ألغاز تاريخية

لغز اختفاء سيدة المستنقع

بقلم : عبدالقادر محمود – مصر
للتواصل : [email protected]

لغز اختفاء سيدة المستنقع
سيدة المستنقع تحولت إلى اسطورة استرالية

هل كانت جريمة قتل ؟ أم مجرد حادثة ؟! ما زال هذا السؤال يطارد قضية اختفاء الاسترالية “مارجريت كليمنت” والتي تعُرف بأسم “سيدة المستنقع”.

كان والد مارجريت يعمل سائس ثيران , وقد حالفه الحظ بشراء بعض الأسهم الرخيصة في منجم ذهب والتي ارتفعت قيمتها كثيرا فيما بعد ، فأصبحت العائلة ثرية بين ليلة وضحاها ، وقامت بتوفير أفضل المدارس والملابس والسفرات لأطفالها.

توفى والد مارجريت عام 1890. وفي عام 1907 اشترت مارجريت و شقيقتها جيني قصر تولاري الذي يضم حوالي 20 غرفة فخمة ، ويقع في جنوب جيبسلاند ، استراليا.
كان قصرا جميلًا رغم أن موقعه محاطً في الغالب بمياه المستنقعات.

لغز اختفاء سيدة المستنقع
صورة لمارجريت في شبابها – في يسار الصورة – مع امها وشقيقتيها

مارجريت قضت فترة شبابها في السفر والتمتع بحياة الثراء ، كان لديها طاقم خدم يتكون من أحد عشر فردا ، وعربة أنيقة.

لكن مارجريت وشقيقتها كانتا تجهلان أسس وكيفية إدارة ممتلكاتهم ، كن يثقن بالرجال الخطأ لمساعدتهم على إدارتها ، وقد استغل هؤلاء سذاجة وطيبة الاختين فاختلسوا أمولا طائلة واهملوا ادارة الممتلكات ، لتجد الشقيقتان نفسيهما في خضم مشكلة مالية خطيرة في عشرينيات القرن الماضي ، كن مهددات بالحجر على املاكهن ، مما اضطرهن لبيع أجزاء من ارض القصر لدفع ديونهم لكي لا يتم الحجز عليهن.

وهكذا أصبحت الأختان ، اللواتي كن في يوم من الأيام من افراد طبقة المجتمع الراقي .. اصبحن اليوم يعانين من الفقر والحاجة ، فأنفض عنهن الخدم والحشم والاصدقاء ، وتفاقم وضعهن سوءا فأصاب الاهمال القصر وانهار جزء منه ، وعادت المزرعة تدريجياً إلى المستنقع السميك الذي كانت جزءا منه في الأصل.

لغز اختفاء سيدة المستنقع
صورة القصر وقد ناله الاهمال واحاطت به المستنقعات

أصبحت الأختان في عزله تامة في قصرهن الخرب ، وصرن يعتمدن في طعامهن على ما يجود به البعض من أقاربهن ، حيث كانوا يرسلون الطعام لهن عبر المستنقع.

عزلة الشقيقتان مسخت روحهن ، أصبحن كالمشردات ، يذرعن المستنقع المليء بالافاعي والقوارض والحشرات بأقدام عارية للوصول إلى متجر محلي في البلدة ليشترين علبة طعام ويحملنها إلى مسكنهن.

وبحلول الخمسينات من القرن العشرين ، كانت كل أموال الشقيقتان قد نفدت ، وماتت جيني في عام 1950 ، واضطرت الشرطة إلى خوض أميال من الأراضي الرطبة والاغصان المتشابكة للوصول إلى القصر وأخذ جسد جيني ، وقد صدموا بالحالة المتدهورة للقصر ، حيث تهدمت ثلاث من غرفه.

لغز اختفاء سيدة المستنقع
صورة لجانيت مع كلبها وقد اصبحت عجوز وحيدة

مارجريت أصبحت بمفردها الآن ، لا يسلي وحدتها سوى كلب من فصيلة الدنغو ، وكانت تقضي وقتها بالجلوس على شرفة القصر وقراءة روايات بوليسية على مصباح الكيروسين ..

كان المنزل يفتقر إلى أبسط المرافق الأساسية ، ولكن “مارجريت” لم تتزحزح منه.

وفى عام 1951 عرض “ستانلي ليفنجستون” وزوجته ، وهما جيران “مرجريت” ، شراء القصر مقابل مبلغ متواضع ، إضافة إلى بناء كوخ صغير لمارجريت على جزء من أرض المستنقع ، فوافقت على ذلك وانتقلت للعيش في الكوخ. 

في 14 مايو 1952 ، صدمت “مارجريت” بمشاهدة كلبها مقتولا ، قام احدهم بشق حلقه ، وبعد ذلك بأسبوع اختفت “مارجريت” نفسها ، وكان عمرها 72 عاما ، وكان جارها “ستانلي ” آخر شخص رآها على قيد الحياة.

تم العثور على عصا “مارجريت” التي كانت تستخدمها في المشي بجانب باب كوخها ، لكن لم يعثر على جسدها ، مما جعل الناس يشكون في أن اختفائها ليس مجرد حادث عابر ، لأن مارجريت لم تكن تتخلى عن عصاها أبدا.

بالنسبة لبعض السكان كانت الشكوك تحوم حول الجار ستانلي ، فهو لاعب كرة قدم سابق ، ومعروف بقوته البدنية وعصبيته الشديدة. وقيل أن بعضهم سمعوه وهو يتباهى بقتلها ، لكن بما أن الشرطة لم تتمكن من العثور على اي جثة فلم يكن هناك أي دليل على وقوع جريمة قتل بالأساس.

كان هناك مشتبه آخر هو ابن أخت “مارجريت” الذي حُرم من الميراث ، خصوصا وأنه لم يكن راض عن بيع القصر ، وكان يتمنى أن يرثه يوما ما ..

الصحافة لعبت دورا كبيرا في بناء هالة من الغموض حول مصير مارجريت التي أصبحت تعرف بأسم “سيدة المستنقع” ، وتم نشر مواضيع اقرب إلى الاسطورة منها إلى الواقع عن مقتل مارجريت وعن وجود كنز مطمور في قصرها.

في عام 1978 تم العثور على بقايا هيكل عظمي لامرأة عجوز على بُعد أميال قليلة من القصر ، وعثروا أيضا على شال ومحفظة ، وكذلك مطرقة ومجرفة ، لكن لم يثُبت بشكل قاطع أبدا أن الهيكل يعود لـ “مرجريت” ، وقال الخبراء لاحقا أن العظام على الأرجح تعود إلى امرأة من العصر الحجري من السكان الأصليين.

لغز اختفاء سيدة المستنقع
صورة لحملة البحث عن مارجريت .. لم تفض الى شيء ..

ومرت السنوات ولغز مارجريت على حاله بدون حل ، ماتت عائلة “ليفينجستون” ، أولا الزوج ستانلي ، ثم لحقت به زوجته ، وبالتالي مات سر مارجريت معهم على الأرجح. لكن كل بضع سنوات ، ينجذب مراسل ما للقضية ويعيد فتحها ، ومؤخرا اجرى احد الصحفيين تحقيقا موسعا عن القضية ضم معلومات جديدة تشير في معظمها إلى ان الجار ستانلي هو المسئول عن مقتل مارجريت. حيث قالت امرأة تدعى “جين شارب” إنها كانت صديقة للسيدة “ليفنجستون” ، وأنه في يوم من الأيام جاءت الزوجة “إيسم” لرؤيتي. كنت أستطيع أن أرى أنها كانت مخمورة ، وقالت لي بمرارة : ” “ستانلي” سيتخلص مني ولا أعرف ماذا أفعل”. وقالت أن “ستانلي” اعتاد على تركها والنوم مع السيدة العجوز في “تولاري” ، الأمر الذي أثار غضبها الشديد”.

قالت إن “ستانلي” أجبر العجوز على التنازل عن أرضها تحت تهديد السلاح ، ثم اختفت فجأة. وقالت أن “ستانلي” دفع مبلغ ألف دولار إلى رجلين من” ملبورن” للتخلص من جسد مارجريت ، لكنها لم تشر إلى كيفية قتلها.

لم يتم القبض على أحد بتهمة قتل “مارجريت” ، تلاشت سيدة المستنقع واختفت تماما لتتحول إلى أسطورة محلية يلفها غموض شبه تام.

توفي السيد “ليفينغستون” مليونيرا بعد ان استنزف موارد المستنقع في تولاري ، ثم باعه بمبلغ 250،000 دولار في عام 1964 ، أي 10 أضعاف الثمن الذي دفعه لشراؤها. وقد توفي اثر نوبة قلبية في عام 1993.

المصادر :

Lady of the Swamp Disappeared and Was Never Found

تاريخ النشر : 2018-12-29

guest
22 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى