بوب لازار : عالم عبقري أم محتال عبقري ؟
بقلم : تقي الدين – الجزائر
للتواصل : [email protected]
في عام 1989 بثت محطة تلفزيون كلاس (KLAS) التابعة لمقاطعة لاس فيجاس بالولايات المتحدة الأمريكية مقابلة بين الصحفي المحقق جورج ناب و شخص مجهول يدعى ” دينيس ” إدعى أنه فيزيائي كان يعمل في القطاع أس-4 و هو على حد قوله منشأة سرية تقع قرب قاعدة نيليس الجوية بصحراء نيفادا .
شغّل ذلك الإدعاء كل الأضواء الحمراء داخل الحكومة الأمريكية فقبل تلك المقابلة كان القطاع أس-4 و الذي سيعرف لاحقا بالمنطقة 51 غير مصرح به من قبل السلطات و لا يعلم أحد أنه موجود ، لم يكتفي دينيس بذلك بل وصف أيضا المنطقة بدقة قائلا أنها قاعدة للقيام بتجارب على نماذج طائرات حديثة إضافة لتجارب أخرى على مركبات ليست من عالمنا .
لم تجد الحكومة الأمريكية حلا غير البحث عن هوية هذا الرجل و بعد التحقيق مع الشبكة إتضح أن إسم دينيس الحقيقي هو روبرت سكوت لازار المدعو بوب لازار ، فمن هو هذا الأخير و هل إدعائاته حقا محل ثقة أم أنها ضرب من الخيال ؟ .
بوب لازار هو شخصية أمريكية تؤمن بنظريات المؤامرة.
ولد في 29 جانفي ( كانون الثاني ) 1959 بمدينة كورال جابلز بنيفادا ، عاش حياة طبيعية في كنف عائلة عادية ، و تخرج من ثانوية كورال جابلز بتقدير دون المتوسط .
ليرتاد بعدها جامعة بيرس جونيور في لوس أنجلس ، عمل لازار بعد تخرجه عام 1982 كتقني في أحد الشركات الخاصة و بعد مسار مهني دام أربع سنوات فقط أشهر إفلاسه ليظهر بعد سبع سنوات كاملة على التلفاز كفيزيائي في أحد أكثر الأماكن سرية في أمريكا ، الكثير من الناس حوله رفضوا تصديق إدعائاته متهمين إياه بالجنون و الخبل لكن لتتساوى الكفة و لنعطي كل ذي حق حقه علينا أن نسمع القصة من جانبه .
لنكون منصفين فإن لازار يملك بعض الخبرة في مجال الفيزياء لكن إدعائاته رغم ذلك تجعل من الصعب علينا تصديق ما يقوله.
فالنبذة المذكورة أعلاه على حد قوله ما هي إلا خلفية نسجتها الحكومة الأمريكية لإخفاء هويته الحقيقية ، إذ يدعي لازار أنه تخرج من معهد ماساشوستس للتكنلوجيا الغني عن التعريف بشهادة ماجيستر ، ليس هذا و حسب بل أنه أرفق شهادة الماجيستر تلك بشهادة ثانية من معهد كاليفورنيا للتكنلوجيا و بهذا يصبح بوب ” عالم فيزياء ” بإمتياز .
الآن لنكون أكثر دقة و لنسهل على أنفسنا الحكم سنقسم كل ما قاله لازار إلى شطرين ، شطر الإدعائات التي تثبت أنه على حق و شطر الإدعائات المغلوطة و لنرى كيف ستكون النتيجة النهائية .
أولا : الإدعائات الصحيحة :
إقرأ أيضاً : فيكتور لوستيج : أشهر نصّاب في العالم
1- قبل ظهور بوب لازار لم تكن المنطقة 51 جزءا من الحديث في المجتمع الأمريكي و بينما يمكننا القول أنه ربما قد عثر عليها بالصدفة إلا أن وصفه الدقيق لها يجعلنا نفكر مرتين في الموضوع .
2- لازار قال أنه خلال فترة إشتغاله هناك في الثمانينات قام ببعض العمل على مركبة غريبة ليست من عالمنا تعمل بعنصر الموسكوفيوم و رقمه الذري 115 ، الغريب في الأمر هنا أن الموسكوفيوم لم يتم توليفه و السيطرة عليه رسميا إلا عام 2003 بعد تجربة مشتركة بين علماء أمريكيين و روس في المعهد المشترك للأبحاث النووية بروسيا إذ أنه قبل هذا كان عنصرا مشعا غير مستقر مما يجعلنا مجددا نطرح تساؤلات عن حقيقة مزاعمه .
3- بوب قال في أكثر من خرجة أن أن رجال الحكومة أو عملاء الإستخبارات بمعنى أدق قاموا بمضايقته مرات عديدة بالأسئلة و الاستفسارات ، عامة الناس طبعا رفضوا تصديق هذه الأقوال إلا أن المقربين من لازار قاموا بتأكيدها ، أكيد هذا لا يعني شيئا فربما المقربون منه متواطئون معه لكن علينا في الحالة أن نعطيهم قرينة الشك .
ثانيا : الإدعائات المغلوطة
1- السجلات في معهدي ماساشوستس و كاليفورنيا لا تظهر وجود إسم لازار في القوائم كما أن عميد معهد ماساشوستس بنفسه قال أن شخصا بمعدلات لازار في الثانوية لا يمكنه الإلتحاق بمقاعدهم لأنه لم يستوفي شرط المعدل الأدنى للقبول .
2- الحكومة الأمريكية ممثلة بسلاح المارينز قالت أنه لا توجد أي سجلات تظهر أن بوب لازار قد عمل في أي من القطاعات التابعة لهم بل إنهم قالوا أن لازار لم يعمل قط في أي فرع من فروع الجيش الأمريكي .
3- لازار بنى شهرته على فكرة المركبة الفضائية الموجودة في المنطقة 51 أو الطبق الطائر لنكون أكثر دقة و هي نظرية بعيدة عن التصديق و تخدم فقط أولئك الذين يؤمنون بوجود حياة خارج الأرض ، فقاعدة نيليس الجوية و ما يتبعها من فروع هي مركز للقيام بالأبحاث على نماذج الطائرات الجديدة و لعل صورة المروحية الشبح التي ظهرت أول مرة في هذه القاعدة ثم مرة أخرى في الغارة الأمريكية على منزل بن لادن أفضل دليل .
4_ حادثة أخرى تجعلنا نشك في أن لازار يسعى للشهرة هي حادثة إقتحام مقر عمله من طرف الأف بي آي عام 2017، حيث خرج بعدها مباشرة قائلا أن الحكومة ضايقته مرة أخرى و أنها تريد إيجاد العنصر 115 الذي أخفاه عنده غير أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قال أنه إقتحم المكان بحكم تحقيق في جريمة قتل حيث إشترى الجاني بضع معدات من محل لازار قبل قيامه بجريمته .
إدعائات أخرى :
إقرأ أيضاً : كايزر .. نجم الملاعب الذي لم يلعب مباراة في حياته
1- بوب قال أنه خلال تواجده في المنطقة 51 وقعت يداه على مجموعة وثائق تظهر وصول الفضائيين للأرض و حتى إنخراطهم في صناعة قرارات تاريخية عديدة ، لازار وصف الكائنات بأنها كائنات فضائية رمادية اللون من كوكب يدور حول النظام النجمي الثنائي زيتا ريتيكولي لكن في سبتمبر من العام 2019 تم تأكيد أنه لا وجود لأي كواكب خارج المجموعة الشمسية في ذلك النظام .
2- إدعاء غريب آخر هو قوله أنه لمح في أحد المرات حين كان يتجول في القاعدة عالمان يرتديان ملابس واقية و يتحدثان لمخلوق بحجم رضيع بأدي طويلة ليعود بعد ثلاثين عاما كاملة و يقول أن المخلوق لم يكن حيا بل كان مجرد دمية كان العلماء يتدربون عليها إستعداد لملاقاة الكائن الحقيقي ! .
في رأيي الشخصي أعتقد أن عدم الأمان الموجود بين الشعب الأمريكي و الحكومة و الذي خلقته أعوام عديدة من الأحداث الغريبة و التي تراوحت بين تجارب و إختبارات و حتى و عمليات تصفية جعلت الو.م.أ بيئة مثالية لأمثال بوب لرمي أي شيئ في صنارته للمحيط ليلتقطه السمك كما أن المجتمع الكبير من المؤمنين بنظريات المؤامرة لديهم يساعد في ذلك .
ختاماً :
بين 1986 حين أعلن لازار إفلاسه و 2022 تمكن لازار من تجميع ثروة صغيرة من بيع الكتب و المشاركة في البرامج الحوارية و إنتاج الوثائقيات المختلفة و تنظيم معارض و أيام حول المنطقة 51 و الأطباق الطائرة و الحياة خارج الأرض مما يجعلنا نتسائل في النهاية هل بوب لازار عالم عبقري أم محتال عبقري ؟ .
ملاحظة :جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس ، لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي او المرئي للمقال المنشور دون اذن مكتوب من ادارة الموقع ، وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .