عجائب و غرائب

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ

بقلم : متابعة موقع كابوس – العراق

في سبيل الشكل الجذاب والاناقة قد يضحي البعض بحياتهم

عالم الأزياء والموضة عالم مثير للدهشة ليس لأنه يتعلق بالجمال والأناقة فقط بل لأن الظهور بمظهر يتناسب مع أحدث ما طرحته دور الازياء وآخر ما استجد من مستحضرات التجميل أصبح من أهم متطلبات الحياة العصرية ، ومما لا شك فيه أن لكل حقبة زمنية أزياء وموضات معينة تظهر وتختفي بين كل فترة وأخرى ، لكن في الحقبات الزمنية الغابرة كان هناك اتجاهات للموضة لا تتصف بغرابة التصميم فقط بل تتعداها لتصبح ذات تأثيرات سيئة جداً على سلامة الناس الذين طالما ضحوا بحياتهم في سبيل مواكبة صرعات وتقليعات بتصاميم خطيرة وقاتلة .

1- الخصر النحيف القاتل

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
شد الكورسيه قد يتحول لعملية تعذيب .. وصورة توضح تأثير الكورسيه ومضاره على الجسد

كان من معايير الجمال في القرون السابقة هو الحصول على خصر نحيف بشكل مفرط ومبالغ فيه كثيراً ، ولكي تستطيع النساء مجاراة هذه الموضة الغريبة كن يرتدين الكورسيه الذي يربط حول البطن وتضييقه من خلال الأشرطة التي يتم ربطها باحكام ، كانت الكورسيهات جزء لا يتجزأ من المجتمع منذ القرن السادس عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر ، وكان ارتداؤها اجباريا لنساء الطبقة الأرستقراطية لإظهار مدى نحافة خصرها والذي يعطي مظهر سيدة المجتمع الرقيقة ، انتشرت هذه الموضة بين نساء الطبقة الادنى والنساء العاملات كرغبة في مجاراة الروح العصرية التي كانت سائدة آنذاك .

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
ايثل جرانجر .. صاحبة انحف خصر في التاريخ

سجل التاريخ واحدة من النساء التي حطمت الرقم القياسي كصاحبة أصغر خصر في تاريخ البشرية وهي إيثل جرانجر Ethel Granger والتي يبلغ محيط خصرها 33 سنتيمتر ، ولدت إيثل في أوائل القرن العشرين في كامبردجشاير في انكلترا وفي عام 1928 تزوجت من عالم الفلك ويليام آرنولد جرانجر Williaam Arnold Granger ، كانت إيثل تواظب على ارتداء الكورسيه بناء على رغبة زوجها الذي طالما أبدى رغبته بأن يكون لزوجته خصر نحيف جداً ، بدأت إيثل بارتداء الكورسيه حتى وصل محيط خصرها 56 سنتيمتر من خلال استمرارها على ارتدائه بانتظام وربطه باحكام لمدة عشر سنوات ، في عام 1939 كانت النتيجة الخصر الأسطوري والذي وصل إلى 33 سنتيمتر وهو أصغر خصر سجل على الاطلاق في موسوعة غينيس للأرقام القياسية ، توفيت إيثل عام 1982 عن عمر 77 عام .

تعتبر قصة إيثل قصة التفاني والمعاناة والتضحية من أجل الجمال ، وبالرغم من أنها لم تمت بسبب خصرها النحيف لكن كان هناك الكثير من النساء اللواتي ضحين بحياتهن من أجل مواكبة هذه الموضة ، ففي إحدى الحالات التي نشرتها جريدة نيويورك تايمز أمرأة توفيت بسبب ثقب كبدها بواسطة ثلاثة من أضلاعها ، وامرأة أخرى أدى الكورسيه إلى حدوث جروح خطيرة في قلبها تسبب في وفاتها ، كذلك عانت النساء من أمراض كثيرة بسبب التضييق على منطقة البطن والذي يؤدي إلى ضعف في عملية الهضم ، والتضييق على المجرى التنفسي الذي يسبب الاعياء ، كذلك الشد المبالغ فيه على المدى الطويل يؤدي إلى تشوه القفص الصدري وأمراض الكلى والصداع والغثيان.

للرجال نصيبهم من هذه الموضة من خلال قصة الموت المأساوي للممثل جوزيف هينيلا Joseph Hennella الذي توفي بسبب التضييق الشديد على خصره من قبل الكورسيه الذي كان يرتديه وهو يؤدي أحد الأدوار على المسرح عام 1912 ، كان الكورسيه مربوط بقوة وإحكام ليعطي شكل الخصر النحيل لكن جوزيف لم يستطع تحمل الضغط الكبير حول خصره لذلك انهار وهو على المسرح وتم نقله إلى المستشفى وتوفي بعدها بثلاث ساعات ، وحسب تصريحات الأطباء تبين أن الشد المبالغ فيه تسبب في حدوث مشاكل في الكلى وحدوث السكتة الدماغية ، كان جوزيف متوسط الطول ويميل إلى البدانة ويبلغ من العمر 40 عام لكن في سنواته الأصغر سناً كان من السهل عليه الحصول على الخصر النحيل لكن في الآونة الأخيرة وبسبب زيادة وزنه اضطر أن يفرط ويبالغ في شد الرباط حول خصره إلى أقصى حد ممكن مما كان له الأثر السيء على صحته وبالتالي وفاته .

2- التنورة المقيدة hobble skirt أسوأ الموضات

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
صورة لسيدتين من عام 1912 ترتديان التنورة المقيدة

التنورة المقيدة هي تنورة عادية طويلة تكون ضيقة عند كاحل القدم ، تم ابتكار هذه الموضة في العهد الادواردي (وهي الفترة التي حكم فيها ادوارد السابع بريطانيا بين عامي 1901 -1910 بعد وفاة والدته الملكة فكتوريا ) في تلك الحقبة كانت التنورة المقيدة سائدة بشكل كبير اضطرت النساء إلى تقصير خطواتهن عند المشي ووضع أقدامهن في خطوط مستقيمة لإعطاء مظهر اللباقة في المشي وعد التحرك بطريقة فوضوية والمشي بخطوات صغيرة ، تم اختراع هذه الموضة من قبل المصمم الأزياء الفرنسي بول بوارت Poul Poiret ، ففي عام 1908 وفي عرض للأخوين رايت للطائرات في مدينة لومان الفرنسية طلبت السيدة ايديث هارت أوبيرغ القيام بجولة بالطائرة وكانت أول سيدة أمريكية تقوم بجولة بالطائرة وحلقت لمدة دقيقتين وسبع ثواني كانت الطائرة صغيرة ومكشوفة وتتسع لراكبين اثنين فقط يكونان بمواجهة الرياح ولكي تمنع السيدة ايديث ثوبها الطويل من الانتفاخ اثناء هبوب الرياح خلال الرحلة قامت بربط تنورتها بحبل عند كاحليها ، وعند هبوط الطائرة استوحى المصمم بول بورات من الطريقة التي مشت بها السيدة ايديث مبتعدة عن الطائرة وتنورتها ما تزال مربوطة وبذلك تم اختراع التنورة المقيدة والتي كانت مسؤولة عن وقوع العديد من الحوادث المؤسفة للنساء ، ففي عام 1910 توفيت امرأة في فرنسا عند حضورها أحد السباقات للأحصنة ، كانت المرأة ترتدي تنورة مقيدة لكن أحد الاحصنة انحرف عن مساره وهو في مضمار السباق وكان يجري مسرعاً باتجاه المتفرجين هرب الجميع خائفين لكن تلك السيدة أعاقتها تنورتها ولم تستطع الجري مما أدى إلى سحقها تحت أرجل هذا الحصان الجامح ووفاتها .

بعد مرور عام على حادثة الحصان توفيت فتاة تبلغ من العمر 18 عام تدعى آيدا غوييت عندما كانت تمشي على جسر Erie Canal في نيويورك عندما تعثرت بتنورتها المقيدة وسقطت على حاجز الجسر ثم اختل توازنها مما أدى إلى سقوطها في النهر ووفاتها غرقاً.

كانت الصحف مليئة بحوادث التعثر والسقوط وكسر السيقان بسبب المشي بطريقة متعثرة ، من جهة أخرى كانت النساء يعانين من عرقلة التنورة عند رفع القدم للصعود في السيارة هذه كانت مشكلة بحد ذاتها ، لكن تم حلها عن طريق شركة أمريكية والتي قامت بتصميم سيارة لخطوط الترام في نيويورك وتم تصميمها خصيصاً لتماشي وتجاري موضة التنورة المقيدة ، في عام 1912 تم انتاج ثلاثة نماذج من السيارات بحيث يكون ارتفاعها عن مستوى الشارع 8 انش (20 سنتيمتر) ، وفي عام 1914 كانت خطوط الترام في جميع أنحاء العالم مجهزة بسيارة التنورة المقيدة hobble skirt cars ، بدأت شعبية التنورة المقيدة بالتراجع في بداية الحرب العالمية الاولى حيث أن حركتها المحدودة لا تتناسب مع أجواء الحرب.

3- ياقة القميص

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
كانت ياقة قابلة للفتح والشد .. وفي الصورة رجل من ذلك العصر يرتديها

لطالما أبدى الرجال اهتماماً خاصاً بياقات قمصانهم وقد جلب هذا الاهتمام موضة خطيرة في الازياء في القرن التاسع عشر وهي الياقة العالية والمنفصلة أو كما تسمى (قاتل الأب) father killer وكان من الكماليات المتداولة والشائعة بين الرجال هذه الياقة القابلة للانفصال أي من الممكن إزالتها وإعادة تركيبها على القميص بواسطة أزرار ، وكما يبدو على هذه الياقات أنها غير مؤذية ظاهرياً لكنها تتميز بخشونة وصلابة .

كان من الشائع في تلك الفترة ربط الياقة حول الرقبة بقوة واحكام وكانت موضة سائدة ومتعارف عليها ، لكن هذه الطريقة في الربط كانت محفوفة بكثير من المخاطر منها عرقلة تدفق الدم عبر الأوردة وبالتالي حدوث الاختناق والسكتة الدماغية والتسبب في تكون الخراج في الدماغ والتهابه وفي حالات عسر الهضم يؤدي إلى تورم في الرقبة .

ومن ضحايا الياقة العالية المتصلبة حسب ما نشرته جريدة نيويورك تايمز عام 1888 في نعيها لشخص يدعى جون كروتزي John Cruetzi الذي وجد في متنزه درود هيل بارك Druid hill park جاساً على كرسيه وكان رأسه متدلياً فوق صدره يوحي شكله بأنه يغط في نوم عميق ، وكما اعتقد المحقق الجنائي أنه ربما كان يشرب الكحول ثم استغرق في النوم لكن تبين أنه كان ميتاً بسبب ياقته العالية المتيبسة والصلبة والتي كانت تضغط على رقبته أدت إلى اختناقه حتى الموت .

وفي عام 1914 كاد رجل أن يفقد حياته مختنقاً بياقته عندما تعثر وهو يخطو خارجاً من سيارته .

4- القبعات التي أصابت صانعيها بالجنون

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
هناك مثل انجليزي يقول : “مجنون كصانع القبعات” .. والسبب هو ..

في بداية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر كان للقبعات شعبية كبيرة في عالم الأزياء ، كان يتم تبطينها بمادة الزئبق السام الذي له تأثير سيء على الجهاز العصبي للعمال الذين يقومون بصناعتها ، كان التعرض للزئبق يتسبب في تولد النزعة العدوانية والتقلبات المزاجية والسلوك الغير اجتماعي بين العمال والذي أدى إلىحدوث نزاعات ومشاجرات بينهم من الممكن في بعض الاحيان أن تكون نهايتها مميتة .

كانت المادة الأساسية لصناعة القبعات هي فروة الأرنب البري ولجعل الفروة متماسكة مع بعضها ولسهولة تشكيلها كان صانعوها يضيفون إليها الزئبق الشديد السمية الذي عند استنشاقه يذهب مباشرة إلى الدماغ ، كان صانعي القبعات يعانون من نوبات غضب وانفعالات شديدة ومشاكل قلبية وتنفسية وتساقط الأسنان والموت في سن مبكر ، وبالرغم من توثيق هذه الأعراض من قبل الأطباء إلا ان الكثيرين ممن يزاولون هذه المهنة اعتبروا هذه الأعراض بمثابة الأخطار التي يجب على المرء قبولها مع المهنة ، ومن الجدير بالذكر أن الزئبق كان يؤثر على صانعي القبعات فقط وليس على الرجال الذين يرتدونها بسبب وجود البطانة داخل القبعة لحمايتهم من خطر الزئبق ، ورغم ظروف العمل الخطيرة اختفت موضة القبعات في الستينات لكن لم يتم حظرها في بريطانيا .

5- وضع الريشة الخطأ في القبعة قد يكون قاتل

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
كانت القبعة تشير الى مكانة الشخص وطبقته

في القرن السادس عشر في انكلترا كانت قوانين تحديد النفقات sumptuary laws التي وضعت لخلق فوارق طبقية وتحديد المعايير الاجتماعية والقلق من أن يُسمح للأشخاص بارتداء ما يحلو لهم قد يؤدي إلى تدهور أخلاقي وتفكيك نسيج المجتمع ، وكذلك تحديد نوع الريشة المسموح وضعها على القبعة لكل طبقة اجتماعية ، في البداية كان كان على كل شخص الذي يبلغ 13 عام من العمر ان يرتدي قبعة ، كانت الطبفات الأدنى تنحصر في وضع ريش الأوز والبط والدجاج في قبعاتهم ، بينما الطبفات العليا من المجتمع كان القانون يسمح لهم بوضع ريش الطاووس والنعام والبجع وطائر الدراج ، وإذا شوهد شخص من الطبقة الأدنى وهو يضع ريشة من الطبقات العليا كن يصنف على أنه مخادع ومحتال ومن الممكن قتله.

6- الموضات التي تسببت في الموت حرقاً

1- أثواب الموسلين

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
ماري وايملي وايلد وقد شبت النار في ملابسهما

في أواخر القرن الثامن عشر تغيرت موضة الملابس ولم تعد المرأة ترتدي الفساتين الباهضة وذات التصاميم والتعقيدات المفرطة واتجهت لارتداء الفساتين البسيطة خصوصاً تلك المصنوعة من قماش الموسلين والذي هو عبارة عن قماش قطني رقيق أبيض ، في القرن السابع عشر تم استيرادها من الهند إلى أوروبا وتمت صناعتها بكميات كبيرة لأول مرة في عصر الثورة الصناعية مما سهل للكثير من النساء الحصول عليها ، كان الغرض من هذه الثياب هو اضفاء مظهر المرأة الحالمة ذات الشخصية الرومانسية ، وبالرغم من مزايا هذه الأقمشة كن لها عيوب وهي سرعة الاشتعال عند التواجد باالقرب من مصدر للهب ، ومن أكثر الأشخاص عرضة لهذا الخطر هم راقصوا الباليه .

في عام 1862 كانت إيما ليفري Emma Livry واحدة من آخر راقصات الباليه في عصر الباليه الرومانسي وقد توفيت بسبب مضاعفات حروق خطيرة أصابتها عندما اشتعلت النيران في ملابسها أثناء قيامها برقص الباليه على المسرح ، أمسكت النار في تنورتها من مصباح غاز قريب منها ، ركضت على المسرح والنار مشتعلة فيها قبل أن يتمكن عمال الإطفاء وبقية الراقصين من اخمادها ، نجت إيما تلك الليلة وبدأت رحلة الشفاء التي مدتها ثمانية أشهر عانت فيها من تسمم الدم بسبب الجروح التي تعرضت لها من الحريق وتوفيت بعد ذلك عن عمر عشرين عاماً.

هذه الحادثة كان من الممكن تجنبها لأنه كان هناك ملابس محصنة ضد الحريق في تلك الفترة ، لكن إيما وغيرها من راقصي الباليه كانوا يرفضون ارتداؤها لقساوة انسجتها وافتقارها لجمالية أقمشة الموسلين الرقيقة والتي تنساب بسهولة وخفة في الهواء عند كل حركة ، كان لراقصي الباليه أن يختاروا أن يتعرضوا لخطر الحريق ويتفوقوا في عملهم أو أن يكونوا في مأمن من النار لكن بأزياء تعتبر غير جذابة .

في عام 1871 الأختين ماري وإميلي وايلد Mary and Emily Wild أختي الكاتب المسرحي والشاعر أوسكار وايلد كانت في حفل للهالوين وكانتا ترتديان فساتين من أقمشة الموسلين ، وبينما كانت إحدى الأختين ترقص أمسكت النار في ملابسها هرعت أختها لمساعدتها لكن النار أمسكت بها هي الأخرى. شدة الحروق ادت إلى موت الشقيقتين بعد اسابيع قليلة على الحادث.

الرجال كانوا يواكبون الموضة أيضاً لكنها موضة مختلفة وآمنة هناك عبء كبير على النساء للقيام بأمور خطيرة في سبيل الأناقة لا يضطر الرجال القيام بها ، والحريق الوحيد الذي حصل للرجال هو أن أحدهم ترك غليوناً مشتعلاً في جيب بدلته اندلع حريق بسيط لأن البدلات الصوفية عازلة للنار .

2- قفص الكرينولين crinoline cage

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
عملية ارتداء تنورة الكرينولين .. تصور كل هذه المعاناة! ..

كانت صيحات الموضة للفساتين في خمسينيات القرن التاسع عشر هو التنورة المنفوخة بشكل مبالغ فيه وعلى هيئة جرس ضخم لكي تبدو المرأة نحيفة من الخصر ، لكن هذه التنورات الضخمة التي تسمح بوجود الهواء أسفل منها تعتبر وقود للنار مع وجود جسم بشري في الوسط ، وللحصول على هذه التنورات ذات الحجم الكبير كان النساء يستخدمن الكرينولين وهو عبارة عن قفص كبير دائري يتكون من مجموعة من الأطواق الصلبة والموصولة بشرائط يتم ربطها وتثبيتها حول الخصر ، يوضع فوق الكرينولين طبقات من التنورات .

في قمة شعبية الكرينولين في عام 1861 توفيت زوجة الشاعر الأمريكي هنري وادزورث لونغفيلو Henry Wadsworth Longfellow عندما كانت في مكتبتها مع طفليها الصغيرين كانت هناك قطعة من ورق مشتعلة أمسكت بفستانها المنتفخ وفي غضون لحظات اشتعلت فيها النار وأحاطتها من كل جانب ، سارع زوجها الذي كان في مكتبة لإنقاذها ونجح في اخماد الحريق لكنه تعرض لحروق بليغة ، لكنه تأخر في انقاذ زوجته حيث توفيت في اليوم التالي تاركة ورائها خمسة أطفال ، كانت الحروق التي تعرض لها هنري بليغة لكنها ليست خطيرة كما نشر في جريدة بوسطن ديلي.

الكرينولين كانت مميتة لأبعد حد وأنه لأمر مدهش أن هذا الشيء يتم ارتداؤه والخروج به ، كان الجلوس في العربات ومضايقة باقي الركاب ومزاحمتهم في المكان أمر لا يحتمل ، كان هناك حكايات عن نساء يتمشين على أرصفة الموانيء عندما تهب رياح قوية تجرفهن إلى البحر مما يتسبب في موتهن غرقاً.

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
تسبب الحريق في مقتل الالاف

في الثامن من ديسمبر من عام 1863 اندلع حريق في إحدى الكنائس في مدينة سانتياغو في تشيلي وراح ضحيته ما بين 2000 -3000 شخص واعتبر أكبر حريق على الإطلاق من حيث عدد الضحايا في أي مكان في العالم ، في تلك الليلة بدأ الحريق قبل الساعة السابعة مساء بدقائق قليلة عندما اشتعل مصباح زيتي وتصاعد اللهب إلى الأحجبة الحريرية التي كانت تزين الجدران مما تسبب في اندلاع حريق بينما كان الناس مندمجين في صلاتهم ، حاول أحد الأشخاص اخماد النيران بقطعة قماش كبيرة لكنه ساهم في اندلاعها بشكل أسرع لتصل إلى السقف الخشبي ، حوصر الناس بالداخل ولم يستطع الهروب سوى بعض الرجال ، احتشد 200 من النساء والأطفال عند الباب الرئيسي ، الأبواب الرئيسية كانت مزدحمة أيضاً تمكن عمال الانقاذ من اخراج 50 شخص فقط وسط الجموع المتكدسة ، وأن التنانير الكبيرة التي كانت رائجة في ذلك الوقت جعلت عملية الهروب صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة وسرعان ما تم سد المدخل الرئيسي بجدار من الأجساد البشرية والتنورات المنفوخة ، مما أعاق خروج الأشخاص المحاصرين في الداخل من جهة ودخول رجال الانقاذ من جهة أخرى ، كان البرج الرئيسي للكنيسة مبني من الخشب أما بقية الكنيسة فكانت من البناء الصلب ، سرعان ما انهار البرج نحو الساعة العاشرة مساء ، ما بين 2000 -3000 شخص لقوا حتفهم في الحريق في مدينة يبلغ تعداد سكانها حوالي 100.000 نسمة تم محو عائلات بأكملها ولم يتم التعرف على هوية اصحاب الجثث المحترقة لذلك تم وضعها في مقبرة جماعية.

3- الباروكات أو الشعر المستعار

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
كانت الباروكة جزء رئيسي من ازياء الرجال والنساء

خلال الحقبة الجورجية (1814 -1830) كان الرجال والنساء يتهافتون بشكل كبير على ارتداء الشعر المستعار الذي كان يضاف إليه الصوف ليظهر بأشكال وأحجام متنوعة ، ويتم تشكيله بإضافة الماء والسكر ومرهم دهني وهذه المواد تتسبب برائحة كريهة بعد عدة استعمالات الأمر الذي يتطلب ارسالها إلى الحلاق لتنظيفها و إعادة تشكيلها ، كان الشعر المستعار الذي ترتديه النساء يتميز بالضخامة والتعقيد واحتوائه على العديد من التفاصيل والأشكال الغريبة والتي تصل إلى ارتفاعات عالية فوق رؤوسهن لدرجة أنهن يواجهن صعوبة في المرور عبر الأبواب والمداخل ، وكن يجبرن على الجلوس على أرضية العربات ليتمكن من الالتفاف ، ان من أسوأ الآثار الجانبية لهذه الباروكات الفظيعة هو عندما تصطدم النساء بالشموع وتندلع النيران برؤوسهن بشكل مأساوي.

نشرت إحدى الصحف في ادنبره عام 1776 عن حادثة أليمة لحرق إحدى السيدات عندما كانت جالسة ذات مساء تكتب رسائل واضعة شمعة بالقرب من رأسها ، وسرعان ما أمسكت النيران في شعرها المستعار دون أن تشعر بذلك إلى أن انتشرت النار وشعرت بالحرارة في رأسها عندئذ حاولت اطفاء الحريق بمنديل لكن المنديل احترق بدوره ، بالرغم اخماد النار لكن السيدة توفيت بعدها بيومين.

7- مساحيق التجميل السامة

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
كانوا يستعملونه لاضفاء بشرة بيضاء شاحبة .. لكن على المدى الطويل كانت النتائج مدمرة على البشرة

كان من مميزات الجمال في القرن السادس عشر بشرة شاحبة جداً وفم صغير وأنف مستقيم ، كانت البشرة الشاحبة بصورة عامة علامة على النبل والثروة وبالنسبة للنساء تدل على الكياسة والرقة ، كان تهافت الرجال والنساء على وضع مساحيق التجميل والهوس بالحصول على المظهر الباهت للبشرة جزء لا يتجزأ من التاريخ ، وقبل عصر العلامات التجارية لمستحضرات التجميل كانت الطرق سهلة لدهن وجوههم بمساحيق سامة غير آبهين بمكوناتها الخطيرة والتي تؤدي بهم إلى الموت البطيء.

من هذه المستحضرات مسحوق (فينيسيا سيريوز) venetian ceruse والذي يتكون من مسحوق الرصاص الأبيض السام مضاف إليه الخل ، كان الطلب عليه كبير ويعتبر من أفضل المنتجات المتاحة في ذلك الوقت ، تعتبر مادة السيريوز مادة مجففة جيدة للبشرة والنساء اللواتي يستخدمنها سرعان ما يصيب بشرتهن الذبول لأن مادة الرصاص الذي يتكون منه السيريوز يتسبب في جفاف الرطوبة الطبيعية للبشرة والذي يؤدي إلى تآكلها وبالتالي تدميرها ، يعتبر الرصاص قاتل بطيء بالاستخدام المستمر لذلك كان يستغرق الأمر سنوات ليتراكم ما يكفي من الرصاص في الجسم ليكون السبب في الموت ، مع أنه يستخدم على الوجه إلا أنه يهاجم الجسم كله ، التسمم بالرصاص يؤدي إلى تلف الدماغ وتدمير الجهاز العصبي والصداع وفقدان الشهية وفقر الدم وطعم معدني في الفم ، لم يكن الناس على دراية بخطورة هذا المستحضر التجميلي ومع أن الأضرار التي يسببها تكون ظاهرة بشكل واضح على البشرة المتضررة لكن هذا لم يمنع النساء من التوقف عن استعماله بل بالعكس فقد تشجعن على استعمال المزيد منه لتغطية تلك العيوب مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تسمم الدم بالرصاص .

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
لوحة تصور الكونتيسة ماريا كوفنتري

من أشهر ضحايا هذه الموضة الكونتيسة ماريا كوفنتري Maria Coventry التي كانت من جميلات إيرلندا ومن سيدات المجتمع في لندن خلال عهد الملك جورج الثاني ، توفيت في سن مبكرة عام 1720 وهي في السابعة والعشرين بسبب التسمم بالرصاص والزئبق في مستحضرات التجميل التي تستخدمها .

يعتقد على نطاق واسع أن الملكة اليزابيث الأولى توفيت لنفس السبب وهو التسمم بالرصاص بسبب مبالغتها في وضع مساحيق التجميل على وجهها ربما لتخفي عيوب بشرتها.

8- قطرات البيلادونا لعينين مشرقتين

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
البيلادونا .. لتوسيع حدقات العيون وزيادة بريقها

كانت من مقاييس الجمال في عصر النهضة في ايطاليا النظرات المشرقة للعين ، كان سيدات البندقية يستخدمن قطرات العين المسماة بيلادونا belladonna لتوسيع حدقات عيونهن وزيادة بريقها واشراقها في اشارة للمرأة الجميلة ، يتم استحلاص قطرات العين من نبتة البيلادونا والمعروفة باسم اتروبا بيلادونا التي تحوي على قلويدات التروبين السامة ، بينما جذور نبات البيلادونا هي الجزء الأكثر سمية ، والقلويدات السامة لها تاريخ طويل في الاستخدام كدواء وفي المستحضرات التجميلية وقبل العصور الوسطى كان يستخدم كمخدر في العمليات الجراحية واستخدمه الرومان القدماء في في صناعة السهام المسمومة ، وبعد معرفة مدى خطورة هذه النبتة السامة كانت النساء يضعن قطرات مستخلصة منها في عيونهن لأغراض تجميلية من خلال منع عضلة العين تقلص الحدقة وبذلك تتوسع الحدقة وتبدو أكبر حجماً لكن هذه الممارسة لها مساويء ونتائج مرضية خطيرة مثل تسارع ضربات القلب وهذيان وهلوسات ومن الممكن أن تؤدي إلى الموت بسبب فشل في الجهاز التنفسي ، ونادرا ما يستخدم البيلادونا في الوقت الحاضر كمستحضر تجميلي بسبب تأثيراته الضارة في حدوث تشوهات بصرية بسيطة وعدم القدرة على التركيز على الأشياء القريبة كذلك الاستخدام على المدى الطويل قد يسبب العمى.

9- أكل الزرنيخ للحصول على بشرة نضرة

اتجاهات الموضة القاتلة والأشد فتكاً عبر التاريخ
الزرنيخ من اكثر السموم استعمالا عبر التاريخ في قتل البشر

الزرنيخ ملك السموم وهو السلاح المفضل لدى القتلة أواخر القرن التاسع عشر ولا يزال يستخدم حتى الوقت الحاضر ، ويبدو من المدهش أن الزرنيخ استخدم على نطاق واسع كدواء لعدة قرون وقد استهلكه العديد من الناس كمقوي صحي ولأغراض تجميلية ، ومن الأمثلة المثيرة للاهتمام أكلة الزرنيخ في ستيريا the arsenic eaters وهي ولاية تقع في جنوب شرق النمسا ، في عام 1851 نشرت مقالة في جريدة فيينا الطبية عن ظاهرة أكل الزرنيخ بين الفلاحين في ستيريا ومؤلف المقال هو يوهان جاكوب فون تشوتودي Johann Jakob Von Tschudi وهو طبيب وعالم طبيعة ورحالة سويسري ، كان الفلاحين يتناولون الزرنيخ السام للحصول على بشرة نقية وخالية من العيوب وذات مظهر نضر ، وكذلك لتسهيل معدلات التنفس خلال العمل والمشي في التضاريس الجبلية للمنطقة ، هؤلاء الفلاحين بدؤوا بتناول قطع صغيرة من الزرنيخ بحجم حبة العدس عدة مرات في الأسبوع وبمرور الوقت قاموا بزيادة الجرعة تدريجياً بعدما فقدت الكميات الصغيرة تأثيرها ، ويعطي الطبيب يوهان مثالاً في مقاله عن رجل في الستين من عمره قام بزيادة الجرعة التي يتناولها الى حوالي أربعة أضعاف حجم حبة القمح والتي تكفي لقتل مجموعة من الناس ، على الرغم أن آكلي الزرنيخ كانوا متهاونين مع السموم والعديد منهم لم يظهر أي علامات تبين التسمم الحاد إلا أن الطبيب يوهان أشار إلى أن العديد منهم توفوا بسبب سوء الاستخدام للزرنيخ .

اكتسبت مقالة الطبيب يوهان انتباه الناس على أوسع نطاق وأثارت اهتمام الأطباء والعلماء حول العالم والذي كان من بينهم مشككين في الموضوع ارادوا التأكد والحصول على أدلة حول ممارسات هؤلاء الفلاحين الغريبة منهم هنري انفيلد روسكو استاذ الكيمياء في جانعة أوينز في مانشستر ، نشر بحثً عن الزرنيخ عام 1862 وتواصل مع سبعة عشر طبيباً في ستيريا وجميعهم اتفقوا على أنه يعتقد بشكل عام أن بعض الأشخاص هناك يستهلكون الزرنيخ بانتظام وبكميات كبيرة دون ضرر واضح ، ووصف أحد الأطباء حالة رجل استهلك ما يعادل ضعف الجرعة المميتة العادية على مدى يومين وما يزال يبدو في حالة صحية جيدة.

طبيب آخر سافر بنفسه إلى ستيريا للتأكد من الموضوع وهو الاسكتلندي كريغ ماكلاجان نشر فيما بعد نتائجه في مجلة ادنبره الطبية ، عام 1864 راقب ماكلاجان اثنين من آكلي الزرنيخ يستهلكان ما يمكن اعتباره جرعات مميتة ولم يظهر عليهما أي آثار سيئة في اليوم التالي.

نقطة مهمة تجدر الإشارة إليها وهي أن آكلي الزرنيخ عندما يتوقفون عن أكله كانت تصيبهم عوارض مرضية منها عسر الهضم وفقدان الشهية والتقيؤ والامساك وتشنجات مؤلمة ، لذلك اضطروا إلى الاستمرار في تسميم انفسهم بالزرنيخ كي يتخلصوا من هذه العوارض ويشعروا بتحسن.

ساعدت الدعاية الممنوحة لهذه الممارسة في تعميم استخدام الزرنيخ في الأدوية ومستحضرات التجميل منذ منتصف القرن التاسع عشر للحصول على بشرة ناعمة .

المصادر :

9 Times People Were Actually Murdered By Their Clothes
10 Popular Fashion Trends From Back In The Day That Actually Killed People
Hobble skirt – Wikipedia
Atropa belladonna – Wikipedia
DEATH BY CORSET
Maria Coventry, Countess of Coventry – Wikipedia
Ethel Granger
Emma Livry – Wikipedia
Church of the Company Fire

تاريخ النشر : 2019-01-22

guest
63 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى