تجارب من واقع الحياة

فاشلة

بقلم : Elena Fisher – بلد عربي

لا زلت لم أستوعب النتيجة التي حصلت عليها فأنا حقاً ذاكرت بشكل جيد
لا زلت لم أستوعب النتيجة التي حصلت عليها فأنا حقاً ذاكرت بشكل جيد

كما قرأتم في العنوان ، فاشلة ، أنا إنسانة فاشلة بكل معنى الكلمة ، أولاً عمري 14 سنة، لا أرغب بذكر إسمي.

في الحقيقة لم أرغب بكتابة مشكلتي هنا ، لكن خوفي من سخرية الآخرين هو ما جعلني أقرر الكتابة هنا ، فحتى لو سخر شخص ما مني هنا فهو مجرد مجهول على كل حال.
لطالما كنت فاشلة في الدراسة ، خاصةً في مادة الرياضيات ، أنا بصراحة لا أحب الرياضيات و لا أذاكرها كثيراً و لا أهتم لها ، لكن رؤية تميز أغلب زملائي في تلك المادة يجعلني أشعر بالغيرة و الحزن و الغباء ، مادة العلوم كذلك ، أنا لا أكره العلوم لكنني لا أدري سبب حصولي على درجات منخفضة دوماً ، دائماً معدلي يكون إما متوسطاً للغاية أو منخفضاً.

أمي تقول لي دوماً ( أنا و والدك لم نكن فخورين بكِ يوماً )، دائما تقول بأنها لم تفتخر بي يوماً بسبب درجاتي ، دائماً تقارنني بأبناء الآخرين و تقول لي بأنه لا مستقبل لدي.
أكره درجاتي المنخفضة ، لطالما بكيت بسببها.
لم أجعل أمي و أبي يفتخران بي يوماً فأنا مجرد فاشلة.

ما جعلني أكتب قصتي هو ما حدث قبل عدة أيام ، كان هناك اختبارات وطنية و قد ذاكرت بجد لها و سهرت الليالي و حفظت و درست و حتى حينما ذهبت للامتحانات لم أكن متوترة أو خائفة و ظننت بأنني أبليت حسناً في كل الاختبارات باستثناء الرياضيات ( ملاحظة صغيرة : هذه الاختبارات هي فقط حول الرياضيات و الإنشاء و العلوم و الفرنسية و الإنجليزية )، كنت أنتظر النتيجة و أنا واثقة تماماً بأنني أبليت حسناً ، و لكن يوم النتيجة صُدمت بمعدل منخفض للغاية ، ضاعت مني الكلمات و كنت أرتعش و أوشكت على الإغماء ، ذاكرت بجهد و سهرت و هذا ما أحصل عليه في النهاية ؟

حصلت على عدد ممتاز في الإنجليزية فأنا أتقن هذه اللغة جيداً و دوماً أحصل على أعلى الأعداد بها ، صُدمت كثيراً بنتيجتي في الإنشاء فلطالما حصلت على أعلى الأعداد في العربية و ، لطالما كنت الأفضل في هذه المادة ، في بقية المواد حصلت على أعداد منخفضة نوعاً ما لكن كيف؟ هذه نتيجة شخص لم يذاكر أي كلمة حتى و لكن أنا ذاكرت جيداً ، أمي قالت لي العديد من الكلمات الجارحة ، حتى أنها تقارنني بها طوال الوقت فهي تقول (لطالما حصلت على أعلى النتائج و المعدلات في دراستي ، لا أفهم سبب فشلك الدراسي المستمر) لا زلت لم أستوعب النتيجة التي حصلت عليها فأنا حقاً ذاكرت بشكل جيد.

أمي تقول لي دوماً بأن علي أنا أحصل على نتائج ممتازة في الرياضيات و العلوم ، لكنني حقاً لا أتقن هذه المواد فأنا فاشلة بها ، أحب اللغات خاصة الإنجليزية و العربية و التاريخ و الجغرافيا و المسرح و الفنون و الإسلامية و المدنية ، أنا جيدة في هذه المواد و حتى في الاختبارات أحصل على أعداد ممتازة بها ، لكن من يهتم طالما أنا فاشلة في الرياضيات و العلوم ؟.

الشيء المخزي الآخر هو أنا أمي و أبي اضطرا للكذب على الناس بشأن نتيجتي لأن نتيجتي الحقيقية مخزية حقاً ، لم أجعل والديا فخوران يوماً ، أليس من المخزي أن تكون فاشلاً إلى هذه الدرجة ؟.

رؤية الآخرين يحصلون على معدلات أفضل مني يجعلني أحترق من الداخل ، أكره نفسي بشكل كبير، لا هدف من وجودي على قيد الحياة فما فائدة عيش شخص فاشل مثلي ؟ لن أحصل يوماً على معدل جيد مهما ذاكرت و اجتهدت.

أحب فعل العديد من الأشياء كقراءة الكتب و الكتابة و اكتشاف التاريخ و الترجمة ، لكن ما فائدة كل هذا طالما أنا فاشلة دراسياً ؟.

الشيء الوحيد الذي أتقنه و قد ينفعني في المستقبل هو اللغة الإنجليزية.
أنا فاشلة حتى في تكوين العلاقات الاجتماعية ، لكن هذه ليست مشكلة حقيقية بالنسبة لي فقد تعودت على الوحدة ، كل ما يهمني الآن هو فشلي الدراسي.

بعد سنوات سأجتاز امتحان البكالوريا و أنا متأكدة 100% بأنني سأفشل فيه فشلاً ذريعاً ، فحتى أمي تقول لي ( إن كانت نتائجك بهذا السوء من الآن فلا تتوقعي الحصول على معدل جيد في البكالوريا و لا تحلمي بمستقبل زاهر).

كل ما أريده هو أصبح عالمة آثار، لكن هذا مستحيل مع نتائجي الضعيفة رغم تفوقي في التاريخ و الجغرافيا.

لا أعرف حتى الهدف من كتابة هذه القصة ، ربما لأنني أشعر بالخجل الشديد من فشلي فلا يمكنني إخبار الأشخاص الذين أعرفهم حول هذا ، و ربما لأنني أردت طريقة أخرى للشعور بالراحة غير البكاء.

أريد إجابة على سؤالين ، هل الرياضيات و العلوم مادتان مهمتان لدرجة أن كل من يخفق فيهما هو شخص فاشل ؟ و ما فائدة خلق أشخاص فاشلين بلا مستقبل مثلي ؟.
دمتم سالمين.

تاريخ النشر : 2020-07-28

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى