قتلة و مجرمون

مقتل عائلة كرامر: هل يكون المجرم ضحية؟

عاشت عائلة كرامر في بلدة دارين ولاية إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد امتلك جيفري كرامر شركته الخاصة لإصلاح السيارات.. تزوج من لوري عام 1980 وكان لديهم ثلاث أطفال.. أنتوني وأنجيلا ومايكل، كانوا كأي عائلة عادية أمريكية تقليدية.. حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم.

عائلة كرامر
عائلة كرامر

نداء الاستغاثة

في 2 مارس لعام 2010 تلقت الشرطة مكالمة هاتفية في الساعة 3:10 فجرا من فتاة قالت أنها تدعى أنجيلا كرامر وتبلغ من العمر 25 عامًا في ذلك الوقت.

كان صوت الفتاة هامسا، خائفا ومرتعبا حين قالت: “أنا في المنزل ، إنهم يطلقون النار.” حيث كانت تستمع إليهم وهي مختبئة في خزانة منزل والديها.

وصلت الشرطة، وشاهدت رجلاً يتسلق من نافذة القبو. عرّف عن نفسه بأنه أنتوني كرامر الابن الأكبر في العائلة والذي كان ينام في القبو. قال للشرطة إنه سمع طلقات نارية ولا يعرف من كان داخل المنزل.

دخلت الشرطة من الباب الأمامي للمنزل، وجدوا رجلا متوفى في الطابق الأول و تم العثور على أنثى متوفاة على الدرج. تم العثور على الضحية الثالثة وعلى ذكر آخر بالقرب من المرآب. كان قد أطلق عليهم عدة رصاصات في الرأس والجسم.

وجدت الشرطة أنجيلا حبيسة خزانة ملابسها، ولم يكن هناك ما يشير إلى أي متسللين. فتم اصطحاب إلى خارج المنزل.. فالضحايا كانوا الوالدان جيفري ولوري ، والابن الأصغر مايكل البالغ من العمر 20 عامًا.

blank
الضحايا.. الوالدان جيفري ولوري وابنهما الأصغر مايكل

مسرح الجريمة

في وقت إطلاق النار علمت الشرطة أن صديقة مايكل كرامر كانت معه في المنزل. قالت الشاهدة أنها ومايكل كانا يشاهدان التلفاز على الأريكة في الصالة حين سمعا جلبة وضوضاء عالية قبل أن يتم إطلاق النار فورا.

كانت الفتاة قادرة على إعطاء الشرطة وصفًا لمطلق النار. قالت إنه كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل، وأنه كان شخصا واحدا فقط.

وجد محققو مسرح الجريمة نافذة مكسورة في المنزل. كانت هناك مطرقة جانبها. كما عثروا على عدة أغلفة لقذائف من عيار 40 ووجدوا ثقوب الرصاص في الجدران.

إقرأ أيضا: غيل دي ريز .. من مارشال فرنسا و بطلها إلى أشهر سفاح في القرون الوسطى!‏

حسب التحقيقات الأولية فيُعتقد أن جيفري نزل من السلالم لمواجهة مطلق النار، وتم إطلاق النار عليه أولاً. لتتبعه زوجته لوري من الدرج وتصاب في منتصف الطريق على السلم. أنا مايكل فكان في صراع مع المجرم ، حيث أنه قام بإلقاء السكاكين والأشياء عليه وحاول الخروج من المنزل لكن انتهى به الأمر في غرفة بالقرب من المرآب.

شكّت الشرطة في كون الجرائم حدثت بهدف السرقة، لكن لم تكن هناك أشياء ثمينة مفقودة من المنزل.

blank
مسرح الجريمة

المشتبه به الأول في مقتل عائلة كرامر

في صبيحة ذلك اليوم قابلت الشرطة أنجيلا وأنتوني الذين كان منهارين وغير مصدّقين لما يمران به. أنتوني أكد أنه كان في القبو وكان نائما عندما بدأ إطلاق النار. قال أنه اختبأ خلف طاولة البلياردو ، وتسلق من النافذة عندما اعتقد أنها آمنة.

أما أنجيلا سئلت عما إذا كانت تعرف أي شخص يريد إيذاء عائلتها. فأخبرت الشرطة أنها انفصلت للتو عن والد ابنها بعد عيد الميلاد ويدعى جوني بوريزوف. وقالت بعد السؤال عن مدى كونه شخصا جيدا بأن لديه مشكلات تتعلق بإدارة غضبه.. وقد تركته أيضًا لأنه كان لا يحب أسرتها.

أنجيلا وجوني تواعدا لمدة عامين تقريبًا، وأنجبا ابنًا في عام 2009. ثم انتقلا للعيش معًا.. لكن جوني أصبح متملكًا فحاول عزل أنجيلا عن عائلتها. صرحت أنجيلا أن جوني هدد عائلتها عدة مرات خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية.

جوني بوريزوف.. المشتبه به في مقتل عائلة كرامر
جوني بوريزوف مع ولده من أنجيلا كرامر

وروت قصة حدثت قبل حوالي سنة، قالت أن موعد الاستحمام الأول الطفل كان من المفترض أن يكون حدثا لجميع النساء.. لكن جوني لم تعجبه هذه الفكرة ولم يسمح لأمها بحمل ابنهما. وجلس في الزاوية وهو يحمل ابنهما طوال الوقت وسط جمع النساء ذاك!

بعد ذلك، طفح كيلها وقررت المغادرة وبدأت قضايا الحضانة. ولم يرغب جوني في دفع إعالة الطفل وأراد الحضانة الكاملة.

جنازة عائلة كرامر
جنازة عائلة كرامر
إقرأ أيضا: محمود أمين سليمان .. سفاح القرن العشرين المثقف !

في نفس اليوم، اتصل جوني برقم 911 وقال إن منزل صديقته قد تم إطلاق النار عليه وأنه شاهده في الأخبار. ووافق على الذهاب إلى مركز الشرطة طواعية.. أخبرهم أنه لا يزال لديه مشاعر تجاه أنجيلا، وكان يشعر بالقلق من موتها. سألته الشرطة عن مكان وجوده في اليوم السابق، قال إنه كان في الكازينو طوال الليل.

عثرت الشرطة على لقطات من كاميرا المراقبة في الكازينو.. ووجدوا أنه دخل حوالي الساعة 10 مساءً وغادر حوالي الساعة 4 صباحًا.. لكن ورغم هذا لم يتم استبعاده من التورط في الجريمة، فلربما كان يعرف مطلق النار فتم احتجازه في مركز الشرطة.

في حوالي الساعة 11 مساءً كان جوني يتحدث على هاتفه في غرفة الاستجواب عدة مرات. فتحصلت الشرطة على مذكرة تفتيش لتفتيشه. كان هناك رقم واحد حاول الاتصال به عدة مرات بعد مقتل عائلة كرامر.

جاء الاتصال من هاتف دفع مسبق.. وترك المتصل بريدًا صوتيًا لجوني بعد عدة ساعات من جرائم القتل. قال فيه أنه جيك وأنه سيتعين عليه التخلص من ذلك الهاتف قريبًا، وأنه كان ملاحقا من العديد من سيارات الدفع الرباعي السوداء.

طرف خيط..

تلقت الشرطة بلاغا من رجل قال أنه تلقى مكالمة هاتفية غريبة من زميله السابق في الغرفة، جاكوب نودارس الملقب جيك.

قال إن جيك اتصل به ليقول إنه كان مرعوبًا.. فهو يقود سيارته على الطريق السريع ويشعر كما لو أنه لم يكن هناك سوى رجال شرطة من حوله. كانت الجملة مشابهة للمكالمة الهاتفية التي تركها جيك لجوني.

قال رفيق السكن أن جاكوب كان دائمًا مكتئبًا، وكان على صلة وثيقة بمايكل كرامر الإبن الأول في عائلة كرامر. بل إنهما كانا صديقين مقربين ويعرفان أشخاصًا مشتركين. وفي اليوم السابق لعيد الشكر لعام 2009 ، اختلف مايكل وجاكوب.. فتم طرد الأخير من الشقة التي كان يعيش فيها.

المطاردة..

لم يكن لدى جاكوب تاريخ إجرامي، حاولت الشرطة الاتصال بهاتفه، لكن عندما لم يكن هناك رد لجأوا إلى جده. ولكنهم لم يعتقدوا أن جاكوب متورط،فقد قالت جدته إنها خرجت لتناول العشاء معه قبل 72 ساعة من مقتل عائلة كرامر. وصفاه بأنه شخص خلوق.. وعاش في عائلة متدينة. لكنه كان يعاني من الاكتئاب والميول الانتحارية و استخدام الأدوية المهدئة.

إقرأ أيضا: توماس هوسكي: سفاح حديقة الحيوانات

بعد البحث في العديد من قواعد البيانات ، علمت الشرطة أن جاكوب اشترى بندقية غلوك عيار .40. كان هذا قبل أيام فقط من جرائم القتل. وفي متجر رياضي على بعد 20 دقيقة فقط من منزل كرامر.

كان الفتى هارباً، لذلك تم الحصول على مذكرة بحث لرقم الهاتف المرتبط بهاتفه. تم تتبعه متجهًا جنوبًا إلى فلوريدا حيث أن أهله يقطنون هناك في فلوريدا.

وفي الثالث من مارس وصلت فرق تطبيق القانون بولاية فلوريدا إلى منزل والدي جاكوب. كان جاكوب نائمًا في شاحنة خارج منزل والديه.. طرقوا النافذة واقتادوه إلى الحجز. لكن لم يجدوا أثرا لسلاح الجريمة.

مؤامرة القتل

قال جاكوب أنه كان مستيقظًا طوال الليل يتعاطى المخدرات. وأضاف بأنه يخاف التداعيات إذا ما فتح فمه. وادعى أنه وعائلته في خطر شديد إذا ما فعل ذلك. قال بأن القتل كان السبيل الوحيد للخروج من ورطة.

ولكن تمكنت الشرطة أخيرا من إقناع الفتى بصعوبة بأن عائلته ستكون في أمان إذا ما أخبرهم الحقيقة.. فاقتنع وراح يسرد عليهم تفاصيل ما حدث..

قال جاكوب بأن جوني أصبح صديقه في صيف عام 2009 عندما كان يخوض معركة حضانته مع أنجيلا. فقد وفر جوني له مكانًا ليقيم فيه عندما طُرد من شقته. وأكمل بأن جوني كان شخصا مخيفا جدا، فقد كان جزءًا من عصابة تبيع المخدرات. وله أصدقاء كانوا عنيفين للغاية.

أخبره جوني أن أنجيلا تعرف الكثير عن أعضاء العصابة وأنشطتهم. وأنها هددته بالذهاب إلى الشرطة ولذلك يجب عليه أن يساعده في إسكات عائلة كرامر للأبد.. فجميعهم سيتورطون بما في ذلك جاكوب نفسه ..

جاكوب قال أنه صدق كل ما أخبره به.. وبما أنه صديقه اندفع لمساعدته رغم خطورة الأمر.أخبره أيضا أن هناك جرائم قتل أخرى ستنفذها العصابة في تلك الليلة في المنطقة وسيعتقد الشرطة أن تلك من ضمنها.. لكن بعد البحث والتحقيق لم يكن هناك دليل على حدوث أي جرائم قتل أخرى.

بعد أن أدرك جاكوب أن جوني خدعه واستغله ليكون أداته للجريمة.. قرر أن يروي للشرطة تفاصيلها..

جاكوب وجوني.. المتآمران في قضية مقتل عائلة كرامر
المتآمران جاكوب نودارس وجوني بوريزوف

قبل أيام من مقتل عائلة كرامر، طلب جوني من جاكوب شراء البندقية وأعطاه عنوان منزل عائلة كرامر، وأخبره عن مكان اقتحام المنزل. كانت تعليماته محددة وواضحة وهي أن يكون الاقتحام يوم الثاني من مارس في الساعة الثالثة صباحًا.. وفعلا انطلق جاكوب إلى منزل كرامر بعد أن تعاطى جرعة مكثفة من المخدرات.

استخدم مطرقة لكسر نافذة غرفة المعيشة، ورأى مايكل وصديقته على الأريكة.. قال جاكوب إنه أطلق النار عليه فأخطأه فلاذ مايكل بالفرار إلى المطبخ. أثناء ذلك نزل الوالدان جيف ولوري على الدرج فبدأ بإطلاق النار عليهم عدة مرات في الصدر والرأس.

إقرأ أيضا: واين بودن: مصاص دماء مونتريال

بحث جاكوب عن أنجيلا في كامل البيت كما أوصاه جوني لكنه لم يجدها كما أنه لم يذهب إلى الطابق السفلي.. بل وجد أنتوني في إحدى الغرف فأطلق عليه النار ليرديه قتيلا.

بعد ارتكابه لجرائم القتل ، سار جاكوب إلى سيارته التي كانت متوقفة في أحد الشوارع وتوجه إلى فلوريدا حيث يقيم أهله. وتخلص من سلاح الجريمة في سلة مهملات خارج مطعم. وقد تم العثور على البندقية وبعض الملابس في المكان الذي أشار إليه. وقد تطابق السلاح الناري مع أغلفة القذيفة التي تم العثور عليها.

أثناء اعتراف جاكوب بكل تلك التفاصيل كان لدى الشرطة 12 ساعة قانونية متبقية لاحتجاز جوني.. وكانت بحاجة إلى أدلة أكثر من مجرد قصة الفتى، وعندما تمكنت من الحصول على تمديد لاحتجاز جوني لكنه رفض الحديث.

الحكم في قضية مقتل عائلة كرامر

في 5 مارس تم تسليم جاكوب إلى ولاية إلينوي، ووضع في زنزانة واحدة مع جوني. ولسوء حظه كانت زنازين السجن في إلينوي تحتوي على ميكروفونات للتنصت على المساجين .. وهناك تكلم جوني وبدأ في طرح الأسئلة على جاكوب عن ماذا تحدث للشرطة.. كما أنه استمر بتهديده بالعصابة الوهمية التي اختلقها.

blank
أنجيلا كرامر مع المدعي العام بعد المحاكمة

وفي 6 مارس.. بعد يوم وجهت جوني رسميا تهمة القتل. وفي عام 2011 ، أقر جاكوب بالذنب في الجرائم لكنه ادعى أنه غير عاقل.. وبعدها في عام 2013 ، عرض جوني للمحاكمة بعد موافقة جاكوب على الشهادة.

جوني قتل عائلة كرامر لكرهه الشديد لهم، فهو كان يرى أنهم السبب في انفصاله عن صديقته أنجيلا وابنه وابتعادها عنه ورفضها العودة إليه مجددا..

ختاما..

جاكوب كان السلاح الذي استخدمه جوني في مقتل عائلة كرامر، فقد قام الأخير بإعداد الفتى وتحريضه على الجرائم .. فحُكم عليه بالسجن المؤبد، لكن الكثير من المتعاطفين رأوا أنه كان ضحية هو الآخر ولم يستحق ذلك الحكم الجائر عليه.. خاصة أنه كان مبدد العقل بفعل المخدرات وتحت التهديد.

وأنت ما رأيك يا أيها القارئ.. هل كان جاكوب أداة و ضحية أم أن له نفس وزر محرضه جوني؟

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
Kileystrucrime OxygenCbsnewsNbcchicagoabc7chicago

سندس

سوريا
guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى