ألغاز تاريخية

أطفال تلاشوا في العدم 4

بقلم : إياس شعيب – تيماء_تبوك

ظاهرة خطف متى تختفي؟!

سؤال يحير الجميع، الكل يعيش في قلق حين يرسل طفله إلى البقالة أو حتى إلى زيارة الأقارب، فهناك من يتربص بصغيرك حتى يصبح وحيدا لكي يفترسه.

إن ضياع طفلك بلا أثر هو أكبر كابوس يمكن ان يمر في حياتك، حيث ستعيش حرقة فقد فلذة كبدك وتبقى تفكر في مصيره الغامض و انت تتسأل بكل قهر: أين هو من هذا العالم الكبير؟ ..

ولكي لا يحدث لك هذا الكابوس أحكم قبضتك على أيديهم ، ففي لحظة انشغالك قد يتلاشى صغيرك للأبد ..

والتر كولينز

المكان لوس أنجلوس.
التاريخ 10 مارس 1928

blank
الطفل والتر كولينز

كانت السيدة كريستين كولينز عاملة هاتف، ذات يوم أعطت طفلها والتر البالغ من العمر تسع سنوات مبلغاً صغيرا من المال لكي يذهب إلي السينما المجاورة للمنزل ، لكن الطفل لم يرجع ، أبلغت الأم عن اختفائه، وعلى الرغم من أن الشرطة بذلت قصارى جهدها لمدة خمسة أشهر إلا أنها لم تجد لوالتر أي أثر.

في أحد ايام أغسطس ، أي بعد مرور خمس أشهر على اختفاء والتر، ظهر صبي في بلدة ديكالب بولاية إلينوي مدعياً بأنه الطفل المفقود، فدفعت كريستين تكاليف نقله إلى كاليفورنيا وهي متلهفة لكي تضم طفلها الى حضنها من جديد .. لكن حين وصل الصبي صُدمت كريستين، صحيح أنه يشبه والتر لكنه ليس طفلها.

حين قالت ذلك لرئيس الشرطة رد عليها بأنه غاب عنها لأشهر و قد تغير كثيراً. ولكن هل يعقل ان تتوه ام عن صغيرها حتى لو غاب عنها سنين؟ ..

وعلى الرغم من إصرار الأم على أن هذا الطفل ليس ولدها والتر إلا أن الشرطة سيئة السمعة آنذاك أصرت على الأم المكلومة أن تأخذ الولد إلى البيت لكي تجربه!.

blank
الأم كريستين كولينز ادت دورها في الفيلم انجلينا جولي

بعد يوم عادت كريستين إلى رئيس الشرطة تخبره مجددا بأن من عثروا عليه ليس صغيرها، فتم اتهامها بأنها تريد التهرب من مسؤوليتها كأم، فردت عليه بأنها خائفة لو قبلت بهذا الصبي فأنه سيتم إيقاف البحث عن والتر، طالما اعتقدوا أنه عثروا على الصغير.

وأحضرت لهم عدة أدلة على أن هذا الصغير ليس والتر، فهو أقصر بوصتان من والتر، وطبيب الأسنان الخاص بالعائلة لم يجد تجويف بين أسنان الطفل كان قد عمله لوالتر، كما ان المعلمة في المدرسة قالت أن الطفل فشل العثور على مكانه في الفصل.

بسبب خوفهم على التأثير السلبي على انتخاب عمدة الولاية وتشويه صورة الشرطة أمام الإعلام فقد اصرت الشرطة على ان الصبي هو والتر ، لا بل الادهى قاموا برمي الأم المسكينة في مصحة عقلية لاجبارها على ان تكتب اعتراف باختلال عقلها وبأن الطفل هو ابنها، و قد اكتشفت كريستين أن هناك نساء مثلها تم وضعهم ظلماً في المصحة العقلية لأنهم كانوا مجرد تهديد لشرطة الفاسدة.

blank
القاتل جوردن نورثكوت

انتفض الرأي العام بعد العثور على مقبرة جماعية تضم 20 طفلاً تم إغتيالهم على يد قاتل متسلسل. وكان احد مساعدي القاتل ، وهو طفل ايضا ، قد ارشد الشرطة إلى تلك المقبرة.

المحققين كانوا موقنين ان والتر هو احد هؤلاء الاطفال المدفونين في تلك المقبرة. اكتشاف الجريمة ادت الى فضيحة فتمت محاكمة رئيس الشرطة .. وفي وقت لاحق حوكم القاتل وتم اعدامه.

بعد 5 أعوام تم العثور على طفل كان قد استطاع الهرب من يد القاتل الذي كان يتخذ من مزرعة نائية مسرحا لتنفيذ جرائمه. الطفل قال انه تمكن من الهروب من المزرعة و أنه هرب معه طفلين أحدهما اسمه والتر.
كريستين كولينز تعلقت بهذا الأمل في أن يكون ابنها قد هرب من المزرعة فعلا وهو حي يرزق في مكان ما .. ولما تبقى من عمرها ظلت تبحث عن طفلها المفقود حتى وافتها المنية في لوس أنجلوس عن عمر ناهز 75 عاماً

أطفال سودر

المكان فرجينيا الغربية
التاريخ 1945

blank
منزل عائلة سودر تعرض لحريق

في ليلة الميلاد طلب الأطفال الخمسة من والديهم أن يلعبوا بألعابهم الجديدة قبل الذهاب للنوم مباشرة، فسمحا لهم باللعب.

عند 12:30 رن جرس الهاتف، استيقظت الأم جيني ونزلت للطابق الأرضي لكي ترد ، كان المتصل امرأة لم تتعرف الأم على صوتها، سألت المتصلة عن اسم غريب مع اصوات ضحك و قرع كؤوس في الخلفية، قالت لها الأم أنه رقم خاطئ ، وقبل أن تقفل الخط سمعت المرأة الغريبة تضحك، وبعد انتهاء المكالمة عادت للنوم.

في 1:00 ليلاً استيقظت جيني مرة أخرى حيث سمعت صوت ارتطام جسم بسقف المنزل تبعه صوت دحرجة ثم عم الصمت فعادت للنوم.

 1:30 استيقظت الأم على رائحة دخان فنهضت بسرعة و خرجت هي و زوجها وأربعة من الأطفال :
جون 23 سنة
ماريون 17 سنة
جورج جونيور 16 سنة
سيلفيا عامين

blank
اطفال عائلة سودر الخمسة

هم من استطاعوا الهرب من ألسنة النار، ثم بدأوا ينادون على الأطفال الخمسة النائمين في العلية، لكي يعلمونهم بوقع الحريق، لكن دون أي إجابة منهم.

ولم يعد بمقدورهم الصعود لإنقاذهم لأن درج المنزل التهمته النيران، فذهب الأب ليجلب السلم فيصعد عليه و ينقذ صغاره لكنه لم يجده في مكانه المعهود، حتى الشاحنة كانت معطلة على الرغم من أنها في اليوم السابق كانت تعمل. حاول الأبوان الاتصال بالمطافيء لكن الغريب ان اسلاك الهاتف كانت مقطوعة ولم تأتي المطافيء وتخمد الحريق الا في الثامنة صباحا بعد ان تمكن احد الجيران من الاتصال بهم.

العجيب انه لم يتم العثور على جثث او عظام الاطفال الخمسة في بقايا المنزل المحترق .. ولا عظمة واحدة ولا اي اثر. ومع هذا تم اعلان وفاتهم رسميا من قبل السلطات لكن الابوين لم يقتنعا بذلك ، خصوصا وان بعض سكان البلدة قالوا انهم شاهدوا الاطفال الخمسة يستقلون سيارة غريبة بعد الحريق بساعات ..

عائلة سودر قاموا بوضع لافتات عام 1950 تحمل صور اطفالهم الخمسة و قصة اختفائهم الغامضة على طول طريق الولاية 16 و عرضوا مكافأة لمن يدلي لهم بمعلومة عن صغارهم من دون فائدة.

blank
ظل الابوان يبحثان عن اطفالهما حتى اخر يوم في حياتهما

1969 مات الأب بحسرته دون أن يعرف شيئا عن مصير أولاده الذين تلاشوا بدون أي أثر و في عام 1989 ماتت الأم دون أي خبر يثلج صدرها عن صغارها المفقودين، بعد وفاة جيني أزالت العائلة اللوحة الإعلانية بعد تغير شكلها بسبب العوامل الجوية.

استمر أبناء سودر الناجون في البحث عن اخوتهم حتى ماتوا واحد تلو الآخر، لم يبقى منهم سوى أصغرهم التي كانت بعمر العامين وقت الحريق والتي هي متأكده بأن إخوتها لم يموتوا في الحريق بل تم اختطافهم.

الأطفال الخمسة الذين تلاشوا في ليلة الحريق هم:

موريس 14 سنة
مارثا 12 سنة
لويس 9 سنوات
جيني 8 سنوات
بيتي5 سنوات

أطفال بومونت

مكان الإختفاءأستراليا، شاطئ غلينغ
التاريخ : 25 يناير 1966
الوقت الساعة العاشرة صباحاً

blank
اطفال بومونت الثلاثة

بعد ذهاب الأب إلى عمله أخذ الأطفال جين -9 سنوات – ، أرنا – 7 سنوات – ، غرانت – 4 سنوات – ، الإذن من أمهم لكي يذهبوا إلى الشاطئ بما أن اليوم عطلة و قد سبق لهم أن ذهبوا بمفردهم و عادوا.

سمحت لهم الأم و أعطتهم نقودا ثمن الطعام و تذكرة الحافلة، وأوصت الأطفال بأن يرجعوا مع حافلة الساعة 2 ظهراً، فودعوا امهم و خرجوا، كانت هذه آخر مرة ترى فيها أطفالها.

بعد مغادرة الصغار، قررت الأم إنهاء أعمالها و زيارة صديقاتها، حين حانت الساعة 2 لم يرجع الأطفال ، وكانت الأم تقف تنتظر الحافلة ، فقالت لنفسها لعل الحافلة الأولى قد فاتتهم، لكن الحافلات الأخرى أتت ايضا من دون خبر أو اثر للاطفال.

دخل الخوف و الهلع قلب الام وحين عاد زوجها ذهبوا إلى الشاطئ يبحثون عن فلذات أكبادهم، لكن بلا أثر، فأبلغوا الشرطة التي أسرعت بتمشيط الشاطئ في أطول عملية بحث عن أطفال.

أحد الشهود قال : «نعم لقد رأينا الأطفال يلهون في البحر لوحدهم، ثم جاء رجل طويل ذو شعر أشقر وأخذ يلهو و يمرح معهم، ثم ألبسهم ملابس العودة».شاهدت أخرىقالت : «استغربت بأن الرجل يلبس الفتاة الكبيرة ملابسها، إذ أنها كانت كبيرة كفاية لتلبس بنفسها من غير الإعتماد على أحد».

الأم نانسي حين سمعت بذلك قالت : «مستحيل فابنتي لا تسمح لأي أحد إلباسها».

شهود آخرون قالوا : «رأينا الأطفال يجلسون بأحد المقاعد القريبة من غرف التبديل، بدا انهم ينتظرون أحداً».

أما نادلة المطعم فقالت : «جاءتني الطفلة الكبرى تطلب طعاماً و لكن لم يكن المال كافياً، فاعتذرت منها، لكنها فجأة عادت تملك مالاً فأعطيتها الطعام».

blank
الام نانسي بومونت وزوجها جيم .. عاشا لعقود طويلة بعد الحادثة على امل

استمرت عملية البحث طويلا، تطوع الكثيرون للمساعدة ، وناشدت وسائل الإعلام الجميع في تقديم يد العون .. لكن لم يتم العثور لا على الأطفال و لا على الرجل الأشقر.

بالنهاية جلست الأم تلوم نفسها وتنتحب : «كيف سمحت لهم بالذهاب إلى الشاطئ لوحدهم، كم هو قاس فقدان طفل واحد، لكن فقدان ثلاثة أطفال، لن تراهم ولا تعرف مصيرهم هو الأشد و الأقسى».

وأظن أن الأم بقيت تنتحت وتتحسر حتى اخر يوم في حياتها ..

دينيس بيبتون

4 سنوات
1 سبتمبر 2004
قرية مازارا ديل، غرب صقلية

blank
الطفلة دينيس باتون

كانت دينيس تلعب مع أولاد خالتها وقت الظهيرة في مكان يقع بين بيت جدتها لأمها و بيت خالتها. كانت مجرد 12 دقيقة غفلت فيها الأسرة عن مراقبة الصغيرة، وكانت دنينس قد اختفت.

عندها بدأت عملية بحث داخل القرية ثم تشعبت دائرة البحث حتى اصبحت على مستوى البلاد بأسرها ، تم تتبع كل الخيوط لكن دون أي نتيجة تساعدهم في العثور على الطفلة المفقودة.

بعد شهر وصلت لهم معلومة من رجل آمن رأى مجموعة من المشردين في مدينة ميلان الإيطالية معهم أطفال ومن بينهم طفلة تشبه دينيس.

تم فحص تسجيل كاميرا المراقبة و فعلا اتضح أن بين البنت و الطفلة المفقودة تشابه شديد، وكانت تسأل المرأة التي تمسكها: إلى أين تأخذني و كانت تناديها باسم داناس.

والدة دينيس أكدت أن الفتاة هي ابنتها بنسبة كبيرة، حينها بدأت الشرطة تبحث في أرجاء المدينة كاملة لكن اختفى كل اثر لأولائك المشردين تماماً.

مادلين ماكان

مكان : برايا دا لوز، البرتغال.
تاريخ : الخميس 3 مايو 2007

blank
الطفلة مادلين ماكان

ذهبت الفتاة الانجليزية مادلين 3 سنوات لقضاء إجازة مع والديها و اختيها التوأم في منطق الجرف في البرتغال.

الوالدين تركوا صغارهم نائمين لوحدهم في غرفة الفندق وذهبوا لتناول الطعام في مطعم يبعد 120 متراً.

عاد الأبوين بعد ساعتين إلى غرفتهما ليجدوا أن ابنتهم الكبرى قد اختفت دون أن يمس أحد أخويها، ثم تذكرا كلام ابنتهم مادلين على الإفطار صباح يوم اختفائها حيث قالت: “لماذا لم تأتيا حين بكينا أنا و أخي مساء أمس”.

حينها اعتقد الوالدين أن هناك شخص ما كان يزور شقتهما أكثر من مرة بغيابهما.

بعد ثلاثة أشهر قام فريق من 10 ضباط شرطة برتغاليين وبريطانيين ، بينهم خبيران ، بالإعلان على أن الصغيرة قد قتلت في غرفة نومها وذلك بعد عثورهم على آثار دماء في وسط الغرفة بواسطة الكلاب و الأشعة فوق البنفسجية.

أثناء التحقيقات كان هناك ادعاءات من قبل عدة اشخاص مشاهدة الطفلة في مناطق متفرقة في البرتغال.

في سبتمبر 2007 ادعى شخصين مشاهدة الطفلة في مراكش المغرب بعد أيام من اختفائها ، تم التحقيق في الأمر و اتضح أن الطفلة اسمها بشرى بن عيسى و ليست مادلين.

blank
والدا الطفلة لم ييئسا من العثور عليها

مرت سنوات على اختفاء مادلين و لم تجد السلطات البرتغالية أي معلومات جديدة تساعد في فتح ملف القضية من جديد.

عام 2011 أطلق والدا مادلين كتاباً في الذكرى الرابع لاختفاء طفلتهما.

بعض الأثرياء و رجال الأعمال تبرعوا بوضع جائزة قدرها 10 ملايين لمن يكشف عن مصير المفقودة.

في يوليو 2013 بدأت شرطة بريطانيا تحقيقات خاصة حول اختفاء مادلين الغامض وذلك بعد أن عثرت على أدلة جديدة في القضية.

ختاما ..

طفلك أمانة أمسك بيده جيداً، فإن تاهت خطاه فلن تعثر عليه إلا بمعجزة إلهية، تذكر أن العالم موحش بالنسبة لطفل تائه، راقبهم جيدا فالذئاب تتربص بهم و تنقض عليهم حين يلعبون بعيداً عن أنظاركم.

المصادر :

إياس شعيب

السعودية
guest
69 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى