تبهرنا الحضارة المصرية القديمة بمنجازتها وتفردها فى شتى العلوم والمجالات وسنفرد حديثنا عن انجاز هندسى وفلكى تفردت به الحضارة المصرية القديمة وقلما نجد له نظير فى الحضارات الاخرى وهذا الاعجاز يتمثل فى اخضاع الشمس فى دخول معابدهم فلا تدخل الا فى ايام محددة سلفا ومتزامنا ذلك التعامد مع مناسبات دينية وتاريخيا وهو ما اصطلح بتسميته بتعامد الشمس اى دخول الشمس الى قدس الاقدس وهى اقدس مكان فى المعبد كما كان يعتقد المصرى القديم .
وتبين هذه الظاهرة مدى تمكن المصريين القدماء من علم الفلك والهندسة ومن ابرز هذا الاعجازالذى وصل الى حد الكمال هو تعامد الشمس على معبد ابوسمبل .

معبد ابو سمبل في اسوان

وقد اكتشف المعبد الايطالى جوفانى بلزونى عام 1817 م جنوب محافظة اسوان وقد اكتشفت هذه الظاهرة الفلكية والهندسية عام 1874 السويسرية امليا ادوارز وقد سجلت هذه الظاهرة فى كتابها الف ميل فوق النيل .
وتتعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى مرتين فى العام فى ظاهرة حيرت العلماء والباحثين ، الاولى فى يوم 22 اكتوبر ، والثانية فى 22 فبراير .
وقام رمسيس الثانى بنحت هذا المعبد سنة 1264 الى 1244 ق م ، وتصميم المعبد فريد من نوعه حيث نحت المعبد بالكامل من الصخر وزين باربعة تماثيل ضخمة من الخارج لرمسيس الثاني ويصل طول الواحد الى 20 متر.
ويتجلى الابداع الهندسى والفلكى بهذا المعبد حيث تخترق اشعة الشمس الممر الامامى بطول 200م حتى تصل الى قدس الاقداس ثم تشرق الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى ، وعلى وجه تمثال الاله امون رع ، وعلى وجه تمثال الاله رع حور اختى ، اما التمثال الرابع والخاص بالاله بتاح فلا تشرق عليه مطلقا لانه اله الظلام .
وقد كانت الشمس تستمر اليوم كاملا على وجه التماثيل الثلاثة اما الان بعد نقل المعبد من مكانه بعد بناء السد العالى اصبحت الشمس لاتستغرق الا 20 دقيقة .
ويبقى السؤال لماذا لم يكن المعبد على قوائم عجائب الدنيا السبع برغم من انه يفوق معظمها ؟
لانه ظل مطمورا بالرمال حتى اكتشفه بلزونى .

تتعامد الشمس على التماثيل الثلاثة ويبقى الرابع في الظلام

وتتكرر ظاهرة التعامد على المعابد المصرية القديمة ففى بداية الصيف او ما يعرف بالانقلاب الصيفى فى يوم 21 يونيو من كل عام تتعامد الشمس على على خمسة معابد فى الاقصر - الوادى الجديد - قنا - سوهاج - اسوان .. حيث تقوم اشعة الشمس بالتسلل حتى تصل الى قدس الاقداس .
كما تتعامد الشمس فى بداية الشتاء فيما يعرف بالانقلاب الشتوى فى يوم 21 ديسمبر حيث تتعامد الشمس على معبد الكرنك - ويشهد معبد دندرة بقنا تعامد الشمس مرتين على مقصورة المعبد خلال يومى 8 نوفمبر و4 فبرايرمن كل عام تزمنا مع اعياد المعبود حورس وعلى مقصورة بيت الولادة بالمعبد - وكذلك تتعامد الشمس على معبد قصر قارون يوم 21 ديسمبر - وعلى معبد هيبس بالوادى الجديد يومى 6 ستمبر و 7 ابريل .
وهناك ظاهرة فلكية اخرى مرتبط بالقمر حيث يتعامد القمر على وجه تمثال الاله خنسو اله القمر فى معابد الكرنك وتعرف هذه الظاهرة بظاهر القمر الازرق والتماثيل الازورية.

تحكم المعمار القديم في اشعة الشمس يثير الدهشة والاعجاب

ويقول الباحث ايمن ابوزيد رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والاثار (تعامد القمر على معابد الكرنك ياتى ضمن 4500 ظاهرة فلكية تم رصدها حتى الان فى مصر القديمة وتعرف هذه الظاهرة بالقمر الازرق والتى تعد ظاهرة نادرة وهى تحدث كل ثلاثة سنوات وكان اول احتفال بهذه الظاهرة عام 2012 وسط معابد الكرنك).
وتزخر المناطق الاثرية بالكثير من المعالم التى تؤكد تقدم المصريين القدماء فى علوم الفلك مما يثير الدهشة والعجب ففى منطقة النبطة شمال غرب مدينة ابو سمبل عثر على بوصلة حجري واقدم ساعة حجرية فى العالم تحدد اتجاهات السفر ومواعيد سقوط المطر ويرجع تاريخها الى 11 الف سنة وهى اقدم دليل تاريخى لتحديد بدايات السنة والانقلاب الشمسى وهى من اعظم الاكتشافات الفلكية فى العالم وهو الكشف الذى يزيل الغموض عن تعامد الشمس على المعابد المصرية القديمة ويوكد امتلاك المصرين القدماء لفنون علم واسرار الفلك.
وقد قامت وزارة الاثار بتشكيل فريق علمى برئاسة د. احمد عوض لبحث علاقة المعابد المصرية بعلوم الفلك ويتضمن المشروع الرصد الميدانى لتعامد الشمس على 14 معبد وبحث علاقة الضوء بالتشكيل المعمارى للمعابد المصرية وكذلك مسار اشعة الشمس فى الاوقات الثلاثة المقدسة فى العقيدة المصرية القديمة وهى اوقات الشروق والغروب والظهيرة بجانب اقتران اشعة شمس الظهيرة على وجه الاهرامات.
كلمات مفتاحية :
- Solar alignment
- Abu Simbel temples