تجارب ومواقف غريبة

الفاتنة على بابي

في عام 2002 وبينما كان الجميع مشغولون بنهائي كأس العالم، كنت أحاول جاهداً أن أجمع شتات أفكاري لإكمال مشروعي في العمل . كنت لازلت متدرّباً بعد التخرّج ولديَّ طاقة كبيرة جداً بعد سنوات طويلة من الدّراسة . في صباح ذلك اليوم شعرت أني لست على ما يرام . ألم في الرأس و ضعف في الجسد ووهن عام . هنا خمّنت أني على وشك الإصابة بالإنفلونزا .

اتصلّت بمديري في العمل و طلبت منه إجازة، حينها وافق بدون تردد لأني كنت من أكثر المتدرّبين جداً وجهداً ونشاطاً .
كنت على سريري أستمع إلى المشاحنات الكرويّة بين أخوي وأبي . فهو الآخر كان مهووساً بكرة القدم . أمّا أنا فكنت بعيداً كل البعد عنها . ولهذا كان والدي يلقِّبني بذوي الدم البارد .

إقرأ أيضاً : آن جيفريز : الفتاة التي خطفها الجن و أكلت من طعامهم

رويداً رويداً بدأت أصواتهم بالإضمحلال . حتى اختفت تماماً . وهنا أدركت أنّهم غادروا إلى المقهى المجاور لمتابعة المبارة . نظرت إلى الساعة وكانت تشير إلى السابعة مساءاً .
تململت في سريري وحاولت النوم لكن لم أستطع . عدت لمشروعي على الطّاولة وأخذت أتأمله ملياً لثوانٍ قبل أن أسمع طرق الباب .

بالنسبة لأخوي وأبي فقد كان لديهم نسخة للمفتاح مع كل واحدٍ منهم . لذا فكّرت حينها أنّه من الإستحالة أن يكون الطارق أحدهم .
كان طرق الباب يزداد بشدّة ، وشعرت حينها بالقلق قبل أن أنتعل حذاءاً في قدمي وأذهب لفتح الباب .
صرخت : من الطّارق !
جاءت الإجابة السخيفة المعتادة :
-أنا
حوقلت بغضب قبل أن أفتح الباب وأرى فتاة يكاد الحسن يتكلّم لفرط جمالها . صمتُّ لبرهة قبل أن أسألها عمّا يمكنني مساعدتها به . وهنا انفجرت بالبكاء قائلة أنَّ اختها الصغيرة تعثّرت في رأس حارتنا وربما كسرت قدمها . وسألتني إن كان لدينا ثلج لتستخدمه في ترطيب الورم .

إقرأ أيضاً :عصر ادالاين الفتاة التي لا تكبر

قلت لها لا مشكلة، وأسرعت إلى المطبخ حيث الثلّاجة، وأخرجت قالباً من الثلج ثم عدت فلم أجدها .
تلفتُّ يميناً ثم شمالاً ولكن لم يكن لها أي أثر . وعندما التفتت لأدخل كانت واقفة أمامي تماماً .
لا أخفيكم مقدار الفزع الذي أصابني، لازلت أذكر تلك الرعشة التي أصابتني حينها وكأني أعيش ذلك الموقف الآن .
أخبرتني أنّها دخلت لتجلس على كُرسيٍّ كان خلف الباب. لكن الشكَّ بدأ يدخل لقلبي ولُبّي، وبدأت أستشعر شيئاً ليس جيداً حول تلك الفتاة .

أخذت مني الثلج و شكرتني وقبل أن تذهب قالت إن كان بإمكاني مرافقتها وحمل أختها إلى التاكسي .
بصراحة لم أعلم عن أي تكسي تتحدث أو عن أي مساعدة يمكن أن أقدّمها . فقد كُان الوقت في الشهر السادس أي في الصيف، و المارّة يبقون يتجولون خارج بيوتهم حتى ساعة متأخرة نسبيّاً . لكن عزوت الأمر إلى أنَّ الجميع منشغل بالمبارة النهائيّة والطرقات فارغة .
أغلقت الباب ورافقتها نحو رأس الحارة كما نقول .

إقرأ أيضاً : لغز شبح الفتاة ذات الثوب الأبيض

وفي الطريق شاهدّت جارنا على السطح وهو يعدل هوائي التلفاز . ثم جارنا الآخر يركب درّاجته ويغادر مسرعاً ، لكنَّه يتعثّر بسرعة ويسقط مع درَّاجته .
هرعت إليه لأساعده . لكنّه تعامل معي وكأنّي غير موجود، وسرعان ما غادرالمكان . التفتُّ للخلف فلم أجد الفتاة .

في هذه المرّة بحثت عنها في كل مكان من حولي، لكن لا أثر لها ولا حتى لمكعّبات الثلج التي كانت معها.
عدت إلى المنزل و ارتميت على السرير، أخذت أفكر فيما حدث . وعندما نظرت إلى الساعة كانت تشير إلى السابعة تماماً !
اصابني الريبة و الرعب، لذلك ذهبت إلى ساعة الصالون وساعة اليد خاصّتي ، كُلها كانت تشير إلى السابعة تماماً .

لم أصدّق الأمر، فعلى الأقل يقدّر الوقت الذي مضى مذ سمعت طرق الباب وحتى عودتي للمنزل بنصف ساعة .
ولهذا ذهبت للثلّاجة، وبالفعل كان فيها قالب ثلج ناقص .
في اليوم التالي سألت جارنا عمّا إذا كان يعدل الهوائي خاصّته على السطح فكانت ردُّه بالإيجاب . أما عن جارنا الآخر الذي سقط من على درّاجته فقد ردَّ بالإيجاب أيضاً عندما سألته، لكنه أخبرني أنه لم يراني ولم أكن موجوداً هناك أصلاً .

التجربة بقلم : سعيد – سوريا

guest
85 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى