لماذا وضعوا رأس هذا الرجل في زجاجة؟
تم اعدام هذا الرجل عام 1841 |
لكن لا داعي للاستغراب ، فالهدوء واللامبالاة ، كانتا دوما صفات متأصلة وملازمة لصاحب ذلك الرأس طيلة حياته .. حتى في لحظاته الأخيرة وهو يقف مواجها الموت فوق منصة الأعدام وسط الحشود الهادرة ..
فمن يكون هذا الرجل يا ترى ؟ .. ولماذا حفظوا رأسه داخل ذلك الأناء ؟ ..
ولد ديوجو آلفيز عام 1810 في بلدة صغيرة شمال أسبانيا، وكان والده مزارعا فقيرا، أرسل أبنه المراهق إلى عاصمة البرتغال لشبونة ليعمل خادما هناك في منازل الأثرياء ، أملا في أن يعين الأسرة ماليا، لكن الأبن سرعان ما انغمس في حياة الملذات التي توفرها المدينة فتنكر لأهله وقطع اتصاله بهم نهائيا. في الحقيقة كان ديوجو انسانا مجردا من الاخلاق وبارد المشاعر .. ويقال أن هذه الصفات سببها مشكلة عقلية نجمت عن سقوطه من ظهر جواد حينما كان يعمل في مزرعة والده.
بالطبع لم يكن راتب الخادم الضئيل كافيا لأشباع نزوات وولع ديوجو بالخمر والنساء والقمار، لذا لم يطل الوقت حتى بدأ يسرق من منازل مخدوميه ، وكان أسلوبه بسيطا ، يقوم بعمل نسخ عن مفاتيح المنزل ثم يسرقه لاحقا بمساعدة بعض المجرمين الذين التفوا حوله ليكونوا عصابة ، وكانوا يخبئون المسروقات في نزل صغير بأطراف المدينة يعود لسيدة تدعى ماريا جيرترودز ، كانت عشيقة ديوجو ويقال أنها هي التي شجعته على امتهان السرقة.
هذه الساقية المعلقة بارتفاع 65 متر شهدت معظم الجرائم |
جرائم ديوجو سرعان ما اوقعته في مشاكل مع السلطات ، لذا أراد ان يجد طريقة جديدة لكسب المال لا تعتريها المصاعب والشبهات ، فكان أن تنفتق عقله عن فكرة جهنمية ، حيث كانت توجد قنطرة مائية معلقة شهيرة في لشبونة ، كانت بطول عدة كيلومترات ، تنقل الماء من الينابيع العذبة في أطراف العاصمة. كانت تحفة معمارية بحق ، بنيت عام 1733 ، يصل أرتفاعها في أعلى نقاطها إلى 65 مترا ، وكانت أيضا وسيلة مثلى لبعض المسافرين والمزارعين لأختصار طريق والوصول إلى مركز المدينة بسرعة وبعيدا عن الزحام ، فأستغل ديوجو هذه النقطة بدهاء ، كان يكمن لهؤلاء المساكين عند منتصف القنطرة ليأخذهم على حين غرة مهددا أياهم بسكين ، طبعا لم يكن ثمة مجال للمناورة أو الهرب ، فالممر فوق القنطرة ضيق بالكاد يتسع لشخص واحد ، وهكذا كان الضحايا يسلمون كل ما يملكون لديوجو على أمل أن يدعهم يمضون لحال سبيلهم ، لكنه لم يكن يفعل ، إذ كان يرميهم من أعلى القنطرة ليسقطوا إلى حتفهم في الأسفل ، وذلك خشية أن يبلغوا الشرطة عنه لو تركهم يرحلون سالمين.
يقال أن عدد ضحايا ديوجو وصل 70. العجيب أن الشرطة لم ترتب في الامر البتة ، ذلك أن البرتغال كانت تمر بمشاكل سياسية واقتصادية جمة في ذلك العهد مما زاد في غلاء الأسعار وفاقم الفقر ، لذا ظنت الشرطة أن هؤلاء المتساقطون يوميا من فوق القنطرة إنما ينتحرون جراء ضغوطات الحياة ..
لكن عدد الضحايا المتزايد باضطراد ، وسقوطهم في نفس المنطقة تقريبا ، جعل السكان يضجون بالشكوى طالبين غلق القنطرة ووضع حراسة مشددة عليها .. وهو ما تم تنفيذه بالفعل ، فأصبح من المستحيل على ديوجو استخدامها مجددا لتنفيذ جرائمه ، لذا عاد هو وعصابته إلى سرقة المنازل ، وأصبحوا أكثر جرأة وقسوة عن السابق ، فصاروا يقتلون سكان المنازل التي يسطون عليها ، مما أثار ضجة واسعة في المدينة ، خصوصا بعد مقتل طبيب مشهور وزوجته وطفليه على يد العصابة ، مما دفع الشرطة لتكثيف البحث على الجناة.
من غير المعلوم كيف تم القبض على ديوجو ، يقال بأن أحد افراد عصابته وشى به ، وهناك مزاعم بأن أبنة عشيقته هي التي أبلغت عنه .. وأيا ما كانت الحقيقة فقد وقع ديوجو في قبضة العدالة عام 1841 وحكم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت في ساحة عامة ، لترتاح المدينة من شروره أخيرا. ويقال أنه حتى آخر لحظة في حياته كان في منتهى الهدوء ولم يبدي أي ندم .. ولعل ذلك واضح في معالم وجهه ..
اظنه ساعة الاعدام كان يفكر في شيء ما بعيد جدا عن الموت |
بعد أعدامه طلب عدد من الباحثين والأطباء في جامعة لشبونة بتسليمهم جثة ديوجو لإجراء دراسة تشريحية مستفيضة حول دماغه من اجل معرفة الأسباب الكامنة وراء سلوكه الأجرامي ، إذ كانت هناك نظريات في ذلك الزمان تربط ما بين شكل الجمجمة والدماغ وما بين السلوك والتصرفات .. ومن غير المعلوم ما الذي توصل إليه العلماء من دراسة دماغ ديوجو ، لكن المعلوم يقينا أن رأسه مازالت محفوظة في متحف التشريح التابع لكية الطب جامعة لشبونة .. وهي بلا شك من أكثر الأشياء التي تجذب انتباه الزوار في ذلك المتحف.
———————————-
القصة فيديو لمن يود المشاهدة :
———————————-
المصادر :
– The Story of Diogo Alves: A Lisbon Serial Killer
– Diogo Alves – Wikipedia
تاريخ النشر : 2019-10-21