تجارب ومواقف غريبة

قصتي مع الصياد (أم الصبيان)

بقلم : عطعوط – اليمن

(إم الصبيان) هي من الجان المردة
(إم الصبيان) هي من الجان المردة

كنت اعمل راعيآ للاغنام في قرية ريفية على سفح جبل وكان عمري حينها 12 عام،
كانت توجد الى جانب الاغنام عدد من المعز (الضآن) ما بين 25 – 30 رأس ماعز وكذلك ما بين 40 – 50 رأس غنم.
وكنت في بداية رعيي للاغنام ، حيث كان اخي هو الذي يرعى سابقا لكنه ذهب للاغتراب
فأستلكت انا المهمة ، وكان جدي يشرح لي في المساء الاماكن التي سارعي فيها اليوم التالي ومواضع الاعشاب والجروف (الكهوف) التي ادخل الاغنام اليها عند هطول الامطار
وهي بطبيعة الحال تقع في شعاب وحيود شاهقة وتبعد عن القرية بحوالي 3 كيلومتر ، وكذلك يشرح لي اماكن تواجد الماء ..

وكان جدي يحذرني من الرعي في بعض الاماكن ويسرد لي قصص رعب حدثت فيها له ولرعاة آخرين من القرية.

من ضمن هذه المواضع :

شعبة صياد: ويقصد بصياد حسب المعنى الدارج عندنا (إم الصبيان) وهي من الجان المردة
وقد سمي هذا الشعب بهذا الاسم نسبة الى صياد التي تتخذ منه مسكنآ لها ولذريتها الصبيان
وهذا الشعب يقع في منحدر جبل وفيه كهوف وحشائش وتحيطة ضياح الحيد لا ترعى فيه سوى الضآن لصعوبة ووعورة طرقه.

ضاحة رآس الغول: تقع هذه الضاحة في الجانب الشرقي للجبل نفسة الذي فية شعبة صياد
وقد سمي ايضا نسبة الى الغول الذي يسكن فيه ، وكان جدي يحكي لنا ما كان يحدث في هذه المواضع من رعب واختفاء لبعض الرعاة فيها وذبح للضان وسقوط من سفح الجبل. وكان ذلك كلة يبث لدي شعور بالخوف من هذه الاماكن ومع ذلك ينتابني الفضول الى رؤية صياد والغول ومعرفة اشكالها .. وكما يقال : “أحذر ما تتمناه”!.

في يوم من الايام انتابني الفضول وتشجعت في نفسي وظهرت عندي روح التحدي فذهبت للرعي في سفح الجبل الذي يقع على جانبيه هذين الموضعين (شعبة صياد- وراس الغول)
ويقع شرق القرية على بعد 2 كيلومتر ويسمى جبل ( المصنعة) ويقال ان تسميتة بهذا الاسم انه كان في غابر الازمان توجد فيه صناعات حرفية ومما يؤيد هذا الكلام أنه توجد فيه اثار
حيث توجد له بوابة للصعود اليه مبنيه بنايه قديمة وباحجار منحوته بطرقة حرفيه وشكلها يختلف عن الاحجار الموجودة في الجبل كانها جلبت من اماكن بعيدة
وايضآ توجد فيه اثار خرائب بيوت
واواني منزلية مصنوعة نحتا من الاحجار
وعند الحفر فية تظهر اثار فحم محروق وادوات طهي وفي بعض الاماكن تظهر عظام رمه عظيمة الشكل شكلها يوحي بأنها آدمية وجماجم
والشايع ان هذه العظام والجماجم لرعاة واناس آكلهم الغول وتصيدتهم صياد

المهم في ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لرعي الاغنام في ذلك الجبل ذهبت بالاغنام صباحا وصعدت بها الجبل من البوابة وكانت الاغنام شرهه وفرحة لصعود الجبل كون الحشائش فيه كثيفه ومتنوعه

الاغنام انتشرت على سفح الجبل بينما الماعز نزلت الحيد لأن الماعز لها القدرة على تسلق الحيد وتحب تاكل رغوة الاشواك ،ومن ضمن هذه الضياح التي نزلت فيها شعبة صياد

ولقد تمشيت في الجبل وحوافه كونه شاهق عند الظهر ، اتجهت نحو شعبت صياد انظر الضآن وقبل وصولي حافة الضاحة بحوالي عشر خطوات كانت المفاجأة

سمعت صوت إمي تنادي بإسمي ، ظنيت انها اتت بطعام الغداء حسب العادة ، فجاوبت بسرعة اصرخ لكي تأتي إلي ، لكني تذكرت أن إمي غير موجودة بالبيت وانها في قرية مجاورة لدى اختي التي ولدت منذ ثلاثة ايام.
عندها توقفت عن الصراخ ودب الرعب في جسمي وحسيت ان شعر رأسي وقف قائمآ وتحول الى مسامير ودبت قشعريرة في كل جسمي ثم تلفت ابحث عن مصدر الصوت فلم اجد احد
وجلست على الارض وحاولت أن اخفى نفسي بين الشجر

هدأ روعي قليلا وقلت في نفسي ازحف على بطني الى حافة الحيد وانظر الى شعبة صياد ابحث عن الضان ومصدر الصوت ، فزحفت حتى نظرت الشعبة وشاهدت الظآن تأكل المرعى

وعنما نظرت الى باب الكهف شاهدت ما لم اشاهده في حياتي حتى اللحظة ، شاهدت إمرأة تجلس على صخرة باب الكهف لم تشاهد عيناى مثيلا لها في حياتي
إمرآة في قمة الجمال والروعة
هذا وصفي لها بالرغم اني لم اشاهد وجهها ، لقد كانة جالسة على الصخرة ووجهها بإتجاه الكهف بينما ظهرها بإتجاهي ، شعرت انها جوهرة وانها مخلوقة غير كل الخلق
كانت بشكل عروسة بل يفوق شكلها شكل العروس فالعروس تتزين بملابسها وفستانها
بينما هذه ترتدي شعرها فقط
كان شعرها يكسو كل جسمها ويتدلى الى خلف الصخرة
والريح تتخلله وكان شعرها كثيف اسود غامق ولم ارى شي من جسمها غير شعرها الذي كان ينحدر من فوق رأسها بشكل انسيابي مرتدف على اكتافها البارزة وظهرها وخصرها وكأن شعرها فصل فستان على جسدها.

لقد كنت اراها بوضوح تام فالشمس كانت ساطعة والمسافة قريبة لم يكن يفصل بيننا سوى الضاحة (شاهق) الحيد مسافة ثلاثين متر تقريبا كان شعرها مسرح كثيف متسلسل الا انها لم تتحرك
حينها شعرت ان الخوف ذهب عني ، والغريب ان الضان كانة ترعى المرعى حولها وعلى مقربة منها ولم تفزع منها وكانها لم تكن تراها

انسحبت الى الخلف حتى جلست على الارض ولم اعد اراها وقلت في نفسي اذهب الى الشق الثاني من الحيد من اجل انظر الى وجهها واعتقدت انها لم تراني ، فمشيت بخطى خفيه بحذر كي لا تسمع حتى اطليت على المكان والمفاجأة إني لم اراها في المكان الذي كانت فيه

مباشرة دب في نفسي الرعب والخوف من جديد ، فتركت المكان وفررت هاربآ حتى نزلت من الجبل والتيقت بوالدي ومعه طعام الغداء فلاحظ علي علامات الخوف فسالني لماذا أنت مرعوب؟ ، فكذبت عليه وقلت وجدت ذئب.
قال الذئاب ذهبت من زمان ، يمكن يكون ثعلب ، ثم اعطاني الغداء وتغديت مرعوب
وسألني أين وجدت الذئب ، قلت له في شعبة صياد
فغضب وقال وما الذي ذهب بك الى هناك الم احذرك من الذهاب ثم ذهب الى هناك ورجم بعض الاحجار على الضان واطلعها وعندما رجع قلت له ماذا وجدت يا ابي قال لا شيء

في ذلك اليوم جمع ابي الاغنام والضان وتروحنا ولكن الرعب لم يفارقنى ، وفي المساء حسب عادة الرعاة نجتمع للسمر وكل راع يحكي اين قضى يومه مع الاغنام وكيف كان
فلم استطيع ان اخفي ما رأيت عن زميلي وصديقي الزبيري الذي لديه مجموعة اغنام يرعاها
فحكيت له القصة بالكامل وطلبت منه ان لا يخبر احد ، واتفقنا على ان نذهب للرعي هناك ونشاهد هذه المرآة

وبنفس المكان جلسنا متخفيين ظهرا نراقب الكهف الا اننا لم نجدها ، فاتهمني بالكذب عليه
وطلب مني النزول الى الكهف فنزلنا بصعوبة الضاحة
وعندما وصلنا باب الكهف شاهدنا جوار الصخرة التي كانت تجلس عليها المرآة شاهدنا حية (افعى) كبيرة منقوشة بكل الالوان ولم تخف منا وزحفت ببطء شديد ودخلت شرخ باب الكهف حتى اختفى جزء منها وجزء بقي خارج الشرخ

وحاولنا ندخل الكهف كان بإرتفاع نصف القامة وواسع من الداخل ، دخل الزبيري ودخلت بعده ، كانت هناك رائحة غريبة تنبعث من الكهف ، كأنها رائحة نوع من انواع الريحان

تقدمنا الى وسط الكهف فوجدنا عظام كثرة في قاع الجرف معظمها نخرة قديمة والبعض جديد
ركب وجماجم بعضها بل اكثرها تشبه عظام البشر ، والعجيب رائحة قوية تملأ الكهف عطرية رغم ان الكهف مليء بالعظام النخرة.
فاخذ الزبيري جمجمة كان يظهر عليها انها حديثة وخرجنا الى باب الكهف وجلسنا نتفحص الجمجمة وكان ظاهر عليها انها لبشر حيث مكان الاعين والانف والحنك واضحة. ولاحظنا عليها انها مأكوله من فوق الدماغ مفتوحة ومهشمة وكأنما تعمد اكل الدماغ
وكذلك وجدنا على عظم السيقان والركب انه كان يتم استخراج المخ منها
وبعد ان اعدنا العظام الى موضعها داخل الكهف خرجنا ، خرجت انا الاول والزبيري بعدي وعند باب الكهف سمعت صراخ الزبيري بصوت عالي قال اوووب
مباشرة التفت اليه وجدته مبطوح على الارض فسالته ماذا حدث ؟ .. فتلعثم ولم يقدر على النطق وكان يشير لي بيده الشمال الى خلف رأسه والعرق يتصبب من رأس انفه فسحبته الى الظل وجلست ادلك له خلف رأسه ورقبتة وكان ساخن جدا وبعدها بفترة اوقفته على قدمه
وبصعوبه صعدنا الضاحة وكان يؤشر لي بأن نهرب من المكان بسرعة ويومها ظل غير قادر على الكلام الى بعد الظهر وانا ما زلت ارعى أغنامنا معا

وبعد ان وصل الغداء تغدينا وكانت يده اليمن ترتجف عند تناول الاكل ووسألته عما حدث له فقال انه احس بضربه قوية جدا على مؤخرة رأسة وقمت فتشت الشعر خلف رأسه ولم اجد اثر للضربة فاتفقنا ان يبقى الموضوع بيننا ولا نكلم احد عنه.

وكان الزبيري اكبر مني بسنتين في العمر ، وكان وسيم وابيض البشرة بينما انا اميل للسمرة
، وبقي يعاني من رعشة بيده اليمنى ثلاثة ايام.

بعد اسبوع وبعد صلاة المغرب خرجت كالعادة للسمر معه ومع اخرين جوار السمسرة بالقرية
وعند وصولي سمعتهم يقولون الزبيري مفقود ، الاغنام عادت وهو لم يكن معها ، واسرته الان تبحث عنه.

فذهبت الى بيته فوجدت والدته فسألتني اين رعيت وهل لقيت الزبيري فقلت لها لا ، فقالت انه ضايع وان والدة واخوانه يبحثون عنه اذهب وابحث معهم ، فسألتها اين رعي الزبيري الغنم قالت بالمصنعة ، فمباشرة شككت بأنه ذهب الى الكهف في شعبة صياد.

ومشيت باتجاههم وتقابلنا في الطريق وهم عائدين لم يعثروا عليه ، فطلبت منهم نرجع ندور الا انهم قالو يمكن يكون عند اخواله ، في الصباح نذهب نسأل عنه.

وكنت اهم ان اخبرهم بقصة الكهف الا اني ترددت وقلت في نفس ربما يكن عند اخواله صحيح وتكتمت على السر

وفي الصباح وجدت الطاقية التي كان يرتديها طافية فوق ماء البئر التابع للقرية وتجمع الناس واستمروا في الغطس في البئر للبحث عنه وكان الماء شديد البرودة والبئر عميقة.

ثم اتوا بأنبوبين طوال  من مشروع القرية وانزلوهما في البئر لتحسس الجثة ، وتم العثور علية في قاع البئر قريب الظهر وتم اخراجة من وتعطيل الماء منه

كان شكلة قد تغير، لون بشرتة اصبحة تميل للسواد ، وكانت يده اليمنى سوداء كأنها تعرضت للحرق ، وكان يقول الناس الدم يبس في العروق فسود الجلد
وتم دفنه رحمة الله تغشاة بعد الظهر

بعد مضي عشر سنوات على ذلك الحادث الأليم رأيت الزبيري في المنام وهو داخل بيت زجاج والى جانبه طفل يسحب شعره على الارض اقتربت منه وكان يلمس الزجاج باصابع يده الشمال ويكلمني من خلف الزجاج
قال انه تزوج بصياد وانها تحبة كثير وانه خلف منها هذا الطفل وانها لا تسمح له بالخروج من هذا البيت وشكله لم يتغير وانما لاحظت ان يده اليمين غير موجودة وكان يحاول اخفائها عني
وسالته عما يأكل فقال عظام القردة وروث الدواب وان زوجته (صياد) تحضر له كل ما يطلب ولا تدعه يحتاج لشي

في الحقيقة من شدة خوفي لم انطق بما حدث للزبيري الى اليوم ، لكن قال لي احد اعضاء المنتدى ان الجن لا يعلمون بما يكتب عنهم طباعة ماعدا الكتابة بالمداد السائل ، فتشجعت وكتبت المقال عن هذه التجربة التي عايشتها بنفسي والله اعلم بحقيقتها.

تاريخ النشر : 2020-05-26

guest
56 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى