ألغاز علمية

طفل النجوم .. جمجمة حيرت العلماء

بقلم : اياد العطار

منذ اقدم العصور هناك اسطورة تداولتها معظم الشعوب و الامم عن الغرباء القادمين من السماء ، مخلوقات فضائية صوروها بأشكال و هيئات و اسماء مختلفة فتارة هي رسل الالهة و اخرى هي الملائكة التي تتردد ما بين السماء و الارض ، غالبا لتنشر الخير و العدالة بين الناس و احيانا قليلة لتدمر و تحرق مدنا كبيرة فلا تبقي منها شيئا و لا تذر ، في عام 1930 و عن طريق الصدفة اكتشفت احدى الفتيات جمجمة غريبة في شكلها و تكوينها لتصبح لغزا محيرا اتخذه انصار نضرية المخلوقات الفضائية كدليل على اتصال البشر مع القادمين من السماء ، لغز لازال مصدرا لكثير من اللغط و الجدل العلمي حتى يومنا هذا.

هل هو نتيجة لزواج المخلوقات الفضائية من البشر ؟!

طفل النجوم .. جمجمة حيرت العلماء
الى اعلى اليمين صورة لجمجمة المرأة المجهولة و جنبها صورة لجمجمة طفل النجوم و الى الاسفل صور اضافية لجمجمته اما الى اليسار فصورة متخيلة لما كان عليه شكل الطفل عندما كان حيا

مثل معظم الاكتشافات ، لعبت الصدفة دورا كبيرة في اكتشاف البقايا العظمية لطفل النجوم “Starchild “، في عام 1930 اصطحب زوجان امريكيان ابنتهما المراهقة لزيارة اقاربهم في احدى بلدات المكسيك الواقعة على بعد حوالي 100 ميل من العاصمة مكسيكو ستي ، كانت تلك البلدة تقع في منطقة مليئة بالكهوف و انفاق المناجم القديمة المهجورة و التي منع الزوجان ابنتهما من التقرب منها خوفا عليها من ان تتعرض لحادث ، لكن و كعادة معظم المراهقين الذين تجذبهم المغامرة و حب الاستطلاع لم تستطع الفتاة منع نفسها من الولوج الى داخل هذه الانفاق و اخذت تتجول بينها لأكتشاف خباياها ، في نهاية احد هذه الانفاق القديمة كانت تنتظرها مفاجأة لم تكن تتوقعها ، كان هناك هيكلان عظميان يتمددان جنبا الى جنب على ارضية النفق ، احدهما لأنسان بالغ و الاخر لطفل صغير ، قامت الفتاة بأزاحة التراب عن الهيكلين ثم جمعت اجزائهما و نقلتهما معها الى الولايات المتحدة ليبقيا معها حتى وفاتها في تسعينيات القرن المنصرم حيث انتقلت ملكيتهما الى احد الاشخاص و الذي اثار الهيكلين فضوله بشدة ، على الخصوص جمجمة الطفل الصغير التي كانت غريبة في شكلها و حجمها ، لذلك قام بعرض الهيكلين على بعض المختصين و الذين بعد دراسة وافية لهما توصلا الى نتيجة محيرة ، بالنسبة لهيكل الانسان البالغ فقد شخصوه على انه هيكل يعود لأمرأة في منتصف العشرينات من العمر و اما الطفل الصغير فقد قدروا عمره بحوالي خمسة سنوات ، بالنسبة لزمن موتهما فقد قدرها الخبراء بـ 900 عام  ، الى هنا و كل شيء طبيعي و متفق عليه الا ان اختلاف الاراء يظهر عند فحص جمجة الطفل الصغير حيث هناك ثلاثة نضريات حولها :

  1. ان الطفل كان مصابا بمرض ادى الى تشوه الجمجة مثل مرض “Hydrocephalus ” الإستسقاء الدماغي او مرض “Progeria ” الشيخوخة المبكرة او غيرها من امراض التشوهات الولادية.
  2. ان الطفل تعرض لعملية صياغة العظام لتغيير شكلها عن طريق ربطها منذ الطفولة بطريقة تغيير شكل و حجم الجمجمة و هي طريقة كانت معروفة في حضارات امريكا الجنوبية و حضارة مصر الفرعونية و خصوصا عند الكهنة و هناك نماذج عديدة عنها.
  3. النضرية الثالثة يدعمها انصار المخلوقات الفضائية “Alien” و الذين يعتقدون ان الطفل الصغير هو هجين ناتج عن زواج احد المخلوقات الفضائية من امرأة ارضية.

بالنسبة للنضرية الأولى فبعض العلماء ممن فحصوا الجمجمة يستبعدون تشوهها نتيجة لمرض معين و ذلك بسبب ان شكلها و انسيابيتها تبدو طبيعية و ليست نتيجة عارض معين و اما بالنسبة للنضرية الثانية فكل النماذج القادمة من الحضارات القديمة تظهر ان اعادة صياغة شكل الجمجمة يكون في المنطقة الواقعة خلف الرأس لأن بالأمكان ربطها لفترات طويلة اما اعلى الرأس فليس من الممكن تشكيلها و تضخيمها كما في حالة جمجمة الطفل الصغير.
ان فشل النضريتان السابقتان في تفسير شكل جمجمة طفل النجوم شجع اصحاب النضرية الثالثة على الاصرار على صحتها و هم يستندون على اشياء اخرى غير طبيعية كشفتها الدراسة المختبرية لجمجمة طفل النجوم و منها :

  1. حجم الجوف الدماغي للجمجمة غير طبيعي بالمرة ، فهو يعادل 1600 سنتمتر مكعب اي اكبر بمقدار 200 سنتمتر مكعب من حجم الجوف الدماغي للأنسان البالغ الطبيعي و اكبر بـ 400 سنتمتر مربع من حجم الجوف الدماغي لطفل طبيعي في نفس عمر طفل النجوم.
  2. تجويف العينان بيضوي الشكل و عمقه اقل بكثير منه لدى الانسان الطبيعي كما ان عصب العين يتصل بالعين من الاسفل و ليس من الخلف كما في الانسان الطبيعي.
  3. شكل الاذن يبدو طبيعيا و لكن بالمسح الاشعاعي يظهر ان حجمها اكبر من الحجم الطبيعي كما ان عمقها اكثر من الطبيعي ايضا.
  4. ان الجمجمة لا تحتوي على جيوب جبهية في العظم الجبهي.
  5. احدث فحص للجمجمة في عام 2004 اكتشف نوع غير معروف من الالياف في تركيبة عظام الجمجمة.

حسب نظرية التطور فأن الفرق بين حجم الدماغ لكل فصيلة بشرية تصل الى 200 سنتمتر مكعب بدءا من انسان الهيموهابيليس و انتهاءا بأنسان النياندرتال و الانسان الحديث و هذا يضع العلماء امام تسأول و لغز كبير اذ طبقا لنضرية التطور فأن جمجمة طفل النجوم تعود الى فصيلة غير معروفة و غير مكتشفة سابقا من فصائل الانسان.

لسوء الحظ فأن الفتاة التي اكتشفت الهياكل العظمية عام 1930 قد قامت بتنظيفها و تعريضها للشمس مما ادى الى تدمير الحمض النووي لها و بالتالي جعل من مهمة عمل فحص “DNA ” للهياكل صعبة و عسيرة.  لكن رغم ذلك فقد قام العلماء بعمل اربع تحاليل للحمض النووي كان اخرها عام 2004 ، و قد كشفت التحاليل على ان المرأة التي وجد هيكلها العظمي في النفق جنب هيكل طفل النجوم هي ليست امه و ان والدة طفل النجوم الحقيقية هي امرأة من الهنود الحمر اما الوالد فلم يمكن تحديد فصيلته و هو ما ترك اللغز بلا حل ، هل يكون والد الطفل هو مخلوق فضائي حقا ؟ من هي الامرأة التي وجدت رفاتها مع طفل النجوم ؟ لماذا اختبئا في هكذا نفق مظلم و موحش بعيدا عن اعين الناس ؟ كيف ماتا و لماذا ؟ اسئلة محيرة ستبقى بدون جواب بأنتظار ان يصل العلم يوما الى الية متطورة لجمع و تحليل و فحص الحمض النووي من الهياكل العظمية القديمة تميط اللثام حول حقيقة و هوية جمجمة طفل النجوم.

هذه القصة نشرت لأول مرة بالعربية في موقع مملكة الخوف بتاريخ 05 /11 /2008

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى