تجارب من واقع الحياة

هل لعنة أبي أم ماذا ؟ أفيدوني واستفيدوا مني

بقلم : مصعب – كندا
أرجوكم أفيدوني ماذا أفعل ليرضى أبي عني ؟؟
السلام عليكم أيها الإخوة الكرام .. آسف ، سأطيل عليكم ولكن أكملوها بالله عليكم .

سأبدأ في سرد قصتي لعل فيها حل لي و فائدة لكم ، أنا من العراق و كنت أعيش مع أبي و أمي و 3 من الإخوة ، كان أبي مهندساً في شركة نفط و مالكاً لعمارة تتألف من خمسة طوابق ، بإختصار حالتنا المادية كانت جيدة .

أنا لدي توئم و هي فتاة و أنجبت أمي بعدها فتاة أخرى أما آخر العنقود فولد ، عندما كنا في العراق كان أبي يهتم بكل التفاصيل من تجهيز فطورنا و وجبة المدرسة و حتى الاستحمام و كل شيء ، لأن أمي من طبعها الكسل ، حتى أنه كان يتكلف بشراء جميع حاجيات البيت من مأكل و مشرب و ملبس و أذكر عندما كنت صغيراً مرضت مرضاً شديداً فكان والدي هو من يسهر معي ليعطيني الدواء ، و كم مرة وجدنا أبانا نائم في الصالون و لكن لم نفهم إلا بعد فوات الآوان .

طبعاً بعد عام 2003 انقلبت أوضاع العراق و تفشت الجرائم ، فكان القتل يومياً و كثيراً من المرات كنا نجلس قرابة أسبوع لا نذهب إلى المدارس خوفاً من التفجيرات و القتل ، المهم أن أبي فكر في الهجرة إلى كندا بسنة 2005 ، أذكر حينها سافر ليلاً ، و قبل سفره احتضننا حضناً قوياً و قبلنا من جميع أنحاء جسدنا و أخذ من كل واحد منا قميصاً ، قال أريد أن تظل رائحتكم معي ..

سافر أبي و كان يتصل بنا يومياً ، و قبل سفره طلبت أمي أن يجعلها وكيلة من بعده من أجل استلام الإيجار من السكان ، لكن أبي قال من الأفضل أن يوكل أبيه (جدي) ، لكن أمي قالت أبوك يكرهني و كان معارضاً لزواجنا إفعل الأفضل لأبنائك و ليس لي ، و فعل أبي ذلك و لكن سبحان الله تلك العمارة انهارت بساكنيها فلم يتبقَ منها إلا التراب ، و مع الأسف طلب اللجوء الخاص بأبي رفض و جاءت معه ورقة طرد من البلاد .

عندما أخبر أمي صرخت عليه و قالت له إرجع لكنه رفض ، و هنا بدأت أمي تخبرنا بأن أبي تخلى عنا و مسحنا من وجوده حتى أن جدي أبو والدي كان يأتي لزيارتنا فيقرع الجرس و تمنعنا أمي من استقباله و يظل واقفاً ثم يرحل ، و لأن ليس لدينا أعمام سوى عم واحد قتل و الباقي فقط عماتي و كان مصيرهن عند زيارتنا كمصير جدي لا تفتح لهن الباب ، و جدي رجل مسن أما جدتي فهي متوفية من وقت بعيد .

بقينا لا نجيب على أبي إلا نادراً ، حتى اتصل بنا و أعلمنا بأنه قام بتسوية وضعه و أرسل لنا أوراق لم الشمل ، لكن أمي كانت تعرقل حتى هددها بأنه سيرسل أبناء عمومته .
و فعلاً سافرنا إلى هناك سنة 2008 لنبدأ حياة جديدة ..

أكمل والدي إجراءات إقامتنا و جلسنا في بيت كنا فقط نراه في الأفلام ، فقد كان كل شيء فيه عصري و جميل و رائع و حديقة خلابة ، أخبرنا كيف حصل على الإقامة ، فعندما تخلت عنه أمي و طلبت منه الطلاق وكان يائساً تعرف على فتاة كندية من أصول عربية تعمل مديرة في إحدى أهم إدارات البلد ، كانت ملتزمة دينياً و أيضا والدي ملتزم دينياً تزوجها على سنة الله و رسوله و ساعدته في الحصول على الإقامة ثم على لم شملنا ، حتى إنها دفعت مبلغ 10000 دولار كندي من أجل تجهيز كل شيء نحتاجه ، و لديه طفل منها عمره سنة ، زواجهما شرعياً و ليس مدنياً من أجلنا لكي نستطيع القدوم بسهولة ، و أيضا حصل على عمل جيد .

تركنا لنفكر و خرج فقالت أمي يجب أن نرحب بها حتى نستكمل إقامتنا و بعدها نجعلهما يذوقان الألم ، ستقولون نحن صغار لا .. عندما ذهبنا كنت أنا و أختي التوئم في الـ 20 من عمرنا و أختي الثانية في 17 من عمرها و أخي الصغير في العاشرة ، أقمنا حفلة على شرف زوجة أبي و قد أحضرت الهدايا الفاخرة لنا و لأمي و لكنها المسكينة لم تكن تعلم ما سيحل بها ..

كل يوم يخرج فيه أبي نجتمع و كأننا عصابة تدبر لجريمة ، اتفقنا على تدميره و تدميرها ، و في اليوم الموعود افتعلت أمي مشكلة من لا شيء ، عندما كان أبي في المطبخ طلبت منه أن يخرج فقال أنا أجهز عصير لكنها صرخت و دخلت الغرفة ، في هذا الوقت مسكت أنا مقصاً و غرسته في يدي أخي الصغير و عندما صرخ جاء أبي يتفقد الأمر ، هنا خرجت مع أمي و إخوتي إلى الشارع نصرخ و نبكي ، و جاءت الشرطة و اعتقلوا أبي كل هذا خططنا له مع أمنا .

لكن زوج صديقة زوجة أبي من أشهر المحامين حيث جعل هيئة المحكمة تبرئ أبي لأنه كان يتكلم في نفس الوقت مع صديقه عبر برنامج سكايب و صديقه رأى كل شيء فكيف لأبي أن يرتكب الجريمة و هناك شاهد نفي ؟! فقالت الهيئة أن أخي سقط على يده و في يده المقص و أن أبي بحسن نية قدم المساعدة له .. و الحقيقة أن الله مع المظلوم دائماً .

رفع أبي قضية طلاق و فعلاً طلقت أمي ، أما أبي فقام بعقد زواجه مدنياً من زوجته الأخرى ، و قامت أمي بتحريضي على زوجة أبي كي أضربها و أهرب و لبست القناع و انتظرتها حتى خرجت ، فإذا هي متوجهة إلى المسجد رفقة ابنها لتحفظه القرآن ، في هذه اللحظة أحسست كأن يدي شلت و رجعت أدراجي كان هذا قبل طلاق أمي ..

و بعد الطلاق قلبت حياتنا ، فبدأت بي .. رسبت سنة تلو الأخرى و طردت و أصبحت أعيش على المساعدات و المصيبة أنني أعاني من الفيروس الكبدي ، أما أختي التوئم فقد تقدم أحد الأشخاص لطلب يدها و اتصلنا بأبي لكن لم يحضر و في يوم زفافها حضرت زوجة أبي مع هدية ذهبية ، لكنها لم تسلم من لسان أمي لكن جوابها كان : أنا أريد أن يحب ابني إخوته و يحترمهم .

رحلت أختي مع زوجها إلى إحدى البلدان العربية لقضاء شهر العسل لكنها تفاجأت أن زوجها شاذ جنسياً و ليس هذا فقط فقد اعتدى عليها بالضرب و شوه جزءاً كبيراً من وجهها و عادت مطلقة و مشوهة الملامح ، أما هو فلم يعد أبداً .

جلست مع أختي أواسيها و لكنها قالت لي لعنة أبي ستطاردنا مدى الحياة و هنا تذكرت ظلمنا لأبينا ، أما أختي الصغيرة فقد رافقت فتيات علمنها على السهر و الخمر و عندما و بختها هددتني بإحضار الشرطة إلي ، حيث قالت نحن أحضرنا الشرطة لأبينا و لا يهمني إذا أحضرتها لأخي ، أما آخر العنقود فقد أدت تلك الطعنة لفقدانه حركة اليد .

و أمي لم أعرف أنها إنسانة قاسية إلا بعدما سمعتها تتكلم مع خالتي في الهاتف و تخبرها أننا كنا مجرد ورقة تلعب بها ليظل معها أبي خصوصا أنها ليست من مستواه الثقافي أو الاجتماعي أو حتى الجمالي ، و أنها دبرت لزواجها منه و أفلتت زمام الأمور من يدها بعد سفره ، فواجهتها .. ماذا يعني ذلك كنا مثل ورق الحمام “أعزكم الله” عندما انتهيتِ منا رميتنا في البلاعة ؟! كل منا مدمر !!

وكانت الصدمة عندما اتصلت الشرطة بنا لتخبرنا أن أختي الصغيرة موجودة في إحدى المستشفيات و يجب إدخالها برنامجا تأهيلياً تتخلص فيه من الإدمان ، صرخت بكل ما أوتيت من قوة .. نحن ملعونون و أنت يا من تسمى أمي جعلتنا عاقين ، لن ننسى عندما كان أبي يهم بالخروج من البيت رفقة الشرطة دعى علينا اللهم يدمركم و لا تشوفون فرح و كلما تخرجون من مصيبة تطلع لكم كارثة و مثل ما فضحتوني الله يفضحكم دنيا و آخرة .

صرخت و بكيت و صرخت أختي و أخي و خرجت أين سأذهب ؟ ذهبت إلى المسجد الذي اعتاد أبي أن يصلي به دخلت و جلست في الأخير ، و بعد برهة سمعت صوت مقرئ تقشعر من جمال صوته الأجسام ، من هذا !! إنه طفل في العاشرة من عمره من هذا الذي يعانقه إنه أبي و هذا أخي و الناس يهنئونه بولده و هو فخور جداً به ، فقد سمعتهم يقولون أنه فاز بالمرتبة الأولى في حفظ القرآن و تجويده ، و أنه في الحزب 40 ، نعم يا أبي جزاك الله ولداً باراً بك كما كنت باراً بجدي الذي أرسلته مرات كثيرة إلى الحج و العمرة ، حتى أنك استدعيته للعيش معك ، و كانت زوجتك محبة له و تعامله كوالدها حتى توفي ، و كل الناس حضروا إلى جنازته إلا نحن الملعونين .

خرجت متسللاً و الدموع في عيني و إذا بيد تمسكني من ظهري إنها زوجة أبي حيث رافقتني إلى إحدى المقاهي و أخبرتها بكل شيء احتضنتني و شعرت بإحساس غريب لم أحس به مع أمي التي كانت تحضنني لتنفيذ رغباتها ، زارت أختي المريضة و أعطتها مصحفاً و ظلت تتكلم معها حتى أقنعتها بأن الحياة جميلة و علينا أن نعيشها ، أما أمي فأصيبت بنوبات الصرع و أصبح بيتنا بيت المرضى و المعاقين و الملعونين .

تكلمت مع زوجة أبي لأتصالح مع أبي و أخذتني معها إلى البيت وبمجرد دخولي هرول إلي أخي قارئ القرءان و قبل يدي ، فقلت في نفسي أنا من يجب أن أقبل يدك ، و قال لي أنا أعرفك أنت أخي الأكبر و معي صورتك لأن أمي قالت لي لديك إخوة رائعون عليك إطاعتهم و محبتهم ، فحضنته و قبلت رأسه و جاء أبي و قال لي من أنت ؟ أنا لا أعرفك ، أرجوك أخرج من بيتي .. وهنا وقفت زوجة أبي تلومه فما كان منه إلا أن قال إذا تكلمتي كلمة واحدة في هذا الموضوع سأطلقك ، فقلت لها أرجوك لا تخربي بيتك من أجل حفنة أشرار .

حاولت و حاولت أنا لا أنام و لا إخوتي و لا نعرف كيف سنرضي أبي ، و أردت الكتابة هنا لأفرغ حزني و لأقول لكم أتمنى أن يضربني لكن أريد أن أراه مجدداً ، لا تفرطوا في آبائكم مهما بدر منهم و إذا حصل خلاف بين أمكم و أبيكم لا تقفوا مع واحد بل قفوا معهما ، و حاولوا إصلاحهما فإن لم يكن فكونوا حياديين .

أرجوكم أفيدوني ماذا أفعل ليرضى أبي عني ؟؟
أخوكم المعذب مصعب

تاريخ النشر : 2016-10-16

guest
67 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى