القسم : تجارب ومواقف غريبة
ليلة القدر

تحياتي إلى القائمين على الموقع المحبوب و إلى كافة الزوار والمشاركين.
قال لي صديقي أثناء فترة الراحة خلال العمل : كنا في شهر رمضان الفضيل وأتذكر بأننا كنا في العشر الأواخر منه ، وأذكر جيداً بأني مررت بضائقة مالية عسيرة ولم أكن وقتئذ موظفاً عند الحكومة ، مما اضطررت بأن احمل "المنظار" - وهو عبارة عن شبكة صيد على شكل بيضوية في طرفها حبل سميك مخصصة للصيد في الأنهار الجارية أو على سواحل الشواطئ أو المياه الراكدة - وخرجت للصيد ليلاً ، فسرت حوالى كيلومترين من منزلي الذي يقع فوق هضبة كبيرة و توقفت ملياً عند الشاطئ فرميت المنظار بقوة راجياً أن أعود بصيد كبير ،
فانتظرت حوالي ساعة ثم سحبت المنظار وكانت خيبتي كبيرة عندما وجدته فارغاً إلا من الطحالب ، ففكرت بأن أبدل المكان و وضعت المنظار على كتفي وشرعت في المشي حتى وصلت إلى شاطئ أخر تفصله صخور كبيرة ومياه راكدة ، فأخذت أصعد فوق الصخور بحذر شديد لأن الرؤية كانت ضئيلة بالرغم من أن الليلة كانت مقمرة ، واذا بي أرى حلقة من الرجال جالسين القرفصاء وكان هناك مكان فارغ ، فاندهشت لأول وهلة وسالت نفسي : ما شأن هؤلاء ؟ و عندما اقتربت منهم قليلاً سمعتهم يقرؤون القران ، و عندما تقدمت منهم كثيراً لم يلتفتوا إلي ، فسلمت عليهم وجلست في المكان الشاغر وكنت مدفوعاً بقوة كبيرة كي اجلس بينهم ، ومن حسن الطالع أن السورة التي كانوا يقرؤونها كنت احفظها عن ظهر قلب ، و عندما انتهينا من التلاوة رفعوا اكف الدعاء إلى الله ، فرفعت كذلك يدي واخذوا يلحوا بالدعاء والمناجاة ، فأغمضت عيني واستشعرت بوشائج قلبي تختلج بالراحة والسكينة ، وبرهة توقفت الأدعية والابتهالات وفتحت عيني ولم أجد أحداً و رأيتني وحيداً ما بين الصخور و أصوات المد والجزر تملأ الأجواء ، وازداد ضوء القمر ينير الشاطئ ولم أفهم شيئاً غير أني كنت أشعر براحة نفسية كبيرة ، فقمت من مجلسي وسرت قليلاً فخرج كلب أسود من أحد الجحور و أخذ ينبح علي ، فقرأت آية الكرسي وسرت قليلاً فابتعدت عنه ولم أعد أسمع نباحه من خلفي ، ثم وصلت إلى صخرة كبيرة تطل مباشرة على البحر الغامق فرميت المنظار بقوة كبيرة وأخذت انتظار ، وبعد دقائق فقط ظهرت الوان غريبة في البحر كانت تشع بأضواء ، ثم أخذت تلك الألوان تقترب من الصخرة الغامقة التي أنا فوقها ثم ازدادت تلك الألوان ضياء عن ذي قبل ، كانت ألواناً عجيبة كالوان قوس قزح ، ثم بعدها خُيّل إلي بأني رأيت السمك يقترب من المنظار فشعرت بحبل المنظار يهتز فازددت دهشة ثم اقترب السمك أكثر و أكثر وكان سمك كثير جداً ومن كل الأنواع الفاخرة اللذيذة و طرت فرحاً وسروراً ، كان المشهد رائعاً ، يا إلهي لم أكن أحلم بصيد وفير وعجيب كهذا ! وأخذت أشد حبل المنظار وكان ثقيلاً واستعملت كامل قواي وأنا أشده إلى أعلى والأضواء والألوان تزداد ضياء ونوراً ، كما أن ضوء القمر انعكس على البحر فكان المشهد لا يُوصف ، و عندما رفعت المنظار إلى أعلى و وضعته عند قدمي رأيت حوتاً لم أره من قبل فوضعته فوق كتفي و رجعت إلى البيت وأنا لا أكاد اصدق ، وطبعاً عندما وصلت إلى بيتي مع بزوغ الفجر صليت ونمت نوماً عميقاً ، واستيقظت قبيل الزوال ، فجاء أبن أخي على غير عادته فسألني إن كنت قد خرجت الليلة السابقة للصيد ؟ فقلت : نعم ، فقال : أين هو ؟ سآخذه إلى المدينة وأبيعه ، والسمك في رمضان سعره يكون مرتفع ، فقلت : انتظر سأحضره لك ، أحضرت له صندوقاً كبيراً فيه السمك ، فنظر إليه وقال : هذا سمك جميل وشهي ، فقلت : أتمنى أن تبيعه بثمن مرتفع ، فقال : نعم ، وكانت من عادتي أن اصطاد السمك ويأخذه أبن أخي و يبيعه ونقتسم الدراهم ، وفي المساء عاد أبن أخي وكانت تظهر على وجهه ملامح الغرابة والدهشة ، فسألته : ما بال لون وجهك اصفر؟ فقال : رأيت عجباً سائر اليوم ! فقلت : ماذا تقصد ؟ فقال : ركبت الحافلة و عندما ركنت في الرصيف المخصصة لها وترجلت منها رأيت رجلا غريباً واقفاً محدقاً إلي و كأنه في انتظاري ، فسألني ببرودة : بكم تبيع هذا السمك ؟ فقلت في نفسي : و لما لا أبيعه لهذا الغريب وأعود مباشرة مع هذه الحافلة ويكفني عناء الذهاب إلى السوق ، فسمعت صوت الرجل قائلاً : ألم تسمع ، كم تريد ؟ فقلت : إنه سمك شهي وطازج ، فقال : اطلب ما شئت ، فقلت : أعطيني خمسة الألاف دينار ، وهو سعر أكبر من سعر السوق ، فقلت : خذه ، فأخرج النقود من جيبه وناولني إياها وأخذ الصندوق المليء بالسمك ثم انصرف ، هذا كل ما حدث.
وشعرت أن ذاك بأن السكر والضغط قد ارتفع في جسمي و بدأت أرتجف و أتصبب عرقاً فقلت صارخاً وأخذته من قميصه : يا احمق ، يا بليد ، ألم يقل لك اطلب ما شئت ؟ فقال المسكين بصعوبة : إنها كناية عن سعر السوق و زيادة ، فقلت : يا احمق لو طلبت الملايين ، أتسمع الملايين إنه رزق كبير ؟ ثم جلست و وضعت رأسي بين يدي وبكيت ، نعم بكيت بمرارة وأبن أخي واقف مشدوهً لم يفهم شيئاً ، فطلب مني بأن أتكلم معه ، فقلت : أنصرف و إلا سأقتلك.
إن أغلب القصص التي نشرتها في هذا الموقع كلها حقيقية وقعت لأشخاص ثقات أعرفهم جيداً و وقعت لي شخصياً ، لا لشيء سوى أني احب القصص الغامضة والظواهر العجيبة منذ كنت صغيراً ، أما عن هذه القصة فهي حقيقة سمعتها من صديقي يسكن خارج المدينة ومنزله يطل على البحر وسمعتها بحذافيرها من مصدر أخر بنفس التفاصيل والأحداث ولكن من صديق أخر لأنها انتشرت في المدينة وأصبحت بعدها قصة مشهورة.
تاريخ النشر : 2019-08-29
تاريخ النشر: 2019-08-29
التعليقات (19)
ايات:
قصتك غريبه وجميله لكن من هو هذا الرجل الذي قال لع اطلب ماتريد مقابل ان تعطيني السمك
شخصية مميزة الى محمد الشريف العلاوي:
الحمد لله على سلامته ربما كان دعائه ذلك في وقت استجابة بغض النظر عن الأحداث الغريبة والفضل كله لله والفرص تأتي مرة في العام وليس دائما اتته فرصة السمك الوفير فاغتنمها لكن فرصة ان يحصل على المال الوفير فاتته لذلك القناعة كنز لايفنى
أوتاكو*h الحزينة:
ياسلام ماأجملهاأتمنى لو يحدث معي شيء مشابه
أوتاكو*h الحزينة:
فقط الناس المحضوضون من يحدث معهم ذلك
نغم:
قصة جميلة لكن ليست غريبة الى ذلك الحد ، فيها طابع ادبي و كانها حلم و ليس واقع ..
عبدالله المغيصيب:
السلام عليكم مساء الخير على الجميع
جميل أن نرى في هذه التجربة بعض التنويع عن السائد في اغلب التجارب المطروحة هنا في القسم
لأنه ليس فقط لحظة التداخل ما ما بين العوالم الخفية وعوالمنا المرئيه هي التي يجب أن تختصر كل أشكال التجارب الغريبة
نعم النجاح والتوفيق وذهاب الإبتلاء بإذن الله وغيرها من الأوجه المضيئة في حياة البعض منا أيضا تجارب تستحق الإشارة والإشادة وحتى أحيانا ألاقتداء بها في مكان ما وعلى حسب خصوصية كل بيئة وشخص
بالعودة إلى مضمون التجربة وأنا بصراحة هي أقرب إلى الحكاية الشعبية وأن أخذت شكل الحالة الشخصية
فيها الكثير من المواقف غير المتناسقه
يعني صياد يصيد في آخر الليل وبلا اي اضاءه وناس ناسكه متعبده تخرج له وبعدها كلب أسود وألوان ورزق
وعلى أساس هذه بيئة لي أجواء بركة حلت عليه في ليلة أقرب ما تكون إلى ليلة القدر
لا أرى أنها كثير متناسقة مع بعضها
لا سيما أنه خير مثل هذه الليالي وغيرها هي لمن تعبد وقام لها والله اعلم وهو يؤتي رحمته من يشاء أقصد من باب الأخذ بالأسباب
وهذه العلامات من نورالقمر ومتعبدين والوان وهاجه تبدو أقرب إلى شكل المغامرة منها إلى علامات ليلة مباركة أو لحظات إجابة والله اعلم
لكن بصراحة المقطع الاخير من التجربة والحكاية يبسط وينفي المقطع الذي قبله
اذ تتوالى كل هذه العلامات المفترضة وعن الإجابة عظيمة وأقرب ما تكون إلى ليلة مباركة
وفي الأخير يسقط كل هذا في مجرد صدفه مقايضه كانت بين بايع ومشتري
إذا كانت فاتحة خير وعلى أساس علامات ما حصل قبل شوي المفروض انه ما يرد ذلك الخير مجرد صدفة مقايضه
وهكذا كأنه المقطع الاخير ينفي أهمية ودور المقطع الأول
صحيح انه حصل رزقه لكن لا يتناسب مع كل تلك المقدمة و العلامات المذكورة
وأخيرا بالنسبة إلى ما يعتقد أنها رحمة او إجابة يا ليت ما نتعامل مع رحمات رب العالمين على إنها فرصة لا تتكرر غير في ليالي او أوقات تحتاج علامات لا تنتهي
باب الرحمة وساعة الإجابة مفتوحة طول الوقت بإذن الله و الكثير من الأوقات هي الساعة يتحرى فيها الإجابة والثلث الأخير من الليل من أهم تلك الأوقات يوميا
ولا داعي للرجم بالغيب انه يعتقد أنه ذلك الرجل ملاك يلبي الطلبات لو قيلت له يعني هذا بصراحة أجواء سندباديه أكثر منها رحمة و استجابة من رب العالمين والله اعلم وشكرا
أشك؛بظني:
قصة رائعة جاذبة وللحق خمنت بعض اجزائها..بوركت جهودك..
الكون كبير جدا ويحدث فيه الكثير من العجائب علمنا او لم نعلم ولغرابة مايحدث في بعض اجزاءه ومخلوقاته يصاب بعضنا بصدمه لأنه حقا لم يختبر ذلك ولا قريب من ذلك فلا منطق ولاعقل ولا أشباه ذلك بامكانه احيانا تفسير الامر فالاقرب صرفها للخيال والصدفه وخلط الفهم وما ماثلها لكني بكل ثقل الوجود اؤمن واثق بالكثير من تلك الحكاوي وارى احتمال حصولها مرتبط اولا وآخرا بارادة الخالق العظيم,ثم ببساطة ونقاء الروح-او عكسهما-!!يلازمهما مكان وزمان يتفقان والحدث..والله هو الاعلم والاقدر بالحكمة من حدوثها وعدمه..اللي احزنّي الصياد كان له أمل بمبلغ اكبر ولم يتحقق ومعه الحق بالغضب صيد غريب مزهو بالوفرة والتنوع والجمال بعد طول صبر وانتظار..ايضا حلقة الذكر تلك ومن فيها بما كان فيها واختفائها وذلك المشتري وقته ومكانه وثقته بالقبول شيء عجيب يدعو للتفكير مرارا وتكرارا سبحان الله..
بيري الجميلة ❤:
جميلة القصة وكأنها حلم تماما خاصة نهايتها ، تبدو ليلة مباركة وكل ليال رمضان مباركة خاصة العشر الاواخر ، فإذا كانت ليلة القدر فإنها البركة كلها
لكنني لم أفهم لماذا الصياد كان واثقا بأن الرجل قد يعطيه الملايين ! ، لو كنت مكان ابن أخيه لطلبت نفس ماطلب ابن أخيه حتى لا يظنني طامعا ، ثم حتى لو قال اطلب ماشئت لا تصل لدرجة ملايين ! ، أعتقد ان هذا هو رزقه فقط من الله وإن اراد الله لرزقه بأكثر
شخصية مميزة الى بيري الجميلة ❤:
اوافقكي الرأي
بيري الجميلة ❤:
شكرا أخي العزيز رضوان شخصية مميزة .. افتقدتكم .. الحمدلله أن كابوس جمعنا مرة اخرى ⚘
شخصية مميزة الى بيري الجميلة ❤:
لا شكر على واجب حفظكي الله ويسرني راية تعليقاتكي الرائعة دائما
عابره :
سبحان الله ولكن في الحقيقة لم افهم شيء
الطائر الهولاندي:
و الله لكاني أقرا حكاية من حكايات الف ليلة و ليلة : تيمة الصياد حاضرة ، البعد العجائبي ، البعد الديني ، الحل السحري للمشكلة ، السرد البسيط .
لا يهمني ان كانت حقيقية أو لا ، المهم أنني استمتعت باجوائها العجائبية .
علياء:
اتمنى لوكنت محظوظة وتحدث معي هذة الاحداث الغريبة يوما ما ،عزيزتي ببري لماذا تستغربين من الصياد عندما فكر في الملايين الم يذكر صاحب المقالة منذ البداية ان صديقه (اي الصياد)كان في ضائقة مالية عسيرة لهذا السبب طلب المزيد وربما لو كنت مكانه لطلبت المليارات ههههه
عزبزي محمد العلاوي ما معنى (رأيت حوتا لم اره من قبل فوضعته فوق كتفي )هل الحوت يعني السمك باللهجة الجزائرية ام يقصد صديقك حوتا حقيقا وضعه على كتفه افهمني رجاءا
بيري الجميلة ❤:
عزيزتي علياء .. نعم هو يمر بضائقة مالية ويتمنى الملايين ، لكن الرجل لا يمكن ان يكون يمتلك الملايين التي يتمناها ويحلم بها الصياد ، وحتى الأسماك نفسها لن تقدر بالملايين ههههه ، فقوله اطلب ماشئت لا يعني أن يطلب ملايين لأنه لو كان صاحب ملايين لكان حينها في مقعده على يخته الفاخر يأكل ما لذ وطاب من اجود لحوم البحر في اجمل بقعة بحرية في العالم ، اعتقد أنه قال اطلب ما شئت بحدود اسعار السمك لا أسعار الذهب والماس ههههه
اقصد مثلا لو بائع فساتين اخبرني انه سيعطيني الفستان الذي اريد بأي سعر أريده ، هل سأشتري الفستان بقرش واحد فقط ؟!
أهلا هلا:
ااه هوه يقصد انه الرجل كان يطالع بالسمكات هدول لإنهم فيهم كنز أو سمكات سحريات وهوه عارف هالشي وكان بيدور وبانتظار ظهورهم عليهم من زمااان فلما شافهم عرفهم على طوول وراح يشتريهم بأي ثمن حتى لو طلبو الملايين كان مستعد يدفع في سبيل الحصول عليهم...
أنا بس حزنت على ابن أخوه اللي اكل بهدله
علياء:
ﻻ ست بيري آني احس ان الولد لو طلب الملايين واكثر لم يتردد الرجل في اعطائه ألم يعطيه الرجل خمسة أﻻف دينار وهو سعر اكثر من سعر السوق اي ﻻيتناسب مع اسعار السمك الحقيقية في السوق يبدو لي إن الحادثة غامضة بعض الشيء
آفاق:
قصة جميلة
اعتقد ان الرجل اصطاد بعض من اهل الجن الذين كانوا على الصخرة مع الاسماك وربما يشير الى رؤيته للاضواء الغريبة في المياه عند اصطياده لوجودهم حينها، ولذا جاء كبير قومهم ليحرر ابناء قومه ، وطبعا اعطاه المال مقابل ذلك ربما لانه لايريد ان يخيب امل الرجل وخاصة انه جلس معهم و أمن على دعائهم وايضا ربما هو شخص طيب :)
Ali Mohammed:
قصةٌ رائعة
قصةٌ رائعة