مرحباً بكم أيها القراء الكابوسيون الأعزاء مرة أخرى.
في هذا المقال سأحكي لكم مواقف حدثت معي ، قد لا تكون خارقة وغريبة ، ولكنها بلا شك قد أثارت الرعب بداخلي ، فهيا بنا.
في إحدى الليالي قبل سنوات ، وبعد أن جهزت كل ما يلزم للسهر فيها من قات وماء وجهاز mp3 فيه كل الأغاني المنقرضة التي أعشقها ، وبينما أنا في قمة استمتاعي بهذه السهرة ، إذ بذلك الشعور الذي يأتيك فجأة وأنت في قمة راحتك ، ليقول لك لا تفرح كثيراً فهناك شيء سيعكر مزاجك ولن يتأخر أبداً ، بعدها بدقائق جاءني اتصال من زميلي في العمل إبراهيم ، وإبراهيم هذا لا يأتي منه إلا كل شؤم ومصيبة وخبر سيء ، مددت يدي لأجيب عليه وأنا أستعيذ بالله من شره.
إبراهيم : مساء الخير.
أنا : مساء الجن والعفاريت ، ماذا تريد يا وجه النحس ؟.
إبراهيم: معك حق يا صديقي ، فعندي خبر لا يسر أبداً.
أنا : ومنذ متى سمعتُ منك خبراً مفرحاً ؟ أختصر وقل لي أي بلوة قد حصلت ؟.
إبراهيم : لقد توفي مديرنا الأن ، و لأنني وجه نحس كما قلت فسأقول كل شيء ، باختصار لأنك السائق الخاص للمدير وعائلته فسوف تأخذ جثمانه وتنطلق به إلى مدينة الحديدة مسقط رأسه ليدفن هناك.
أنا : عليك من الله ما تستحق يا نذير الشؤم !.
وقبل أن أكيل له الشتائم ، قام بإنهاء المكالمة ، وتركني في شعور مختلط من الحزن على مديري الذي توفي ، ومن التفكير في كيفية التخلص من هذه الورطة ؟.
لم يطل تفكيري كثيراً فقد جاءتني مكالمة من أبنة المدير الراحل ، وطلبت مني ما قاله لي وجه النحس وأن أسرع في ذلك ، بالطبع لم أستطع الرفض ، وانطلقت إلى بيت الفقيد ، وبعد أن قاموا بغسله وتكفينه ، قمنا بحمل الجنازة إلى السيارة التي سأنقله بها ، و وضعناه في الكرسي الذي خلف كرسي السائق ، كان الوقت ليلاً تقريباً في الساعة الثامنة ،
وأنا أتظاهر بالشجاعة واللامبالاة أمام الزملاء و عائلة الفقيد ، صعدت إلى السيارة برفقة أحد أقرباء المتوفي مما جعلني أطمئن قليلاً ، وانطلقنا نحو مدينة الحديدة ، و كان هناك سيارتان أيضا انطلقتا معنا ، و بينما نحن سائرون على الطريق العام اقتربت بجانبنا احدى السيارات المرافقة لنا ، و طلب مني الذي يقودها بأن أتوقف حتى يأخذوا الشخص الذي كان برفقتي معهم و يتحركوا بسرعة لكي ينجزو بعض الأعمال قبل أن يصل الجثمان .
نزل الشخص على الفور معهم ، وأنا لا زلت أتظاهر بعدم الاكتراث ، وانطلقت السيارتان بسرعة حتى غابوا عني وتركوني لوحدي أنا والطريق والميت ، كنت أقود السيارة وأنا في قمة الرعب ، وفي كل لحظة التفت برأسي إلى الخلف وأنظر إلى الميت ، لا أعرف لماذا كنت أفعل ذلك ، حاولت أن أشغل نفسي بالقيادة وبرؤية التضاريس بجانب الطريق الجبلي ،
ولكنه كان جواً مرعباً ، القمر الذي كان مكتملاً بدا في قمة الوحشة و هو يلقي بضوئه على الجبال الجرداء ، والطريق موحش ويكاد يخلو من أي مركبة إلا نادراً ، ظللتُ أقود السيارة وأنا التفت ورائي في كل لحظة ، و في إحدى هذه اللحظات لم أشعر إلا بعائق ترابي (مطب) أمامي ، وبدل أن أدوس الفرامل دُست على البنزين ، لتقفز السيارة بعد أن مررتُ عليه بسرعة ، وتسقط الجثة من فوق الكرسي الخلفي
، رَكَنتُ السيارة بجانب الطريق ، تخيلوا معي هذه اللحظات الممتعة ، أنا لوحدي تماماً في الليل في طريق موحش ، أرفع بيدين مرتعشتين الجثة حتى أعيدها إلى مكانها ، وأنا ألعن العائق الترابي ، وحظي السيء، وإبراهيم ( والميت أيضاً ، ليغفر لي الله فقد كنت بلا وعي حينها ) حتى رفعتها بعد مجهود خارق ، وانطلقت بعدها وأنا لا أدري في أي أرض أنا ، و ما أن وصلت مدينة الحديدة إلا و أنا في غاية التعب والإرهاق ، و قاب قوسين من الجنون.
موقف محرج على الطريق :
وفي مرة من المرات وأنا أقود شاحنة صغيرة في نفس هذا الطريق ، توقفت في أحد الأسواق لكي أتناول العشاء وأستريح قليلاً ، قمت بركن الشاحنة بجانب الطريق خلف شاحنة أخرى تماماً ، وقبل أن أطفئ المحرك، وضعت رأسي على الكرسي واسترخيت قليلاً فقد كنت مرهقاً ، و خلال ذلك نمتُ و محرك الشاحنة لا زال يعمل ، في تلك اللحظات وبينما أنا نائم ، مرت بجانبي تماماً شاحنة كبيرة تسير بسرعة جنونية ، وسائقها الأرعن يضغط بشكل متواصل على (البوري) المزعج الذي يميز هذه الشاحنات ،
استيقظت برعب فجأة عندما مرت هذه الشاحنة بكل الضوضاء التي تحملها بجانبي ، و لا تنسوا أن شاحنتي كانت شغالة ، و أمامي كانت شاحنة أخرى ، على الفور ظننت بأنني لا زلت أقود الشاحنة وأنني على وشك الاصطدام بالشاحنة التي أمامي ، دُست على الفرامل بكل ما أوتيت من قوة وأنا أصيح بأعلى صوتي يا الله يا الله لاااااااا ، و الناس الذين في السوق ينظرون لي بتعجب ، لم أستوعب الأمر إلا عندما هرع بعض الأشخاص إليّ وهم يسألونني ماذا أصابني ؟ نظرتُ في وجوههم بكل بلاهه ثم أخبرتهم أنه مجرد كابوس ، وانطلقت مسرعاً و وجهي أسود من الخجل ولم أنزل للسوق لكي أتناول العشاء.
ذات مرة في منتصف الليل وبينما أنا أمشي في طريق قريتنا عائداً إلى البيت ، رأيت عمتي تمشي في طريق وعره محاذيه للطريق الذي أمشي فيه، استغربت من وجودها هنا في مثل هذه الساعة ! سرت حتى اقتربت منها وسألتها : ماذا تفعلي هنا يا عمتي في هذا الوقت ؟.
التفتت نحوي ولم تنطق بكلمة و واصلت سيرها ، ظللت أكرر سؤالي وأناديها ، ولكنها لم ترد عليّ أبداً ، و واصلت سيرها ، لاحظت أيضاً أنها تمشي بسرعه كبيرة ، توجست خيفة وأسرعت الخطى حتى وصلت إلى البيت و قمت بالنوم ، في الصباح ذهبتُ إلى بيت عمتي وسألتها : ما الذي كنتِ تفعلينه ليلة أمس في منطقة (ضبعي) يا عمتي ؟ .
نظرت إلي عمتي باستغراب وقالت : ما هذا الذي تقوله ؟ أنا لم أذهب هناك أبداً ولم أخرج من البيت منذ عصر أمس ! في تلك اللحظة وقف شعر رأسي و برعب سألت نفسي : إذا لم تكن تلك المرأة عمتي فمن تكون إذن ؟.
فيما بعد أخبرت رجلاً كبيراً في السن من قريتنا عن الذي حدث لي ، فقال لي : إن ذلك الطريق مسكون ، والمرأة التي رأيتها هي جنية اسمها غويل.
في النهاية أتمنى لكم رواد موقع كابوس أوقاتاً سعيدة خالية من السفر مع الموتى ومن غويل و من إبراهيم أيضاً ، تحياتي لكم.