تجارب ومواقف غريبة

أصوات بعد منتصف الليل

في الغرفة، صديقي وأنا، فقط المستيقظان، نتسامر بأحاديث ليلية حتى فوجئنا بضوضاء غريبة تبعثر سكون المكان وهدوءه
اعتقوني ، اعتقوني، اعتقوني.
استغاثـة سُمعت بـعموم قاطني معقَل “ساط فيلاج” – كما هو مسمى – من طرفٍ مجهول.

أصوات مبهمة تتناهى إلى أذننا قبيل الفجر من المقسم (دال) المخصص لما هم دون العشرين من قِبَل ولد قاصر كما بدا من صوته.. أ نه مس!؟، أيعتدى عليه جسديا!؟، جنسيا!؟، أم فقط، هلاوس تجتاحني مما تراكم علي من ضغوط طوال اليوم من سجاني المعتقل!، لا..لست وحدي، فصديقي أيضا يصله ما أسمعه..
طرحت ظنوني جانبا وسألته بصوت خافت كي لا نوقظ أصدقاءنا النزلاء..
هل تسمع..؟
ـ فحرك رأسه بالإيجاب..
فأعرضت عنه لنكمل اندهاشنا سوية في النافذة العلوية؛ مصدر الصوت، قبل أن يهدأ الجو من جديد ويسود الهدوء التام، إلا من تكة خافته لصرصور ليل وعقرب ساعة نعلم مسبقا أن واضعها خبير بهذا الصنف من التعذيب النفسي..
رعبٌ خيَّم علينا طوال الخمس دقائق التي استمر فيها ذلك الفتى بالصياح الجافل. بالنسبة لنا حيث لا صوت غيره..
لا ضجيج في قلب هذا الليل البهيم سوى صوت ذلك البائس الذي يمدك بكل الأحاسيس والمشاعر، غيرَ الشعور بالراحة والأمان..
رفيقي المستغيث بالحراس، صِدقا، نعلم أنك ضعيف ولا تقوى على المجابهة وتعلم أنت أيضا أنك فريسة بين أولئك الذين نجهلهم. إنس هم أم جن؟ لا نعلم..
خصوصاً في سجن يعلم قاطنوه أن بضع غرف يجتمع فيها الصنفان، حقيقة.
فولو كنت ضيغما فأنت الآن بين أفكاك ضباع متآمرة عليك وأخرى ناظرة إليك، لا عضلاتك ستساندك ولا استنجادك بالسجانين سيفيدك، لأنك تدرك أنهم سيكونون أشدَّ وأعتَى لتعكيرك صفو نومهم في ليلٍ، الأَوْلى لهم فيه أن يحرصوك من الآدميين، أما غير هذا لا نعلم.
بكل أسف، ليس لك يا وحيد نفسك سوى نفسك والدعاء بفرج قريب..
لتسلم من الغريمين.
“سلامتك يا صديقاً لم أعرفه.”

في سجن الفرعون

سجن موحش

سجن الجن : عوالم متوازية أو سفر عبر الزمكان

guest
11 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى