لا يمكنني البقاء و لا يمكنك امتلاكي !
هل حقاً الجن تخاف من الدبوس و الإبر ؟ |
كنا جالسين فاذا بأبي يقول لأعمامي : أن العجوز تخفي شخصاً في من منزلها و أظن أنها فتاة من الأعمال التي تقوم بها من خبز وطهي ، و أظن أنها هاربة و إلا لما اختفت عن الأنظار ، سنذهب في المساء إلى العجوز لنفهم القصة و نجد حلاً لها ، و ذهب أبي و بعض رجال القرية في المساء إلى العجوز و بعد ساعة تقريباً رجع أبي و وضعت أمي له العشاء و أكل ، أنا وأمي ننتظر بفارغ الصبر أبي لكي يقول من في بيت العجوز ،
و بالتأكيد أخبر أبي أمي أنها ابنة عائشة ، نعم حفيدتها ، أمي ردت عليه : ابنة عائشة ؟ رفيقتي عائشة ، وأين عائشة ، ولماذا ابنتها لوحدها هنا ومتوارية عن الأنظار ؟ لا أعلم يا إمرأة ، قالت العجوز أن عائشة و زوجها و أولادها ماتوا بهذا المرض الخبيث (الطاعون ) و أم زوج عائشة أرسلتها إلي مع بعض تجار التبغ و أرسلوا في طلبي القرية المجاورة و أنا ذهبت وأتيت بها إلى منزلي وهذه كل القصة.
هربت من كانت تؤنسني في وحدتي ، و بهذه الكلمات حتى وصلت للغرفة التي أنا بها و تقول : أين ذهبت من عوضتني عن أولادي الغائبين ، أين ، أين ؟ أبي وأمي ينظران إليها بدهشة ، أمي قالت لها : أرجوكِ ماذا حصل لحفيدتك ، وأين هربت ؟ ردت العجوز على أمي وهي تبكي بقلب محروق و تجيب : لم تكن حفيدتي ، نعم لم تكن ، هي ملاك أرسلتها إلي السماء ليعوضني عن أبنائي الذين فقدتهم ، نعم ، سأقول لكم كيف حصلت عليها ، أنتم تعرفون حصان ابني الصغير موسى الذي ذهب للالتحاق بالجيش ولم يعد ، فكل فجر أطلق سراحه فيذهب إلى النهر ليرعى والمساء يعود ، لكني لاحظت في الآونة الأخيرة أنه يعود إلي وهو متعب جداً ومتعرق و كأن أحداً سار به لعشرات الكيلو مترات ، و تكرر هذا الأمر و ذهبت يوماً لأراقب من يفعل به هكذا لكن بدون جدوى ، لم أرى أحداً ،
فقلت سأقوم بحيلة لأمسك هذا المتلبس واعرضه على أهالي القرية لينال ما يستحق ، فذوبت بعض الأحجار التي تستعمل في تعبيد الطرق أحجار سوداء عندما تسخن تصبح مادة شديدة الإلتصاق و وضعت سرج الحصان و بعدها هذه المادة اللاصقة وتركته يذهب للنهر وأنا أضحك وأقول لنرى ذكائك ، ستكون في المساء أضحوكة الصغار قبل الكبار ، وأنا أنتظر المساء بفارغ الصبر ، حل المساء وجاء موعد مجيء الحصان ، وبالفعل أتى وأنا أنظر وأضحك ، فعلاً كان هناك شخص على الحصان ، من العتمة لم أميز الملامح و كلما اقترب أصبح ملامح الوجه أكثر وضوحاً وأنا اسلط ضوء القنديل عليه ، عندما وصل لوسط الدار ، يا إلهي ، ما هذا ؟ إمرأة بملامح ملائكية جميلة جداً ، وجهها يشع نوراً ملتصقة بسرج الحصان ،
اقتربت منها حتى خرجت دبوس من صدر ثوبي و وضعتها في ثوبها لأنني في تلك الوقت تذكرت أمي وجدتي عندما أخبروني عندما تجد جنية واستطعت أن تضع دبوس في ثوبها في ذلك الوقت لن تستطيع الهرب والتخفي ما دام الدبوس في ثوبها ، و في تلك الليلة بين الخوف والقوة وأنا أقوم بتحريرها من تلك المادة اللاصقة وبعدها بغسلها حتى الفجر ، نعم كانت أطول ليلة مرت علي ، كانت تقوم بالأعمال المنزلية على أكمل وجه ، كانت لا تتكلم لكن وجودها معي عوضني عن كل شيء ، نعم أحببتها ،
كنت أعلم أنها سترحل يوماً ، وها هي رحلت كجميع أبنائي ، و ذهبت العجوز إلى منزلها ، و أبي و أمي مندهشان من ما سمعته ، و أنا بدوري أصابتني حمى شديدة كادت أن تسبب الوفاة لي وبفضل الله تعافيت ولم اذهب من يومها إلى النهر ، وأصبحت قصتي على كل لسان أهل القرية و حتى القرى المجاورة ، و بعدها بسنة تقريباً تقدم إلي جدك طالباً يدي للزواج.
تاريخ النشر : 2020-08-23