا التي في المنزل باللون الأخضر . يشعر كارسون أن عائلته في خطر و يذهب للبحث عن تلك المريضة و عندما يصل إلى منزلها يخبره أخاها أنها كانت طفلة عنيفة و تم تشخيص حالتها بانفصام بالشخصية و تم أخذها إلى ذلك المستشفى حيث قام الطبيب بتثبيتها على كرسي محاط بالمرايا لكي تواجه مرضها ، و عندما شُفيت و عادت إلى المنزل لاحظ أهلها أشياء غريبة تظهر في المرايا الموجودة بالمنزل و لهذا قرروا إرسالها للعيش في دير قديم يمنع تواجد المرايا فيه
يذهب كارسون لمقابلة آن في الدير و هناك تخبره المرأة العجوز أنها كانت ممسوسة بروح شريرة ثم خرجت منها تلك الروح و انتقلت إلى المرآة لتجمع أرواح من تقتلهم ، و رفضت العودة معه إلى ذلك المكان حتى لا تخرج تلك الروح الشريرة من جديد ، و لكن كارسون يجبرها على الذهاب معه إلى غرفة المرايا أسفل المتجر ، و في هذه الأثناء تحاول الروح الشريرة اختطاف ميكي كارسون و تستميت أمه في إنقاذه و حمايته و أخته
يقوم بتقييد المرأة على الكرسي |
و في غرفة المرايا يقوم كارسون بتقييد المرأة على الكرسي ليبدأ المكان بالاهتزاز و تنطلق الأضواء من المرايا و تنطلق الشياطين محطمة المرايا التي يتناثر زجاجها في المكان ، و تستحوذ الشياطين على تلك العجوز و تتحول إلى مسخ مرعب يهاجم كارسون الذي يتمكن في الأخير من القضاء عليها بواسطة إشعال النار في أنابيب الغاز الممتدة داخل النفق مما يتسبب في انفجار ضخم يدمر المبنى و يجعله كومة من الأنقاض ، و بعد أن يهدئ المكان يشق كارسون طريقه و سط الحطام و يخرج من المبنى ليرى رجال الشرطة و الإطفاء الذين جاءوا لإنقاذ المصابين و نقل الجثث ، و لكن الغريب في الأمر أنه لم يلاحظه أحد منهم ، و يلاحظ كارسون أن الأسماء على ملابسهم مكتوبة بالمقلوب كما هو الحال في المرآة و يتقدم وسط الشارع حتى يصل إلى زجاج أحد المباني ليرى وجهه و لكنه يكتشف أن انعكاسه لا يظهر و أيقن أنه تعرض للسحق بين أنقاض المبنى و أن روحه صارت عالقة في عالم المرآة الغامض و لا يظهر للعالم الحقيقي سوى بصمات يده على الزجاج .
على عكس كثير من أفلام الرعب التي ترتبط أحداثها بقصص واقعية إلا أن هذا الفلم استوحيت أحداثه من فيلم كوري into the mirror الذي تم إنتاجه عام 2003 م ، و لكن هل من الممكن أن تترك الأشباح بصماتها على الأسطح الزجاجية ؟ و بعد أن قمت ببحث بسيط في محرك البحث وجدت أن هناك قصة حقيقية تشبه في بعض تفاصيلها أحداث هذا الفيلم .
بصمات يد فرانسيس ليفي :
أمام النافذة التي تطل على أحد شوارع مدينة شيكاغو ، جلس فرانسيس ليفي ليرتاح بعد يوم عمل شاق في إطفاء الحرائق ، استغرب زملاؤه صمته و هدوءه المريب ، فقد تعودوا على مزاحه و ضحكاته التي كانت تملأ المكان ، و عندما سأله أحدهم عن سبب صمته ، وقف ليفي أمام النافذة و وضع يده عليها ثم التفت إليهم و قال بصوت حزين : ودعاً يا أصدقائي ، أظن أنني سوف أرحل عن هذه الحياة اليوم . و ما أن سمع زملاءه تلك الكلمات حتى انفجروا ضاحكين معتقدين أنه يمازحهم ، و فجأة دوت صفارات الإنذار و تحرك الجميع لتجهيز المعدات و سيارة الإطفاء التي انطلقت إلى مكان الحريق ، حيث كانت ألسنة اللهب و الدخان تتصاعد من نوافذ مبنى كوران هال ذا الأربعة طوابق .
هرع رجال الإطفاء إلى مكان الحريق |
و بينما قام بعض رجال الإطفاء بتوجيه خرطوم الماء ليطلق زخات من المياه لإطفاء النيران ، قام فريق آخر بنصب السلالم و تسلق الطوابق الأربعة لكي يقوم بإخلاء الموظفين من المبنى ، و مع حلول المساء انتشرت النيران إلى الطوابق العليا و صار هيكل المبنى ضعيف جداً مما تسبب بانهيار السقف و محاصرة رجال الإطفاء تحته ، و بسبب عدم توفر أجهزة التنفس فقد لقي 9 من رجال الإطفاء و مدني واحد مصرعهم ، و جرح 20 آخرون ، و من بين القتلى كان رجل الإطفاء فرانسيس ليفي الذي تنبأ بموته في ذلك اليوم .
بصمات فرانسيس تظهر على الزجاج ! |
أُقيمت مراسم جنازة رسمية لرجال الإطفاء الذين ضحوا بأنفسهم لأنقاد الآخرين ، و بعد التحقيق اكتشف المحققون أن الحريق الذي حدث بتاريخ 18 أبريل عام 1924م كان بفعل فاعل نتيجة لوجود أثار وقود بالمبنى و قد ثبت تورط مدير شركة للمعدات الرياضية الذي افتعل الحريق لكي يحصل على أموال طائلة من شركة التأمين ، و تمت محاكمته و عقابه ، و عندما عاد رجال الإطفاء إلى مقر عملهم لاحظ أحدهم آثار يد على سطح زجاج النافذة التي وقف عندها صديقهم الراحل فرانسيس ، و لكنه لم يعر الأمر أي اهتمام ، و يوماً بعد يوم أصبح أثار اليد واضحة و لفتت انتباه العاملين في المكان ، و فيما ظن البعض أن شبح فرانسيس عاد تاركاً بصمته على الزجاج ، اعترض آخرون مبررين ما حصل أنها مجرد بصمات تركها فرانسيس قبل مقتله بذلك الحادث الأليم ، و لحسم الأمر قام أحدهم بمحاولة محوها بقطعة قماش ، و لكن الآثار ظلت على الزجاج بالرغم من محاولتهم إزالتها بالمواد المنظفة ، مما أثار ضجة بين الناس و توافد الصحفيين لتوثيق هذا الحدث الغريب ، ظلت البصمة على الزجاج لمدة 20 عام حتى عام 1944م عندما رمى صبي توزيع الصحف بصحيفة على النافذة فتحطمت في نفس التاريخ الذي توفي به فرانسيس .
بصمات بريء :
ألكسندر كامبل |
في منتصف القرن 19 عاش سكان قرية جيم ثروب حياة هادئة و كان عملهم يقتصر على استخراج الفحم من المناجم المنتشرة في مقاطعة كاربون الواقعة بولاية بنسلفانيا الأمريكية ، و مع ازدياد الطلب على الفحم كونه المصدر الرئيسي للطاقة بتلك الفترة فقد اضطرت السلطات إلى جلب المزيد من العمال من خارج القرية ، و كان من بينهم العديد من المهاجرين الايرلنديين الذين عملوا في ظروف قاسية في المناجم و مات العديد منهم ، مما دفع الايرلنديين إلى تشكيل نقابة للمطالبة بحقوق عمال المناجم ، و لكن هذه المطالب جوبهت بالرفض من مُلَّاك المناجم مما دفعهم لتشكيل عصابة للقتل و الاختطاف أطلق عليها عصابة ” مولي ماجواير ” و انضم إليها عدد كبير من الايرلانديين الناقمين على التمييز و الظلم الذي تعرضوا له .
سجن كاربون كونتيري |
و في جريمة شنيعة أقضت مضجع السلطات بتلك القرية ، حيث قامت تلك العصابة باغتيال كلاً من جون بي جونز و مورجان باول و هما من مُلَّاك مناجم الفحم ، و بعدها قامت الشرطة باعتقال أربعة متهمين من المهاجرين الايرلنديين بعد أن تمكن أحد المخبرين من اختراق العصابة و جمع الأدلة ضدهم ، و أثناء المحكمة عُرضت الأدلة و أصدر القاضي أحكام بالإعدام على كلاً من مايكل دويل ، جون دوناهو ، إدوارد كيلي و ألكسندر كامبل ، و تم نقلهم إلى سجن كاربون كونتيري و قضوا عدة أيام في انتظار إعدامهم .
كان يرى من خلال النافذة منصة الإعدام |
و من خلال نافذة الزنزانة رقم 17 كان ألكسندر كامبل يشاهد الحراس و هم يقومون بنصب منصة الإعدام و قد تدلت من عليها المشانق ، و يتحسر على حظه العاثر الذي أوقعه في هذه الورطة ، فهو رجل مسالم كان يملك حانة لبيع المشروبات الكحولية و قد تورط بسبب اجتماع رجال العصابة في حانته من دون علمه بحقيقتهم ، و في صبيحة 21 يونيو عام 1877م توجه عدد من الحراس إلى الزنزانة في آخر الممر و فُتح الباب ليتفاجأ الرجال الأربعة أن موعد إعدامهم قد حان ، و بينما كان الحراس يقومون بتقييدهم بالأصفاد استطاع ألكسندر كامبل الإفلات منهم و قام بتلطيخ يده بالوحل من أرضية الزنزانة القذرة ثم ضرب بيده على الحائط و هو يصرخ ” أنتم تعدمون شخصاً بريئاً و سوف يلحق العار بالمدينة ، هذه لطخة يد الرجل البريء و لن تزول أبداً مهما حاولتم ” .
لطخة يد ألكسندر ظلت على الجدار رغم محاولة إزالتها |
لم يكترث الحراس لكلامه و سرعان ما كبلوه بالأصفاد و اقتادوهم إلى منصة الإعدام حيث لقوا مصيرهم المحتوم ، و بالرغم من مرور السنين و محاولة الحراس محوها بمواد التنظيف إلا أن لطخة يد ذلك الرجل ظلت على الجدار و صارت حديث الناس لسنين طويلة ، و في عام 1930 م قرر مدير السجن روبرت ال بومان إزاله ذلك الجدار الذي أصبح مزاراً لسكان المدينة مما تسبب له بالإزعاج ، و بعد أن قام العمال ببناء جدار آخر ظهرت لطخة اليد مجدداً بعد عدة أيام بالرغم من طلاء الجدار بالجص الأبيض ، و في عام1995م قام الأخوان توم و بتي ماك برايد بشراء مبنى ذلك السجن القديم و حولاه إلى متحف يحكي تاريخ المدينة و ظلت لطخة اليد على جدار الزنزانة رقم 17 .
بصمات أطفال الميتم على زجاج السيارة :
في إحدى الليالي المقمرة توقفت سيارة على جانب الطريق المار من مدينة فيرميليون الواقعة في مقاطعة لورين بولاية أوهايو الأمريكية ، و نزل مجموعة من الشباب للتخييم بين الأشجار الغابة و قضوا تلك الليلة بشرب المشروبات الكحولية و اشعلوا النار للتدفئة و تجمعوا حولها و بدأ كل منهم في سرد بعضاً من قصص الرعب . و كان للغابة قصة أرادت أن ترويها لهم ..
دار الأيتام قبل تعرضه للحرق |
ففي بدايات القرن التاسع عشر أقيمت دار جور للأيتام على الأرض التي تكسوها أشجار الغابة اليوم و كان الميتم يتسع لمائة يتيم ، و في أحد الأيام شب حريق ضخم في ذلك الميتم و حوصر الأطفال بداخله و لم يستطيعوا الخروج ، و ماتوا جميعاً بعد أن تحولت أجسادهم الغضة إلى رماد بين حطام المبنى ، يُقال أن مدير الميتم هو من قام بإشعال الحريق حتى يحصل على أموال من شركة التأمين و هناك من يعتقد أن أحد الجيران أزعجته ضحكات الأطفال أثناء لعبهم فقرر أن يخمد أصواتهم إلى الأبد بذلك الحريق .
ظهرت بصمان لأيادي صغيرة على زجاج السيارة |
بعد الحريق أصبحت الأرض مجرد ساحة جرداء تنبعث منها رائحة الشواء رغم مرور السنين ، و عندما يسدل الليل ستاره تظهر أطياف الأطفال لتلعب و تلهو بين جذوع الأشجار ، و عندما شاهدها أحد شباب المخيم كاد أن يفقد صوابه من الهلع مما دفع رفاقه إلى أصطحابه إلى السيارة ، و هناك أنقسم الشباب بين مصدق و مكذب لما حصل ، و فجأة صرخ أحدهم عندما شاهد زجاج السيارة و قد ظهرت عليه بصمات لأيادي صغيرة يعتقد أنها تعود إلى أطفال الميتم ، و غادر الجميع المكان بأقصى سرعة .
يعتقد سكان تلك المنطقة أن أشباح الأطفال لا زالت تلعب بين أشجار الغابة و تقوم بترك بصمات أياديها الصغيرة على زجاج السيارات التي تتوقف في ذلك المكان .
ملاحظة :
قد تبدو كثيراً من تلك القصص مختلقة و عارية عن الصحة بالرغم من وجود مصادر تثبت حدوثها ، و لكنها تحمل جانباً من الحقيقة ، فالأشباح تحاول دائماً ترك أثر لتذكير الناس بما حصل لها من مأساة ، و ربما كان ذلك الأثر مجرد بصمات يد على زجاج سيارتك أو على مرآة حمامك.
المصادر :
– Mirrors (film) – Wikipedia
– Who Invented the Mirror | Mirror Invention – Live Science
–Firefighters Ghostly Handprint – The Paranormal Guide
– Carbon County Jail – Wikipedia
– Alexander Campbell (suspected Molly Maguire)
– Gore Orphanage » – Vermilion Chamber of Commerce
تاريخ النشر : 2018-10-13