اختفاء هنري ماكبي و المكالمة الأخيرة

بقلم : سارة زكي – مصر
من بين كل الحالات التي لا تعد ولا تحصى لأشخاص يموتون في ظروف غامضة ، فإن حالة هنري مكابي هي واحدة من أكثر الحالات التي تقشعر لها الأبدان ويصعب فهمها واستيعابها أيضاً .
كان مكابي البالغ من العمر 32 عامًا قد هاجر إلى الولايات المتحدة من ليبيريا ، وأقام ضمن الجالية الليبيرية الأمريكية في كاليفورنيا مع زوجته وابنتيه بلجوء سياسي ، قبل أن ينتقل إلى ” ماوند فيو – مينيسوتا ” . هناك حيث حصل على وظيفة كمدقق حسابات في دائرة الايرادات العامة. وحقق كفاءة و جدارة بكل المقاييس .

ماكبي كان رب عائلة يعشق أسرته . متعلمٌ و منفتحٌ و ودودٌ أيضاً ، بالإضافة لكونه نشطٌ في مجتمعه وسعيدٌ بما لديه في حياته . ولعل أي شخص قد عرفه و اكثرهم تشاؤماً ، ما كان ليفكر مجرد تفكير ، بأنَّ مصيراً اسوداً محفوفاً بالغموض سيكون بانتظاره ، وسيضمّه إلى قائمة الألغاز غير المحلولة عبر التاريخ .
في ليلة 7 سبتمبر 2015 وفي حوالي الساعة 2:28 صباحًا ، تلقت كارين زوجة هنري مكابي و التي كانت خارج مينيسوتا في إجازة مع ابنتيها بولاية كاليفورنيا ، مكالمة هاتفية عبارة عن بريد صوتي من زوجها ، ظنت كارين ان هنري يتمنى لها و للأولاد ليلة سعيدة ، إلا أنه و على مدار دقيقتين ، استمعت إلى ما بدا وكأنه زوجها هنري يصرخ مستنجداً ، قائلاً إنه أصيب برصاصة . وأنه غير قادر على نطق الكثير من الكلام ..
يتخلل الصوت همهمة غريبة ، حيث أنه بدا وكأنه يعاني من هجوم كائن غامض ما .
لتأتِ بعد ذلك الصراخ و العويل و التشويش و الهدير الغريب ، لحظة صمت مفاجئة ، قبل سماع صوت رجل في الخلفية يقول “توقف” وينتهي بعدها التسجيل .

على الفور اتصلت الزوجة بالشرطة وأعلمتهم بالأمر ، ومنها بدأت عمليات البحث ..
ماذا كان يفعل هنري مكابي في تلك الليلة ؟
قبل اختفاء هنري مكابي ، كان على ما يبدو يقضي ليلة مرحة مع أصدقائه في نادي “بوفليتزكي ” ، في سبرينج ليك بارك ، على بعد 5 دقائق بالسيارة من المكان الذي كان يعيش فيه . عدا عن أنّه كان يتسكع مع صديقه “وليام كينيدي ” طوال اليوم ، و يبدو أن هنري ليلتها كان قد افرط في الشرب ، لدرجة أن أصدقائه انتهى بهم الأمر إلى أخذ محفظته ومفاتيح السيارة بعيداً حتى لا يتمكن من شراء المزيد من المشروبات أو محاولة القيادة إلى المنزل .
إقرأ أيضاً : النداء الأخير .. جرائم قتل واختفاء محيرة
غادر هنري و الاصدقاء النادي في حوالي الساعة 1:40 صباحاً من تلك الليلة ، وعرض صديقه -ويليام كينيدي – نقله إلى المنزل . ولكن بدلاً من المنزل ، طلب هنري من ويليام أن يقلّه إلى محطة وقود في بلدة فريدلي القريبة . بالطبع كان ذلك الطلب غريباً بعض الشيء ، لأن المحطّة تلك تقع في الاتجاه المعاكس لمنزل هنري ، إلا أن ويليام قام بإيصاله الى هناك على حد زعمه وتركه .

لا أحد يعلم ماذا جرى له بعدها ، كان ذلك التسجيل المريب و الغامض و الغير مفهوم ، هو اخر ما تركه هنري مكابي قبل أن يتبخر .
حاولت الشرطة تتبع بطاقته البنكية ، ولكنه لم يقم بأي عمليات من خلالها منذ اختفائه .
كذلك هاتفه كان قد تم اغلاقه ، و اخر مكان صدرت منه اشارة كانت قريبة من محطة الحافلات اللي انزلها عنده ويليام .
إحدى المفارقات الغريبة التي حصلت كانت عند مراجعة الشرطة لكاميرات المراقبة بمحطة -امريكان جاز – (ذات اللون الاحمر على الخريطة) والتي ادّعى ويليام بأنه أوصل صديقه هنري إليها ، ولكن لم يظهر أي منهما في التسجيل .
بمواجهة لويليام بهذا الامر ، قام ذلك الأخير بتغيير اقواله ، وقال انه التبس عليه الامر وانه اوصله لمحطة أُخرى (ذات اللون الأزرق على الخريطة) تدعى محطة هوليداي !
في الثاني من نوفمبر اي بعد مرور ما يقارب الشهرين من اختفاء هنري مكابي و عمليات البحث الواسعة التي انطلقت للبحث عنه . عثر احد ممارسي رياضة “الكاياك ” في بحيرة راش ، على بعد ستة أميال من محطة الوقود التي انتهى هنري إليها ، على جثة تطفو فوق مياهها ، وقام بابلاغ الشرطة التي جائت مسرعة ، وبمراجعة كشوف المختفين تم التعرف على الجثة انها لهنري ماكبي ..
عندما تم عرض جثة ماكبي للطب الشرعي ليخرج التقرير النهائي بشكل عجيب و صادم !.
لا يوجد اي اثر لعيارات نارية على جسده ، اي انه لم يتم اطلاق الرصاص عليه كما قال لزوجته في التسجيل الصوتي . أيضاً لا يوجد جروح تعذيب او تقييد كما توقعت الشرطة ، و شخّص الطبيب الشرعي الوفاة على انها نتيجة الغرق !
إقرأ أيضاً: الاختفاءات الغامضة .. أناس تلاشوا في العدم
قامت الشرطة بالتحقيق مرة اخرى مع ويليام كينيدي ووضعه علي جهاز كشف الكذب . ولكن لا دليل علي تورط ويليام ، وعندما سأله المحقق لماذا تركت هنري في المحطة ، اذ انّ من المفترض ان تقوم بتوصيله سيما وانَّ مفاتيح منزل هنري كانت معك بالسيارة ؟ .
اجاب ويليام انهم كانوا تحت تأثير الكحول ولم يفكروا بجدية .

تم ايضا التحقيق مع الزوجة كارين ماكبي ولكن كارين لم تكن في منيسوتا كما ذكرنا من قبل ولم يكن هناك اي شجارات بين الزوجين .
الكثير من النظريات ظهرت علي السطح لتفسير موت هنري ماكبي الغامض
اولى النظريات تحدثت عن كون هنري ماكبي لاجئاً سياسياً من ليبريا، نتيجة للحروب الاهلية وربما وراء مقتله احد السياسين .
نظرية اخرى تقول أن حيواناً برياً هاجم هنري وانه حاول الاستغاثة بزوجته ولكن كما قلنا لا يوجد اي جروح على جثة هنري .
نظرية ثالثة .. ان هنري ماكبي كان سكراناً وخرج من المحطة ، واخذ يسير بلا هدى حتى سقط في البحيرة .
واخر نظرية لمحبي الكائنات الفضائية ، حيث تقول ان هنري تم اختطافه من قبل الفضائين لاجراء اختبارات ثم القوه عندما انتهوا منه في البحيرة .
انما جميع النظريات السابقة لا تفسر مكالمة هنري الغامضة ..
عرضت شرطة منيسوتا مكافأة مالية لمن يبلغ عن اي معلومات عن هنري ماكبي ، ولكن لم تصل أية معلومات ذات أهمية تذكر ، لتبقى وفاته لغزاً غامضاً ، وتبقى قضيته مفتوحة حتى يومنا هذا .
ملاحظة :جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس ، لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي او المرئي للمقال المنشور دون اذن مكتوب من ادارة الموقع ، وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .