ألغاز علمية

دقة العين البشرية: أحد أعظم المعجزات!!

بقلم : شهاب صبري – مصر
للتواصل : [email protected]

العين البشرية هي حرفيا معجزة حيه
العين البشرية هي حرفيا معجزة حيه

عندما نلتقط صورة لمشهد جميل للطبيعة دائما نشعر أن هذه الصورة ليست واضحة بنسبة 100% ، الصورة ليست موضحة كل التفاصيل، هناك حاجز غريب بين الصورة والواقع، المشهد في الواقع أحلى من الصورة بكثير ، فما المشكلة ياترى ؟ .. هل هذا يعني أن دقة العين البشرية أكبر من دقة الكاميرات التي نستخدمها ؟ .. وهل منطقي أصلا أن نقارن بين العين البشرية والكاميرات ؟ ..

سأحدثكم اليوم أعزائي القراء عن دقة العين البشرية أحد أعظم المعجزات.

العين البشرية هي حرفيا معجزة حيه موجودة في أجسامنا، قطرها حولي 2.5 سم ووزنها لا يتعدى 8 جرام إلا أنها مليئة بالعجائب والأسرار، العين البشرية تستقبل فوتونات الضوء التي تسقط على الأجسام حولها، ومن هنا يبدأ مشوار الرؤية والإبصار

blank
الحدقة تعمل بنظام عجيب فتتغير سعتها حسب الاضاءة

الجزء الأمامي للعين يحتوى على ثقب ينفذ منه الضوء يطلق عليه إسم (الحدقة) شيء يشبه الجزء الأمامي من الكاميرات، هذه الحدقة تعمل بنظام عجيب!، في حالة الضوء الخافت تبدأ الحدقة أنها تتسع جدا كي تدخل أكبر كم من الضوء لتعوض حالة الظلام الموجود في المكان، وفي حالة الضوء الشديد تبدأ إنها تنقبض لتقلل كمية الضوء بسبب وجود ضوء بالكم الكافي في الوسط المحيط! – الأمر شبيه بعملية ضبط إلكتروني للإضاءه – وبعدها تسقط هذه الأشعة على مكان داخل العين أشبه بالعدسة كي تضبط المسافات حسب البعد أو القرب وذلك يحدث أيضا بشكل تلقائي، وبعدها تبدأ العدسة ترسل هذه الأشعة لشيء يسمى بـ (الشبكيه) هذه الشبكية تمتلك ملايين الخلايا البصرية وظيفتهم أنهم يقوموا بترجمة الألوان والإضاءة الموجودين في كل صورة تسجلها العين ، حيث سنجد عدد من الخلايا مسؤول عن الصورة الملونة وعدد آخر مسؤول عن الصور الغير ملونة، وعدد مسؤول عن الرؤية بالنهار وعدد مسؤول عن الرؤية بالليل، وكل نوع منهم يبدأ بإستقبال نوع الصور المتخصص فيه وبعدها يرسلها على هيئة نبضات كهربائية تتوجه في النهاية للعصب البصري، ومنه للمخ.

المخ يبدأ بتحليل الشفرة الكهربائية التي إستلمها ويقوم بترجمتها، وذلك يحدث بالتعاون مع مركز الإبصار ومركز الذاكرة، فلو كانت هذه الصورة جديدة علينا سيتم مقارنتها مع الملفات الموجودة في الذاكرة كي نعرف هل رأيناها مسبقا أم لا، أما لو كانت الصورة قديمة قد رأيناها من قبل – ملامح شخص مثلا – سيتم مقارنة صورته مع الملفات الموجودة في الذاكرة لنعرف فورا أن هذا فلان، ونظرا لإمتلاك الإنسان لعينين فهذه العملية تتكرر مرتين بنفس التفاصيل، وبعدها يبدأ المخ بجمع الصورتين الذين تم تسجيلهم ويدمجهم مع بعض لنحصل على صورة أفضل في منتهى الدقة والروعة

وبالرغم من أن هذه الرحلة طويلة ومعقدة إلا أنها تتم في جزء من الثانية؛ كل هذه الأشياء تحدث داخل عيننا ودماغنا في لحظة دون أن نشعر ودون أن نبذل أي مجهود!.. سبحان الله ..

 blank
لو كانت السماء صافية يمكننا أن نرى مجرة آندروميدا بعيننا المجردة

والمدهش أن العين البشرية في ليلة مظلمة وصافية لديها القدرة على رصد لهب شمعة يبعد عنها مسافة مهولة، وضيف على ذلك أنها ترى يوميا أجسام أبعد من ذلك بكثير، أجسام تبعد عنا آلاف السنين الضوئية، لو نظرنا للسماء يمكننا رؤية نجوم مجرتنا درب التبانه، والتي تبعد عنا بمسافات كبيرة جدا، بل أننا في بعض الأوقات لو كانت السماء صافية يمكننا أن نرى مجرة آندروميدا والتي تبعد عنا حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية، وليس ذلك فقط ، العين البشرية تستطيع فعل أشياء أعجب من ذلك بكثير. العين تستطيع أن تثبت النظر على نقطة معينة أثناء تحرك الرأس حول محور ثابت في أي إتجاه، بمعنى لو أمامك نقطة معينة على شاشة حاسوبك الآن جرب أن تركز عليها بعينيك وفي نفس الوقت قم بتحريك رأسك يمين ويسار وأعلى وأسفل، طلما عينك مركزة على نفس النقطة ستجد أن بالرغم من حركة رأسك في كل الأتجاهات إلا أن عينيك مازالت لديها القدرة على رصد نفس النقطة التي أمامك بتركيز دون أي مشاكل، والسبب في ذلك أنه عند تحرك الدماغ فالعين تتزامن معها وتدور حول نفسها في إتجاه معاكس لحركة الدماغ، وبالتالي يكون الناتج في النهاية هي حالة ثبات للرؤية أثناء الرصد لأي جسم، بالأضافة بأن قزحية العين لها بصمة مميزة وفريدة كبصمة الأصابع، وهذا يعني أن أي شخص موجود على سطح الأرض لديه بصمة مميزة في عينيه لا مثيل لها في الكون بأسرة، حتى لو كان هذا الشخص لديه أخ توأم!

بعدما عرفنا هذه التفاصيل العجيبة عن الإبصار والرؤية وقبل أن نجيب عن التساؤل الخاص بجودة العين البشرية لابد أن نعرف بعض المفاهيم الأخرى

 blank
دقة العين البشرية تتفوق على الكاميرا

طبعا جميعنا سمعنا عن كلمة بكسل وكلمة ميجابكسل والتي تساوي مليون بكسل، البكسل ببساطة هو أحد العوامل المهمة في جمع الضوء الساقط على العدسة كي يتم معالجته وتكوين الصورة بعد عدة خطوات، مستشعر الكاميرا يتكون من عدد كبير من البكسلات، والتي كلما زاد عددها كلما زادت كمية الضوء التي يلتقطها المستشعر، وتزيد معها أيضا الزوايا المختلفة التي يسقط بها الضوء على كل بكسل، ومن المعروف أن عند زيادة عدد البكسلات تزيد دقة الصورة، مع الأخذ في الإعتبار طبعا أن هناك عوامل أخرى مسؤولة عن جودة الصورة مثل قوة المعالج والإضاءة وغيرها من الأشياء بخلاف عدد البكسلات، وكي أوضح أكتر موضوع البكسل والدور الذي يقوم به في عملية التصوير فدعونا نرمز للبكسل الواحد بمربع متناهي الصغر، وعلى سبيل التبسيط لو سمعنا عن كاميرا دقتها 12 ميجابكسل فهاذا يعني أن هذه الكاميرا لديها القدرة على إلتقاط صورة مستطيلة طولها 3000 بكسل وعرضها 4000 بكسل، يعني هذه الصورة بها 4000 مربع متناهي الصغر بجانب بعض ومصفوفين في 3000 صف تحت بعض ، وهذا يعني أن هذه الكاميرا تستطيع أن تجزء الصورة التي تلتقطها لـ 12 مليون مربع صغير والذي نسميه – البكسل – وهذا يعني أن البكسل هو عبارة عن وحدة قياس لمقاس الصور الملتقطة

والآن دعونا نتكلم عن دقة العين البشرية، في البداية سؤال دقة العين كم بكسل ليس سؤال دقيق لأن العين البشرية ليست عدسة كاميرا، كثير من الباحثين ومتخصصي العدسات عندما حاولوا إيجاد حل لهذا الأمر كان الموضوع صعب ومعقد جدا نظرا لنوع المقارنة بين آلة وعضو حيوي موجود في جسم الإنسان، لكن مع بعض المحاولات لمحاكاة دقة العين البشرية إستطاعوا أن يصلوا لإجابة تقريبية وهي 576 ميجابكسل، وكي تعرف كيف إستطاعوا تحديد هذا الرقم فالموضوع كان كالأتي :

عندما ألقوا نظرة عن قرب على شبكية العين وجدوا أنها تحتوي على نوعين مهمين من الخلايا الحساسة للضوء

أولا خلايا مخروطية : وعددها حوالي 6.5 مليون خلية وظيفتهم تمييز الألوان الأساسية

ثانيا القبضان : وعددها حوالي 100 مليون خلية وظيفتهم تمييز اللونين الأبيض والأسود

blank 
البكسل هي تلك النقاط الصغيرة التي تتكون منها الصورة والشاشة

وبعدها تقوم العين بتمييز ألوان الصورة الموجودة أمامها من خلال الخلايا البصرية والحساسات، ثم تقوم بتخزين الصورة ونقلها من خلال شيء مهم يسمى بـ( الأعصاب البصرية ) والتي تقوم على الفور بنقل البيانات للمخ لنستطيع أن نرى. الباحثين أكتشفوا أن الأعصاب البصرية هو الشيء الوحيد الذي يصلح مقارنته بالحساسات الموجودة في الكاميرات، وبالتالي أستطاعوا أن يحددوا دقة العين نوعا ما، وبالفعل أكتشفوا الباحثين أن هذه الأعصاب البصرية الناقلة عددها يقدر بحوالي 800,000 عصب، وبناءا على ذلك أستطاعوا تحديد دقة تقريبية للعين بلغة الكاميرات وأكتشفوا أنها على أقل تقدير أكبر من 500 ميجابكسل، وتحديدا 576 ميجابكسل. وهناك مواصفات رقمية أخرى ظهرت بشكل تقديري بخصوص العمليات التي تتم في عين الإنسان ولكن بلغة الكاميرات، مثل فتحة العدسة والبعد البؤري والحساسية وغيرها من المواصفات .. والنتيجة التقريبية كانت كالاتي:

العين البشرية تعمل ببعد بؤري قيمته تتراوح من 22 لـ 35 مل، وفتحة العدسة تتراوح من 16 لـ 24 مل، والأيزو حوالي 800 ، وموازنة اللون الأبيض أتوماتيك

ومن الجدير بالذكر أن هناك أمور أخرى تتفوق فيها العين البشرية بشكل جذري عن أي كاميرا صنعها الإنسان، على سبيل المثال عمليات تحديد المجال و تحديد تركيز العدسة و تحديد مدى عمق الصورة و تباين الألوان و درجة الإضاءة وغيرهم .. كلها أشياء معقدة في الكاميرات لابد من إجراء إعدادات مسبقة لها قبل الإستخدام ، وأي خلل بسيط في ضبط أي عنصر منهم أثناء التصوير قد يفسد الصورة كليا، أما العين البشرية فكل ذلك يحدث فيها أتوماتيك في جزء من الثانية دون أن نبذل أي مجهود، لا أحد منا يستيقظ صباحا يضبط إعدادات عينه لأن اليوم حار مثلا، العين البشرية لا تحتاج لأي إعدادات مسبقة فهي موجودة معنا بكامل قدرتها طوال الوقت، وتلتقط صور وتسجلها في هيئة فيديوهات متجددة ليس لها حدود، ومزودة ببطارية تكفينا مدى الحياة ولا تحتاج للشحن.

وأخيرا .. نحمد الله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وأنعم عليه بنعم عظيمة كنعمة البصر ..

– ياترى هل تعرف معلومات أخرى بخصوص دقة العين البشرية لم أذكرها بالمقال لتشاركها معنا ؟ ..

– وهل أنت من محبي التصوير ؟ ..

– وهل أنت من محبي المواضيع التي تتحدث عن جسم الإنسان؟ أم أنك تعتبرها مملة وغير مفيدة ؟؟ ..

مصادر :

Eye/Brain Physiology and Human Perception of External Reality
How Far Can We See and Why?
Naked eye – Wikipedia

تاريخ النشر : 2020-12-05

guest
82 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى