تجارب ومواقف غريبة

شرق الرعب ، شمال الخوف : الجزء الثاني

أسعد الله أوقاتكم اعزائي القراء ، هنا ، يرجى عدم دخول القلوب الضعيفة ، فالجزء الثاني ، أكثر تفصيلاً … و رعباً و واقعية ، فلنكمل .

كما أسلفت في الجزء الأول ، فقد قمت بمغامرة لا تخاطر ببال عاقل . و لأن حسّي الصحفي يسيطر على تصرفاتي قبل العقل ، فقد دخلت إلى مكان كان يوماً ما محظوراً حتى على البشر . لندخل حقول دبيسان و الكدير و تفاصيل المغامرة ..

١ – حقل دبيسان : حقل بترولي شبه خارج عن الخدمة ، يقع شمال منطقة أثري. لا خدمات ، لا كهرباء ، لا اتصالات ، فقط نحن ، و أحداث تشيب لها الرؤوس . هذا الحقل كان معقلاً لأحد التنظيمات المتطرفة ، فهو كنز لا يقدر بثمن ، كنز من الغاز الطبيعي ..

إقرأ أيضا : إنه ينتظرك هناك في الحقل

فعل هذا التنظيم الكثير من المجازر للسيطرة عليه و الحفاظ عليه لأطول مدة ممكنة . بعد عدة كيلو مترات ستشاهد أكوام سوداء مجهولة الهوية . و لسوء الحظ ستعلم فيما بعد بإنها بقايا جثث لم يتمكن أحد من سحبها حتى اليوم لوجود الألغام ، و لسيطرة الخوف على النفوس . ليلة واحدة قضيتها هناك ، كانت كافية لأشهد على أصوات معارك غير موجودة .. وصرخات مقاتلين و أزيز رصاص يخترق السمع و لا يخترق الجدران ، لأنه في الحقيقة لا يوجد شيء . إنها أرواحهم فقط ، تقاتل هنا و هناك ، و تظل بأن رؤوسها مازالت معلقة بأجسادها ، و إن أصحابها لم يرحلوا بعد .

ماذا فعلت أنا صباح اليوم التالي ؟ هربتُ ؟ . لو كنتُ عاقلاً لفعلت ذلك ، و لكن لا ، توجهت إلى الحقل الثاني في منتهى الغباء و هنا رواية ( الكدير ) ..

٢ – الكدير : حقل آخر و ساحة معركة أُخرى و حوادث غير مفسرة أكثر و أكثر . حالما وصلتُ ، أخبرني مضيفي بأن هذه التلة تحديداً و التي جهزت لحماية الحقل ، قد نُفذ بها ما يقارب ال١٥٠٠ عملية إعدام ميداني ، و عدد غير معلوم من الذين رحلوا بسبب الألغام الموضوعة حول الحقل ، رعب حقيقي هذا المكان صباحاً و مساء ، لم أكن أسمع سوى صوت الريح يقطعها صوت سكين و صرخة شخص ما . من هوَ ؟، لا أدري صراحةً ، فقد رأيت جثثا متفحمة على بعد مسافة من مكان وقوفي ، حتى اللحظة المنطقة مجهولة عدد الألغام .

إقرأ أيضا : شبح الحقل

٣ – التل : حاولنا الوصول للتل عدة مرات و فشلنا ، ليس لوجود خطر ما ، بل لعدم قدرة أي أحد منّا أن يحتمل ما سيشاهد . هذا التل المطل على الحقول ، كان جزءًا من ساحة الإعدام ، و ليلاً يتحول إلى مكان تجتمع به تلك الأرواح ، شرق أثريا ، فعلا مكان مرعب ، و ما زال النطع الحجري وسط التل يظهر بالعين المجرة .

أخبرني أحد المتواجدين هناك بأن المنطقة التي تقع بين الحقل و الساحة الخالية أمامه لم تكن مجرد ساحة معركة ، بل هي أيضاً ساحة قصاص و عقاب . و كل من تحت ترابها مجزأ لأشلاء بعضها هنا و بعضها هناك ، و أن أصوات المعارك أمر معتاد هنا . و لا شيء يدعو للإستنفار ، فإطلاق النار على أرواح غاضبة ، لن يؤثر فيها و لربما سيزيدها غضباً .

٤ – خناصر : منطقة يمر عبرها طريق يصل إلى الرقة و حلب ، يدعى طريق الموت . لا أحداث غريبة ، فقط قناص ما كان يقبع في هذا المكان يصطاد كل يتجرأ على العبور ، طالب جامعة ، مسافر عادي ، لا يهم ، حكم الموت قد صدر دون محاكمة . واليوم يعمل الطريق صباحاً و يتوقف ليلاً ، و السبب هو الخوف الكامن في نفوس من نجوا ذات يوم .

الجزء الثاني ربما كان مختصراً ، ربما فعلت ذلك قصداً ، فتذكر ذلك المكان له رهبة أكثر من الوقوف به . فقط تخيل نفسك تقاتل هنا ، و ليس مثلي مجرد فضولي جاء من منزله ليبحث عن أحداث غريبة .

ملاحظات : 

خناصر : منطقة شرق مدينة حماه .

الكدير : حقل نفطي شمال أثريا ، شرق شمال حماه .

دبيسان : حقل غاز ، على نفس خط حقل الكدير .

طريق خناصر – أثريا : طريق يصل حتى العراق و كان له أهمية ميدانية وقت الحرب .

التجربة بقلم : علاء الدين أمين حاج حسين – سوريا

guest
4 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى