جوزفين بيكر أجرأ جاسوسة عرفتها الحرب العالمية الثانية
![]() |
كانت يوما ما اشهر راقصة في باريس |
من هى جوزفين بيكر؟
![]() |
ولدت وترعرعت في امريكا |
ولدت فى سانت لويس الواقعة بولاية ميسوري الامريكية عام ١٩٠٦، وعاشت فى فقر مدفع ، دون والد يرعى شئونها ، حصلت جوزفين على تعليم بسيط ، وسط هذه الحياة الصعبة تزوجت للمرة الأولى وهى فى سن الثالثة عشر ، وتعرضت العنصرية بسبب لون بشرتها ، مما شكل لها صدمة ستوثر على حياتها المقبلة.
قررت جوزفين أن تحترف الرقص ، فسافرت وهى فى عامها التاسع عشر لباريس لتبدأ مسيرتها بالرقص فى الملاهى ، قم اتجهت بعد ذلك لاحتراف الغناء ، ومن ثم استطلاعات دخول مجال الغناء والتمثيل فى الافلام ، ونجحت جوزفين نجاحا ملحوظا ، مما جعلها تصبح من أعلى الفنانات أجرأ فى أوروبا ، حازت جوزفين على الشهرة مما مهد الطريق لها نحو الجاسوسية.
جوزفين بيكر الجاسوسة
فى كثير من الدول تم استخدام الفنانات والراقصات كجاسوسات ، وذلك لجمالهن واغراءهن الصارخ ، ولم تكن جوزفين استثناء ، إذ تم ترشيحها لتصبح جاسوسة باريس الأشهر بسبب شهرتها فى مجال التمثيل ، حيث لن يشك أحد فى تحركاتها ولا فى سهراتها شبه اليومية ، اندمجت فى حفلات السفارات وخاصة اليابانية والإيطالية ، وأخذت تتسرب إليها معلومات مخابراتية هامة أفادت فرنسا فى حربها ضد المحتل النازى ، فخدمت جوزفين فرنسا كأنها فرنسية ، بل وأكثر من ذلك ، فكما اعترفت هى بأن باريس أعطتها الحرية والشهرة والثراء ، وذلك عكس ما عاشته فى أمريكا حيث الفقر المدقع والتمييز العنصرى ، الذى كانت تمقته جوزفين ، وهو ما دفعها إلى مواصلة طريق الجاسوسية للنهاية.
![]() |
طارت شهرتها في العشرينات كراقصة وممثلة .. وتعد اول ممثلة سوداء تمثل في السينما |
أكملت جوزفين مهامها التجسيسية ، فكانت تنتقل من حفل لآخر ، ومع كل حفل كانت تستقى معلومات تهم دول الحلفاء ، فكانت تتجسس على ما تنوى دول المحور القيام به ، ولم تلق جوزفين بالا لفكرة أنه يمكن القاء القبض عليها فى يوم من الايام ، إذ كانت شجاعة ولم يبد عليها اي امارات للخوف !
واصلت جوزفين عروضها الراقصة فى قلب باريس ، حتى بعد دخول قوات ألمانيا النازية لفرنسا ، وغنت للجنود الموجودين على جبهات القتال ، كما أنها دعمت المشردين فى أنحاء المدينة ، ظلت جاسوسة باريس السمراء تعمل بكد فى التجسس ، حتى أغلق النازيون باريس فى أول يونيو من عام ١٩٤٠م ، فجاءتها الأوامر بالانتقال من باريس ، مما اضطرها لحمل ممتلكاتها فى سيارات صغيرة ، وغادرت إلى قصر يقع فى الجنوب الغربى لباريس ، وبعد ذلك تم احتلال منزلها القديم.
فى منزلها الجديد عملت جوزفين بيكر على إخفاء من لجأ إليها من أعضاء المقاومة الفرنسية ، بدأت بيكر فى تهريب الوثائق الهامة لجنرال فرنسا الشهير شارل ديجول فى نوفمبر من عام ١٩٤٠ فى منفاه بلندن البريطانية ، ثم سافرت إلى البرتغال عبر أسبانيا ، وأثناء السفر أخفت فى ملابسها صور سرية هامة ، ومعلومات حول تحرك القوات النازية لفرنسا ، ولأن هذه المعلومات هامة للفرنسيين ، فقد أخفتها جوزفين جيدا واستطاعت العبور دون أن يشك بها أحد.
![]() |
النازيون احتلوا باريس في حزيران عام 1940 |
فى أسبانيا والبرتغال واصلت جوزفين العمل التجسسى فى حفلات السفارات ، و اخفت المعلومات فى اوراق خاصة ، كانت تعطيها للعميل السرى الذى كان يعمل معها ، وقد اتخذت موضوع التوقيعات كفنانة مشهورة ، كغطاء تتخفى وراءه أثناء ذلك التجسس ، وباستخدام ذلك الدهاء الاستخباراتى ، نجت جوزفين ولم يكتشف أحد حقيقتها ، وعاشت تلك الحياة المزدوجة ما بين فن ورقص وتجسس على مستوى عال.
سافرت إلى شمال إفريقيا كى تعمل مع المقاومة الفرنسية ، ويذكر أن فرنسا كانت تحتل آنذاك المغرب والجزائر وتونس ، وكانت الحرب العسكرية مشتعلة بين الحلفاء من جهة والمحور من الجهة الأخرى ، استغلت جوزفين نفوذها فى تأمين جوازات سفر لليهود الفارين من النازيين فى أوروبا الشرقية ، تجولت جوزفين فى الجزائر ورأت ما يفعله المحتل ، وعلى الرغم من جهودها لتحرير فرنسا البلد التى تبناها ، إلا أنها لم تنطق بكلمة تدين بها فرنسا التى كانت تحتل بلاد بأكملها ، وفى اعتقادى أن جوزفين لم ترد خسارة كل الوجاهة التى عاشت بها بعد أن نزحت لفرنسا ، كما أن جوزفين قد حظيت بمكانة اجتماعية راقية ، كل ذلك قد اعماها عن الجانب الآخر لفرنسا الدولة التى احتلتها ألمانيا النازية ، فى وقت احتلالها هي لشمال إفريقيا .
مرضها لم يمنعها من التجسس
![]() |
لم تنجب لكنها تبنت 12 طفلا من فوميات واديان شتى لتثبت ان التعايش بين البشر ممكن .. ماتت بهدوء خلال نومها بعد احدى حفلاتها عام 1975 |
مرضت جوزفين عام ١٩٤١ وخضعت العديد من العمليات فى مدة زمنية تقدر بـ ١٨ شهر ، وقبل التعافى كانت جوزفين تجتمع مع دبلوماسيين أمريكيين ومع ممثلين للمقاومة الفرنسية ، شفيت جوزفين وعادت لباريس بعد غياب اربع سنوات ، وبعد خروج النازيين من المدينة ، اخترقت بها السيارة شوارع باريس ، وكانت الجماهير السعيدة بالنصر تلقى بالزهور على العربات التى تحتفل بعودة المقاومين للنازية فى تلك الحرب.
هكذا اصبحت جوزفين بيكر بطلة قومية فرنسية ، وتم الاحتفاء بها وتكريمها ، فقد تم استدعاؤها عام ١٩٦١م كى تكرم بميداليتين ، كانتا من ارفع الأوسمة الشرفية العسكرية ، وقد ذكرت جوزفين أنها فخورة وسعيدة لأنها عملت على تحرير فرنسا من براثن الاحتلال ، كما أنها أوضحت أنها عاشت فى فرنسا الحياة التى لطالما راودت قلبها ، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، انتهى دور الراقصة والجاسوسة السمراء جوزفين ، وبقيت سيرتها كأجرأ جاسوسة فى تاريخ اوروبا الحديث.
كلمات مفتاحية :
– Josephine Baker
تاريخ النشر : 2021-06-20