المستذئبون : قصص حقيقية سجلها التاريخ
تنتشر الكثير من الخرافات والأساطير حول بلدان العالم ، إلا أن هناك أساطير منتشرة بكل أرجاءه وليس فقط في بلد أو بلدين . وإحداها هي أسطورة المستذئبين .
ومن منا لا يعرف هذه الأسطورة؟ ، رجل يتحول إلى ذئب متوحش ويأكل لحوم البشر في ليلة يكتمل فيها ضوء القمر . وفي الليلة التي بعدها يعود لإنسان عادي وكأن شيء لم يحصل .
وقد تعتقد أن مصدر هذه الأسطورة هي أوروبا ، لكنها ليست كذلك عزيزي القارئ ، فهي موجودة بكل ثقافة وكل مكان بالعالم . لدرجة أن الهنود الحمر امتلكوا هذه الأسطورة حتى قبل وصول الأوروبيين .
وحينما تنتشر ذات الأسطورة بكل مكان بالعالم فلا بد من وجود مبرر لذلك ، فإما إن يكون هناك مستفيد من انتشارها أو أن تكون هذه الأسطورة حقيقة .
أجل .. إن أسطورة المستذئب هي أسطورة حقيقية . وهي مثبتة علمياً ، وهو أمر سأتحدث عنه في نهاية المقال . ولكن قبل أن أمنحك التفسير العلمي يا عزيزي القارئ فسأحدثك أولا عن مستذئبين حقيقين هاجموا البشر وأكلوا لحومهم .
1- جايل جانر – المستذئب الفرنسي
جايل جارنر كان ناسكاً فرنسيا ولد بالثامن عشر من شهر يناير بالعام 1573 وتربى وقضى عمره بريف مدينة دول الفرنسية . وذات مرة تعرف جايل على امرأة فرنسية ، ووقع بحبها وتزوجها . إلا أنها لم ترغب بالعيش بالريف ، حيث أنها فتاة مدينة وأصرت أن تذهب هناك فما كان منه إلا أن انتقل إليها .
لم يستطيع جايل أن يتأقلم بالمدينة لأنه قضى عمره بالريف ، إلا أن زوجته لم تيأس وظلت تحاول جعله يتأقلم . لكن جايل كان يعيش وحيدا في كوخ صغير بالريف ، يأكل ما يزرع ويزرع ما يأكل وكانت حياته هادئة . وكان بالكاد يطعم نفسه ، أما اليوم فعليه أن يعمل بالمدينة ويطعم زوجته ومن يدري لو حملت تلك المرأة ما سيحدث له .
إقرأ أيضا : سكين والكر – أصل أسطورة المستذئب الحقيقي
بدأت المشاكل في زواجهم تظهر وتطفو على السطح يوما بعد يوم . لقد كان شجارهم شبه يومي وحينما كان الغضب يتملك جايل كان يخرج من المنزل ويعود إلى كوخه .
ويوما بعد يوم بدأت أخبار غير سارة تظهر بالمدينة ، حيث بدأت حوادث اختطاف أطفال صغار من منازلهم في عتمة الليل . وقد بحث السكان عنهم دون جدوى ، حتى سلم الأهل أن أطفالهم أصبحوا خارج المدينة . فذهبوا إلى الغابة وهناك صدم الجميع صدمة غير متوقعة . فقد وجدت دماء وآثار الأطفال في الغابة مما يعني أنهم تعرضوا للقتل .
لكن من لديه المصلحة بقتل الأطفال ولماذا؟ . لم يستطع أحد الإجابة عن هذا السؤال . حتى تقدموا أكثر ووجدوا جايل يمشي على أربع كالحيوان و يحمل طفلا ميتاً بين فكيه! . وحين تقدموا إليه أصدر صوت زمجرة في وجههم فانتظروه حتى هدأ أخيراً . ووقتها حاوطوه وتحدثوا إليه قال :
” لقد كنت أشعر بالجوع وكان علي إطعام زوجتي ، فرأيت الشيطان وصنعت معه صفقة حتى يحولني لذئب “
واعترف بقتل وأكل أربعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 9-12 سنة . وبعد كلماته هذه حكم عليه بالإعدام حرقاً وتم ربطه بعمود خشبي وأشعل بالنار وهو حي .
2 – مانويل بلانكو – السفاح الإسباني
ولد مانويل بلانكو بالثامن عشر من نوفمبر بالعام 1809 وقد تربى بالجبال . كانت حياته قاسية ، حيث أن أهله قاموا بتربيته كفتاة وكان اسمه “مانويلا” . فكانت الأم تبقيه بالمنزل وكانت تلبسه الفساتين وتعلمه كيف يتصرف مثل البنات .
إقرأ أيضا : ما لا تعرفه عن المستذئبين
استمر ذلك حتى عمر الست سنوات حينما زارهم طبيب ورأى ما جرى وأخبرهم أن هذا خطأ وأن عليهم ترك المسكين يعيش حياة الصبية الآخرين ، وبعمر الثمانية سنوات قام الأهل بتغيير اسمه إلى مانويل ومعاملته كرجل . إلا أن الست سنوات التي قضاها مثل الفتيات دمرت نفسيته تماما .
و بحسب بعض المصادر فإنه كان شخصا عاديا حيث أن طوله ترواح بين 1.37 و 1.49 متر . وكان أشقرا ذو بشرة سمراء وعيون بنية ، وكان كذلك يبدو عليه أنه إنسان طبيعي تماماً .
لاحقاً تزوج مانويل بسيدة إسبانية تعمل بصناعة الألبسة ، وقد عشقها مانويل كل العشق إلا أنها ماتت بعد عام من الزواج مما سبب صدمة نفسية قوية لدى مانويل . فترك المدينة وبدأ بالعمل كبائع متجول يجوب إسبانيا لبيع بضائعه . ولم يستطع أن يحقق أي مال من عمله وأصبح مديوناً . فقرر أن يعمل كمرشد سياحي للمدينة حيث يقوم بإرشاد الناس في جبال كاشتيلا الإسبانية .
و عمله كمرشد للمدينة منحه معرفة بكل تفاصيل ومداخل ومخارج المدينة . كذلك وبما أن مانويل ترعرع بالجبال فكان يعرف طرقها وكيفية تسلقها أكثر من أي شخص مما جعله بالمكان المثالي لاصطياد فرائسه .
لقد بدأت الشكوك تحوم حوله وتزداد يوما بعد يوم حيث أنه قد زادت البلاغات عليه . فقد فُقد تسعة أشخاص ذهبوا معه ، معظمهم نساء وأطفال . وبعد أن تم التحقيق معه اكتشفوا أنه كان يختطفهم ويقتلهم ويأكل لحمهم . ثم يصنع الصابون من دهونهم وشحومهم ويبيعه للناس كتذكار سياحي! .
تم الإشتباه به في عشرين جريمة قتل ، لكنهم لم يتمكنوا إلا من إثبات مقتل تسعة ضحايا . وحينما تم التحقيق معه ذكر للمحقق أنه لا يذكر أي شيء عندما يتحول لذئب . وذلك لأنه أثناء قتلهم كان قد تحول لذئب وهجم عليهم وأكل لحمهم وكانت الرؤية غريبة للغاية .
إقرأ أيضا : المستذئب .. حقيقة وليس خيال!
حكم عليه بالسجن مدى الحياة بالعام 1853 ، و كان هناك طبيب فرنسي يعيش بلندن يعرف باسم “فيليب” متابعا لحالة مانويل . قام ذلك الطبيب بطلب متابعة ودراسة حالة مانويل ، ودرسها بالفعل لثمان سنوات قبل أن يموت مانويل لأسباب طبيعية . وأنشأ عدة بحوث عن حالته .
إن مانويل لم يكن مستذئبا فحسب ، في الواقع كان أول قاتل متسلسل بتاريخ إسبانيا .
3 – جين جرنير – جرو الذئب
في جنوب غرب فرنسا وجد صبي يدعى باسم جين جرنير ويبلغ من العمر 13 عاما .
تلك المزرعة التي عاش فيها جين كانت منحوسة ، فبمجرد مرور الأطفال من المزرعة فإنهم يختفون بشكل غامض ولا يُترك لهم أثر . وفي مرة قد اختطف طفل من سلته بينما أراحت امه نظرها لوهلة بسيطة .
لم يكن أحد يشك بأي شيء ولم توجه أصابع الإتهام إلى أحد ، لكن لاحقا وأثناء رعاية قطيع الأبقار التقى جين بفتاة جميلة تعمل معه عمرها 18 عاما وأخبرها جين أنه يرغب بالزواج منها ، فضحكت عليه وسخرت منه بل وأشارت إلى منظره القذر فرد عليها بأن تلك الأوساخ هي بقايا جلد علقت حينما تحول إلى ذئب الليلة الماضية .
ضحكت الفتاة وظنت أنه يمزح حتى بدأ يحدثها عن مغامراته الغريبة حيث انه قال :
“أنا جزء من قطيع ذئاب مكونة من تسعة أفراد ، وخلال هذا الأسبوع قمنا بعدة عمليات صيد داخل المزرعة ، إن طعامي المفضل هو لحم الأطفال فهو شهي ولين للغاية” .
وبمجرد سماع تلك الكلمات هربت الفتاة راكضة إلى الشرطة لخبرتهم بكل شيء ، وحينما قبضوا عليه لم يقوم بإبداء أي مقاومة . وفي الواقع اعترف دون أن يتعرض لأي نوع من أنواع التعذيب . بل وحكى لهم قصة حياته كاملة .
ولد جين بالعام 1590 لأب سكير ، لقد كان والده يضربه باستمرار وعلى أتفه الأسباب ولم يكن ضربا بسيطا بل كان ضربا قاسياً جدا . ولم يعد المسكين جين قادرا على التحمل أكثر فهرب خارج المنزل ، وسرعان ما وجد المسكين نفسه يتسول بالشوارع حتى يتمكن من الحصول على طعام يسد به جوعه .
إقرأ أيضا : بيرانا – ثلاثي الأبعاد – .. وحوش صغيرة قاتلة
التقى لاحقا بطفل مشرد مثله يدعى بيرير وأصبحت علاقتهم قوية فقام بيرير بإطلاعه على سر يجلب له ألذ أنواع اللحم . وأخذه إلى غابة وجعله يلتقي براهب غريب ، قبل الراهب جين ثم قام بوضع علامة على فخذيه ومنحه فروة ذئب وقال له أن يصيد بالليل وأن يملأ بطنه الجائعة بما شاء من اللحم البشري .
كانت أول ضحية له هي طفلة عمرها ثلاث سنوات ، صادها وأكلها ومنذ تلك اللحظة لم يعد يستطيع أن ينسى طعم اللحم البشري . وهو لا يتذكر كم ضحية قتل وأكل ولا يمكنك لومه يا عزيزي القارئ ، فتخيل أن تُسأل كم سندويشة أكلت في حياتك؟ . بالطبع فاجابتك لن تكون دقيقة .
عرض على المحكمة لكن القاضي لم يرسله للإعدام نظرا لسنه . كذلك بعد قصة الراهب والعلامة والقبلة اعتقد القاضي أن جين مصاب بمس شيطاني فقام بإرساله للدير حتى يخدم فيه وحتى يكون بمكان قريب من الله عل المس الشيطاني يخرج منه ، لكن هذا لم يحدث . فبعد عدة أعوام أتى شخص لزيارته والإطمئنان على حالته وانصدم مما رأى . لقد كان الصبي يقف على أربع أقدام داخل زريبة ، وكانت أظافره طويلة وكان يزمجر ويعول كالذئاب . وما فاجئ القس هو أن الصبي كان يركض على أقدامه الأربعة أسرع من قدميه الإثنين .
لم يستطع أحد من الدير أن يقص أظافره أو أن يقوم بمنحه حماما حيث كان يهاجمهم في كل مرة . أيضا لم يكن يأكل الا اللحم ، وقد اعتقد القس أنه يدعي المرض فقط ليأكل اللحم حيث أن سعره كان غاليا . لكن الأمر لم يكن كذلك ، فذلك الصبي لم يكن يأكل اللحم المطبوخ بل كان يأكله نيئاً .
توفي جين بالعام 1611 بعمر 21 سنة ، كما أنهم لم يعثروا لا على الراهب الذي حوله إلى ذئب ولا على الصبي الذي دله على الراهب . مما عنى أنهم من صناعة خياله فقط لا أكثر . رغم فن هناك فتاة ادعت انها تعرضت لهجوم من قبل صبي وأخوه الا ان ادعائها لم يثبت نهائياً .
4 – ثيس – الذئب السويدي
في مدينة ليفونيا السويدية (تقع في لاتفيا حالياً) ، وبالعام 1692 تم اعتقال مجموعة أشخاص بتهمة سرقة أغراض كنيسة . وقد تم دعوة عدة شهود وأحدهم كان عجوز دا سويديا يدعى بثيس .
إقرأ أيضا : عالم الأساطير (الوحوش) ..
وبعد نهاية المحاكمة كان ثيس قد قرر أن يعترف بارتكابه لجرائم ، وتلك الجرائم كانت بالفترة التي كان فيها مستذئباً . حيث أنه اعترف بمهاجمة المزارع وقتل الحيوانات وسرقتها .
فسكان المدينة سبق وأبلغوا السلطات أن هناك حيوانات تتعرض للقتل بطريقة وحشية توحي أن القاتل ذئب . لكن لم يكن هناك أي ذئب بالمنطقة ، ومن غير المنطقي أن هناك ذئابا تأتي من المدن الأخرى لأجل الهجوم على هذه المزارع . وكأنها المزارع الوحيدة الموجودة .
اعترف ثيس أنه ظل يهاجم ويصيد حيوانات المزارع لمدة عشر سنوات قبل أن يقرر التقاعد . ورغم أنه كان يصيدها بشكل وحشي ، إلا انه كان مستذئباً متحضراً حيث أنه كان يشويها ولا يأكل لحمها نيئاً .
قال أنه أتى إلى هذه المدينة ولم يملك من متاع الدنيا أي شيء . فبدأ التسول ، وكان ينفق كل المال الذي يعطيه أصحاب القلوب الطيبة على اللهو والشرب .
وذات مرة التقى برجل مثل حالته وقد قام بمنحه كأساً من الخمر ، أخذ معه نخباً ومن حينها أصبح بإمكان ثيس حينها التحول لذئب بالليل . كذلك قد تكلم عن شياطين وجهنم وسحر . ونظرا لأنه لم يصِد إنساناً واقتصر صيده على الحيوانات ، فقد أمر القاضي بجلده ثم نفيه خارج المدينة .
5 – أوستن هاروف – الوحش الأمريكي
قد تتوقع عزيزي القارئ أن وجود المستذئبين قد انتهى مع نهاية العصور الوسطى ؟ .. في الواقع أنت مخطئ حيث أن هناك مستذئبا قبض عليه قبل عدة سنوات فقط! .
إقرأ أيضا : القطط القاتلة
في العام 2016 عاد طالب جامعي يدعى أوستن هاروف من الجامعة وبقي في منزل أهله . إلا أن أهله لاحظوا أن هناك خطبا ما فيه ، حيث أنه انتقل من غرفته لمستودع السيارات وأصبح ينام فيه . كما أنه تحدث لهم عن أصوات غريبة يسمعها وعن ساحرات ورجال الظل! .
كان يأتي بالليل ويطرق الباب على غرفة والديه وإخوته ويقول لهم :
“لا تقلقوا أنا أتجول بالمنزل ولن يصيبكم سوء” .
كما أنه كان دائما يبقي الإنجيل بغرفته خوفا من الساحرات .
اعتقدت العائلة أن الإبن فقد عقله ، وربما تبحَر كثيرا في قراءة الأساطير والخرافات حتى حدث له ذلك . أو لعلّه يقوم بعمل خدعة ما أو أنه يحاول التدرب على تمثيلية بالجامعة .
لم يأبه الأهل كثيراً له ، فما كان منهم إلا أن ذهبوا برحلة عائلية لمطعم وأخذوه معهم للترويح عن أنفسهم فذهب الأب وزوجة الأب وأخته . ولكن سرعان ما قام أوستن بافتعال مشكلة داخل المطعم ، ثم خرج منها غاضباً ذاهباً لمنزل أمه . ومجرد وصوله للمنزل رحبت به إلا أنه بدأ بالتصرف بغرابة .
حيث توجه للمطبخ وبدأ بشرب كمية كبيرة من زيت الطبخ فمنعته أمه وذهبت به مجدداً للمطعم وطلبت منه أن يجلس مع والده . مرت بضع دقائق من السلام حتى عاود أوستن الشجار وهذه المرة مع والده قم غادر مجددا .
اتصلت الأم حينها بالشرطة ، وطلبت منهم ان يقوموا بمحاولة التحدث لابنها المسكين حيث أنه كان غريبا ويعاني من خطب ما . وقد استجابت الشرطة بالفعل لكنها تأخرت . فأوستن كان قد مشى ما يقارب 7 كيلومترات ووصل إلى منزل عائلة ستفين . عائلة بلا أطفال ، وهي الهدف المناسب له
كان الزوج ستيفن يقوم بتمشية الكلب أما الزوجة ميشيل كانت بالمنزل وحيدة عند باب المستودع فهجم عليها أوستن وبدأ بأكلها حية فبدأت بالصراخ . كان يعض وجهها ورقبتها وبدأ بضربها بيديه حتى فقدت الوعي .
إقرأ أيضا : البيتا و الالفا و الوميغا .. من هم؟
لسمع جارهم جيفري فيشير عبر الشارع صراخ المسكينة ميشيل ، وحينما هرع لمساعدتها وحاول إيقاف أوستن قام الأخير بعضه عضة قوية ، ثم قام بسحب سكين وطعنه وبدأ الجار بالنزيف فهرب إلى منزله وأقفل الباب واتصل بالشرطة . وبعد قليل وصل الزوج للمنزل ، ورأى زوجته لكنه لم يفعل شيئا . فسقط على الأرض من شدة الخوف والهلع والمنظر المرعب الذي رآه .
عندما وصلت الشرطة لمكان الحادث كان ما رأته يمثل رعبا حقيقياً ، فكان الزوج ستيفن ملقى على الأرض في حالة هلع وهو يصرخ “ساعدوني ، ساعدوني” . وعلى عدة أمتار قطع متناثرة من اللحم البشري ، وجثة زوجته يقف عليها أوستن ويأكل منها . فقد فتح فم ميشيل وبدأ بأكل قطع من لحمها وحنجرتها ووجهها ، كما أكل عينها وأنفها ومعظم وجهها .
حاصر رجال الشرطة توستن وطلبوا منه التوقف إلا أنه نظر إليهم وأصدر صوت عويل . فقاموا بضربه وركله لكن دون فائدة فمهما تعرض للضرب وأُبعد عن الجثة ، كان يعود مجدداً لاستكمال أكلها .
قاموا بصعقه ولم يكن لهذا أي تأثير أيضا ، لقد كان يقوم بأكل الجثة وكأنه لا يتعرض للصعق! . وعندها قام أحد رجال الشرطة بإحضار كلب للهجوم على أوستن ، وحتى بعد أن عضه الكلب وبدأ بالنباح عليه لم يتوقف عن أكل الجثة! .
مرت عدّة دقائق وفشل كل شيء ، فسحبوا سلاحهم طالبين منه أن يتوقف عن ذلك وإلا سيقتلونه . فنظر إليهم أوستن بعينين مغرورقتان بالدموع قائلاً :
“أرجوكم اقتلوني ، أنا أقوم بأكل البشر ! .”
لم تقم الشرطة بقتله ، وظلت تضربه حتى أغمي عليه أخيرا بعد عناء طويل . وتم اعتقاله وأجريت عليه التحليلات ليكتشفوا أنه كان تحت تأثير مخدر يدعى THC .
آن مخدر THC هو نوع من انواع القنب الهندي ، إلا أن هذا المخدر يهدأ الشخص ولا يثيره . فمن المستحيل أن يكون سبب قتل أوستن لإمرأة عجوز وأكل جثتها هو هذا المخدر .
قامت الشرطة بسؤاله عما جرى ، لكنه كان يتحدث عن شياطين وسحر وملائكة ولذلك تم تحويله للمصحة العقلية ، حيث أجرى مجموعة أطباء عدة اختبارات عليه ، ليتبين أنه مصاب بمتلازمة المستذئب السريري ، فحبس بالمصحة .
إقرأ أيضا : المستذئبون بين الحقيقة و الخرافة (1)
متلازمة المستذئب السريري
تُعرف متلازمة Clinical lycanthropy أو المستذئب السريري أنها حالة عقلية ونفسية يمر بها المريض ويتعقد أنه حيوان من نوع ما . حيث يفقد شعوره الإنساني ويتصرف كالحيوانات ، إلا أن معظم الأشخاص المصابين بهذا المرض يتصرفون كالذئاب لسبب أو لآخر . فمن النادر أن يعتقد المصاب أنه خروف أو بقرة أو دب ، فدوما يظنون أنهم ذئاب لذلك سمي المرض “المستذئب السريري” .
حينما يصاب الشخص بهذه المتلازمة فهو يفقد عقله لفترة من الوقت . ويقوم بالهجوم على البشر وقتلهم ثم أكلهم ، وحينما يعود له عقله يتصرف كإنسان طبيعي .
لقد سجلت الكثير من الحالات للمصابين بهذا المرض منذ قديم الزمان ، وسابقا كان يعتقد أن هذا المرض هو مس شيطاني . لكن مع تقدم العلم الحديث قد وجد أن هذا المرض هو مرض عقلي .
ولا يوجد علاج لهذا المرض حيث يتم منح مهدئات وأدوية الا انها لا تعالج المريض بل توقفه عن التصرف كالحيوانات.
كذلك فإن هذا المرض يرتبط بالشيزوفينيا او الانفصام وهو مرض عقلي يصيب الشخص على مراحل مختلفة.
وفي إحدى مراحله يفقد الشخص القدرة على التمييز بين الواقع والخيال ، فيرى شياطين وسحرة وأشياء أخرى . في الواقع بعض المرضى يتخيلون حدوث أمر لم يسبق له أن حدث مطلقاً . فبعض مرضى الشيزوفينيا يذهبون إلى عملهم ، وبعد عدة دقائق يكتشفون أن هذا المكان ليس بمكان عملهم . أو يتحدثون مع أشخاص غير موجودين . كما أن بعضهم سيحدثك عن زوجته وأطفاله بثقة كبيرة رغم أنه غير متزوج ولا يملك أطفالا . فمثلا الشاب جين كان يعاني من الشيزوفينيا ومتلازمة المستذئب السريري معاً .
إقرأ أيضا : المستذئبون .. وثائق و اعترافات (2)
إن هذه الحالة النفسية والعقلية نادرة للغاية ، لكنها موجودة . وعبر التاريخ سُجلت 47 حالة بأوروبا والعالم الغربي . وقد ارتبطت سابقاً بالسحر والمس الشيطاني قبل تطور العلم . وللأسف فإن هذه الحالة لا يوجد لها علاج حيث أن هناك أدوية تخفف من حدة المرض لكنها لا توقفه .
وهناك قصة حكاها لي جدي عن رجل في مدينتي سأتحفظ على اسمه احتراما لروحه . أصيب هذا الرجل بمتلازمة المستذئب السريري ، حيث أنه أصبح يتصرف كالحيوانات لفترة من الوقت . فكان تارة يمشي عاريا بالشارع وتارة أخرى يهاجم زوجته ويحاول أكلها وتارة أخرى يتصرف كإنسان طبيعي .
اعتقد البعض أنه أصيب بداء الكَلب لكنه لم يكن كذلك ، وظن آخرون أنه فقد عقله . إلا أن الغالبية اعتقدت أنه أصيب بمس شيطاني وأخذوه لعدة شيوخ دون جدوى . بل أنه هاجم أحد الشيوخ ذات مرة ، وحاول أن يقتله مما جعل الجميع يعتقد أنه أصيب بمس شيطاني . وأن الشيطان بداخله حاول قتل الشيخ لأنه قرأ سورة من القرآن .
وفي الأخير تركته زوجته وظل بالمنزل وحيدا حتى مات ، ولم يتحدث إليه أحد خوفا منه كما بحثوا جميعا في منزله وحوله عن السحر الموضوع له لكن دون جدوى .
ختاما ..
إن قصص المستذئبين هي قصص حقيقية ، و المستذئب ليس مجرد أسطورة ، بل هو مرض مثبت علمي وموجود ، رغم أنه ليس مشعرا ذو فرو كثيف كما في الأساطير المعروفة . ومعظم الحالات للمصابين بهذا المرض تزيد جرائمهم حينما يكتمل القمر ، ولا يوجد تفسير علمي حتى الآن . لكني أعتقد أن السبب هو سلوك بشري .
ومن يدري .. قد يتحول أحد أقربائك ذات مرة إلى ذئب بشري! ، فانتبه عزيزي القارئ ، انتبه حينما يكتمل ضوء القمر! .
ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .