تجارب من واقع الحياة

إعاقتي حطمتني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أنا عماد أبلغ من العمر ٢٠ سنة، ولأدخل في الحديث مباشرة فأنا لست طبيعيا كباقي أقراني . إعاقتي تكمن برجلي اليسرى والتي بها عرج إن صح التعبير نتيجة لحادث سيارة أليم حدث لي قبل سنتين بعد أن أتممت الثانوية العامة .

في ذلك الصيف كان عرس ابن عمي ، وكان الظلام دامسا ، خرجت من الصالة لأجري مكالمة هاتفية ضرورية وابتعدت قليلا وأنا أتحدث دون أن أدرك أني وسط الطريق الفرعي الذي تعبره السيارات . لم أنتبه للسيارة القادمة من بعيد، أتذكر فقط أني طرحت أرضا وأفقت بعدها بالمشفى . كانت عظام ساقي اليسرى قد تضررت بشدة .

إقرأ أيضا :هل الإعاقة أثم ؟ مذكرات معاق

بعد فترة ليست بالقصيرة من ذلك تعافت رجلي ودخلت للجامعة متأخرا بشهور، قررت قبل ذلك ألا أسمح لأحد بالاستهزاء بي أو التقليل من قيمتي . قررت أن أتقبل نفسي وإعاقتي والبلاء الذي ابتليت به ولعل في صبري أجرا إن شاء الله . ولكن ..

شيئا فشيئا بت أشعر نفسي وحيدا دون أصدقاء، أنا في الحقيقة لم أحاول التقرب من أحد ، أصبحت أشعر أني حالة شاذة وسط كل الشباب، أراهم ينظرون لي بطريقة غريبة وأنا أجر رجلي العرجاء، فأحس بالنقص والعجز . وأصبحت أراقبهم يمشون بطريقة طبيعية، يركضون، يلعبون الكرة ويقفزون، إلا أنا!! معاق! .. فتحطمت نفسيتي وتراجعت دراستي بسبب ذلك .

في عائلتي أيضا، أصبح الجميع بعد الحادث لا يتعامل معي بطبيعية . يعاملونني بتحفظ أو لأقل لا يكونون عفويين معي خشية أن أسيئ الفهم وتجرح مشاعري . اعتدت مع أخوي في العطل أن نذهب للعب الكرة مع أصدقاء الحي في الملعب القريب . والآن أصبحوا إما يتحاشون الذهاب أو يلعبون بعيدا عن المنزل خفية عني .

إقرأ أيضا : خوفي من المرض يحطمني

ورغم حرقة قلبي فأنا لا ألومهم، لو كنت مكانهم لفعلت الشيء نفسه، لكن حقا هم يجرحونني في الوقت الذي يتفادون فيه ذلك، أود أن أعود طبيعيا وليس معاقا . شابا قادرا على الركض والعودة للجيم مجددا للممارسة الرياضة . لكن الأمر صعب جدا فعظام رجلي متضررة والألم أحيانا يصبح لا يطاق، ورغم الفحوص الدورية لا تقدم في حالتي . أخشى حقا أن أظل طوال حياتي على إعاقتي، لقد أدركت متأخرا أن الصحة نعمة، ولا عوض عنها . وكل شيء قابل للاسترداد إلا الصحة والموت .

الآن الوساوس تقتلني، خوفي من المستقبل، تفكيري الزائد، أخاف حقا أن أخسر نفسي، وأكره أمي وأبي ومن حولي، وتتدمر حياتي . أقسم أني أحاول التعود وتقبل إعاقتي لكن .. لا أستطيع .

التجربة بقلم : عماد

guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى