قصص واقعية من ارض فلسطين 2
سمعوا طرقات شديدة على الباب كادت أن تحطمه |
نظراً لما لقيته من أعجاب بالقصص التي رويتها في المقال السابق فأني أحببت أن أروي لكم بعض من القصص الاخرى ليس فقط للتسلية و أنما أيضاً لأخذ العبر وهي أن شاء الله واقعيه و سأرويها لكم كما سمعتها من أصحابها ، فلنبدأ على بركة الله :
القصة الاولى :
حدثت في قرية فلسطينية في عشرينات القرن الماضي ، جاء فيها ما يلي : كان هناك رجل صياد يدعى نبهان وهو أسمه الحقيقي و كان كل يوم يخرج في الصباح الى البريه لصيد الارانب و الحجل وكان يعود بصيده كل مساء الى قريته يبيع بعض صيده و يحتفظ بالباقي لأهل بيته ، المهم أنه في يوم من الايام وهو عائد الى بيته من رحلة الصيد وجد بين الحشائش في البرية طفلة صغيرة وكانت متسخة بشكل كبير ، استغرب نبهان من هذا الامر وبنفس الوقت اشفق عليها وسألها عن اهلها و عن سبب وجودها في هذا المكان فلم تجبه الطفلة و كرر السؤال مرة اخرى ولم تجبه الطفلة أيضاً ، فظن أنها خائفة منه أو بها صمم فقال لنفسه : لا استطيع أن اتركها هنا تنهشها وحوش البر لذلك علي اصطحابها معي الى المنزل حتى أسال عن أهلها من يكونون واعطيها لهم
المهم اصطحب نبهان الطفلة معه الى البيت ولما رأتها زوجته استغربت الامر وسالته عنها فقص نبهان القصة عليها فحزنت زوجته عليها وقالت : يا لطفلة المسكينة سوف اعتني بك جيداً حتى نجد اهلك ، وبالفعل قامت زوجة نبهان بتنظيفها و اطعامها و الاعتناء بها على اكمل وجه ، وما هي الا فتره وجيزة حتى ارخى الليل سدوله و تحضر نبهان للنوم فغداً يوم صيد طويل وهم بإطفاء السراج ، وقبل أن يفعل ذلك سمع نبهان وزوجته خطوات ثقيلة تتجه نحو باب بيتهم و هنا انتفضت الطفلة واقفه تقول : جاءت أمي ..
وما هي الا لحظات حتى سمعوا طرقات شديدة على الباب كادت أن تحطمه ثم قالت : حياسة هل أنت هنا يا ابنتي فأني اشتم رائحتك ، هنا طبعا كاد أن يقضى على الرجل وزوجته من شدة الخوف ، ثم قالت : ما الذي تفعله ابنتي في بيتك ، هل اختطفتها هل اذيتها ؟ اجبني و لا تحسب أن هذا الباب الهش يبقيك بمأمن مني ، ومن شدة الخوف لم يستطع نبهان ولا زوجته أن يتفوها بكلمة واحد ، و في هذه الاثناء تكلمت الطفلة وقالت : لا تؤذيهم يا اماه فقد كانوا لطفاء معي ، فقد قام هذا الرجل بأخذي لبيته خوف علي من وحوش البر وقام هو وزوجته بإطعامي والاعتناء بي
فلما سمعت الأم كلام أبنتها قالت : حسناً فعلتما ، ثم قالت : هيا أيها الرجل قم وأفتح الباب و ناولني ابنتي ، فقال الرجل بصوت مرتجف : ولكن اخشى أن فعلت ذلك أن تأكليني ، فقالت : لا تخف و لك الامان ، فقط افعل ما اقوله لك ، قال : لا استطيع ، و لكن هل تقبلين أن اناولك الطفلة من اسفل الباب ؟ فقالت : حسناً افعل ، وقام نبهان بتمرير الطفلة لأمها من أسفل الباب ثم قال : ها قد عادت لك ابنتك أرجوكِ اتركينا بسلام ، قالت : لا ، قبل أن اجازيكم على احسانكم ، فقال لها : ردك الجميل أن تتركينا بسلام ، فقالت : مد يدك من اسفل الباب ولا تخف ، فقال : اخشى أن تأكليها ، فقالت : مد يدك فقط ولا تخف ، فمد نبهان يده و قلبه يكاد أن يقفز من مكانه ، بعدها أحس بيدها تلامس أصابعه ثم قالت له : لقد جعلت من أصابعك دواء ما أن تلامس بهما عنق أحد به ألم الا وقد شفي ، ثم رحلت من عنده ، وبالفعل فقد سمعت من أكثر من راوي أن نبهان كان يشفي الشخص المصاب بالتهاب اللوزتين بمجرد لمسها بأصابعه والله تعالى اعلم.
القصة الثانية :
كان هناك رجل يدعى الحوراني وكانت له ابنة غايه في الجمال وفي بيتهم كان هناك كلب دائم التواجد في البيت وكان كثير الملازمة للفتاة وكان كل يوم يذهب في المساء خارج القرية ويعود في وقت الفجر ، وفي يوم من الايام لاحظ الحوراني أمراً متكرر من الكلب وهو حين تدخل الفتاة من باب المنزل أو احدى الغرف وحين تخرج كان الكلب يهم بمهاجمتها ثم يتراجع فجأة وبعدها يخرج في المساء خارج البلدة
وفي يوم من الايام قرر الرجل تتبعه ليستبين أمره وبالفعل فقد لحق الرجل بالكلب دون أن يشعر وبقي يتابع الكلب حتى وصل الى كهف فلما دخله الكلب انتفض الكلب و تحول الى شاب وسيم واحاطته مجموعة من المخلوقات الغريبة وصار يرقص ويقول : ما هدني واضناني الا بنتك يا حوراني أن دخلت بسم الله وان طلعت بالرحمن ، هنا صدم الرجل مما رأى وقفل عائداً الى بيته ، وفي الفجر عاد الكلب الى البيت كعادته فوجد الرجل بانتظاره فقال له الرجل : الى اين ما هدني و اضناني الا بنتك يا حوراني ، اليس كذلك ايها اللعين تريد اختطاف ابنتي اليس كذلك ؟ وهنا لاحظ الرجل مدى الصدمة على وجه الكلب ثم قال : لقد علمت بأمرك ، اذهب من هنا فلا أريد رؤية وجهك مرة اخرى والا قتلتك ، وبالفعل من يومها لم يشاهد أحد الكلب في البلدة كلها .
القصة الثالثة:
وهي قصة ترددت كثير في كتابتها لاحتوائها على الكثير من الالم و الماسي ولولا العبر التي فيها لم اكتبها ، القصة حدثت في احدى القرى الفلسطينية في اربعينات القرن الماضي حيث كان هناك رجل يمتلك المئات من المواشي و العشرات من رؤوس الابل وكان له اربعة من الابناء وابنة واحده ، أما زوجته فقد توفاها الله وكان ابناءه متزوجين ولهم ابناء ، المهم في يوم من الايام النحسة توجهت الفتاه نحو بئر الماء وشربت منه وكان في الماء حشرة صغيرة دخلت الى جوف الفتاه أثناء شربها للماء و لم تحس بها المسكينة وبعد ان انتهت عادت الفتاه الى البيت
ومرت الايام حتى جاء الوقت الذي اصبح فيه بطن الفتاة يكبر يوم بعد يوم واصبحت تصاب بالغثيان ، فلاحظت نساء القرية الامر وقمن بأخبار ازواجهن ، فمر الرجل وابناءه في يوم عن تجمع لبعض الرجال فلما راوه قال قائلاً منهم : الرجل وابناءه مشغولون بالتجارة وجمع الاموال ولم يسالوا أنفسهم يوماً عن كبر بطن ابنتهم ، فاستشاط الرجل غضباً وقال لهم : ما الذي تقصدونه بهذا الكلام ؟ ابنتي نقيه مثل الثلج وإنما هي بعض الانتفاخات و الاوجاع وفي المرة القادمة اذا سمعت أحداً يتحدث في الأمر مرة أخرى فسوف اقتله
وبمرور الايام أصبح بطن الفتاة يكبر وكأنها امرأة حامل ، هنا دب الشك في أبيها وأخوتها وقالوا لبعضهم : ما زاد بطن الفتاه لهذا الحجم الا وفعلاً لكونها حامل ، فما كان منهم الا أن استدعوا الفتاة وانهالوا عليها بالضرب يريدون معرفة مع من دنست هذه الفتاة شرفهم ، فصدمت الفتاة من الأمر واصبحت تصرخ فيهم وتقول : أنا بريئة والله أن شرفكم مصان ولم يدنس ، فلم يقتنعوا و قاموا بضربها وتعذيبها وحرمانها من النوم الاكل أيام طويله وهي تصرخ ببراءتها
وفي يوم من الأيام اجتمع هؤلاء الجهال يوماً الاب وابناءه الأربعة واجمعوا على قتلها دون ان يتبينوا السبب ، لغسل عارهم و انتقام لشرفهم ، فقال الاب : دعوا هذا الامر علي ، وفي الصباح توجه الاب الى غرفة ابنته وقال لها : يا بنيتي هلم معي الى السوق لاشترى لك ثياباً جديده فقد كنت انا واخوتك على خطأ و نرجوا ان تسامحينا ، ففرحت المسكينة وقالت : اسامحكم فانتم أعز خلق الله على قلبي ، هنا تردد الاب قليلاً و لكنه أصر على ما عزم فخرج هو وابنته من المنزل ، وقد لاحظ الناس كبر حجم بطن الفتاه واصبحوا يقلبون كفاً على كف ، فلما ابتعد الرجل بأبنته عن القرية قال لها : هلمي يا ابنتي الى هذه الشجرة نستريح تحتها قليلاً
و بالفعل جلس الاب تحت الشجرة ووضعت ابنته رأسها في حجر أبيها حتى استسلمت للنوم ، فاستغل أبيها فرصه نومها وأخرج خنجرة وقام بذبحها كالشاه من الوريد الى الوريد ، فانتفضت الفتاة قليلاً و سكنت حركتها ، حينها قال الرجل : الان غسلت عاري ، وهم عائداً الى البيت فابتعد قليلاً ثم قال : ويحي لقد ذبحت طفلتي دون أن ارى ما داخل بطنها ، فعاد هذا الوحش الادمي الى ابنته و بقر بطنها و اخرج احشائها ، عندها تبين له أن الذي كان في احشاء ابنته ما هو الا حيوان زاحف شبيه بالأفعى ، هنا صدم الرجل صدمه شديدة واصبح يلطم خديه و ينوح و امسك بالحيوان وانطلق به نحو القرية وهناك قال لهم : هذا الذي وجدته في أحشاء ابنتي لقد ظلمتم ابنتي و جعلتموني اقتل سراج بيتي ، فأصيب أهل القرية بالخزي و قال له احدهم : نحن لم نأمرك بقتل ابنتك ، انت الملام وحدك ، فجن جنون الرجل وتوجه نحو الجبال يصرخ وينوح ، وفجع أبناء الرجل لما علموا بما حدث واصبحوا على ما فعلوا نادمين
و لكن مهلاً لم تنتهي القصة انسيتم أن الله بالمرصاد لكل مجرم فأما الاب فانه توجه نحو الجبال يجري كالمجنون من الحسرة وعذاب الضمير وشاء ربك أن يتوجه نحو واد سحيق ومن حيث لم يدري زلت قدمه فسقط في الواد وتحول جسده الى اشلاء متناثرة على الصخور وكانت قبره ، أما ابناءه فبعد مدة ليست بالطويلة وفي يوم شتوي كئيب تلبدت السماء بالغيوم وهطل المطر فخرجوا هم ونسائهم ليحصنوا حظائر الماشية من المطر فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء اهلكتهم ونسائهم وماشيتهم و لم يتبقى منهم الا اطفالهم ، اما اهل القرية ففي عام 1948 تم مهاجمتهم من قبل العصابات الصهيونية وابادتهم عن بكرة ابيهم ولم ينجوا منهم الا القليل ، من اجل هذا على الانسان أن يتثبت من الأمر قبل أن يقدم على تصرف أهوج يندم عليه ويورثه الهلاك ولا ننسى ان الله منتقم جبار.
القصة الاخيرة :
أحببت اخواني رواد موقع كابوس أن اكتب لكم قصة لا تخلوا من الفكاهة لعلها تلطف الاجواء قليلاً ، فالقصة تدور حول رجلين أحدهما مجنون ويدعى موسى و الأخر بطل في رياضة الكاراتيه ويدعى أحمد ، وقد كان أحمد هذا شديد الباس بارع في الكاراتيه ، فقد تشاجر مع سبعة رجال واستطاع التغلب عليهم جميعاً فأصابه الغرور و خشيه الناس
المهم أنه في يوم من الايام وعندما كان أحمد يسهر مع رفقائه في أحد المقاهي ليلاً و يحدثهم عن فعاله قال له أحد رفقائه : سمعت أن هناك مارداً من الجن يظهر ليلاً في المقبرة المواجهة لنا فهل تسطيع أن تمر منها عند عودتك الى منزلك ، فضحك احمد و قال بغرور: تعلم أني لا أخشى من جن أو انس ، فقال له رفيقه : هاك الميدان يا ابو حميدان ، فقال له احمد : الان ترى من هو احمد ؟
فقام من عندهم وتوجه نحو المقبرة ، و لما اقترب منها أحس بخوف شديد ثم قال مشجعاً نفسه : أتريد أن يهزئ منك رفاقك هيا تقدم ، وبالفعل دخل أحمد المقبرة و أثناء سيره فيها كان موسى الرجل المجنون يختبئ خلف أحد القبور وعندما أقترب منه أحمد قام موسى بالقفز على أكتاف أحمد وتشبت بها ، صدم أحمد وأصابه رعب شديد وظن أن مارد الجن قد أمسكه ، فأصبح يمشي كالرجل الالي من شدة الخوف وأصبح يبكي ويتوسل للمارد الا يصيبه بمكروه ، كل هذا و موسى متمتع بالرحلة و لسوء حظه فقد كانت المسافة طويله للبيت وبقي الحال كما هو حتى وصل احمد الى مفترق طرق وهو في رعب شديد منعه من النظر خلفه
وعند وصوله مفترق الطرق أراد احمد أن يذهب نحو اليمين فصرخ عليه موسى وقال له : ليس من هنا يا حماري فبيتي يقع في الجهة الاخرى ، فعرف أحمد على الفور من يمتطيه فتحول الرعب الى غضب شديد حينها قفز موسى من فوق اكتافه و فر هارباً فلحق به أحمد يريد أن يفتك به ، ففزع الرجال من البيوت على الصياح وقاموا بالإمساك بأحمد وقالوا له : مالك وهذا المسكين ؟ وهو يتفلت من بين أيديهم يريد قتل موسى ، فقالوا لموسى : ما الذي فعلته به حتى يريد قتلك ؟ فقال لهم : كنت في المقبرة وشعرت بالتعب وطلبت من الله أن يرسل لي حمار أركبه فأرسل لي هذا الحمار الذي أوصلني الى بيتي ، فنظر الرجال بدهشه نحو أحمد و قالوا له : حقاً فعل ؟ فأصيب الرجل بخجل شديد وانسل من بينهم عائد الى بيته يعتريه الخزي والعار ، ومن يومها أصبح الرجل لا يخرج من بيته الا للضرورة القصوى ماراً بسرعة كبيره لتفادي نظرات الناس الساخرة والمستهزئة ، فعلاً الغرور أخرته المذلة.
وبهدأ يكون قد أنهيت لكم كتابة ما في جعبتي من قصص وأن استطعت الحصول على المزيد فسأكتبه لكم أن شاء الله ، ودمتم في رعاية الله.
تاريخ النشر : 2017-12-31