تجارب من واقع الحياة

ثنائي القطب والحساسية المفرطة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أتمنى أن الجميع بخير . منذ بضعة أشهر اكتشفت أني مصابة بثنائي القطب ، أو الإضطراب المزاجي أو الهوس الإكتئابي أو غيرها من مسميتاه . ومن لا يعرفه هو عدم استقرار أو ثبات في المزاج .. تبقى متقلبا بين فترات اكتئاب حاد منزوع الطاقة قد تصل لرغبة في إنهاء حياتك ، أو فترات هوس .. سعادة مفرطة ، طاقة مبالغ فيها قد تفعل بها أشياء تندم عليها عندما تختفي النوبة .

أما أنا فأعاني من النوع الذي يغلب عليه الإكتئاب ، أما نوبات الهوس موجودة لكن بشكل أقل ومسيطر عليه نوعاً ما .

ومنذ أن عرفت به والكثير من الأمور فسرت لي كسبب الحزن الذي يسيطر علي بضعة أيام دون سبب وجيه ، وكرهي لمن أحب في تلك الأوقات ، وأسباب تلك المواقف التي كنت فيها سعيدة لدرجة إنفاق مدخراتي الخاصة .. وإعطاء وعود بعيدة ورقص وسط الشارع كالمجنونة . (كانت صديقتي معي وقتها ، لذا اهتمت بي ولم أهجم على أحد لأغني له واحدة من أغاني سبيستون المفضلة )! .. رغم أنها لم تفهم مابي وأنا لم أشرح لها ماحصل .

إقرأ أيضا : نفسيتي المريضة

تقبلت المرض مع الوقت ، ويبدو أن الأعراض بدأت معي منذ أكثر من سنتين ولم ألحظها إلا منذ بضعة أشهر . في فترات الهوس أعطي جل طاقتي في الدراسة وأحياناً أصل لمعدلات عالية لم أصلها في الوقت الذي أكون فيه مستقرة التفكير وهذا شيء أظنه جيد لكن الثمن يأتي مع الإكتئاب ، طاقتي تختفي ولا تفارقني الرغبة ف النوم . أقوم بالطاعات بجهد جهيد وكأني ثقيلة ، وتظل عيناي حمراوان طوال الأسبوع بسبب البكاء . أنا حتى لا أبكي في الليل ، فقط يأتي وقت طول اليوم وأنا في نوبة بكاء وحساسية مفرطة لأقصى حد .. والمتعب هو أن كل شيء يؤلم ، المزاح لي والنقد ولو كان بناءَ ، و الإستهزاء والأفكار السلبية تسيطر علي بشكل لا يطاق .

أكتب اليوم وأنا في فترة الإكتئاب ، لكن اشعر بتلبد مشاعري في هذه المرة عيناي متعبة صدري ضيق رغبت بشدة ف لحديث لاحد عن ما يتعبني..

قبل المرض ، كنت بطبيعتي شخصية حساسة و ذو احترام ذاتي منخفض .. ثقتي بنفسي شبه معدومة وهذه خصلة نمت معي منذ سن الـ10 سنين بسبب البيئة التي انا فيها . ظننت أني لو كبرت ستصبح مناعتي أقوى إلا أن ذلك لم يحصل ، وأظن ضغوطاتي في سنين حياتي الأولى .. هي من تسببت بولادة المرض في نفسي وبدئه بالتطور ، إذ أن عائلتي لا تملك تاريخا معه .

وإلى الآن لم أخبر أحدا ، لا أعلم ، فوالداي هم من نوع الأشخاص الذين لا يؤمنون بالأمراض النفسية ، وينصحوك بالتزام الذكر والقرآن لترتاح . إن الذكر والقرآن لهما مفعول فعلا ، لكن أحيانا المرض يصل لمرحلة لايكون فيها كافيا ، مثل الجرح في الجسد .

الرقية لوحدها لا تكفي ، يجب أن تذهب لطبيب ليتم معالجتك . هنا لا أحد يعترف بالمرض النفسي ويمكنني القول أنه لابد من عدم وجود طبيب نفسي في المدينة التي أعيش فيها ، لذا حاولت التواصل عن طريق الإنترنت ، وأكد البعض بمرض ثنائي القطب ونصحوني بزيارة طبيب بشكل شخصي لتشخيص أدق وأفضل .

إقرأ أيضا : اضطراب في نفسيتي

لم أجد من يهتم بحالتي بشكل خاص ، لذا لم ألح عليهم ، وكما قلت لا أنوي إخبار أهلي .. على الأقل ليس الآن .. ولا أنوي إخبار أصدقائي أيضا . فأنا شخص لا يتكلم كثيرا والبوح والشكوى والتعب شيء لا أشاركه بالعادة مع أحد . أشعر أني سأجعل من حولي مكتئبون ليس إلا ، لذا الأمر صعب علي .

لكنني أرغب حقا بذلك ، كل من يعرفني إما يصفني بالباردة الكئيبة بسبب الإكتئاب ، و الحمقاء الساذجة بسبب الهوس . الأمر فقط أني منذ أن عرفت بالمرض وانا كمن أنير له درب المسار .. فلطالما قلت أني غريبة أطوار أو إيمو لا تحب الألوان ، أو مسرفة لا تجيد الانفاق .

أمور كثيرة جعلتني أشعر بسوء اتجاه الأعراض التي رافقتني وعانيت منها وأنا لم أكن على دراية منها ، واختفت عندما علمت به . وعلى الأقل .. أحب نفسي الآن ، وأشعر بالعاطفة اتجاهها ، ولم اعد ألومها على أي شيء مثل الأول .

أرغب بالقول وبصوت عال أنني لست كئيبة باردة عديمة مشاعر ، إنها فقط مجرد أعراض لمرض لا يد لي فيه ، وحساسيتي ليست بيدي .. لذا لما السخرية عندما أبكي على مواقف برأيكم إنها تافهة ، وهي لم تكن يوماً كذلك لي .

منذ أن عرفت أني مريضة بثنائي القطب .. شعرت أني أنتمي لشيء ما ، لست الوحيدة التي تعيش هذه الظروف ولست الوحيدة التي تتخبط بين نوبات مزاجية دون شعور . الأمر فقط خارج دائرة الجهل التي كنت فيها اتجاه نفسي .

كتبت كل شيء بشكل فوضوي دون ترتيب ، فقط أردت الكتابة لأحدهم ، أنوي الحديث لأصدقائي عن كل هذا لكن التردد والخوف لا يتركانني . لا أريد أن أزعج أحدا أو أجعل أحدا يشفق علي أو يتعاطف بسبب ما سأقول له .

أظن أني سأتعايش مع الموضوع لوحدي ، إلى أن تأتيني الشجاعة لإخبار أحدهم ، وشكراً لكم على قراءة تجربتي مقدما .

التجربة بقلم : ريف إبراهيم – ليبيا

guest
10 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى