مكتبة كابوس

مع ابن بطوطة في رحلته إلى غرائب الأمصار و عجائب الأسفار

بقلم : سلام – جمهورية مصر العربية

الرحالة الذي دار حول العالم بحثا عن الغريب والعجيب

(جزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور و فارقت وطني مفارقة الطيور للوكور) هذا ما قاله ابن بطوطة الملقب بشمس الدين حينما غادر بلاده المغرب لبدء رحلته التي استغرقت 29 عاما والتي قطع خلالها 75 ألف ميل، بدأها بالسفر للأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج.

في الحقيقة إن رحلات أبن بطوطة تتميز بأن أغلبها حكايات وقصص سمعها من هنا وهناك ونقلها كما هي فأصبحت متعة للقارئ، خلال هذه الرحلة الطويلة تعرض ابن بطوطة للكثير من الأزمات ، فأصابته الحمى مرات ، وكاد دوار البحر يفتك به، وأوشك على الغرق، وتعرض لهجوم قطاع الطرق وقراصنة البحر، كما تعرض للسرقة كما حدث له في الهند، ونجا من حكم إعدام صدر ضده، ولكن بنيانه القوى وقوته الجسدية ساعدته على تخطى تلك الصعاب إذ كان رحالتنا لا يرفض طعاما يقدم له قط ما عدا المحرمات.

كان ابن بطوطة فنانا في فن الوصف تقرأ عباراته وكأنك تشاهد تلفازا أو شاشة عرض، فهو يصف مثلا بيت المقدس وقبة الصخرة وصفا دقيقا حتى يكاد يخيل إليك أنك تراها رؤيا العين.

مع ابن بطوطة في رحلته إلى غرائب الأمصار و عجائب الأسفار
تمت ترجمة رحلته إلى الكثير من اللغات الاجنبية

خلال تلك الرحلات تزوج ابن بطوطة 23 مرة وأنجب 70 إبن و إبنة فقد كان يتزوج في كل بلد يذهب إليها ثم يطلقها قبل أن يرحل. وكان ابن بطوطة يتميز بالذكاء والحكمة، فعندما علم مثلا أن نساء جزر المالديف يمشين عاريات الصدر طلب منهم تغطية أنفسهن لكنهن لم يمتثلن لأوامره، فمنع أي واحدة منهن أن تقف أمامه إلا إذا غطت صدرها ومع مرور الوقت التزمت النساء بذلك وأصبح عادة سارية عندهم ، وجزر المالديف عددها ألف جزيرة تزوج ابن بطوطة أربع نساء منها. ويذكر أن أهل تلك الجزر كانوا يظنون أن هناك عفريت يأتي أول كل شهر لذلك كانوا يعدون له فتاة عذراء ويضعونها في أحد الحصون حتى يبيت معها العفريت فتصبح غير عذراء، و، ظلت تلك العادة فترة طويلة حتى جاء رجل مغربي أسمه (الشيخ أبو البركات) ذهبت إليه سيدة عجوز تنوح لأن ابنتها أصابها الدور لتكون قربانا وعروسا للعفريت، فأشفق عليها وأنتحل شخصية الفتاة وبات مكانها داخل الحصن وظل طوال الليل يصلى ويتضرع لله وفى الصباح فوجئ أهل الجزيرة بالشيخ فآمنوا بالإسلام حتى أنهم بعد مماته أقاموا له قبرا مازال يزار حتى يومنا هذا.

وحكايات ابن بطوطة في الهند كثيرة وعجيبة، فهو أول من تحدث ووصف الرجل الذي يرتفع فوق الأرض، وقصة الفيل الذي قتله بعض الرجال وأكلوا لحمه فهاجمهم قطيع الفيلة ليلا وأخذ يقتل كل من تفوح من فمه رائحة لحم الفيل ماعدا رجلا واحدا حمله قائد القطيع فقد كان صالحا كما أنه لم يأكل من اللحم.

وقد حضر إبن بطوطة طقس إحراق الأرملة مع زوجها المتوفي بعد أن تتجرد من ملابسها وحليها و تتبرع بهم، ثم تلقى بنفسها في المحرقة ويكون في استقبالها رجال يحملون أعواد الخشب التي يلقونها عليها لمنع حركتها، وهنا يزداد قرع الطبول وضجيج المشيعين، وذكر ابن بطوطة أن رماد الجثث يلقى به في نهر الغانج فهو نهر مقدس عند الهندوس الاستحمام فيه بمثابة الصلاة عند المسلمين من أجل التطور الروحي كما يعتقدون.

ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات غربية واعتبره العالم الغربي كنز ثمين كما اعتبروا ابن بطوطة أمير رحالة العالم العربي والإسلامي.

ورغم كثرة أسفار رحالتنا إلا أنه أبي إلا أن يدفن في ثري بلاده، لذلك لو قدر لك عزيزي القارئ و زرت المغرب يوما فستجد درب (ابن بطوطة) حيث كان يعيش وستجد ضريحه بالقرب من سوق طنجة.

تاريخ النشر : 2016-12-19

سلام

مصر
guest
38 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى