ألغاز تاريخية

ساتوشي ناكاموتو : مبتكر عملة البيتكوين الغامض.

رحلة البيتكوين من الألف إلى الياء

لا أحد على وجه الخصوص يعلم من هو ساتوشي ناكاموتو مبتكر عملة البيتكوين . أو لنقل بعبارة أوضح: لا أحد يعلم الرجل أو الامرأة أو ربما الجماعة التي سمت نفسها بهذا الاسم الاسيوي الذي كان أو كانت أو كانوا وراء سرِ ولغز غامض كبير. ومن يعلم! فلربما الأمر يتعدى كونه ضربة معلم إلى جهد استخباراتي دولي وجزء لا يتجزء من حرب اقتصادية باردة بين عمالقة الاقتصاد العالمي كما كان سابقاً والآن ولاحقاً. على أي حال وبادئ ذي بدء، لربما يجيبك هذا المقال عن تساؤلات أرجح أنها خطرت ببالك يوماً :

  • ماهي العملات الرقمية؟
  • من أنشاءها ولماذا؟
  • من أين اكتسبت العملات الرقمية قيمتها أصلاً.
  • وما اللغز الذي يلف ساتوشي ناكاموتو مبتكر أول و أشهر العملات الرقمية .. البيتكوين ؟
  • هل الاستثمار في العملات الرقمية ممكن وما هي الطريقة؟
  • هل العملات الرقمية مؤامرة دولية تستهدف اقتصاد ما؟
  • ملحق بالمقال: روجا إجناتوفا و “الوان كوين” .. ملكة العملات الرقمية، قصّة اشهر نصّابة في العصر الحديث.

غالباً ما يظهر التباس في فهم معنى العملة الرقمية أو المشفّرة، لكن لنتفق بداية أن العملة الرقمية شيء افتراضي بحت إذ ليس لها اي شكل مادي أو ملموس ويتم التداول بها إلكترونياً فقط. طيب – فهمنا ولم تأتنا بجديد- فكيف تتشكل العملة الرقمية؟ يعني ما هو كيان هذه العملة؟.

blank
البيتكون.. ام العملات الرقمية والاكثر نجاحاً

لنفترض يا عزيزي القارىء أنه وبينما أنت تسير في طريقك بأمان الله إذ يقع نظرك على كرّاسة ملقاة على الأرض. تلتقط تلك الكراسة وتتصفح ما بداخلها وإذا بك تجد فيها طريقة لصنع مركب ثمين. ولصنع هذا المركب يجب عليك تنفيذ مهام صعبة جداً ومعقدة للغاية. هذا هو مبدأ العملة الرقمية بشكل بسيط جداً ولنأخذ مثالاً على أول عملة رقمية ظهرت للعلن وهي البيتكوين.

من أين جاءت وإلى أين ذاهبة: مازالت العملات الرقمية لغزاً غامضاً.

في عام 2008 قامت شخصية مجهولة الهوية تطلق على نفسها ” ساتوشي ناكاموتو “بوضع بروتوكول يتضمن خوارزمية تعتمد على حل معادلات رياضية معقدة جداً. وبطبيعة الحال لا يمكن للورقة والقلم حل هذه المعادلات ولا حتى للأجهزة المتطورة نسبياً حلها، فما العمل وما الفائدة من حل هذه المعادلات؟

هنا يأتي دور المعدّنين في عملية التعدين. وإذا ما أردنا المشي خطوة فخطوة يجب علينا أن نعرج إلى تعريف كلمة “تعدين” في اللغة العربية. معنى كلمة تعدين هو استخراج معدن ما كاستخراج الذهب من مناجم الذهب مثلاً. وعلى هذا الأساس تم تشبيه عملية الحصول على العملات الرقمية أو لنقل بسذاجة ” التنقيب عنها واستخراجها”. كل ما عليك هو امتلاك جهاز حاسوب ذو كرت شاشة عالي المواصفات وكفاءة مميزة ومصدر طاقة يؤمن استمرارية عمل هذا الجهاز. ومن ثم ستتكفل وحدة المعالجة المركزية في حاسبك في حل الملايين من المعادلات الرياضية المعقدة للغاية المأخوذة من خوارزمية البروتوكول الرئيسي للعملة والذي وضعه الشخص المؤسس. وبعد حل هذه المعادلة ستكون قد انجزت المهمة وكوفئت بالبيتكوين! بسيطة للغاية صحيح؟ أو هكذا ربما للوهلة الاولى نظن.

لنعد للكراسة التي وجدتها وقد استعنت بعدها بطريقة ما تساعدك على إنجاز تلك المهام. الان وبعد انجاز كل مهمة يجب عليك تدوين ملاحظة على ورقة ما بإنجازك للمهمة. وهنا ستتفاجئ بأنك لست الوحيد الذي وجد تلك الكراسة العجيبة، بل هناك مئآت وربما الآف الأشخاص كانوا قد وجدوا ما وجدت أنت وشرعوا بتنفيذ المهام أيضاً. والمفارقة هنا أن أي ملاحظة يدونها الشخص الذي أنجز المهمة بعد الإنتهاء من مهمته ستظهر تلقائياً على جميع أوراق الملاحظات لدى جميع المشتركين في عمليات تنفيذ المهام.

البلوكتشين: ثورية عالم الكريبتو.

البلوكشين: عبارة عن سجل يتم فيه الاحتفاظ بكافة المعاملات (المهام المنجزة والتي هي حل المعادلات من قبل أجهزة المعدنين أو التداولات التي تجري بين مُلّاك العملة ) وهو من اسمه “بلوك” و “تشين” يعني سلاسل الكتل. البلوكتشين ظهرت لأول مرة في عام 1991 على يد ستيوارت هابر (Stuart Haber) وسكوت ستورنيتا (W. Scott Stornetta)، وهما باحثان أرادا تقديم نظام لا يمكن اختراقه للوثائق المتزامنة.

مقطع انيميشن يشرح مفهوم البيتكوين بطريقة بسيطة، يمكنك استخدام الترجمة التلقائية على يوتيوب.

لكن ساتوشي ناكاموتو يعتبر الجهة الأولى التي قامت بتطبيق البلوكتشين عملياً. إذ أنك وعند فراغك من المعاملة سيتم تدوين ذلك في صندوق (كتلة رقمية) وهذه الكتلة تربط مع كتلة اخرى مشكلة قطاراً من السلاسل وبما أنه لدينا عشرات آلاف المعدنين حول العالم فإن سلاسل الكتل ستتمتع بميزتين: الاولى هي التشفير التام والثانية هي ضمان عدم التلاعب. كيف؟ ببساطة شديدة لا يمكن لأي شخص كان ان يعدل على ملاحظة مدونة ومكرة ضمن ملايين السلاسل في سجل البلوكتشين.

سؤال مشروع بحق ! كيف لشيىء افتراضي أن يملك قيمة ملموسة حقيقة؟ من أين تستمد العملات الرقمية شرعيّتها أصلاً؟

بصراحة، إن الإجابة على السؤالين السابقين تقودنا إلى الإجابة على سؤال أهم وهو: ما الذي كان يدور في رأس ساتوشي ناكاموتو عندما وضع بروتوكول البيتكوين؟

لنقل أننا نريد إرسال حوالة مالية من المكان “س” إلى المكان “ع” عبر مكتب صيرفة “ه” للوهلة الأولى يبدوا أن الامر لا يتعدى البساطة بمكان، لكن في الواقع فإن تحويلتك المسكينة المؤلفة من بضع عشرة دولار ستخضع لسياسة مكتب الصيرفة أولا والعمولة التي ستقتطع من الحوالة، ثم سترتبط تحويلتك تلك بسجلات البنك المركزي لتصار إلى التدقيق ومن ثم سيتم إرسالها للشخص الموجود في المكان “ع” بمدة زمنية في مجال البضع ساعات إلى اليومين. علاوة على ذلك سيتوجب عليك في بعض الحالات ان تخضع لتحقيق طويل عريض يبدأ ب “لمن” وينتهي “بمن”.

هنا يأتي دور العملات الرقمية التي ستعفيك عن وجع الرأس ذاك وتختصر عليك الطريق إلى ضغطة زر فقط!

تعدين البيتكوين المؤسسة من قبل ساتوشي ناكاموتو
مزارع التعدين، حوسبة جبارة وطاقة جبارة، علامة مسجلة باسم ” ساتوشي ناكاموتو “

السهولة، السرعة، المجانية، التحرر من المركزية والقيود. هذا طمح إليه ساتوشي ناكاموتو ربما وعلى إثرها لمعت برأسه فكرة البيتكوين. في الواقع يجب ملاحظة أنّ جميع الميزات السابقة التي ذكرت لم تكن الأهم بل إن أهم ميزة في العملات الرقمية لربما جاءت فكرتها في رأس ناكاموتو بعد الحادث الإقتصادي المؤسف عام 2008 عندما أعلن بنك ليمان براذرز إفلاسه بشكل مفاجئ في سبتمبر آنذاك.  كان بنك ليمان براذرز أحد أشهر البنوك في الولايات المتحدة، وهذا الإعلان أدى إلى أسوأ أزمة اقتصادية عالمية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ذلك الحدث أثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وأدى إلى تغييرات جذرية في القطاع المصرفي والمالي. ومن هنا تأتي أهم ميزة في العملات الرقمية بشكل عام والبيتكوين بشكل خاص ألا وهو ” الأمان “.

الأسس التي وضعها ساتوشي ناكاموتو لشرعنة البيتكوين

 “When money is easy to makesociety begins to break” مثل انجليزي شهير يقول أنه كلما كان جني المال أسهل كان المجتمع أقرب للإنهيار. لكن بوجود عملة صعبة الكسب سهلة التداول سيكون الأمر مختلفاً تماماً. لو أردنا أن نسأل أنفسنا سؤالا؟ لماذا الذهب يعتبر من المعادن الغالية عكس النحاس أو الحديد؟ ولماذا الماس يعتبر أغلى بمراحل من الذهب؟ ببساطة لأن عملية تعدين المعادن السابقة لا يمكن مقارنتها من ناحية الصعوبة. فكلما كانت عملية التعدين أصعب، كانت قيمة المعدن أعلى لكن هذا ليس كل شيء. لا بد أيضاً من أن عملية العرض والطلب والقبول والتداول البشري تعتبر لاعباً مهماً في شرعنة أي فعل مستحدث وجديد. وبهذا نكون قد أجبنا عن السؤالين السابقين الذين قمنا بطرحهما في بداية فقرتنا هذه.

على أي حال..يمكننا ملاحظة ما سبق بشكل واضح وجلي عندما نلقي نظرة على مراحل تطور قيمة عملة البيتكوين مثلاً بالنسبة للدولار الأمريكي منذ إطلاقها وإلى يومنا هذا:

قيمة البيتكوين: تاريخ يمكن تقسيمه إلى عدة مراحل

بشكل مختصر:

  • 2009: تم إطلاق البيتكوين وكانت قيمتها غير محددة حيث لم يكن هناك سوق لها.
  • 2010: تم تنفيذ أول تعامل حقيقي باستخدام البيتكوين حيث تم دفع 10,000 بيتكوين مقابل وجبة بيتزا.
  • 2011 – 2012: بدأت البيتكوين في الحصول على قيمة مالية وبدأت في التداول في الأسواق.
  • 2013 – 2015: شهدت هذه الفترة تقلبات كبيرة في قيمة البيتكوين.
  • 2016 – 2017: ارتفعت قيمة البيتكوين بشكل كبير ووصلت إلى أعلى مستوى لها عند حوالي 20,000 دولار.
  • 2018 – 2020: شهدت هذه الفترة تراجعًا في قيمة البيتكوين، لكنها بدأت في التعافي والصعود مرة أخرى.
  • 2021: وصلت البيتكوين إلى قمتها الجديدة عند حوالي 64,000 دولار.
  • 2022: كانت قيمة البيتكوين حوالي 45,000 دولار.
  • 2023: بلغت القيمة السوقية للبيتكوين حوالي 710,000,000,000 دولار.
  • 2024: وفقًا لأحدث البيانات، فإن البيتكوين قد شهدت ارتفاعًا بنسبة 620505.50% منذ إطلاقها.

ومما سبق نستنتج أن البيتزا التي تم شراءها ب 10،000 دولار لعلها اليوم البيتزا الأغلى على الإطلاق!.

” هناك المزيد من الأعمال التي يجب إنجازها “

تدوينة ساتوشي ناكاموتو الأخيرة.

في 31 أكتوبر عام 2008 أصدرت جهة مجهولة الهوية تحت اسم مستعار وثيقة من تسع صفحات سُميت بالورقة البيضاء. عُنونت هذه الوثيقة بعبارة ” نظام نقدي مالي من الفرد إلى الفرد” وتضمنت قواعد واسس لإنشاء عملة رقمية تدعى البيتكوين وقد خُتمت تلك الوثيقة بتوقيع ” satoshi nakamoto” ساتوشي ناكاموتو. على أي حال وبعد شهرين فقط، قام ناكاموتو بإضافة الكتلة الأولى في نظام البلكوتشين وقام أيضاً بإطلاق الإصدار الأول من المحفظة الإلكترونية للعملة ذاتها.

لم يكن الأمر آنذاك مثيراً لرواد الانترنت بشكل عام. ولكن بعد أن تم إصدار البروتوكول الرئيسي للعملة والكشف عن استخدامها لتقنية البلوكشين، بدأت الأنظار تتجه نحو أمر جديد وغريب ليس هذا فقط، بل ربما إن نجح فسيستطيع القضاء على النظام المالي العالمي بمفهومه الحالي برمته! وعليه فإن ذلك الحدث استطاع بسرعة جذب الكثير من الهواة والخبراء والمطورين والمتمرسين. كان الأمر أشبه بجسم ما سقط من الفضاء وأحدث جلبة ثم بدأت الناس بالتجمهر حوله رويداً رويداً لاكتشافه. وبمثل ذلك الاهتمام بالمشروع المطروح ظهر ذات الاهتمام بالشخص الذي طرح ذلك المشروع والذي كان الوصول لأي معلومة عنه أمر مستحيلاً تماماً.

ما الذي يُعرف عن ساتوشي ناكاموتو؟

لا شيء .. هذه هي الإجابة.. استطاع ساتوشي ناكاموتو ببراعة إخفاء هويته وكل ما يشير إليه. وقد جعله هذا مصنفاً ضمن مجتمع من رواد الانترنت أُطلق عليه سابقاً (مجتمع الأشباح). أشخاص يستطيعون من خلال طرق عديدة يقومون بإنشائها بأنفسهم إخفاء تواجدهم التام على شبكة الانترنت وكل ما يقود إليهم. ليس هذا وحسب، بل إنهم يؤمنون بأن الاحتفاظ بسرية الهوية على الشبكة العنكبوتية هو حق للجميع وليس حكراً على مجموعة من الناس. وليس من حق أحد الوصول إلى أي معلومات شخصية لأي شخص آخر، وهذا ما تجلى في البيتكوين ذاتها.

إحدى رسائل ساتوشي ناكاموتو
إحدى رسائل ساتوشي ناكاموتو

الجدير بالذكر أن ناكاموتو كان نشيطاً جداً على الانترنت أثناء المرحلة التي أُطلقت فيها البيتكوين، بل وكان يتواصل مع الكثيرين من المطورين المهتمين ليعلمهم سبل تطوير وتعدين البيتكوين. ويبدوا أنّه كان يسعى من خلال ذلك إلى تحقيق غاية في نفسه وهذا ما نجح فيه بشكل مبهر لاحقاً.

على أي حال ومن خلال منتدى، Bitcoin Forum الذي كان مؤسس البيتكوين الغامض نشطاً عليه، يمكننا ملاحظة بعض المعلومات التي ذكرها عن نفسه في تعريف حسابه الشخصي هناك حيث يذكر أنه يعيش في اليابان وأنه ولد عام 1975.

تحليلات ونظريات: هل استخدم ساتوشي ناكاموتو معلومات مضللة !.

بكل تأكيد، بل ومن غير المنطق أن يكون غير هذا. فلماذا يجهد شخص ما في إخفاء هويته ثم يأتي ويقدم معلومات عنه هكذا ببساطة!، تبين من خلال دراسة وتحليل 500 مشاركة لساتوشي في منتدى بيتكوين ضعف احتماليه تواجده في اليابان. حيث تشير العديد من الدلائل إلى أنه كان يعمل ويراسل من لندن. على سبيل المثال، كان ساتوشي ينشر دائماً جميع رسائله أثناء ساعات العمل التي تتوافق مع المنطقة الزمنية للندن. إذ أنَّ منشئ البيتكوين كان نادراً ما ينشر بين الساعة 5:00 و11:00 بتوقيت جرينتش. وعند التحويل إلى التوقيت الياباني، اتضح أنه كان ينام من الساعة 2:00 ظهراً إلى 8:00 مساءً وهذا ليس منطقياً بالنسبة لشخص ياباني ويعيش في اليابان.

لم تتوقف التحليلات عند هذا الحد بل تمت الإشارة أيضاً لبعض الأدلة المريبة والتي تركها ناكاموتو بنفسه عن قصد ربما أو عن غير قصد. ففي الكتلة الأولى التي قام ذلك الأخير بتعدينها بنفسه نجد رسالة سرّية مخبأة في إحدى معاملات الكتلة وتلك الرسالة تقول: ” زعيم الخزانة على وشك وضع خطة إنقاذ ثانية للبنوك”. وقد تم إدراج هذه الرسالة في 3 ياناير 2009. فمن هو زعيم الخزانة؟ وما المقصود بالخطة الثانية؟

هذا العنوان بالتحديد جذب اهتمام صحيفة التايمز كثيراً بل وربطته بعديد الشؤون البريطانية، وهذا ما جعل المراقبين يزيدون من فرضية أن ساتوشي كان بريطانياً أو على الأقل من المستعمرات البريطانية السابقة. تعزيزاً لما سبق، تم ملاحظة عدة عبارات انجليزية تعد مميزة في اللكنة البريطانية تحديداً وذلك ضمن الكود المصدري لشبكة Bitcoin أو كان يمكن ملاحظتها من خلال منشورات ساتوشي ذاته. ولنزيد من الشعر بيتاً فقد تم كتابة الورقة البيضاء الخاصة بالبيتكوين أيضاً باللغة الإنجليزية المثالية والتي لم يضع لها ناكاموتو أي ترجمة إلى اليابانية مطلقاً.

ساتوشي ناكاموتو: ما الغريب في هذا الاسم؟

التشكيك في اسم ساتوشي ناكاموتو جاء سريعاً، وتسابقت الأسئلة: هل هو مجرد اسم ياباني؟ أم أنه اختصار لعبارة سرية ما؟ وما معناه في اليابانية على أية حال؟

قد يبدوا الاسم بالنسبة لنا كطلسم تعويذة لاستحضار عفريت من الجان، لكن بالنسبة للخبراء وبعد البحث أشاروا إلى أنّ الاسم قد يكون له معنى خفي غامض. ففي اليابانية نجد أن “ساتوشي” عبارة عن كلمة تعني ” الشخص الحكيم” أو “التفكير الواضح”. ويمكن أيضاً ترجمة كلمة “ناكا” إلى “الداخل”، وكلمة “موتو” تعني “القاعدة” وبالتالي ستشكل كلمة ناكاموتو مصطلحاً بمعنى ” القاعدة الأعمق”.

من جهة أُخرى وإذا قمنا بتحليل الاسم إلى الهيروغليفية، فيمكن تفسير الكلمتين “Naka” و “Moto” معاً بعبارة “في الكتاب” . على أي حال وبقليل من التفكير سنخلص إلى أن اسم ” ساتوشي ناكاموتو ” يحمل في طياته معنى فلسفي حول الأصل والجوهر. ولربما أراد أن يترك لنفسه أثراً بوصفه الاب الروحي للبيتكوين.

لم تتوقف النظريات عند اسم ساتوشي ناكاموتو فقط، بل اتسع الجدل جدل ليطال تاريخ ميلاده المفترض.

ختيار ساتوشي لتاريخ 5 أبريل 1975 لم يكن عبثياً
ختيار ساتوشي لتاريخ 5 أبريل 1975 لم يكن عبثياً

ووفقاً لأغلب التحليلات، فإن اختيار ساتوشي لتاريخ 5 أبريل 1975 لم يكن عبثياً ، بل هو في الواقع إشارة إلى أحداث مهمة في تاريخ النظام المالي آنذاك. ففي 5 أبريل 1933، وقع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على أمر تنفيذي يحظر على الأمريكيين تخزين الذهب وحيازته. ولم يتمكن الأمريكيون من استعادة هذا الحق إلا في عام 1975.

ربما بهذه الطريقة أراد ساتوشي التأكيد على عيوب النظام المالي الحالي وفي نفس الوقت أظهر للعالم الدور الذي ينسبه إلى البيتكوين في المستقبل. يمكننا أن نقول أن هذه الحقيقة كانت نبوءة – حيث يطلق الكثير من الناس اليوم على العملة المشفرة الأولى اسم “الذهب الثاني”.

سريعاً تحول اسم ساتوشي ناكاموتو إلى تهمة يتم إلقاءها على فلان وعلّان، بل ويتم التملص والهرب منها. خاصة عندما نعلم أن محفظة بطل مقالتنا الغامض تحوي على مليوني بيتكوين! وهذا سيجعله إحد أكثر الأشخاص ثراءاً فاحشاً في يومنا هذا. على العموم دعونا نتعرف على أبرز الشخصيات التي تم اتهامها بأنها ساتوشي ناكاموتو، وبناءاً عليه حدد إذا ما كان احد تلك الاتهامات قد يكون صحيحاً.

1 – هال فيني

إحدى النظريات التي لاقت قبولاً واسعاً حول المخترع الحقيقي للبيتكوين تلك التي قالت أنّ المبرمج وخبير التشفير هارولد توماس فيني (هال فيني) هو الشخص الذي يقف وراء عملة البيتكوين أو على الأقل كان شريكاً لساتوشي وقام بتحديث كود العملة معه. السبب في ذلك يعود لأول معاملة عبر الإنترنت لإرسال البيتكوين في عام 2009، حيث تم ارسال عمولات بقيمة 50 بيتكوين إلى عنوانه.

هال فيني اتهم بأنه ساتوشي ناكاموتو والدليل؟
هال فيني اتهم بأنه ساتوشي ناكاموتو والدليل؟

في الواقع فإن هال فيني كان قد قام سابقاً في عام 2004 بمحاولة تطوير خوارزمية تشبه إلى حد كبير خوارزمية إثبات العمل المستخدمة في البيتكوين أي قبل نشر بروتوكول البيتكوين بخمس سنوات، والذي أصبح لاحقاً الأساس للعديد من العملات المشفرة، و كان أيضاً أحد المشجعين الأوائل لساتوشي وداعماً كبيراً لتدويناته في المنتدى الذي كان ينشط عليه دائماً.

اعترف هال فيني بأنه تواصل مع ساتوشي ناكاموتو لكنه أكد أنه كان مستعداً فقط للحديث حول تحديث النظام والتطوير ومدى المساهمة في ذلك ولم يكن يعطي مجالاً لأي محادثات على المستوى الشخصي. هذا التصريح تم التشكيك به خاصة بعد أن قامت شركة Juola & Associates المتخصصة في المطابقات إلى أن أسلوب هال فيني في التدوين يكاد يتطابق مع أسلوب ناكاموتو. لكن هال فيني عاد من جديد ونفى أي صلة له مع ذلك الاخير في مقابلة اجراها عام 2014 مع الإعلامي الشهير آندي غرينبرغ.

توفي هال فيني في اواخر عام 2014، تاركاً وراءه الكثير من الشبهات حتى بعد موته. وذلك من خلال مقال سابق تم ننشره. في عام 1993، حيث شرح هال فيني فيه مفهوم التشفير الرقمي، واقترح إنشاء عملات رقمية قابلة للتداول، يتم إنشاؤها باستخدام التشفير. وفي عام 2015 كتب أحد كبار المحللي التقنيين، إريك بالتشوناس: “بالطبع، لست جازماً في هذا الموضوع، ولكن بعد كل ما رأيته أو قرأته سأقول : “هال = ساتوشي”.

دوريان ساتوشي ناكاموتو

سنتفترض هنا أن السيد هال فيني قد دعاك إلى منزله لسبب أو لآخر، قمت حضرتك بتلبية تلك الدعوة وحظيتما بوقت كان مليئاً بالحديث عن العالم الرقمي، ولربما دخلتما بحديث مطول حول البيتكوين وعن الشخص الذي يقف وراء تلك العملة المشفرة. ولكن سرعان ما داهمك الوقت، فقدمت التحية له وخرجت من منزله مسرعاً تريد العودة إلى المنزل. ستسير بضعة أمتار بعيداً عن منزله ثم ستتوقف فجأة لتحك رأسك دهشة وحيرة وتعجّباً. ستفعل ذلك طبعاً وانت تقرأ اسم ساتوشي ناكاموتو على يافطة أحد المنازل، ومن ثم ستجد رجلاً بملامح اسيوية يطل برأسه من النافذة ويسألك فيما إذا كنت تريد المساعدة. “ما الذي يحدث” لا بد أن تسأل هذا السؤال لنفسك في ذلك الموقف.

هل استخدم دوريان اسمه الثاني (الكنية) عندما قام بإنشاء البيتكوين.
هل استخدم دوريان اسمه الثاني (الكنية) عندما قام بإنشاء البيتكوين؟

دوريان ساتوشي ناكاموتو. وهو فيزيائي ياباني-أمريكي الجنسية. عُرف عنه الشخصية الانطوائية والغير اجتماعية لكنه اتسم أيضاً بالذكاء وقوة التركيز. عمل دوريان في مركز البحوثات الفيزيائية الوطني قبل أن يتقاعد. وجاءت الصدفة المريبة أو المضحكة أن يعيش بجوار المتهم الأول في قضية مؤسس البيتكوين هال فيني. وهنا انقسمت النظرية التي تتهم دوريان إلى أربعة محاور:

  • الأول: أن هال فيني استخدم اسم جاره كإسم مستعار.
  • الثاني: أن دوريان استخدم اسمه الثاني (الكنية) عندما قام بإنشاء البيتكوين.
  • الثالث: أن كل من هال و دوريان شريكان
  • الرابع: ليس أياً مما سبق، وأن الأمر برمته ما هو إلا صدفة عابرة.

خيارات تذكّرني بامتحانات الكلية في سنوات الجامعة! ولكن..

ما الذي يمكننا معرفته أكثؤ عن دوريان ساتوشي ناكاموتو؟

يأتي في وصف شقيق دوريان “آرثر ناكاموتو” على مجلة نيوزويك، بأن دوريان ما هو إلا فيزيائي رائع، وشخص ذكي للغاية ومركّز للغاية، ووصفه أيضاً بالعملة النادرة. وأضاف شقيق الفيزيائي: “لقد عمل في مشاريع سرية؛ وكانت حياته فارغة لفترة من الوقت بعد التقاعد؛ ولا يمكنك التواصل معه؛ وعلى أي حال سوف ينكر كل شيء؛ ولن يعترف أبداً بأنه هو من أنشأ عملة البيتكوين حتى لو كان هو من فعلها”.

ما يمكن إضافته أيضاً أن دوريان كان قد تخرج من معهد البوليتكنيك في كاليفورنيا، وعمل في مشاريع سرية تابعة لوزارة الدفاع، وعمل أيضاً مع شركات المعلومات في المجال المالي لفترة طويلة من الزمن.

“اسمي دوريان ساتوشي ناكاموتو. لقد أصبحت بطل مقال نشرته مجلة نيوزويك حول عملة البيتكوين. أكتب هذا البيان لتبرئة اسمي. لم أقم بإنشاء أو اختراع عملة البيتكوين أو العمل عليها. وأنفي تقرير مجلة نيوزويك بشكل قاطع.”

دوريان ساتوشي ناكاموتو

جاء البيان السابق كرد حاسم وأخير على الجدل الكبير الذي أثير نحوه، خاصة وأن الصحافة أصبحت لا تفارق منزله. العجيب في الموضوع أن دوريان أشار بشكل غير مباشر إلى انخراطه في العمل على البتكوين قبل نفيه للأمر لاحقاً. حيث قال في أول مقابلة صحفية له ” أنا لم يعد لي دخل في هذا ” ثم نفى أنه قال تلك العبارة واتهم الصحفي بأنه يحاول إدخاله في ورطة هو بريئ منها من أجل سبق صحفي.

بالعودة إلى الجدال حول وقت استيقاظ مؤلف البيتكوين الحقيقي، تجدر الإشارة إلى أن نوم ساتوشي ناكاموتو المفترض وفقًا لتوقيت كاليفورنيا استمر من الساعة 10:00 مساءً حتى 4:00 صباحاً. منطقي للغاية!

سيرجي نزاروف

المريب حول نزاروف، والذي هو مؤسس لموقع Chainlink CrytoProject، وهو موقع يتعلق بالعقود الذكية. والآن انا اراك تزفر باستياء زفرة قد تذرّ فيها جبالأ وتسأل:  ماذا تعني هذه العقود الذكية أيضاً ؟

على رسلك .. العقود الذكية هي تقنية مبنية باستخدام البلوكتشين، تستطيع من خلالها أن تنشئ عقداً قانونياً بشكل آلي أو أتوماتيكي التنفيذ محفوظاً في سلسة الكتل. هذه العقود تحتوي على كل الاتفاقيات بين الطرفين. وببساطة هي برامج مخزنة على شبكات البلوك تشين. يتم تشغيلها أو تنفيذها ذاتياً عند استيفاء شروط محددة. طيب هذا رائع وجميل ومبهر وكل شيئ لكن ما دخل كل هذا بقضية ساتوشي ناكاموتو؟

سيرجي نازاروف.. هل هو ساوشي ناكاموتو؟
سيرجي نازاروف.. هل هو ساوشي ناكاموتو؟

يأتي تشابك القضيتين عند العقدة التي قام بها نزاروف بشراء نطاق Smartcontract.com قبل 6 أيام فقط من نشر ساتوشي لأول مرة للبيتكوين. ولتسهيل الفكرة فإن نزاروف قام بشراء النطاق الذي من خلاله سينشئ لاحقاً موقعاً للعقود الذكية Chainlink CrytoProject والذي يعمل عبر تقنية البلوكتشين الذي بنى عليه ساتوشي ناكاموتو عملة البيتكوين. وبالتالي فإن النطاق Smartcontract.com أصبح يؤدي إلى مشروع Chainlink الخاص بـ نزاروف ، وهو عبارة عن شبكة لا مركزية من البلوكتشين.

يمكننا أن نعتبر أن الأمر برمته صدفة كما اعتبرنا أن وجود شخص يحمل اسم ساتوشي ناكاموتو بجوار خبير تشفير ومتهم بقضية البيتكوين صدفة. لكن في يونيو 2020، اكتشف الصحفي المالي ميخائيل كابيلكوف أن الإصدار الأول من عملة البيتكوين (v0.1.0) كان يحتوي على وكيل روسي. أي نقطة وصول تتصل بالشبكة الرئيسية للبيتكوين. إلا أن كلام كابيلكوف لم يلق الكثير من الاهتام.

وأخيراً إذا ما أردنا أن نجنح لنظرية مؤامرة المؤامرة لنلقي عليها نظرة فسنجد أن كلاً من الاسمين: ساتوشي ناكاموتو وسيرجي نزاروف لهما نفس الأحرف الأولى باللغة الإنجليزية: سيرجي نزاروف (SN) = ساتوشي ناكاموتو (SN)

بول دي رو

أحد المرشحين الأكثر إثارة للجدل لدور ساتوشي ناكاموتو هو المبرمج بول دي رو. والحقيقة هي أنه منذ عام 2012 كان دي رو مسجوناً بتهمة استيراد مواد وأسلحة محظورة إلى الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، يشتبه في تورطه في سلسلة من جرائم القتل.

وبالفعل إذا ما اردنا الاطلاع على حياة دي رو فسنجد العديد من ((المصادفات)) المثيرة للاهتمام :

  • مبرمج موهوب، وعلى دراية جيدة بلغة ++C، وهي اللغة التي تمت بها كتابة عملة البيتكوين.
  • تزامن دخول بول دي رو السجن مع توقف ساتوشي ناكاموتو الحقيقي عن النشاط على الانترنت. وكانت عملة البيتكوين آنذاك في حالة تجميد.
  • في وقت سابق من عام 1999، كتب بول برنامجاً لتشفير البيانات يسمى E4M. ثم نشر كوداً مفتوح المصدر* ومقالًا يحتوي على وصف تقني للبرنامج، وهو مشابه جداً من حيث الأسلوب لمقالة ساتوشي حول البيتكوين.
  • استخدم بول دي رو جواز سفر مزيف باسم Solotshi سولوتوشي، حتى قبل ظهور اسم Satoshi على الإنترنت.
  • نظراً لديدن بول دي رو في الخروج عن القانون، ستكون العملة المشفرة أداة مفيدة له للهروب من السيطرة الحكومية المالية. وهذا يفسر أيضاً رغبته في عدم الكشف عن هويته دون أن يدعي أنه ساتوشي.

نيك زابو

نيك زابو هو عالم تشفير أمريكي ابتكر في عام 1998 أول مفهوم للعملة الرقمية، وأطلق عليه اسم Bit Gold. لسوء الحظ، في تلك السنوات، فشل مشروعه في اكتساب أي شعبية أو دعم فشلاً ذريعاً بسبب العديد من القيود التقنية. وعلى خُطى من سلف من المتهمين نفى زابو تورطه في أي مساهمة في إنشاء عملة البيتكوين.

بالحديث عن نيك زابو نجد بين أيدينا حقيقة مثيرة للاهتمام وهي أن إحدى الوحدات الجزئية الصغيرة للإيثريوم تسمى “szabo”، نسبة إلى Nick Szabo. وهي 0.000001 (واحد على المليون) من ETH (الايثيريوم).

ولنشرح ما سبق فإن العملة الرقمية يمكن تجزئتها كما العملة المحلية. يعني الدولار يمكن تجزئته إلى سنتات والليرة أي قروش وعلى غراره نستطيع تجزئة العملات الرقمية. أما بالنسبة للإيثيريوم فهي عملة رقمية لها بروتوكول يختلف عن بروتوكول البيتكوين، لكنها باتت تحظى بتداول وشعبية كبيرة وتعد ثاني عملة قيمة بعد البيتكوين ولكن بفارق شاسع. إنما هنا وعلى خلاف البيتكوين فمؤسس الإثيريوم معروف وهو “فيتاليك بوتيرين” وقد تم اتهامه بأنه هو من كان وراء البيتكوين ولكن كان اتهاماً ارتجالياً ولا توجد معلومات مثيرة للاهتمام عن تلك الاتهامات تستحق الذكر.

كريج ستيفن رايت

في عام 2015، ظهر على ساحة الاتهامات مرشح آخر. واحد من اولئك المجانين الباحثين عن الشهرة من خلال ربط اسمائهم بأسماء أشخاص مثيرين للجدل.

blank
قدم كريج في عام 2016 التوقيات الرقمية لمفاتيح التشفير

نشرت في ذلك العام مجلة Wired مقالاً أعلن فيه الأسترالي كريج ستيفن رايت نفسه مبتكر عملة البيتكوين.

لكن سرعان ما علم الجميع أن كريج له باع طويل من الادعاءات والانتحالات والقيل والقال. وحتى عندما قدم كريج في عام 2016 التوقيات الرقمية لمفاتيح التشفير والتي من المفترض أنها ستثبت حقيقة كونه ساتوشي ناكاموتو، تم دحض دليله إذ أنه بإمكان أي شخص إعادة إنتاج التوقيعات باستخدام البيانات المتاحة للجمهور.

وعلى الرغم من هذا فإن العديد من المتابعين لازالوا يشككون في موضوع كريج والبعض يقول أنه تم إظهاره بذلك الشكل المجنون عن عمد من قبل بعض الجهات! من يدري.

ايلون ماسك

على الرغم من أني وجدت الكثير من الكلام حول أيلون ماسك والذي يعتبر الشخصية الأشهر في مقالنا هذا. إلا أنني لم أجد سوى الاتهامات والتي معظمها لا يستحق التطرق إليه. ارتباط اسم ايلون ماسك بشخصية ساتوشي ناكاموتو يعود لكون ماسك لديه البيئة الأكثر مثالية لإنشاء عملة رقمية أولاً. وثانياً لأنه جنوب إفريقي من المستعمرات البريطانية وبالتالي هو ضليع باللكنة البريطانية تماماً.

أيضاً فإن الملياردير وراء خدمة الدفع PayPal. بالإضافة إلى ذلك، أنه أسس شركة تكنولوجيا المعلومات Zip2، مما يعني أنه يتمتع بخبرة في مجال التطوير

ماسك نفسه نفى علاقته بساتوشي ناكاموتو في عدة مقابلات ورشّح بدوره اسم نيك زابو ليكون رجل البيتكوين الغامض.

سيكون ساتوشي ناكاموتو عبقرياً بشكل خارق للعادة إذا ما كان هو كشخص واحد يقف وراء كل هذا التعقيد.

وجهة نظر مشتركة

يعتقد الكثيرون أن ساتوشي ناكاموتو ما هو إلا منظمة سريّة تتبع أجندتها إلى إحدى الدول العظمى. أو قد تكون ذات اجندة مستقلة تريد مجابهة النظام الاقتصادي الحالي المعتمد على الجشع.

سيكادا 3301: االمنظمة اللغز

تعد Cicada 3301 واحدة من أكثر المنظمات غموضاً على الإنترنت. وقد ظهرت لأول مرة في عام 2012. تركت سيكادا رسالة على موقع 4chan، تفيد بأن المنظمة كانت تبحث عن أشخاص يتمتعون بذكاء عالٍ . وعرضت على الجميع حل سلسلة من الألغاز باستخدام عناصر تشفير بيانات معقدة للغاية. وقد تم التطرق إلى هذه المنظمة بشكل مفصل على موقع كابوس. انقر هنا.

blank
هدفهم الرئيسي هو تطوير تطبيق اتصال عبر الإنترنت ذو تشفير تام فهل يمكن ان تكون هذه المنظمة وراء ساتوشي ناكاموتو الغامض؟

كانت جميع الألغاز المنشورة من قبل المنظمة مرتبطة بالتشفير. ولم يتمكن سوى عدد قليل من المتقدمين من حلها. ولم يتحدث سوى عدد قليل منهم عن الحلول التي توصلوا إليها. مما سمح لهم بالانتقال إلى المستوى التالي. وكان مطلوباً من المتقدم المحتمل: تدريب عالي في البرمجة، ومعرفة عالية جداً بالتشفير، وأيضاً قدرات فكرية عالية.

إلا أنّ أحد المتقدمين وهو ماركوس وانر، تمكن من الاتصال بـسيكادا واكتشف أن هدفهم الرئيسي هو تطوير تطبيق اتصال عبر الإنترنت ذو تشفير تام. في الواقع لا يوجد دليل حاسم حول علاقة سيكادا أو غيرها من المنظمات المماثلة لها بتطوير البيتكوين، ولكن مفهوم العملات المشفرة ذاته كأموال لا مركزية مجهولة، خارجة عن سيطرة البنوك والدول، لديه الكثير من القواسم المشتركة مع أفكار سيكادا.

هناك افتراض آخر مضحك يقول أن الاسم المستعار ساتوشي تم اختياره من قبل مجموعة من الباحثين في اتحاد مكون من أربع شركات: SAMSUNG، TOSHIBA، NAKamichi، وMOTORola. لكن حتى الآن لم يتمكن أحد من إثبات أو دحض هذه النظرية.

سؤال وجيه. لماذا آثر ساتوشي ناكاموتو عالم الظل؟ على الرغم من أن الكثير من العملات الرقمية الاخرى معروفة الجهة المنشئة.

منذ أيامه الأولى، ركز ساتوشي بشكل كبير على عدم الكشف عن هويته. كان يتصل بالإنترنت فقط من خلال متصفح Tor* الآمن وحرص على إخفاء هويته بعناية بينما كان يواصل العمل على تطوير كود مصدر البيتكوين مع غيره من الأشخاص المتحمسين للعملات المشفرة. من خلال مناقشة مشاكل البيتكوين وحلولها في غرفة الدردشة. وقد ظل ساتوشي مرجعاً للجميع لفترة طويلة. وأيضاً لم يتم حل أي من الأخطاء أو العيوب في الشبكة إلا بمشاركته. ومع ذلك، بمرور الوقت، أصبحت سياسات ساتوشي وأفعاله المتعلقة بالبيتكوين عرضة للنقد بشكل متزايد. في النهاية، أدى ذلك إلى أن يزيل اسمه من بيان حقوق الطبع والنشر للبيتكوين، وتحديث موقع Bitcoin.org، وإضافة المطورين النشطين إلى بيانات الاتصال والدعم.

رسالته الأخيرة: لماذا فعل ساتوشي ناكاموتو ما فعله؟

كان آخر ظهور لساتوشي ناكاموتو آخر مرة على الإنترنت في 26 أبريل 2011. في ذلك اليوم كتب رسالة قصيرة إلى جافين أندريسن أحد المطورين الذي كان ساتوشي على تواصل دائم معه. سلم ناكاموتو التحكم في الشفرة الأساسية ومفتاح تشفير الشبكة إليه وكتب له بضع كلمات عن رؤيته لمواصلة تطوير الشبكة.

اتمنى الا تستمر في الحديث عني كشخصية غامضة فالصحافة ستحول ذلك الى زاوية عملة القرصان، ربما بدل من ذلك اجعله يتعلق بمشروع مفتوح المصدر. ومنح المزيد من الفضل للمساهمين سيساهم في تحفيزهم

ساتوشي ناكاموتو

فيما سبق يقول المحللون أن ساتوشي ناكاموتو أو أياً كان الجهة أو المنظمة التي تقف وراءه، كان قد وصل إلى المرحلة التي اطمأن بها على مستقبل البيتكوين كعملة قابلة للتطور والاستمرارية. وذلك طبعاً من خلال توظيف العشرات من المطورين بشكل غير مباشر في خدمة مشروعه. إذ أن الهدف الرئيس لناكاموتو منذ البداية كان وضع حجر الأساس لثورة رقمية اقتصادية تجابه في مضمونها التسلط الذي يمارسه النظام الرأسمالي العالمي. بدون قيود، بدون جشع، بدون استغلال. وما كان اختفاءه إلا إثباتاً منه على إرادته بجعل عملة البيتكوين متعلقة بالمجتمع ذاته لا بشخص معين ونفي المركزية عنها.

blank
تمثال ساتوشي ناكاموتو، المخترع المجهول لعملة البيتكوين- هنغاريا

لكن قد نكون متفائلين كثيراً إذا أخذنا الكلام السابق وحده دون الاهتمام بتفاصيل أخرى. فلم لا تكون البيتكوين محاولة لتدمير سيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي؟ والسؤال هنا.. من المستفيد الأكبر من انهيار الدولار؟ لربما ستأخذنا الإجابة لمؤامرة كبرى بين القوتين المتصارعتين منذ القدم “الشرق والغرب” أما دور ساتوشي ناكاموتو أياً كان كيانه فقد تم وانقضى ولم يعد من داع لوجوده فاختفى.

وعلى النقيض يقول الكثيرون أن البيتكوين ما هي إلا خطة لتعويض انهيار الدولار المحتمل وأن ساتوشي ناكاموتو ما هو الا صنيعة الولايات المتحدة الامريكية.

أياً كانت الحقيقة فإن ساتوشي ناكاموتو هو أحد أكثر الشخصيات غموضاً في القرن الحادي والعشرين. ولعل إختياره البقاء في الظل مثّل سلاحاً ذو حدين فقد يكون اختياره ذلك نقطة قوة كبيرة في تحقيق الاستقلال الكامل للنظام المالي الذي أنشأ. أو نقطة ضعف بحق وثوقية تلك العملة التي وإلى يومنا هذا لا زال يشوب مستقبلها الكثير من الغموض.

وأنت عزيزي القارئ، ما رأيك؟ شاركنا.

ذكرنا في سياق هذا المقال أن تعدين العملات الرقمية متاح للجميع. لكنك ستحتاج إلى تقنية تعدين تلك العملات. الأولى هي امتلاك عدد من أجهزة الحاسوب ذات المواصفات و الكفاءة عالية الجودة وخاصة يما يتعلق بكرت الرسوميات. والثانية هي شراء أجهزة التعدين. وهي أجهزة صنعت خصيصاُ لتعدين العملات الرقمية. وبالطبع، زيادة الأجهزة تعني زيادة عدد العملات المعدّنة. ولكن على أي حال يجب أن تعلم أن أجهزة التعدين تكون مصممة لتعدين نوع واحد فقط من العملات حسب الشركة المصنعة لكل عملة.

إذا ما بدأت برحلة تعدين العملة الرقمية فيجب أن تعلم أنك ستحتاج إلى مبلغ محترم لشراء معدات التعدين ويجب أن تعلم أيضاً أن تعدين 1 بيتكوين سيأخذ منك الكثير جداً من الوقت بالنسبة لمبتدئ، أيضاً فإن صعوبة التعدين ستتناسب طرداً مع القوة الحاسوبية المتوفرة لديك، وكلما امتلكت عدد أجهزة ومواصفات أقوى ستجد أن عملية التعدين أصبحت أكثر صعوبة وتعقيد. لكن سنقول أنّك بعت الحيلة والفتيلة التي لديك وقمت بشراء عدة أجهزة محترمة وبدأت تحسب كم من الوقت سيستغرق الأمر لربح عشرات أضعاف ما دفعت. وحينها ستصطدم بفاتورة الكهرباء الفاحشة التي ستطل عليك نهاية كل شهر. المنطقي والمعروف أن عملية التعدين تحتاج إلى جهد حاسوبي جبار وبالتالي مصدر طاقة دائم ومستمر. ولو تحملت كل هذا فإنك ستضطر إلى العيش في ضجيج مستمر ليلاً نهاراً ناتج عن دوران مبردات الاجهزة .

الكثير جداً من وجع الرأس، فلم لا نذهب لأمر أكثر سهولة؟ يمكنك المشاركة في تداول العملات الرقمية، نشتري العملات الرقمية ذات السهم الصاعد وننتظر أن ترتفع قيمتها أكثر لنبيعها. فكرة معقولة جداً إذا ما أردت حجز سرير في قسم الامراض القلبية في أقرب مشفى عندك.

سوق تداول العملات الرقمية: عالم المحتالين.

بل لا أبالغ إن قلت أن الغالبية الساحقة هم من فئة المحتالين:

“العملة الرقمية الجديدة الذي يدعمها الشرق والغرب والشمال والجنوب والتي سيكون لها قيمة بالاف الدولارات بوقت قصير! ماذا تنتظر سارع بشرائها وكن من أصحاب المليارات مستقبلاً.”

بمثل هذه الإعلانات جلس الكثيرون وهم يحثون على رؤسهم التراب ندماً على ما اقترفت أيديهم في دخول لذلك العالم.

لا اقول ان تداول العملات الرقمية بضعة خاسرة، فبغض النظر عن الجانب الديني الذي لا يمكن غض النظر عنه، إلا أنّ اللعب في ذلك الملعب يحتاج الى الكثير من الخبرة والكثير من المال والكثير من الحظ وأيضاً للكثير من المضغوطات تحت اللسان.

وبالتفكير ملياً في الامر.. هل فكر ساتوشي ناكاموتو أن عالم العملات الرقمية الذي وقف وراءه قد يتحول بمرور الزمن إلى ذات العالم الواقعي ولكن بصبغة رقمية؟ الله أعلم.

وضعها مكتب التحقيقات الفيدرالي ضمن قائمة أخطر عشر مطلوبين لديه مع مكافئة وصلت إلى 100،000دولار لمن يساعد في القبض عليها. إنها روجا إجناتوفا الإمرأة التي نالت قسطاً كبيراً من كل شيء، العائلة، التعليم، الشخصية، الجمال. لكن يبدوا أنها أصرّت على اختيار الطريق الأسهل لتغدوا مليونيرة.

البداية

شهد يوم 30 مايو لعام 1980ولادة روجا إجناتوفا في صوفيا -بلغاريا. ولكن في عمر العاشرة قررت عائلتها الانتقال إلى ألمانيا للاستقرار هناك. أياً يكن.. فقد عرف عن روجا أنها طفلة موهوبة جداً وصاحبة الترتيب الأول على صفها دائماً .

عندما طارت السكرة وجاءت الفكرة، كانت روجا قد اختفت
عندما طارت السكرة وجاءت الفكرة، كانت روجا قد اختفت

بعد المرحلة المدرسية اتجهت روجا لدراسة القانون الدولي. وتكللت دراستها تلك بحصولها على درجة الدكتوراه في تخصصها من جامعة كونستانس. وتلا ذلك حصولها على وظيفة في شركة ” ميكانسي العالمية” للاستشارات المالية

حتى تلك اللحظة كانت حياة روجا اجناتوفا تسير على أتم ما يرام. ولكن في عام 2012 بدأت علامات الإنهيار في حياة المرأة المجتهدة تظهر عندما تمت محاكمتها بتهمة الاحتيال. وحكم عليها بالسجن لمدة 14 شهراً مع وقف التنفيذ.

ويبدوا أن طعم النصب كان ذو لذة تحت أسنان بطلتنا. فعادت في عام 2014 بإطلاق عملة رقمية مع شريكها سبستيان غرينوود. وسميا تلك العملة ب ” ون كوين “. طبعاً ولتحقيق مصداقية أكبر فقد سُجلت العملة باسم شركتين: الأولى مقرها في بلغاريا ومسجلة في دبي، والثانية مقرها في الولايات المتحدة ومسجلة في وبليز.

لم يكن هدف روجا طبعاً كهدف ساتوشي ناكاموتو المفترض ((الحرية المالية)) وإنما هدفها كان أسمى بكثير وهو تحقيق أكبر نصبة ممكنة والاختفاء.

العملة المصاصة الدماء…

كانت أعمال شركة ون كوين تتمثل في بيع الكورسات التعليمية لتداول العملات الرقمية. وبعدها يستطيع الأشخاص الأعضاء في ون كوين تداول تلك الكورسات بأسعار تبدأ ب100 يورو وتنتهي ب 118،000 يورو!. طبعاً كانت روجا اجناتوفا هي التي تشتري المواد من الأعضاء بتلك الارقام الكبيرة سراً محققة لهم مرابح كبيرة لإيهامهم أنّ ما يقومون به عمل مربح للغاية. وأن الون كوين فرصة حقيقية لتحقيق الأحلام. أيضاً فإن الفئة التي كانت روجا تستهدفها هم أولئك البسطاء الذين يعملون لساعات طويلة في أعمال شاقة أو كبار السن الذين ادخروا ما استطاعوا من المال خلال كدحهم في الحياة.

بشكل عام تلك الشريحة التي يمكن اللعب عليهم بسهولة. ووفق تقارير فإن مزارعون كانوا قد باعوا أراضيهم وماشيتهم في أوغندا ليستثمروا في الون كوين السحرية السريعة الربح. وبناءاً عليه، عمدت روجا أيضاً على إعطاء مكافئات للأعضاء الذين يجلبون أكبر عدد من المستثمرين الآخرين لصالح شركتها. المثير أن سياسة روجا تلك استطاعت جذب أكثر من مليون مستثمر من 175 دولة من الذين تم استدراجهم إلى الاستثمار في ون كوين. ومن ناحية أخرى، جمعت روجا وشركاؤها الملايينةعلى أكتاف الهاملين!.

السقوط

لم يطل الأمر حتى توقفت منصة التداول التي قامت روجا بإنشاءها عن العمل تحت مسمى عطل تقني! ولكنها عللى أي حال لم تعد للعمل أبداً لأن روجا كانت قد سلخت الأموال وهربت.

لم تكن الون كوين عملة رقمية أصلاً وحتى أنها لم تحتوي على أي ارتباط بالبلوكتشين. إنما كانت محض نظام احتيالي أشبه بالتحصيل الهرمي وكانت المعاملات تسجل بين المتداولين بشكل ساذج عبر نظام تسجيل داخلي بسيط.

وكما قلنا عندما طارت السكرة وجاءت الفكرة، كانت روجا قد اختفت بمبلغ يقدر بأربع مليارات دولار. والمرجح بأنها قامت بشراء عملات البيتكوين بذلك المبلغ، وبهذا فإن أحداً لن يستطيع تتبع مسار تلك العملات أبداً. بل أن الأدهى والأمر أن قيمة عملات البيتكوين ارتفعت منذ اختفاء روجا في عام 2019 بشكل مرعب. وبالتالي فإن ثروتها أيضاً قد ارتفعت بشكل مرعب. وهذا ما يضعها بقائمة أغنياء العالم. على العموم أن آخر رحلة مسجلة باسم روجا كانت من بلغاريا إلى اليونان، قبل صدور مذكرة اعتقالها بيوم واحد. ومنذ ذلك الوقت لم يعد لها أي أثر.

في أكتوبر 2022، عُرض فيلم وثائقي بعنوان “ملكة العملات – عملية احتيال وان كوين” في مهرجان ميبكوم كان.

العالم الرقمي عالم مرعب. فما بين ظهور ساتوشي ناكاموتو واختفاءه لأجل نظام مالي جديد، وما بين قصة الاحتيال الأشهر في تاريخ العصر الحديث هناك شعرة فقط. لا يمكننا الجزم في المسار الذي سيأخذنا إليه عالم الأرقام هذا. لكن ومن المؤكد أنه عالم لن يصمد فيه إلا الأكثر قوة علماً. الأكثر بحثاً. وبالتالي الأكثر صرفاً وسعياً للعلم. لا تبخل على نفسك في طلبه وكن متأكداً بأنه قوّة (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)).

شكراً على القراءة ^ ^.

المصدر
pontembitchaininvestopediabitcoincnnnewscientistwikipedianews.skytahkekcnbcbbc

جمال

مهندس نظم قدرة كهربائية وكاتب ومعلق صوتي - للتواصل عبر البريد الالكتروني : [email protected] عبر تلغرام ؛ https://t.me/Jamsyr ايضاً من خلال صفحتي على فيسبوك أو انستغرام ادناه :
guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى