قتلة و مجرمون

لغز جاك السفاح

بقلم : اياد العطار

مجموعة من الجرائم البشعة حدثت أواخر القرن التاسع عشر في لندن وبقيت حتى اليوم لغزا حير الباحثين وأعيى المحققين. فبرغم وجود عدد كبير من المشتبه بهم، إلا إن التهمة لم تثبت على أحد وظل المجرم مجهولا حتى هذه الساعة.

جاك السفاح كما تخيله الناس في القرن التاسع عشر

جاك السفاح كما تخيله الناس في القرن التاسع عشر حيث يتربص بالنساء الوحيدات و يقوم بالأعتداء عليهن و من ثم يقوم بتقطيع اجسامهن و العبث يها.

في أوائل شهر نوفمبر عام 1888 شهدت الضاحية الشرقية من لندن مسلسل من الجرائم الغامضة والمرعبة، حدثت خمسة جرائم راح ضحيتها خمسة نساء جميعهن من البغايا و الساقطات، و قد قتلن بنفس الطريقة تقريباً،  قطعت حناجرهن و استأصلت أعضائهن التناسلية، وتم التمثل بجثث أربع منهن بوحشية وقسوة منقطعة النظير.

الضحية الأولى كانت تدعى ماري آن نيكولاس وتلقب ببولي، وجدت مذبوحة في 31 أغسطس 1888 ، وقد وصفت الصحافة جريمة مقتلها بالبشعة والفظيعة ؛ الضحية الثانية كانت تدعى آني جبمان، عثر على جثتها في 8 سبتمبر 1888 مذبوحة أيضا و قد مثل القاتل بجثتها بوحشية فشق بطنها وأستخرج أحشاءها ؛ الضحية الثالثة و الرابعة قتلن في نفس اليوم في 30 سبتمبر 1888 حيث عثر حوذي علي جسد الأولى بينما كان يقود عربته متوجهاً إلى عمله، وتم التعرف عليها، وهي بغي أسمها إليزابيث سترايد،  وقد ذبحت من الوريد إلى الوريد مثل الأخريات، أما الضحية الأخرى فكانت كاترين إدويس، قطعت حنجرتها وتم تشويه وجهها بفظاعة بحيث وجدت الشرطة صعوبة في التعرف عليها، كما قام القاتل باستخراج أحشاءها ولف جزء من أمعائها حول رقبتها.

الصور التي نشرتها صحف ذلك الزمان لضحايا جاك السفاح
الصور التي نشرتها صحف ذلك الزمان لضحايا جاك السفاح

الجريمة الأخيرة كانت الأشد بشاعة والأكثر هولا، لأن القاتل حصل هذه المرة على فسحة كافية من الوقت ليعبث بجثة ضحيته ويمزقها كيفما شاء، فقد عثر على الضحية الخامسة و الأخيرة، وتدعى ماري جين كيلي، مذبوحة في شقتها في التاسع من نوفمبر 1888، وهذه المرة لم يكتف القاتل بقطع حنجرة ضحيته فقط بل قام بفصل رأسها عن جسدها ثم بقر بطنها و استخرج أحشائها الداخلية وقطع ثدييها و بتر ذراعيها، كما قام بنزع اللحم عن رجلها و وجهها .. الأمعاء والكليتين اختفت تماما ولم يعثر رجال الشرطة عليها، في حين وضع القاتل الكبد بين قدمي الضحية، ووضع ثدييها و أنفها على الطاولة.

و بهذه الجريمة البشعة انتهى مسلسل القتل فجأة كما بدء أول مرة، وبدئت بنهايته حقبة طويلة من التحقيق والبحث المحموم والتحري المكثف للكشف عن ملابسات القضية التي حيرت المحققين و الباحثين لقرن من الزمن. لكن برغم كل الجهود الجبارة التي أضطلع بها رجال اسكتلنديارد فأن القاتل ظل مجهولا ولم توجه تهمة القتل إلى احد.

لعقود طويلة تراكمت الكثير من الفرضيات و النظريات حول هوية جاك السفاح الحقيقية، لكنها بقيت مجرد احتمالات وتكهنات يصعب إثباتها، كان هناك الكثير من المشتبه بهم، أشهرهم الدوق ألبرت حفيد الملكة فيكتوريا الذي وجهت له أصابع الاتهام من قبل بعض الذين كتبوا عن القضية، والذين افترضوا بأن الدوق أصيب بمرض الزهري (السفلس) مما دفعه للجنون (الجنون هو من مضاعفات مرض الزهري) فأرتكب تلك الجرائم البشعة.

السير وليم غول طبيب البلاط الملكي كان أحد المشتبه بهم أيضا، وقد ظهر في العديد من الروايات والأفلام على أنه الشخص الذي يقف وراء جرائم جاك السفاح، ولعل السبب الرئيسي في الشكوك التي حامت حول الطبيب تعود إلى حرفية جاك السفاح في تقطيع أوصال ضحاياه، كان عمله متقنا وليس تمثيلا عشوائيا، مما دفع بالكثيرين إلى الاعتقاد بأن القاتل هو طبيب متمرس وخبير في علم التشريح.

مشتبه به آخر هو مونتغيو جون دروت، كان محاميا فاشلا ومضطربا عقليا انتحر بإلقاء نفسه في نهر التايمز في ديسمبر 1888 وقد أدى تزامن موته مع انتهاء مسلسل القتل إلى جعل الشكوك تحوم حوله ؛ وهناك أيضا مشتبه به يدعى روبرت ستيفنسن، وهو كاتب مولع بالشعوذة والسحر الأسود، و قد جعله ولعه هذا محلا للريبة، حيث ظن بعض المحققين بأنه أقترف الجرائم كضرب من الطقوس السحرية، وتزايدت الشكوك حوله باضطراد بعد أن اختفى كلياً في عام 1904.

أخيرا وليس أخرا، هناك قاتل يدعى توماس نيل حكم عليه بالموت في أمريكا، وقد صرخ من فوق منصة الإعدام .. “انا جاك الـ ..” قبل أن يقطع حبل المشنقة جملته.

في الحقيقة هناك الكثير من المشتبه بهم في قضيه جاك السفاح ممن يطول ذكرهم وتعدادهم، لكن وكما أسلفنا سابقا فأن التهمة لم تثبت على احد وظلت القضية لغزاً محيراً تحول بمرور الأيام وانقضاء السنين إلى أسطورة مخيفة ألهبت حماس محبي قصص الرعب حول العالم.


اقرأ أيضا : جاك الواثب : الشخصية التي أثارت الذعر في لندن

هذه القصة نشرت بتاريخ 01 /02 /2003

guest
181 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى