غرائب العشق والغرام

تزاوج البشر مع الحيوانات .. ما بين الأساطير و الحقائق العلمية و تحريم الأديان‏

بقلم : اياد العطار
[email protected]

منذ آلاف السنين حدثتنا النقوش و اللوحات الحجرية الضخمة في معابد و قصور بعض الحضارات القديمة عن ‏مخلوقات أسطورية خارقة اجتمعت في أجسادها صفات الإنسان والحيوان , مخلوقات خرافية زعم القدماء أن ‏بعضها كان نتاجا لعلاقة جنسية شاذة بين البشر و البهائم. و رغم أن تلك الوحوش المخيفة اقتصر وجودها على ‏عالم الأسطورة و الخرافة إلا أن العلاقة الجنسية بين الإنسان و الحيوان لم تكن كذلك , فقد عرفتها جميع الشعوب ‏‏, لكنها علاقة مسكوت عنها يلفها الصمت و تحيط بها هالة من الغموض , ربما بسبب استهجان الناس لها و كذلك ‏لأن البهائم المسكينة ليس لديها لسان لتشكو به مغتصبيها العقلاء!. و كما كان الإنسان القديم يخاف من الوحوش ‏الخرافية الناتجة عن تلك العلاقة الآثمة , فأن إنسان اليوم المتحضر يشكو نفس الهاجس بعد أن تمكن العلماء من ‏خلق مخلوقات هجينة في المختبر , و من يعلم ماذا سيفعلون في المستقبل ؟.

الجنس .. الجانب المسكوت عنه في العلاقة بين الإنسان و الحيوان

تزاوج البشر مع الحيوانات .. ما بين الأساطير و الحقائق العلمية و تحريم الأديان‏
مصيبة حقا لو اصبح احفادنا بهذا الشكل في المستقبل

قبل عدة سنوات , حين كنت ادرس في الجامعة , كان لي زميل و صديق من أبناء الأرياف يمتاز بالظرف و خفة الدم. و في احد الأيام , بينما نحن جلوس في نادي كليتنا , حدثني صديقي الريفي ذاك و قد ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجهه عن ممارسته الجنس مع أنثى الحمار في أيام مراهقته , طبعا أنا ضحكت و حسبته يمزح كعادته , لكن ضحكتي تلك سرعان ما تلاشت و حلت محلها علامات الدهشة و التعجب حين أردف صاحبي قائلا بأن ممارسة الجنس مع الحمير و الغنم و الأبقار ليست أمرا عجيبا في الريف وأن العديد من الفتيان المراهقين , و أحيانا الكبار أيضا , يمارسونه سرا أثناء تعاملهم أو رعيهم لحيوانات العائلة بمفردهم. و رغم اشمئزازي من ذاك الحديث إلا أن صاحبي استرسل في كلامه واخذ يزين لي تلك الممارسة الشاذة و يحدثني عن ميزاتها كأنه يتحدث عن فتاة حسناء جميلة و ليس عن بهيمة لا تعقل من ذوات الأربع!!.

فلم باتجك سلافيسا
هل يمكن ان تتحول العلاقة مع الحيوان الى حب و غرام

لم تكن تلك المرة الأولى التي اسمع فيها عن العلاقة الجنسية بين الإنسان و الحيوان و لكنها كانت المرة الأولى التي يحدثني فيها شخص مارس تلك العلاقة بنفسه , و رغم أني استبشعت الأمر كثيرا حينذاك , إلا إني اليوم لا أجده امرأ عجيبا البتة , فبمرور الزمان فهمت أن الرغبة الجنسية هي غريزة مسيطرة و موجهة لسلوك الإنسان تستحوذ عليه أحيانا فتدفعه إلى مصاف البهائم , و علمت كذلك بأن هناك جوانب مسكوت عنها في الحياة الجنسية ومحرمات (Taboo ) لا يجوز الحديث عنها , لكن تجاهلها لا يعني أنها لا تحدث , فهي تحدث كل يوم و حدثت منذ الأزل و لكن الناس لا يحبذون ذكرها خجلا أو خوفا أو استبشاعا لها , مثل زنا المحارم و ممارسة الجنس مع جثث الموتى و اغتصاب الأطفال الصغار و السادية و المازوخية .. الخ , و رغم أن اغلبنا لا يحب سماع هذه الأمور و يستهجنها لكن علينا أن نتذكر بأننا لسنا ملائكة , فاغلب الناس تراودهم أفكار شاذة غريبة في بعض الأحيان , لكن الجيد في الأمر هو أن معظم الناس يبقون تلك الأفكار في حيز الخيال و القليل منهم فقط هم من يحولونها إلى فعل و عمل.

ما بين الأساطير و التاريخ

blank
الاله الفرعوني انوبيس كان لديه رأس ابن اوى و الوحش مينوتور له جسم انسان و رأس ثور

في جميع الحضارات القديمة كان هناك آلهة و مخلوقات خارقة تجتمع في أجسادها صفات البشر و الحيوان. في مصر الفرعونية مثلا كان آله الشمس رع يتخذ شكل إنسان برأس صقر في حين كان اله الحكمة تحوت يتجسد في صورة رجل برأس طائر أبو منجل أما اله الموتى و الحياة الآخرة أنوبيس فقد كان له رأس ابن أوى , و إضافة إلى هذه الآلهة فقد زخرت مصر الفرعونية بالعديد من الأرباب و الوحوش الخرافية الهجينة الصفات , لعل أشهرها في هذا المجال هو تمثال أبو الهول. و لم تقتصر هذه الوحوش على الحضارة الفرعونية بل عرفتها جميع الأمم القديمة , و تنوعت أشكالها و صفاتها , مثل الثيران المجنحة الآشورية و الحوريات و القنطور .. الخ , و هذه المخلوقات العجيبة كان بعضها من صنع الإلهة في حين كان بعضها الأخر هو نتاج لعلاقة جنسية آثمة بين البشر و الحيوانات , فالمينوتور مثلا , هو وحش خرافي إغريقي جسدته الأساطير القديمة على شكل إنسان برأس ثور , و هو كما تخبرنا الأسطورة نتاج لعلاقة جنسية بين ملكة كريت و ثور ابيض جميل أرسله الإله بوسيدون كهدية إلى زوجها الملك مينوس لكي يضحي به.

فلم باتجك سلافيسا
تماثيل من احد المعابد الهندوسية تصور رجلا و هو يمارس الجنس مع حصان اما في الصورة السفلى فتمثال اغريقي يصور ممارسة الجنس مع الماعز

و بعيدا عن الأساطير القديمة فأن العلاقة الجنسية بين الإنسان و الحيوان لم تكن محض خرافة , بل كانت تمارس أحيانا ضمن طقوس و شعائر دينية و سحرية , فعلى سبيل المثال ذكر عدد من المؤرخين الإغريق و الرومان بأن بعض الكاهنات الفرعونيات كن يمارسن الجنس مع الجدي المقدس (ذكر الماعز الذي يربى في المعبد) , و إن هذه الممارسة كان لها بعد ديني و أحيانا كانت تمارس بشكل علني. و يبدو إن هذه الممارسة كانت معروفة و متفشية في جميع الحضارات القديمة لذلك ورد ذكرها و تحريمها صراحة في التوراة و العهد القديم.

في أوربا , هناك نقش حجري في شمال ايطاليا ‏ يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد تحتوي إحدى نقوشه على صورة لرجل يمارس الجنس مع حمار ,  و في السويد عثر علماء الآثار في بعض المقابر التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد على نقوش تصور ممارسات جنسية بين الإنسان و الحيوان. أما الإغريق فقد أشارت بعض مصادرهم صراحة إلى ميل بعض نسائهم لممارسة الجنس مع ذكر الوعل و كيف كن يفضلنه على الرجال! , أما الرجال أنفسهم فكانوا يفضلون أنثى الماعز!.
و لم يخلو العهد الروماني من ممارسات جنسية غريبة ذكرها بعض المؤرخون في كتبهم , إحداها هي قيام بعض النسوة بوضع أفاعي صغيرة في فروجهن من اجل اللذة الجنسية و كذلك من اجل تبريد الجسم في فصل الصيف الحار!!. أما داخل حلبة الموت الرومانية فقد اتخذ الجنس مع الحيوان طابعا ملحميا , فقد ذكر المؤرخون بأن الرومان كانوا لديهم طريقة خاصة لتدريب بعض الحيوانات الوحشية على ممارسة الجنس مع النساء و الرجال , و كانوا يستعملون هذه الحيوانات أثناء عروض الموت التي كانت تتمتع بشعبية كبيرة , فكانوا يطلقونها على النساء اللواتي يضحى بهن داخل الحلبة فيقوم الحيوان باغتصابهن في ممارسة جنسية كاملة , و كانت المرأة الضحية غالبا ما تترك بعد اغتصابها لكي يقتلها الحيوان , و هذه الممارسة الهمجية كانت من أكثر العروض شعبية و إثارة للحماس لدى الجمهور الروماني.

أما في الهند فهناك نقش نافر مشهور على جدار احد المعابد الهندوسية يجسد رجلا هنديا يمارس الجنس بشكل علني مع حصان في حين تقف إلى جانبه امرأة و هي تغطي وجهها بيدها تعبيرا عن اشمئزازها.

العرب أيضا عرفوا ممارسة الجنس مع حيوانات مثل النوق و الخيول , و قد وردت أحاديث نبوية شريفة في تحريم و تجريم هذا الأمر , و الطريف أن بعض الناس في العراق و دول الخليج لازالوا يصفون المرأة الممتلئة الجميلة بـ “ناكه” أي ناقة!.

الخلاصة التي نستقيها من هذه النبذة التاريخية المختصرة هي أن الجنس بين الإنسان و الحيوان لم يقتصر على امة أو قومية معينة بل عرفته جميع الشعوب و الأمم بدون استثناء , من أقصى اليابان و حتى مراعي قبائل الهنود الحمر في أمريكا الشمالية.

البهيمية (Zoophilia ) ما هي و على ماذا تطلق ؟

هي كلمة إغريقية معناها “حب الحيوان” , و أول من استخدم هذا المصطلح هو العالم كرافت ايبنك عام 1886 , و قد أطلق هذا المصطلح تحديدا على كل ما يختص بمجال العلاقات الجنسية بين الإنسان و الحيوان , سواء كانت علاقة جنسية كاملة أي الإيلاج و القذف أو مجرد المداعبة و اللمس مثل مداعبة الإنسان لأعضاء الحيوان التناسلية أو قيامه بالاستمناء على جسد الحيوان , و يبدو أن مجال هذا المصطلح مطاط , فهناك باحثون يستثنون أو يضيفون بعض الأمور إليه , فبعضهم مثلا يعتبر مجرد اشتهاء الإنسان للحيوان جنسيا هو من ضمن البهيمية حتى لو لم يترافق هذا التشهي بفعل جنسي , و منهم من يستثني العلاقة الجنسية المصحوبة بالعنف , أي السادية , و التي تكون الغاية الأساسية منها هي إلحاق الأذى بالحيوان. كما أن اغلب الباحثين يتفقون على استثناء العلاقة العاطفية التي تنشا بين الإنسان و حيوانه الأليف و التي تصل أحيانا إلى مستوى عالي من التعلق و الحب لكنها لا تتضمن أي ممارسات جنسية.

و البهيمية كذلك تتناول و تبحث في اثر الممارسة الجنسية على سلوك الإنسان و الحيوان أيضا , مثلا هل يمكن للحيوان أن يستمتع بممارسة الجنس مع الإنسان ! , فهناك العديد من الرجال و النساء ممن مارسوا البهيمية يزعمون أن شريكهم الحيواني يستمتع بالجنس معهم و أحيانا هو الذي يبادر إليه , فالكلب على سبيل المثال يمكن تدريبه ليمارس الجنس مع الإنسان , و هناك العديد من الرجال أو النساء ممن كتبوا عن تجاربهم الجنسية مع كلابهم. لكن اغلب الباحثين يجادلون بأنه , و بغض النظر عن مدى استمتاع و اعتياد الحيوان على ممارسة الجنس مع البشر , فهو في الحقيقية لم يتعلم إلا ما قام الإنسان بتدريبه عليه , أي أن الحيوان لا يملك القدرة على الاختيار و ليس له حق الرفض و الامتناع , بل و لا يمكن أبدا معرفة ما إذا كان حقا يستمتع بالأمر حتى و لو بدا انه يفعل.

فلم باتجك سلافيسا
هل علاقة الانسان بالحيوان دائما بريئة ؟

لا يعرف على وجه الدقة مدى انتشار البهيمية , فهناك إحصائيات قليلة و على نطاق ضيق في هذا المجال , إحدى أقدم هذه الإحصائيات أجريت في الولايات المتحدة في أربعينيات القرن المنصرم و توصلت إلى أن حوالي 8% من الرجال و 4% من النساء مارسوا , لمرة واحدة على الأقل في حياتهم , علاقة جنسية كاملة أو جزئية مع حيوان , و هذه النسبة يتركز معظمها (40 – 50%) في المزارع و الأرياف. لكن إحصائية أخرى أجريت في ثمانينيات القرن المنصرم أظهرت تراجع هذه النسب بمقدار النصف تقريبا , و السبب في ذلك يعود بنظر الباحثين إلى تقلص حجم الحياة الزراعية في أمريكا و تحول معظم البلدات الريفية إلى مراكز حضرية و بالتالي فأن احتكاك الإنسان مع الحيوان انخفض بنسبة كبيرة , لكن تقلص هذه النسبة لا تعني تقلص الرغبة أو الشهوة , إذ انحصرت البهيمية في العصر الحديث بالحيوانات المنزلية الأليفة و على الأخص الكلاب , ولكن لأن البهيمية ممنوعة قانونيا , و قد تصل عقوبتها إلى السجن في بعض البلدان , فمن غير الممكن معرفة نسبة انتشارها الحقيقية في المجتمع لأن الناس يتخوفون من التحدث عنها بحرية , أما خجلا أو خوفا من الفضيحة و العقوبة.

يعتبر الانترنت اليوم من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها الحصول على مؤشرات حول انتشار هذه الظاهرة , حيث أن هناك منتديات و مواقع معينة يلتقي فيها الأشخاص المولعون بممارسة الجنس مع الحيوانات , غالبا تحت أسماء مستعارة , ليتبادلوا القصص و الخبرات. إما في العالم النامي حيث لازال عدد كبير من أبناء المجتمع يشتغلون بالزراعة فمن الصعب جدا معرفة مدى انتشار البهيمية لأن الحديث عنها يقتصر أحيانا على همسات و ضحكات خافتة يتبادلها المراهقون من أبناء الريف فيما بينهم , و رغم استهجان الناس لهذه العلاقة فأن درجة التحريم أو التابو حولها تكون اقل بنظر الناس , الريفيين الشرقيين تحديدا , من العلاقة الجنسية المحرمة بين الرجال و النساء التي قد تصل عقوبتها إلى التعنيف الشديد و في أحيان كثيرة إلى القتل , في حين إن العلاقة الجنسية مع الحيوان قد لا تعني بالنسبة للكثيرين سوى حادثة تستحق الضحك و السخرية و قد يصبح الأشخاص الذين شوهدوا أثناء ممارستهم لهذه العلاقة الشاذة محلا للتندر لما تبقى من عمرهم.

هناك بعض الباحثين يعتبرون البهيمية حالة مرضية نفسية تتطلب العلاج , و هناك أيضا من يعزوها إلى الكبت و العوز الجنسي , و قد يفسر الكبت جزئيا سبب انتشار الظاهرة في بلداننا العربية حيث يفرض المجتمع المحافظ قيودا شديدة على العلاقة بين الرجال و النساء لكنه لا يفسر لنا سبب انتشار و تفشي هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية , و لذلك فأن معظم الباحثين في مجال البهيمية يعتقدون بأنها لا تتعلق بالكبت الجنسي فقط و لكن هناك أسباب مختلفة أخرى قد تدفع الإنسان لممارستها , مثل حب التغيير و تجربة و اكتشاف شيء جديد. و هناك من الناس من يفضل الحيوان كشريك جنسي لأنه لا يتذمر و لا ينتقد و لا يفشي الأسرار و هو وفي و مطيع و هذه الصفات غالبا ما لا تتوفر في الشريك البشري.

البهيمية تهتم أيضا بالمخاطر الصحية التي يمكن أن تنشأ نتيجة الممارسة الجنسية بين الإنسان و الحيوان , و هذه المخاطر قد تنشأ أحيانا بسبب سلوك الحيوان عند ممارسة الجنس و التي تختلف عن السلوك البشري و تتسم أحيانا بحركات عنيفة كالعض أو الخربشة , فالحيوانات عادة ما تستعمل مخالبها الحادة و أحيانا أنيابها لتثبيت أو مداعبة شريكها الجنسي و هذا سلوك خطير جدا بالنسبة للبشر و يمكن أن يؤدي إلى جروح خطيرة. إضافة إلى ذلك فأن تركيب الأعضاء التناسلية للحيوان تختلف عن تلك المتعلقة بالإنسان لذلك قد تؤدي الممارسة الجنسية المتهورة إلى جروح خطيرة و أحيانا إلى نزيف مميت , و هناك حوادث عديدة حول العالم في هذا المجال , بعضها كان مميتا , خصوصا عند الممارسة مع الحيوانات الكبيرة مثل الخيول , و هناك حوادث مماثلة مع الكلاب لأن عضوها الذكري يمكن أن يؤدي إلى جروح خطيرة في مهبل المرأة عند عدم اتخاذ الحيطة و الحذر أثناء الممارسة. 
و بالإضافة إلى مخاطر العنف الجسدي فأن الاتصال البشري مع جسم الحيوان يمكن أن يؤدي إلى انتقال العديد من الأمراض الخطيرة , فمثلا السائل المنوي للحيوانات يمكن أن يكون ناقلا مميتا لأنواع من الفيروسات و البكتريا التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة الإنسان بأمراض خطيرة.

رأي الدين و القانون في البهيمية

جميع الأديان السماوية تحرم البهيمية و تعتبرها من الأمور الشنيعة الآثمة التي يجب على المؤمنين عدم اقترافها. فهي محرمة في اليهودية و المسيحية حيث وردت إشارة صريحة إلى البهيمية في العهد القديم من الكتاب المقدس اعتبرت الممارسة من الأمور الفظيعة و المنجسة التي تستحق القتل كما ورد في سفر اللاويين :

‏(23:18) : وَلا تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلا تَقِفِ ‎ ‎امْرَاةٌ امَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. انَّهُ فَاحِشَةٌ.
‏(15:20) : وَاذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ فَانَّهُ يُقْتَلُ وَالْبَهِيمَةُ ‎ ‎تُمِيتُونَهَا .
(16:20) : وَاذَا اقْتَرَبَتِ امْرَاةٌ الَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا ‎ ‎تُمِيتُ الْمَرْاةَ وَالْبَهِيمَةَ. انَّهُمَا يُقْتَلانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا .‎

أما في الإسلام فلا توجد آيات صريحة في القرآن الكريم تتطرق إلى موضوع البهيمية لكن المسلمون عموما و على اختلاف مذاهبهم و مدارسهم يتفقون على تحريم و استبشاع هذا الأمر و يستدلون في التحريم على بعض الأحاديث النبوية الشريفة و كذلك إلى بعض الاجتهادات الفقهية لأئمة المذاهب الإسلامية.

في الهند , تحرم بعض المدارس الهندوسية البهيمية و قد يتعرض من يمارس هذا الأمر إلى عقوبة شديدة خصوصا في حالة تدنيس الأبقار المقدسة.

البوذية أيضا تحرم البهيمية و تعتبرها من الأمور التي تجلب الأذى للنفس و للآخرين مثلها مثل الزنا و القتل و الاغتصاب.

إضافة إلى تحريم الأديان , فقوانين بعض دول العالم المتحضر تعتبر البهيمية جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن , كما في قوانين كندا و هولندا و استراليا و نيوزلندا و كذلك في معظم الولايات الأمريكية , و هناك دول لا توجد إشارة صريحة إلى البهيمية في قوانينها لكنها تمنعها و تعاقب عليها باعتبارها من جرائم انتهاك حقوق الحيوانات و إيذائها. و الطريف أن هناك دول لديها قوانين قديمة تمنع أن يعيش الرجل العازب أو الوحيد مع حيوان أنثى , ففي البيرو مثلا يحظر على الرجل العازب امتلاك أنثى الالبكا (حيوان يشبه اللاما) في منزله.

إن منع و حظر البهيمية في القوانين يقترن بالدرجة الأولى بمدى التزام الدولة بحقوق الحيوان الرئيسية و مدى نشاط الجماعات المدافعة عن تلك الحقوق فوق أراضيها , لذلك فأن أغلب الدول الغربية تحظر البهيمية و تعتبرها جريمة تستحق العقوبة أما في الدول العربية فيعتبر الحديث عن حقوق الحيوان من الأمور الطريفة و الموجبة للسخرية حيث إن حقوق البشر أنفسهم لازالت تنتهك باستمرار , فما بالك بحقوق الحيوان !.

هل يمكن للبهيمية أن تؤدي إلى ولادة مخلوقات هجينة ؟

فلم باتجك سلافيسا
غيب , هي هجين بين الخروف و الماعز

بعد أن عرفنا أن الجنس بين الإنسان و الحيوان ممكن و مارسه الإنسان منذ القدم , ربما  يتبادر إلى أذهان الكثيرين منا سؤال محير عن إمكانية أن تكون المخلوقات الخرافية الهجينة التي ذكرتها الأساطير القديمة حقيقية و احتمال أن يكون لها وجود في الأيام الغابرة ؟ فهل يمكن للعلاقة الجنسية بين الإنسان و الحيوان أن تؤدي إلى ولادة مخلوق هجين يحمل صفات أبويه معا ؟. و للإجابة على هذا السؤال نحن بحاجة أولا إلى معرفة معنى الهجين (Hybrid ) و كيفية توالد الهجن بين الفصائل الحيوانية المختلفة.

بصورة عامة يمكن تعريف الهجين على انه الذرية الناتجة عن تزاوج الحيوانات أو النباتات التي تنتمي إلى أصناف أو سلالات أو عوائل مختلفة ضمن التصنيف العام للكائنات الحية , و هذا التزاوج المختلط يمكن أن يحدث عفويا في الطبيعة كما يمكن أن يكون من تدبير الإنسان لغرض انتخاب و تأصيل صفات أفضل في الحيوانات أو النباتات التي يقوم بتهجينها.

بصورة عامة يمكن إنتاج مخلوقات هجينة في نطاق الحالات التالية :

– ممكن أن يحدث بين سلالتين مختلفتين (Subspecies ) كما في حالة تزاوج النمر السيبيري مع النمر البنغالي.
– يمكن أن يحدث نتيجة تزاوج نوعين مختلفين (Species ) ضمن الجنس الواحد (Genus ) مثال على ذلك تزاوج النمر مع الأسد.
– يمكن أن يحدث , في حالات نادرة , بين جنسين مختلفين (Genera ) مثال على ذلك الخروف و الماعز (غالبا ما يولد ميتا).
– يمكن أن يحدث , لكن بصورة نادرة جدا , نتيجة التزاوج بين عائلتين مختلفتين (Family ).

و باستثناء الحالات أعلاه فأنه من غير المعروف أبدا و ربما من المستحيل ولادة هجين في الظروف الطبيعية ينتمي إلى رتبتين مختلفتين (Order ) , أو إلى تصنيف أعلى من الرتبة , و عليه فمن المستحيل مثلا ولادة مخلوق هجين نتيجة للعلاقة الجنسية بين الإنسان و الكلب لأنهما ينتميان إلى رتبتين مختلفتين و كذلك لاختلاف عدد الكروموسومات (الصبغة الجينية) التي يحملها كل منهما , فالإنسان لديه 46 كروموسوما في حين إن الكلب لديه 78 كروموسوم.

فلم باتجك سلافيسا
صورة توضح كيفية توليد البغل

لكن إذا كان الأمر له علاقة بالكروموسومات فهل يمكن إنتاج هجين , في الظروف الطبيعية , بين الإنسان الذي يملك (46) كروموسوما في خلاياه و بين الأرنب (44) او الفأر (42) , و الجواب هو كلا بالطبع لأنهم ينتمون إلى رتب مختلفة , لكن يمكن توليد هجين من تزاوج الحمار (62) مع الحصان (64) , لأنهما من نفس الجنس و الرتبة , و المولود سيكون بغلا و يمتلك 63 كروموسوما و لذلك سيكون عقيما.

هناك حالة واحدة فقط يفترض نظريا أنها يمكن أن تؤدي إلى الحصول على مخلوق هجين في الظروف الطبيعية , و هذه الحالة هي تزاوج الإنسان مع الشمبانزي , فكليهما ينتميان إلى عائلة القردة الكبار (Great apes ) و هما متقاربان من حيث عدد الكروموسومات و يمتلكان نفس الخريطة الوراثية , و هناك العديد من القصص عبر التاريخ تتحدث عن ولادة هكذا هجين , فمثلا ذكر احد مؤرخي القرن الحادي عشر في أوربا قصة عن احد النبلاء الذي ارتبط بعلاقة جنسية مع قردة كانت لديه و إن هذه القردة أصابتها غيرة شديدة عندما رأته في احد الأيام نائما في أحضان زوجته فقامت بقتله , و زعم المؤرخ الأوربي بأن القردة أنجبت فيما بعد مخلوقا هجينا و انه رآه بنفسه. طبعا لا يوجد أي دليل يوثق صحة هذه الرواية و لكننا ذكرناها كمثال على إيمان الناس في العصور الوسطى بإمكانية ممارسة الجنس مع القدرة و الإنجاب من هذه العلاقة , فعلماء الحيوان العرب في العصور الوسطى حذروا النساء في كتبهم من كشف أجسادهن أو عوراتهن أمام ذكور القردة لأنها بزعمهم تشتهي نساء البشر جنسيا.
في العصر الحديث , خاصة في مطلع القرن المنصرم , قام عدد من العلماء السوفيت و الأوربيين بمحاولة تخصيب إناث الشمبانزي بالسائل المنوي البشري كما حاولوا تخصيب بعض النساء المتطوعات بالسائل المنوي للشمبانزي , لكن في كلتا الحالتين كان الفشل حليفهما و لم تحدث أي حالة حمل.

فلم باتجك سلافيسا
الشمبانزي اوليفر الى اليسار و الى اليمين شمبانزي عادي

هناك حالة واحدة في العالم لشمبانزي اسمه اوليفر يشك العلماء في كونه هجينا بسبب شكله الغريب و سلوكه و طريقة مشيه الشبيهة بالإنسان لكن الفحص المختبري على حمضه النووي عام 1990 اثبت انه شمبانزي عادي , و مع ذلك لازال هناك الكثير من الجدل و اللغط حوله إذ ان البعض يشكك في مصداقية نتائج فحص الحمض النووي و مازال العديد من الناس يؤمنون بأنه هجين حقيقي بين الإنسان و الشمبانزي.

أن الحكمة في اختلاف عدد الكروسومات بين الكائنات الحية هي لعدم تداخل الأجناس فيما بينها , لذلك فأن المواليد الهجينة بين الأجناس و الأنواع المختلفة تكون نادرة الولادة و غالبا ما تكون عقيمة. كما إن تقارب عدد كروموسومات الفأر و الأرنب و القرد مع الإنسان جعلها الأكثر استعمالا في المختبرات الطبية لأجراء التجارب عليها و ذلك لأنها الأقرب إليه جينيا , لكن العلماء اليوم يفكرون في إنتاج هجين تحت ظروف المختبر يمكن أن يستخدموه في تجاربهم لأحداث ثورة في عالم الطب و الصحة.

الباراهيومن (Parahuman ) .. علم ما وراء الإنسان

منذ عدة عقود و العلماء يقومون بتجارب جينية لغرض توليد حيوانات هجينة تحمل بعض صفات و خصائص الإنسان و ذلك من اجل الاستفادة منها في أبحاثهم العلمية و الطبية , فمثلا عن طريق إنتاج هجائن حيوانية تمتلك قلب أو رئة أو كلية بشرية سيتم إنقاذ ملايين الأرواح التي تزهق سنويا حول العالم  بسبب عدم توفر أعضاء بديلة , كما إن وجود مثل هكذا هجائن سيساعد العلماء في التعمق في دراسة و معرفة الوظائف المختلفة لأعضاء جسم الإنسان و بالتالي سيمكنهم من إنتاج عقارات لمعالجة الكثير من الإمراض المستعصية , فمثلا يمكن تطوير و دفع الأبحاث الرامية لعلاج مرض الايدز عن طريق توليد فئران تملك جهاز مناعة شبيه بجهاز مناعة الإنسان. و على نفس المنوال يمكن إيجاد علاج لأمراض مثل السكري وداء الشلل الرعاش والزهايمر (خرف الشيخوخة).

رغم كل الأهداف النبيلة انفة الذكر فأن أبحاث العلماء في مجال ما وراء الإنسان تواجه معارضة شديدة من قبل رجال الدين و السياسيين و حتى من قبل بعض العلماء و الأكاديميين , فهناك العديد من الأسئلة الأخلاقية التي تثور حول هذا الموضوع الذي يرى فيه الكثيرون امتهانا للكرامة البشرية , فمثلا ماذا سيكون مصير المخلوقات الهجينة في حال تم توليدها فعلا و كيف سيتم التعامل معها ؟ و هل ستعامل كبشر أم ستصنف ضمن نوع جديد ؟ هل تمنح حق الإنجاب و التكاثر و هل ستتفهم الأسباب التي دفعت البشر إلى تركيبها بهذا الشكل المشوه ؟ و كيف سيتصرف الإنسان إذا خرجت هذه المخلوقات الهجينة عن سيطرته ؟.

فلم باتجك سلافيسا
مجسم تخيلي للباراهيومن

بل ان الجدل حول هذا الموضوع لا يطال فقط إنتاج و توليد مخلوقات هجينة كاملة و لكنه يمتد ليشمل أيضا طلب العلماء بالسماح لهم بخلق أجنة مهجنة في المختبرات لأغراض البحث , فمثلا تقدم علماء بجامعتي “نيوكاسل” و”كنجز كوليج” ببريطانيا عام 2006 بطلب تصريح مدته ثلاث سنوات لتخليق أجنة حيوانية – إنسانية، على أن تستخدم الأجنة في أبحاث خلايا المنشأ (الجذعية)، ولن يسمح بنموها لأكثر من 14 يوما، أي لن يتجاوز حجمها رأس القلم، والهدف استخراج خلايا جذعية من الجنين المخلق البالغ من العمر ستة أيام ثم تدميرها. وخلايا المنشأ هي الخلايا غير الناضجة القادرة على التحوّل إلى أي نوع من الأنسجة في الجسم، والتي يأمل العلماء في استخدامها لتصنيع أعضاء بشرية وعلاج بعض الأمراض. و قد جوبه هذا الطلب بمعارضة قوية من مختلف شرائح الرأي العام فاضطرت الحكومة إلى رفضه لكنها عادت و سمحت به عام 2007 خوفا من أن يؤدي الحظر إلى تأخر بريطانيا في هذا المجال البحثي المستقبلي مقارنة بدول مثل الصين و كندا.

رغم إصرار المؤسسات العلمية المختصة في مجال الوراثة و البحوث الجينية على أن بحوثها تقتصر على مجال الأجنة المهجنة فقط إلا أن الكثيرين حول العالم ينظرون بعين الشك إلى هذه الادعاءات , فمن يعلم ماذا تفعل الدول المتقدمة من تجارب لا أخلاقية في مختبراتها السرية , و من يعلم ماذا سيحدث في المستقبل و إلى متى سيتمكن العلماء من ضبط فضولهم اللامتناهي في سبر أغوار هذا المجال العلمي الخطير , و ربما سيأتي يوم تعيش فيه المخلوقات الهجينة معنا على الأرض و تصبح واقعا لا مناص من التعامل معه فلا يصبح عجيبا أن يخرج الإنسان من منزله صباحا ليلقي التحية على جارته التي تمتلك ضرع بقرة و ترعى العشب في الحديقة أو على جاره الذي يمتلك جناحا طائر ينتقل بهما إلى مقر عمله بعيدا عن زحمة السير و المواصلات!!.

ملاحظة مهمة : الغرض من هذه المقالة ليس اثارة الشهوات و لمن يبحث عن هذه الامور فأمامه الانترنت مليء بأقذر ما يتصوره العقل , الغرض من المقال علمي واكاديمي بحت.

guest
1.2K Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى