جيفري إبستين: قصة أشهر قوّاد في العصر الحديث
في يوم 10 من أغسطس لعام 2019 نُشر خبر أثار ضجة على مستوى العالم، وأدى إلى ظهور مئات الآراء والتصريحات ونظريات المؤامرة. لقد انتحر جيفري إبستين في زنزانته. هناك من قال إن جيفري لم ينتحر إنما قُتل ليصمت للأبد، وهناك من قال إنه مات موتة طبيعية نظرا لكِبر سنه وأن خبر الانتحار لم يكن إلا لتهدئة الرأي العام، وهناك من قال إن انتحاره ليس إلا كذبة، وأنه حي يرزق. ولكن قبل أن نعرف من الذي أسكته أو لماذا ظهرت كل هذه النظريات من الأساس فعلينا أن نعرف من هو جيفري إبستين في المقام الأول، ولماذا أدى موته لحدوث كل هذا اللّغط.
نشأة جيفري إبستين
جيفري إدوارد إبستين أو إبشتاين، هو يهودي أمريكي ولد ونشأ على جزيرة Sea Gate بمدينة بروكلين بولاية نيويورك الأمريكية في يوم 20 يناير من العام 1953. وعلى الرغم من أن نيويورك هي مدينة أثرى اليهود، فإن عائلته هي من العوائل متوسطي الحال. فكانت أمه باولا تعمل مدرسة خصوصية للأطفال. أما أبوه فكان يعمل بستانياً لصالح بلدية نيويورك، وقد كانت العائلة ميسورة الحال.
تزوج الوالدان أثناء حمل الأم بجيفري، وولد الأخير بعد الزفاف بفترة قصيرة، وكان هذا ابنهم البكر، وقد رزقوا بمولود آخر، وسموه مارك بعد عامين من ولادة الأول.
خلال فترة حياته قيل عن جيفري إنه عبقري بالفيزياء والرياضيات والموسيقى، بل وأصبح يعطي دروساً خصوصية للطلاب بمقابل مادي، رغم أن البعض قال إنه كان يشتري الأسئلة من المعلمين ويَدرسها ثم يعلمها للطلاب، لأن هذا “العبقري” كان قد فشل بالتحصل على الشهادة الجامعية رغم أنه تلقى الكثير من الدورات والدروس الخصوصية بالرياضيات، وأنفق المال كله الذي حصل عليه من “البار متسقا” لأجل أن يدخل لجامعة نيويورك، والتي تعد من أسهل الجامعات بهذه الولاية، لكنه فشل ولم يتخرج لذلك استسلم بالعام 1974، ولم يقم بالتسجيل مجددا.
صياد المراهقين
رغم فشل جيفري بالجامعة، إلا أنه حصل على وظيفة معلمِ فيزياء ورياضيات في مدرسة دالتون في نيويورك بالعام 1974 وهي مدرسة تعد للأغنياء. ولا أحد يعلم كيف حصل على هذه الوظيفة، أو كيف وظفت هذه المدرسة شخصا بلا شهادة، وغالب الظن أن والدته لديها علاقة شخصية مع مدير المدرسة بحكم أنها معلمة دروس خصوصية، وقد درست بعض الأطفال المسجلين، فتحدثت معه لأجل توظيف ابنها معلما، وأقنعته بأنه عبقري.
إلا أن هذه لم تكن المشكلة الأكبر، بل كون جيفري يأتي للمدرسة بلبس لا يليق بمعلم، حيث كان يرتدي ملابس تكشف عن صدره مع قلادة ذهبية وسروال قصير، وهذه الطريقة باللبس لا توحي إطلاقا أنه معلم أو عبقري كما أُشيع عنه.
إقرأ أيضا: ابن سام : القاتل الذي إدعى القتل بأمر من الشيطان
كما أنه كان يقوم باختلاس النظر إلى الفتيات القاصرات بالفصل وممرات المدرسة، كما ادعت مجموعة منهم أنه تحرش بهن، إلا أن المدرسة لم تفعل أي شيء لإيقافه.
نتيجة لذلك بدأ جيفري بالتمادي شيئا فشيئا، ففي أثناء إحدى حفلات التخرج كان الطلاب يقيمون حفلة راقصة والعادة تجري بأمريكا أن يحضر بعض الطلاب مخدرات وكحول، وهو أمر تغض المدرسة نظرها عنه لأنها حفلة مراهقين، بل وفي معظم الأحيان يُترك الطلبة وحدهم.
حينها أتى جيفري للحفلة بملابس فاضحة، وبدأ يراقب الفتيات القاصرات بحثا عن أولى فرائسه. فلا أسهل من ممارسة الجنس مع فتاة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، بل إنها غالبا لن تتذكر ما حدث لها في الليلة الماضية، ولذلك كان جيفري يقوم بأحاديث قصيرة معهن ليرى أيهن شربت أكثر، ويحاول استدراجها بشكل هادئ للخارج.
عموما فإنه فشل بمحاولاته، فلم يبلغ الطلاب إدارة المدرسة تلك المرة، إنما قد أبلغوا أهاليهم والذين قرروا سحب أطفالهم منها، فاضطرت المدرسة لطرده حينها، وخسر وظيفته خلال أقل من عامين.
من معلم إلى رجل أعمال
بما أن جيفري إبستين كان قد درّس في مدرسة كل من فيها أبناء مليونيرات، والكثير منهم يهود، بل ومن قبيلته، استطاع أن يكّون علاقة جيدة معهم ويوسع دائرة معارفه رغم سمعته السيئة.
وقد عرفه والد أحد الطلاب على المليونير آلان جرينبيرغ وهو أحد أقوى المضاربين بسوق الأسهم والرئيس التنفيذي لبنك “بير ستيرنز” الاستثماري. طلب جيفري من آلان وظيفة في البنك، وقد وافق الأخير على طلبه، ودربه ثم عيّنه موظفا، وتلقى الكثير من الترقيات، وأصبح خلال 4 أعوام مليونيراً، لأن البنك يعطي نسبة على كل عقد يحضره الموظف.
وبعد عام واحد من تكوين ثروته ارتابت إدارة البنك وبحثت عن سر هذا العبقري المالي، فوجدوا أنه كان يمنح الشركات المشبوهة أوراقاً للتسجيل في سوق الأسهم والأوراق المالية دون تسجيلها فعلا، حيث إن أسهمها تباع وتشترى خارج السوق الرسمي، ومعظم تلك الشركات ليست إلا شركات غسيل أموال أو نصب جماعي، ولو عرفت الحكومة الأمريكية بهذا الأمر فإن البنك سيكون بورطة كبيرة، فاشتعل الخلاف بينهم، واعترف جيفري بكل شيء، فطردوه خارج البنك.
جيفري إبستين.. المليونير الشاب
أصبح جيفري إذن مليونيراً، ولديه خبرة بالمصارف، و لم يتخط سنه 28 عاماً. فرغب في بناء بنكه الخاص، لكنه لم يملك ما يكفي من المال، فقام ببناء شركة استشارية مالية تتعلق بمواضيع النصب والاحتيال من قبل الشركات والمصارف ووسطاء الأسهم والمحامين.
خلال تلك الفترة وصف جيفري عمله أنه “صياد جوائز عالية” فقد كان يستعيد الأموال المختلسة من الحكومة والشركات الكبرى والأثرياء فقط لا غير. بل إنه يرفض التعامل مع أي زبون يملك أقل من مليار دولار أمريكي مع الأخذ بعين الاعتبار قوة الدولار في ذلك الوقت، كما أنه كان ناجحاً بعمله، لأنه كما قيل.. اللصوص تعرف بعضها.
ولاحقا طور عمله كمحاسب ومستشارا لزبائنه، وكان يأخذ 0.5٪ عمولة، مما جعل شركته تقدم أصغر عمولة في مجالها، وأصبح الزبائن يتكدسون عند أبوابه. فرغم أن هذه العمولة بسيطة، إلا أنها كانت مناسبة له، حيث إنه كان يحصل على الملايين سنوياً منها.
إقرأ أيضا: روبرت دورست : رجل النحس
كان جيفري يلتقي ويكون علاقات مع أثرى الأثرياء وأقوى السياسيين، وكان يدعوهم إلى احتفالات مختلفة تقام بقصره، لذلك سُلطت الأضواء على حياته وأثيرت التساؤلات. لقد كان ينفق الملايين على حفلاته الباذخة شهرياً، كما أنه كان يستقبل ويدعم أي عالم يهودي مرشح للحصول على جائزة نوبل، وكان يتبرع لإسرائيل بشكل سخي لأجل بناء مستوطنات بمدينة القدس. بل إنه تبرع بنصف مليون دولار لمدرسة يهودية بنيويورك، كما أنه كان يتبرع بمبالغ غير رسمية للسياسيين بإسرائيل، والعديد من الشائعات قالت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك وصل للسلطة بفضل أموال جيفري إبستين.
هنا بدأت هذه الأمور تثير الشكوك، من أين أتى جيفري بكل هذه الأموال؟!
نحن نتحدث عن شركة مالية تأخذ 0.5٪ عمولة ولديها أكثر من 160 موظفاً رسمياً، وعن رجل يعيش حياة مترفة، ويتبرع بالملايين سنوياً، فمن المستحيل أن تكون أموالا عادية أُخذت بطريقة شرعية.
لقد اُتُّهِمَت شركته مرات عديدة بالقيام بغسيل الأموال خاصة للسياسيين الفاسدين وكبار المختلسين من الدولة الأمريكية، لكن لم يتم العثور على أي دليل ضده، لأن السياسيين الذي كان يغسل أموالهم كانوا يحمونه، كما أن جيفري لم يسمح لأي موظف بشركته بالنظر إلى أسماء العملاء وكمية الأموال التي تلقاها منهم.
غاسلين ماكسويل
كان جيفري لعوباً، ويمارس الجنس بشكل يومي مع نساء مختلفات، بل إن معظم الموظفين بشركته كن من النساء، وكان يختارهم نسبةً لجمالهم لا لخبرتهم وأهليتهم للحصول على هذه الوظيفة.
وخلال ثرائه السريع بدأ يتعرف أكثر على “غاسلين ماكسويل” وهي امرأة يهودية تعيش بمدينة نيويورك. ماكسويل لم تكن امرأة عادية إنما وريثة إمبراطورية ماكسويل الإعلامية الضخمة والتي تقدر بمليارات الدولارات.
بدأت علاقتهما في العام 1991 بعد موت والدها روبرت ماكسويل الغامض، وقد كانت العلاقة ضبابية، فمن جهة كانا أشبه بعشيقين، ومن النادر رؤيتهم بشكل منفصل في الخارج رغم فرق العمر. لكن من جهة أخرى فإن جيفري كان يمارس الجنس مع عدة نساء، وهي تمارس الجنس مع عدة رجال دون وجود غيرة من الطرفين، كما أنهما لم يتزوجا بشكل رسمي، مما جعل الجميع يعتقد أن هذه العلاقة لم تكن إلا لمصلحة، وأن جيفري كان يغسل أموال عائلة ماكسويل فاحشة الثراء وغاسلين كانت معه لتراقب العملية.
وأثناء علاقته معها زادت أمواله، وبدأت بعض الأمور الغريبة تطفو على السطح.
إقرأ أيضا: مايكل مالوي : الرجل الذي رفض الموت.
غاسلين ذكرت لأحد أصدقائها أن قصر جيفري بنيويورك كان مليئاً بكاميرات المراقبة، فلم تكن هناك أي زاوية غير مراقبة بقصره بما في ذلك الحمامات. وهو أمر قد تعتقد أنه أثار الجدل يا عزيزي القارئ خاصة أن جميع زواره كانوا من نخبة المجتمع وذوو مستوى عالٍ، لكنه لم يثر أي جدل إطلاقاً، بل إن الأمر تحول إلى مجرد شائعة بالنهاية.
قصور جيفري إبستين.. سجون القاصرات
جيفري كان ينفق الملايين من الدولارات على شراء قصور بمختلف أنحاء أمريكا، ويقوم ببنائها بذات السمات، ولعل أهم سمة هي التي تحدثت عنها عشيقته غاسلين، وهي كاميرات المراقبة المخفية بكل زاوية وهو أمر غير مبرر حتى بالنسبة لمليونير.
كان يملك أكبر قصر بمانهاتن إلى جانب قصره بمدينة نيويورك، كما اشترى قصرا وعدة فِلل في منطقة Palm beach الراقية بفلوريدا كما اشترى قصرا بفرنسا وقصرا آخر بولاية نيو مكسيكو. كان جيفري يتنقل بين هذه القصور من حين لآخر ويحتفل مع المليونيرات وكبار السياسيين دون معرفة أي أحد منهم أن جميع هذه القصور مراقبة بالكامل، حتى الحمامات.
خلال تلك السنوات بدأت بعض القاصرات بالأحياء الفقيرة بالاختفاء، والأمر لم يكن حديثاً. لكن وتيرة الاختفاء ازدادت بشكل ملحوظ والشرطة لم تقم بفعل أي شيء لتكثيف بحثها عن المفقودين.
في يوم 22 مارس من العام 2005 قامت إحدى العائلات الفقيرة بإبلاغ شرطة فلوريدا أن ابنتهم القاصر تعرضت للاغتصاب من قبل رجل ثري يدعى “جيف”.
حينما فتحت الشرطة المحضر طلبت شهادة الفتاة كاملة فقالت:
“لقد توقفت سيارة أجرة أمامي تركبها فتاتان وطلبا مني الذهاب معهم إلى حفلة، وحينما دخلت القصر قالتا لي أنهما سيأخذانني للمطبخ كي آكل القليل من الطعام قبل بدء الحفلة وحينما دخلنا إلى الداخل اعتذرت الفتاتان مني، وأشارتا إلى فتاتين تقفان أمامي وقالتا أنهما قد فعلتا المثل معهم وأحضروهما إلى هنا، لم يأخذوني للمطبخ، إنما لغرفة نوم كان فيها رجل عاري ينتظرني، أمرني بخلع كل ثيابي وتدليكه، ثم اعتدى علي”
إقرأ أيضا: كارل بانزرام : عندما يتجسد الشر المطلق!
سجلت الشرطة شهادتها، وبدأت تبحث عن الرجل الثري المعروف باسم “جيف”. والمشكلة أن هذه الشهادة لم تكن الوحيدة، حيث إن هناك أكثر من 40 شهادة مطابقة لها ذُكرت حول أمريكا، والرابط الوحيد بين جميع هذه الشهادات هي أن مصدرها فتيات قاصرات تتراوح أعمارهن بين 13-16 عاماً، كما أن جميع أولئك الفتيات كن من عوائل فقيرة ومعدمة، وبعضهن كنّ متشردات بلا منزل ولا مأوى، كما أن الرابط الأهم هو أن الفتيات جميعهن ذكرن الاسم ذاته… جيف.
فمن هو الثري المدعو باسم جيف؟ ولماذا قامت أكثر من 40 فتاة بالإبلاغ عنه؟
الأهم من ذلك هو أن هذه الجرائم لم تكن بولاية واحدة، بل ولايتين، نتيجة لذلك حُوِّلَت القضية إلى جهاز FBI الاستخباراتي، والذي بدأ يبحث عن المدعو جيف، ولم يكن بحثهم صعباً فكم ثريا برأيك يا عزيزي القارئ يملك الإسم جيف؟
عثروا عليه أخيرا، وأكدت الفتيات أن ذلك الرجل هو الذي قام اغتصابهن، كما عثرت الشرطة على عدد لم يُذْكَر من صور المراهقات في قصوره، واُعْتُقِل أخيرا.
كان جيفري إبستين الذي عُرف عنه ولعه بالقاصرات أو بالأحرى الأطفال، يقوم بأخذهن ويعدِهن بمنزل ومأوى ومبلغ معتبرٍ من المال عن كل فتاة يحضرنها إلى قصره، وكلما كانت الفتاة أصغر عمراً كلما زادت المكافأة. ومع بداية التحقيق اكتشفوا أن قصة الفتاة التي أبلغت شرطة فلوريدا كانت حقيقة، كما أن عشيقته غاسلين ماكسويل كانت ترتب وتجهز البنات لأجله وتراقبهم طبياً في حال حدوث حالة حمل لإحداهن، رغم أن جيفري كان حذرا في هذه النقطة.
في الواقع، فإن غاسلين هي التي أحضرت أول الفتيات إلى قصره، وبالتالي بدأت السلسلة الهرمية بالتكون، إلا أنها نجت بفعلتها نظراً لنفوذ عائلتها فاحشة الثراء، أما جيفري أو كما يعرف اختصارا باسم “جيف” فقد اُعْتُقِل.
الاعتقال..
اُعتقل جيفري إبستين بعد عدة شهور منذ أول بلاغ عنه، وحيث إن هذه الجرائم حدثت بأكثر من ولاية فهي جرائم اتحادية، أي أن المحكمة الاتحادية هي التي تولت قضيته، وهذه المحكمة معروفة بأحكامها القاسية.
وخلال اعتقاله لم يتحدث جيفري بكلمة واحدة للمحققين بقضيته، فكان يجلس معهم صامتاً لساعات طويلة، دون أن ينبس ببنت شفة، وقد توقع المحققون أن جيفري كان خائفاً إلا أن الحقيقة لم تكن كذلك. فحينما أُحْضِر للمحكمة دخل جيفري، وهو يبتسم بثقة عالية وهو أمر غريب!
نحن هنا نتحدث عن مجرم بيدوفيلي عليه 40 تهمة اتحادية، ودخل لمحكمة اتحادية قاسية الأحكام ومع ذلك يبتسم؟!
هيئة المحلفين اعتقدوا أن جيفري يدعي الجنون بهذه الابتسامة حتى يرسل للمشفى العقلي عوضا عن السجن، فهذا الشخص أتى مبتسماً واثقا من نفسه إلى محكمة ستحكم عليه بالسجن المؤبد دون إطلاق سراح مشروط على أقل تقدير!
لماذا يبتسم؟ ألا يفهم ما الذي يجري؟!
جيفري لم يكن مجنوناً، بل إنه كان يفهم ما يجري تماماً، لقد كان يبتسم لأنه يعرف أنه ذو سطوة ونفوذ كبيرين، وهناك من سينقذه، وهو لم يكن مخطئا في ظنه.
صفقة الادعاء.. جيفري إبستين ينجو بفعلته
في المحكمة أنكر جيفري كل شيء، مما يعني أنه سيعاد التحقيق معه حتى يعترف. وفي القانون الأمريكي، فإن هناك صفقة تعرف باسم “صفقة الادعاء” وهذه الصفقة تتم بين المجرم والحكومة حيث يعترف المجرم بكل شيء مقابل تخفيف الحكم عليه، وذلك في سبيل عدم تضييع وقت المحكمة والمحققين، لكن هذه الصفقة لا تتم إلا بحالة انعدام الأدلة، وهذه ليست الحالة في قضية جيفري حيث إن 36 فتاة أدلت بشهادتها من أصل 40 بلاغاً، وقد وُجدت الكثير من القاصرات في قصره مع عدة أدلة أخرى لم تُذكر في الإعلام.
لكن وكحال السائد في العالم، فمع تدخل الكثير من السياسيين من بينهم الرئيس الأمريكي اللاحق دونالد ترامب، ومع وقوف معظم الإعلام الأمريكي في صفة تمكن فريق إبستين من عقد صفقة مع الحكومة الأمريكية، كانت الصفقة هي أن يعترف جيفري بكل شيء مقابل أن يسجن 13 شهرا بسجن غير فيدرالي، وأن يسمح له بالعمل 6 أيام في الأسبوع من قصره خارج السجن، أي إن الصفقة ببساطة هي أن يقضي 52 يوماً بالسجن!
نعم 52 يوماً بعد أن اغتصب أكثر من 40 مراهقة قاصرة حول أمريكا!
الأمر المثير للاستغراب هو أن الحكومة وافقت على هذه الصفقة تحت ضغوطات كثيرة، وحينما عُرض جيفري على المحكمة كان قد اعترف بكل شيء، لكن بطريقته الخاصة.
إقرأ أيضا: قضية جيمي كلوس: أعجب بها فقام بقتل والديها!
لقد اعترف بشكل تام أنه اشترى الخدمات الجنسية من عاهرات قاصرات دون معرفته باعمارهن، وأنه سمح لهن بالعيش في قصوره من باب الكرم!
تلقت الحكومة الأمريكية اعترافه فعلا وهنا أغلقت القضية، وحكم عليه عام 2008 بالسجن مدة 13 شهراً بشرط أن يقضي جيفري كل يوم جمعة بالسجن، أما باقي الأيام فيسمح له بالخروج منه 12 ساعة. الأمر الذي أثار غضب واستياء عوائل الضحايا، أما العامة، فلم يعرفوا بذلك، لأن الإعلام الأمريكي لم ينطق بكلمة واحدة عن الحكم الذي حصل عليه جيفري إبستين.
السجن .. قصرٌ آخر لتاجر المتعة
حينما يُقْبَض على أي بيدوفيلي ويسجن في سجن اتحادي، فإن غالب الأمر أن السجناء يقتلونه، فحتى المجرمون بأمريكا يكرهون البيدوفيليين، ولكَم تمنت عائلات الضحايا أن يقوم السجناء بفعل ما لم تفعله الحكومة. لأن السجناء، ورغم أنهم مجرمون، إلا أنهم ليسوا بمنحطين، فالبيدوفيليا جريمة شنيعة حتى بالنسبة لهم.
نتيجة للأمر، قام فريق إبستين بإضافة طلب للصفقة وهي أن يحصل جيفري على جناح خاص بالسجن وهو أمر وافقت الحكومة الأمريكية عليه فعلاً. ولذلك كان يقضي جيفري يوماً واحد من أيام عطلته خلف قضبان السجن في جناحه الخاص لقاء كل جرائمه! بل وحينما كان يذهب لعمله، فإنه لم يكن يركب سيارة السجن أو سيارة الشرطة إنما كان يستدعي سيارة الليموزين الخاصة به لتقله من سجنه، وكان يركبها وهو يبتسم ويضحك.
لقد غيرت المحكمة المحضر، وسُجلت الفتيات جميعهن اللواتي اغتصبهن على أنهن عاهرات وبنات ليل، وأن جيفري كان يشتري خدماتهن فقط لا غير وأن جريمته الوحيدة هنا هو شراء خدمة غير قانونية من قاصرات.
وبعد انقضاء – مدة العقوبة – خرج جيفري من السجن – القصر – وعاد لممارسة نشاطاته وقصى معظم وقته داخل جزيرته الخاصة. كما أقام حفلا ضخما بمناسبة خروجه من السجن دعا إليه أصدقائه من الشخصيات النافذة ومنهم الأمير أندرو نجل ملكة بريطانيا السابقة، أما عشيقته ماكسويل فبقيت حرة طليقة، ولم تُتَّهَم بأي شيء.
لكن إذا كان نظام العدالة قد فشل بأخذ حق كل أولئك الأطفال، فإنه ولابد سيظهر أشخاص آخرون سيعملون على انتزاع حقهم.
جوليا براون تفتح النار على جيفري إبستين..
في بداية عام 2017 بدأت الصحفية المستقلة جوليا.ك براون في بدء تحقيق جديد في قضية جيفري إبستين واغتصاب القاصرات، والبحث عن الشاهدات، واستمرت في ذلك لأكثر من عام.
لم يكن أي أحد يعلم بما كانت جوليا تفعله حتى يوم الأول من نوفمبر لعام 2018، حينما نُشِرت تقارير مفصلة عن قضية إبستين مع وجود شهادات جديدة.
التقرير احتوى على شهادة 80 مراهقة قاصرة تعرضت للاغتصاب من قبل جيفري وأصدقائِه، كما أن المثير للاشمئزاز هو أن بعض الفتيات شهِدن بوجود أطفال إناث أعمارهن بين 9 و 10 سنوات، وإحداهن ذكرت وجود طفلة عمرها 8 سنوات بقصره!
جوليا في أثناء تحقيقها حصلت على عروض مادية من قبل أشخاص مجهولين في سبيل إيقاف التحقيق، ولاحقا بدأت تتعرض لبعض المضايقات، كما هُدّدت بالقتل إذا لم تتوقف عن التحقيق، لكنها استمرت وكان مجهودها قد أثمر فعلا، لأن العامة استشاطوا غضبا، خاصة بعد أن عرف الجميع أن جيفري سُجن 52 يوماً بجناح خاص لقاء كل جرائمه، فطالبوا بإعادة التحقيق مجدداً.
الاعتقال للمرة الثانية
في شهر يوليو من العام 2019 قام جهاز FBI بإعادة التحقيق مع كل شاهدة ذكرتها الصحفية جوليا براون، وأصدروا مذكرة اعتقال لكل من جيفري إبستين وعشيقته ماكسويل، وقد اُعتقل جيفري للتحقيق. أما ماكسويل، فقد تمكنت من الهرب والاختفاء. حتى يوم 15 أغسطس من العام ذاته عُثر على غاسلين في مطعم وجبات سريعة، واُعْتُقِلت كذلك.
جيفري ادعى مجددا أن تلك الفتيات كن مجرد عاهرات وفتيات ليل، لكن بعد أن شهدت ضحاياه على وجود أطفال أعمارهم أقل من 10 أعوام في قصره، فإن هذه الكذبة لم تعد تنفع، فلا توجد طفلة تمارس الدعارة، وإن وُجدت فمن المستحيل على إبستين ألا يعرف أنها مجرد طفلة.
أيضا، ما هي الصدفة العجيبة التي تجعل رجلا يمارس الجنس مع 80 “عاهرة” مختلفة دون معرفته أن جميعهن قاصرات؟
لقد كانت كل الأدلة ضده، إضافة إلى أن الرأي العام دخل على الخط، مما يعني أنه لن يتمكن من تكرار الكذبة، وأن من قام بحمايته سابقا لن يتمكن من حمايته تلك المرة.
إقرأ أيضا: فوتشي ماتسوناجا : سفاح كيتاكيوشو
أدرك إبستين أنها النهاية، فما كان منه إلا وأن عرض على المحكمة 100 مليون دولار مبلغاً للكفالة، حتى يسمح له بالخروج والعيش بقصره إلى اليوم الذي يصدر فيه الحكم، إلا أن القاضي رفض ورمى جيفري بالسجن إلى حين إصدار الحكم.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا كان يرغب في دفع 25% من ثروته المعلنة لقاء قضاء الوقت بمنزله؟ أيعقل أن يدفع رجل 100 مليون دولار، حتى يقضي بضعة أيام بمنزله قبل أن يسجن؟ ما هو السر الذي كان بمنزله والذي قيّمه جيفري بقيمة 100 مليون؟
حسنا إنه لم يكن سرا واحدا، بل عدة أسرار ..
في العام 1998 اشترى إبستين 70 هكتاراً من جزيرة “القديس الصغير جيمس” وهي جزيرة أمريكية تابعة لولاية الجزر العذراء الأمريكية في البحر الكاريبي. وطبقاً للقانون الأمريكي، فإن أي جزيرة تبيعها الحكومة الأمريكية تصبح أشبه بدولة مستقلة، فلا يحق للحكومة اقتحامها، ولا تنطبق عليها قوانين الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حال وجود مطلوبين فيها فإن الحكومة الأمريكية لا تستطيع اعتقالهم إلا بحالة خروجهم منها. وفي العام 2016 اشترى جيفري ما تبقى من الجزيرة مقابل 22 مليون دولار؛ مما يعني أنه امتلك كامل الجزيرة، وامتلك الحصانة التي تأتي معها.
لذلك فإنه عرض 100 مليون دولار، حتى يهرب ويركب طائرته الخاصة، ويعيش ما تبقى من حياته على هذه الجزيرة، ومبلغ 100 مليون دولار هو مبلغ صغير أمام حريته.
الموت الغامض..
وفي يوم 22 يوليو، وبعد أسبوع من فشل خطته وُجد جيفري إبستين ميتاً بالمعتقل في أثناء انتظار محاكمته. الطبيب الشرعي قال إن جيفري انتحر شنقاً. لكن الغريب هو أن الحبل الذي انتحر به كان الحزام القماشي الذي يأتي مع بدلات المساجين.
الأمر الأغرب هو عدم وجود أداة على الجدار ليعلق فيها الحزام. والأكثر غرابة هو عدم وجود صورة واحدة لجثة جيفري إبستين يظهر فيها وجهه بوضوح شديد، فالصور كلها كانت تظهر وجهه من زاوية معينة فقط.
إذن، كيف انتحر إبستين؟ وهل قام أحد أصدقائه بقتله لإسكاته؟ أم هو حي يرزق؟ وإن كان قد مات فعلاً فلماذا لا توجد أي صورة لجثته يظهر فيها وجهه بجلاء شديد؟
كل هذه الأسئلة ليس لها إجابة منطقية، كما أنها جعلت الكثير والكثير من نظريات المؤامرة تطفو على السطح.
بالنسبة لغاسلين ماكسويل، فقد اُتهمت عام 2020 بتهم إغواء القاصرين واستغلال الأطفال للاتجار بالجنس بعد عدة جلسات استماع فجّرت العديد من الفضائح، وحضرت فيها الكثيرات من ضحايا إبستين وصحبه، ورُفض إطلاق سراحها حد هذه اللحظة.
جزيرة الشيطان
في يوم 22 أغسطس من العام 2019، وبعد شهرين من إعلان وفاة جيفري، وأثناء البحث وجدت المخابرات الأمريكية سجل طيران يحوي عدة أسماء، وتم إنشاء قائمة منها، لقد كان هذا السجل عبارة عن أسماء لأشخاص كانوا يزورون “جزيرة المتعة” جزيرة جيفري إبستين.
القائمة كانت تحوي أكثر من 150 اسماً مختلفاً، وجميع هذه الأسماء هي لمليونيرات ومليارديات وسياسيين وأشخاص من عليَّة المجتمع. ومعظم الأسماء التي نشرت للعامة في البداية قبل أن تأمر المحكمة بنشر القوائم قبل عدة أشهر كانت عن طريق التسريب وشهادات الضحايا الذين ادعوا أيضا أن – جزيرة البيدوفيليا – كما لُقبت لاحقا كانت موقعًا للاستغلال والانتهاكات الجنسية من قبل إبستين ومعارفه من ذوي النفوذ العالي على فتيات أجبرن على التدرب على ممارسة الجنس والقيام به رغما عنهن بقيادة غاسلين ماكسويل التي استحقت لقب “القوادة” عن جدارة، وتم سجنهن ضد إرادتهن بالغرف السرية في العقار.
قامت المخابرات الأمريكية في عام 2020 بمداهمة الجزيرة للقيام بالمزيد من التحقيقات، خاصة بعد ما قيل في الشهادات أن جيفري كان يأخذ الفتيات إليها، وإن أي فتاة محظوظة ذهبت للجزيرة لم تعد مجدداً للقصر.
ولا أعتقد أن السبب بعدم عودتهن هو جمال الجزيرة. فحينما سُئِل قاطنو الجزيرة عن الأمر أكدوا رؤيتهم لعشرات الفتيات بعضهن أصغر من عشر سنوات ينزلن من طائرة جيفري الخاصة، والتي تحمل اسم Lolita express والمفردة “لولويتا” بالإنجليزية تعني الفتيات الصغيرات! كما ذكروا أنهم رأوا الفتيات ينزلن من الطائرة كثيراً ويحملن أكياس مشترياتٍ من ماركات غالية على غرار غوتشي وديور، لكن من النادر رؤيتهن يركبنها مجدداً.
إقرأ أيضا: جون روبنسون : سفاح سلاحه الوعود الكاذبة والكلام المعسول
الشيء الغريب أن جيفري لم يكلف نفسه عناء إحاطة الأمر بالسرية التامة على الجزيرة، وقد قيل لاحقا أنه كان يشتري ثمن سكوت من نطقوا بمجرد موته، فما الذي كان يحدث للأطفال على جزيرته؟ ولماذا كان عدد الداخلين إليها أكثر من الخارجين؟!
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لقد وجدوا مبنى غريباً شبيها بالمعابد مبنيا على الطراز المعماري الشامي وتحديدا الفينيقي، وبدلاً من استخدام اللون البني والأبيض، فقد استخدم اللونين الأزرق والأبيض، ولم تُعرف فائدة هذا المبنى حتى اللحظة، فالظاهر أنه كان مبنى عادياً فيه أثاث ومجالس، إلا أن ضباط المخابرات الذين دخلوه للتفتيش شعروا بقشعريرة وشعور مخيف بمجرد دخوله.
قضية جيفري إبستين كانت فضيحة بكل المقاييس، وهي إحدى أبرز القضايا التي نالت ضجة إعلامية ضخمة، خاصة بعد الكشف عن أسماء كثيرة ذات ثقل في أمريكا كانت ضمن القائمة، وجميعهم من مشاهير العالم ونجوم المجتمع والسياسيين والأثرياء وصناع القرار، وإليك أهم 10 أسماء سُرِّبَت يا عزيزي القارئ:
1-عشيقته غاسلين ماكسويل ومساعدوها وأفراد من عائلتها.
2-الابن الثاني للملكة إليزابيث الأمير البريطاني أندرو وزوجته، والذي اتهمته امرأة تدعى فيرجينيا جوفري وهي من الشاهدات على القضية بإجبارها على ممارسة الجنس معه ثلاث مراتٍ عندما كانت قاصرا وبأمرٍ من جيفري إبستين، وهو ما نفاه الأمير جملة وتفصيلا رغم وجود صورة قديمة تجمعهما.
3- الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري.ويعد الرئيس الأمريكي السابق أحد أبرز القادة الذين ثبت تورطهم في القضية، فقد ظهر اسمه في الوثائق الرسمية في القضية أكثر من 50 مرة، وهو ما لفت الشكوك حول تورطه في الجرائم ضد القاصرات.
4- الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
5- الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو.
6- بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت.
7-إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل سابقاً.
8- بيل ريتشاردسون رئيس ولاية نيومكسيكو.
9- يوسي كوهين الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي.
10- أوبرا وينفري مذيعة أمريكية شهيرة.
نظريات المؤامرة
هناك الكثير من نظريات المؤامرة التي ظهرت، وجميعها نظريات صنفت أنها معادية “للسامية” لأن معظمها تطرق لليهود على نحو مباشر.
1- جيفري عميل للموساد الإسرائيلي ووظيفته هي إحضار فتيات قاصرات لممارسة الجنس مع السياسيين الأثرياء خاصة الأمريكيين، ثم تصوريهم وابتزازهم لأجل دعم إسرائيل.
إن الأسماء جميعها بهذه القائمة من سياسيين ومليارديرات وممثلين وحتى علماء كانوا من الداعمين لإسرائيل على كل الأصعدة، وليس على الصعيد المادي فحسب، وهذه ليست صدفة بنظر المؤمنين بهذه النظرية. وإن الحجة الأكبر لهم هي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي وعد أن يقطع الدعم عن جميع الدول الأجنبية إذا ما انتخب رئيساً، وقد نفذ وعده، وقطع الدعم عن جميع الدول باستثناء إسرائيل، في الواقع لقد زاد دعمه لها.
كما أن المؤمنين بهذه النظرية أكدوا أن جيفري حي يرزق ويعيش في إسرائيل، وأن موته لم يكن إلا تزييفاً، خاصة مع عدم وجود صورة واضحة لجثته.
2- جيفري ومن معه كانوا يذبحون الأطفال، ويأكلون لحمهم ويشربون دماءهم من أجل الشباب الدائم.
إن لحم الأطفال ودماءهم تعطي الشباب الدائم حسب الأساطير وما ورد في التاريخ، ومن المثير للدهشة أن الكثير من أسماء الذين زاروا الجزيرة يملكون ملامح أصغر من عمرهم خاصة ليوناردو دي كابريو ودونالد ترامب، لا أحد يصدق أن عمر الأول تخطى الخمسين وأن عمر الثاني 77 عاماً!
إقرأ أيضا: لحوم الشباب تجدد الشباب !
3 – كان يتم التضحية بالأطفال لأجل الذهب.
بعض الخيميائيين اعتقدوا أن دماء الأطفال تحوي الذهب ولا بد من قتلهم للحصول عليه. وما يدعم هذه النظرية أن طائفة زحل التاريخية والديانات التي نشأت منها (مثل الزرداتشية والمجوسية) مارسوا التضحية بالأطفال، وعرفوا بأن لديهم كمية غير معقولة من الذهب بالنسبة لعصرهم، وفي الواقع فإن الأساطير الفينيقية ذكرت أن القرطاجيين (والذين قيل إنهم كانوا يضحون بالأطفال) امتلكوا تمثالاً من الذهب الخالص لمولوخ يزن أكثر من ألف طن في يومنا الحالي.
فهل يعقل أن دم الأطفال يحوي ذهبا فعلا، وأنهم قتلوهم لأجل الحصول على هذا الذهب؟!
4 – فرية الدم
يعتقد البعض أن جيفري كان يقوم بعمل قداس تلمودي يتضمن التضحية بالأطفال. وبالعودة إلى التاريخ القديم، فإننا نجد أن اليهود بأوروبا قد اُتُّهِمُوا بخطف الأطفال والتضحية فيهم لأجل قداس ديني سري مئات المرات منذ أن أحضرهم الإمبراطور الروماني هادريان إليها كعبيد إلى يوم مذبحة الهولوكوست.
ومن بين أشهر هذه الحوادث هي ما حدث بإيطاليا عام 1475 حيث اُتُّهِم اليهود باغتصاب وقتل طفل إيطالي يدعى سيمونينو ألترينتي، وتم قتل وطرد اليهود خارج إيطاليا بسبب هذا الادعاء، كما حدثت حادثة شبيهة بمدينة حماة بسوريا في العام 1829، فالسكان قالوا أن اليهود اغتصبوا وقتلوا طفلة سورية، وأدى ذلك لطردهم من المدينة بقوة السلاح، رغم محاولة العثمانيين لمنع السكان من طردهم.
وهذه الحوادث قد تكرر ظهورها عبر التاريخ وعبر الدول مئات المرات وآخرها مع جيفري إبستين.
5 – جيفري كان يبيع الأطفال
يعتقد المؤمنون بهذه النظرية أن جيفري كان يحضر الأطفال إلى جزيرته ويبيعهم إلى الأثرياء كعبيد جنس وأن المبنى الغريب ليس إلا مركز تجارياً لعرض بضاعته.
فعلياً فإن هذه النظرية منطقية، فلو نظرت إلى المبنى جيدا، فسترى أن شكله من الداخل مشابه لأي خان ببلاد الشام (علما أن المبنى بني على الطراز الفينيقي)، حيث يجتمع التجار بتلك الخانات، ويعرضون بضاعتهم فيها. وما يزيد قوة النظرية أن جميع زوار الجزيرة كانوا مليونيرات ومليارديرات وسياسيين أقوياء يمكنهم امتلاك ما يريدون بأمريكا، ولا يُطبق عليهم القانون.
بالطبع هناك مئات النظريات الأخرى، والتي إن ذكرتها لن ينتهي المقال، إلا أن هذه النظريات هي الأكثر شيوعا على الإنترنت.
والآن دعني أسألك عزيزي وعزيزتي القارئة:
1-إذا كان جيفري قد قُتل فهل انتحر فعلاً أو أن هناك شخصا قتله لإسكاته؟
2-إذا كان جيفري لا يزال حياً فأين هو الآن؟
3-ما علاقة جهاز الموساد مع جيفري؟
4-في رأيك ما علاقة كل السياسيين والأثرياء مع جيفري إبستين؟
5-مالذي كان يحدث لتلك الفتيات على جزيرته، وما هو سر المبنى الغريب؟
ملاحظة: شخصيا لا أتبنى أي نظرية، إنما كتبت أشهر النظريات التي وجدتها على الإنترنت فحسب.
الهوامش:
“البار متسفا” هو حفل ديني يهودي يقام حينما يبلغ الشاب أو الشابة 13 سنة، ويعد هذا الحفل هو تأسيس المرحلة المادية للطفل اليهودي حيث يحصل على الكثير من المال من أقاربه.
ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .