تجارب ومواقف غريبة

انتقام الجن

السلام عليكم معشر القرّاء، أدعى محمد ولدي اليوم قصة حقيقية عن الجن تعود بداياتها إلى أكثر من ٩٠ عاما.

عندما كنت طفلا وعمري ما يقارب التسع سنوات كانت في حارتنا امرأة عجوز هرمة تدعى فاطمة. هذه العجوز كانت تأتيها أحيانا حالات تصرخ فيها وترتجف وتترجى شخصا لا نراه أو بالأحرى كيانا لانراه كي يدعها وشأنها.

إذ تكون جالسة في الزقاق في جمعة للنساء يتبادلن أطراف الحديث. وفجأة تراها انتفضت وبدأت بالبكاء والصراخ ترجو امرأة أن تكف عن ضربها وتتركها وشأنها.

وبعد مدة قليلة تراها رحمها الله مدت عباءتها على الرصيف وتقول بالعامية (ابرك ياحجي) في حين أننا لا نرى أحدا، فتسألها النسوة من هو الحجي فتقول الجني الصالح الذي يقدم من اسطنبول ويخلصني من أيدي تلك الشريرة. الغريب في الأمر أنه كانت تظهر على وجهها وجسدها آثار كدمات وضرب، إذ أن النسوة كن يكشفن على جسدها ويجدن آثار ضرب، ويرجع سبب هذا إلى حدث مرعب حصل معها عندما كانت فتاة يافعة في ١٣ من عمرها.

حيث أنها كانت كل يوم قبل المغرب تذهب لتحضر الحمار المربوط على مسافة بعيدة نوعا ما من منزلهم. إذ كانوا يأخذون الحمار ليرعى من حشائش الأرض. وتعلمون أن الحمار في ذاك الزمان كان ضروريا وخصوصا في القرى لنقل القمح والطحين، وأحيانا الماء، وفي حاجات أخرى.

وفي يوم تأخر الوقت ودخل المغرب وأرسلتها والدتها لتأتي بالحمار الذي كان مربوطا في مكان بعيد نسبيا عن المنزل. وصلت الفتاة فاطمة إلى حيث الحمار، ولكنها وجدت أمرا غريبا، وجدت أهل القرية ممن تعرفهم يقيمون عرسا ودبكة ورقصا على ضرب الطبل ففرحت لذلك. و قد دعتها فتيات القرية للرقص معها وينادونها يافاطمة لماذا لا تدبكين معنا؟ ونسيت فاطمة أمر الحمار ودخلت في الدبكة، وبدأت ترقص مع أهل القرية على صوت الطبل وضوء عدة فوانيس وُضعت في وسط الحفلة.

كانت فاطمة تعرفهم واحدا واحدا إذ كانوا من القرية. ولكن المرعب في الأمر أنها لم تكن تدري أنها تدبك مع جن تشكلوا على هيئات أهل القرية. وبعد مرور برهة من الوقت بدأوا بضربها على وجهها وصوت الطبل لايزال يصدح في تلك البرية الموحشة. وتطور الضرب إلى ضرب مبرح وأصوات ضحكات مرعبة وركلات مؤلمة على جسدها حتى تضرجت بالدماء وفقدت وعيها وسقطت مغشيا عليها.

لاحظت الوالدة تأخر الفتاة، إذ أن الظلام قد حل ومر وقت ليس بالقليل ولم ترجع فاطمة بعد، فشعرت الأم بالقلق وأخبرت زوجها بتأخر ابنتهم.. فأخذوا بعضا من جيرانهم معهم تحسبا لأي أمر طارئ لا سمح الله حاملين فوانيسا معهم، وبعد أن مشوا في الظلمة سائرين على ضوء الفوانيس وصلوا حيث الحمار لايزال مربوطا مكانه وبعد مسافة لابأس بها وجدوا الفتاة فاطمة ممدة على الأرض والدماء قد خرجت من أنفها وهي فاقدة للوعي.

أخذوها إلى المنزل إذ أنها لم تستعد وعيها إلا في اليوم التالي، وقصت على أهلها ماحدث معها. وبدأت تأتيها حالات من الصراخ والارتجاف خوفا، وقول كلام غير مفهوم وظهور آثار ضرب على جسدها.

أخذها أهلها إلى راق كان قد ذاع صيته في ذلك الوقت، وعندما رقاها وبدأت بالصراخ تكلم على لسانها جني وعلموا أن ثلاثة من الجن يسكنون جسدها.. امرأة ورجل وطفلة رضيعة صغيرة لهما. وعندما رفضوا الخروج من جسدها أحرقهم الراقي بالقرآن والرقية الشرعية إلا الرضيعة فقد تركها بطلب من فاطمة نفسها، إذ أنها شفيت واستعادت وعيها وخيرها الشيخ إذا كانت تريد التخلص من رضيعة الجن أيضا فطلبت الإبقاء عليها، فهي صغيرة ولا ذنب لها.

شفيت فاطمة تماما وبعد سنوات تزوجت ورزقها الله أطفالا، وأكملت حياتها. وبعد مرور سنوات طويلة وفي يوم من الأيام وهي جالسة في جَمعة بين أبنائها وأحفادها بدأت بالصراخ والبكاء وصارت تتخبط وتلتوي.

إنها الرضيعة كبرت وجاءت لتنتقم لوالديها. أخذها أولادها للطبيب فلم يدركوا من أمرها شيئا ووصفوا لها مهدئات لم تجد نفعا معها. ولكنها أخبرت أبنائها أن الجنية الصغيرة كبرت وجاءت لتنتقم.

كان ابن لفاطمة قد أصبح إماما لمسجد وقارئا للقرآن، يحاول معالجة والدته ولكن دون فائدة فقد كانت الجنية عنيدة ومصدرا شديدا وكبيرا للشر. حاول رقاة أخرين علاجها ولكن لم يجنوا شيئا من ذاك العلاج.

ومن بعض القصص التي كانت العجوز فاطمة ترويها لنسوة الحارة أن الجن كان يأمرها أن تسرق الطعام وتعطيهم إياه، فقد سرقت في إحدى المرات طبخة كبيرة أعدتها كنتها ووضعتها في المطبخ لتبرد قبل أن يأكلوها فما كان من العجوز إلا أن سرقت الطبخة وأعطتها لهم اتقاء من ضربهم لها.

وكانت تخبر النسوة أنها عندما تتلقى الضرب من تلك الجنية يصل جني صالح إليها قادما من اسطنبول على جناح السرعة ليخلصها من الضرب حسب كلامها.

توفيت العجوز رحمها الله كما أذكر في ١٩٩٩ تاركة وراءها قصة تثير الرعب في النفوس.

guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى