الأُسود الضارية : صراع ملوك عالم الحيوان

الأُسود حيوانات إجتماعية بالفطرة ، فهي كائنات مخلوقة ومصممة بشكل ما من قبل خالقها على فعل كل شيء في جماعة ، الصيد .. تناول الطعام ، اللعب أيضا .. بالإضافة إلى الإغارة على الزمرات المجاورة وقتل الذكر الحامي رفقة أشباله .

إن الأُسود حيوانات مجنونة كثيرا ، ومعروفة بالقوة الغاشمة وأيضا الغدر . تتمتع الذكور منها بلبدة عازلة للحرارة وداكنة وكثيفة للغاية لإرهاب أعدائها ولتمييزها عن الإناث .. ولحماية أعناقها أيضا من مخالب وبراثن الأعداء المتجولين في كل مكان . لبدة الأسد بصفة عامة تمثل للبشر عنوان القوة والرجولة .. حيث تفاخر هرقل بطل الروم في يوم ما بقتله للأسد النيمي وانتزاع لبدته منه .. وأخذ يكسو بها جسده للتفاخر والتباهي بالقوة .

تنجذب إناث الأُسود جنسيا إلى الذكور أصحاب اللبدة السوداء أو الداكنة . وبينما على النقيض تماما تتمتع الإناث برؤوس صلعاء عديمة اللبدة وبحجم وطول أقل بقليل من ذكورهن الأشداء . تاريخيا لا تمثل إناث الأُسود أهمية كبرى ، ولم يأخذ أي فرد منها شهرة واسعة إلا من رحم ربي . فدوما عند الإصطدام أو الشجار مع أي كائن آخر وحتى البشر يتصدر الأسد الذكر المشهد .. لأنه وبرأيي مشمولا برأي كل علماء الطبيعة صمم وخلق لذلك فقط لاغير . فالأُسود وخاصة الذكور منها تتمتع بكتلة عضلية صافية ممتازة للغاية . حيث أن الأُسود تتمتع بعضلة كتف أمامية ممتازة ، وبكف كبير مدجج بالأنياب قادرين به وبضربة واحدة فقط على تهشيم رأس ثور بسهولة .

إقرأ أيضا : الحيوانات في الحروب والجيوش

الأُسود عامة لا تخاف شيئا ونادرا ماتنسحب من أي اقتتال تخوضه . وتلك الصفات تبرز كثيرا في الأسد الأطلسي والذي يعد أكبر أنواع الأسود الحديثة ، والذي كان يستخدم من قبل أباطرة روما ويزج به دوما في عروض حلبات الكولوسيوم مع المصارعين ومع الحيوانات الأخرى ليقدموا عروضا دموية لإمتاع المشاهدين . لقد كانوا يحضرون تلك الأُسود من شمال إفريقيا إلى روما .. ويقومون بحبسها منفردة بلا أي طعام لتصبح أكثر شراسة ، ومن ثم يطلقونها لتقدم كل مالديها من عدوان وجحود .

كان الروم يقومون بإطلاقها أيضا على العزل الذين كانوا يواجهون أحكام الإعدام وكان منهم رجال ونساء في منتصف العمر ليس لهم أي حول أو قوة لمواجهة وحش ثائر كهذا لا يرحم . تزن الذكور عامة ما بين 400 و600 رطل ، أما الإناث فيمكن أن تصل ما بين 220 و400 رطل . ولك الآن عزيزي القاريء أشهر أفراد هؤلاء الزعماء الغير عقلانيين تماما ولنبدأ معا ب ..

مويا ” الأسد الوسيم “

مويا أسد نادر الوجود يبلغ من العمر تحديدا ست سنوات . يعيش تحديدا في محمية غلين غاريف للأُسود فقط في جنوب افريقيا ، تعود شهرة هذا الأسد الضخم أنه يحمل فراء ولبدة بلون أبيض زاهي . ومع عينان زرقاوان يمكنك أن تتوه بداخلهما يبدو للجميع أن هذا الحيوان وسيم بطريقة لا تصدق . يتحرك هذا الأسد وفقا للمصورين بغرور وتكبر شديدين متفاخرا بنفسه وبشعره الطويل اللامع . بصفة عامة توجد الكثير من الأُسود البيضاء في مختلف المحميات حول العالم .

لكن مظهر مويا كان بالنسبة للكثيرين مبهرا للغاية وأكثر إشراقا للتعبير عن سلالته النادرة ، الأُسود البيضاء بصفة عامة ناتجة عن التزواج النقي بين ذكور الأُسود البنية الفاتحة وإناثها فينتج حينها الأسد الأبيض . بالرغم من وسامة مويا ، إلا أنه في النهاية ليس لطيفا بقدر كاف للإقتراب والتقاط الصور .. فزئيره المدوي أو حتى زمجرته البسيطة أثناء مشيه قادرة على تقديم إعلان مجاني للضيوف .. إن الإقتراب ممنوع .

سكارفيس ” الأسد ذو الندبة العظيم “

على غرار مويا الوسيم المدلل ، فإن سكار كان على نقيضه تماما . حيث لم يتمتع بنفس تلك المواصفات والوسامة الفائقة ، فسكارفيس أو كما يلقب بين محبيه بذو الندبة أسد ضخم وعدائي للغاية يمتلك ندبة غائرة على عينه اليمنى أصيب بها أثناء مداهمة كان ينفذها رفقة إخوته في عام 2012 على زمرة معادية في الجوار .

كان يعيش يوما ما قبل وفاته في محمية ماساي مارا في كينيا ، مابين حوالي 900 أسد ذكر في نفس المحمية إشتهر سكارفيس فقط . وهذا بسبب إستيلائه في مرة رفقة أخواته الثلاثة على مساحة شاسعة وأراضي مهمة للغاية من المحمية لسنوات عديدة دون أن يدخلها أي دخيل عاثر الحظ .

عرف عن هذا الأسد وفقا لمحبيه طبعه العدواني للغاية ، ففي خلال فترة حكمه لتلك الأراضي والتي كان مسؤولا فيها عن تسع لبؤات برفقته في المحمية . كان يستطيع صد كل الذكور الدخلاء بسهولة والتنكيل بهم .

كان أيضا تخافه مجموعات الضباع التي تعشق مضايقة الإناث وسرقة طعامهم . كما رصد أكثر من مرة وهو يخيف التماسيح التي تحاول الإقتراب من الفرائس التي اصطادها على ضفاف البحيرات العميقة . وفي مرة أخرج مجموعة من التماسيح العملاقة من أرضه وطردهم بسبب افتراسهم لشبل . وهو ذكر الأُسود الوحيد الذي استطاع الإنتصار إحدى ذكور أفراس النهر والتي تعرف هي الأخرى بالعدائية والعنف . كما يذكر وفقا لبعض الشهود أنه قتل طيلة حياته حوالي 400 ضبع .

إقرأ أيضا : قادة للآدميين .. أبرز الحيوانات التي تولت مناصب سياسية!

انتشرت مقاطع الفيديو له وهو يغير وحيدا على مجموعات الضباع ويمنعها من إيذاء الغير . اشتبك في مرة في معركة عنيفة مع أسد شاب كان يسعى للإستيلاء على مجموعته يدعى بجرابي . توقع الجميع انتصار الأسد الشاب على سكار العجوز المنهك ، لكن سكارفيس أثبت أنه محارب قوي للغاية وفقد جزءا من قدمه في تلك المعركة قبل قتله للأسد وشطر رأسه عن جسده .

لم يسبق له أن هاجم البشر إطلاقا ، كان دائما يستخدم ويوجه أخويه سيكيو وموراني للتعاون معه في إسقاط أعدائه وكل المتآمرين من حوله لأخذ أراضيه . وفي دراسة غريبة لم تعرف لدى الأسود والتي تتصف بالغرور والأنانية ، كان أشقائه يمتلكان نفس سلطته تماما داخل المجموعة . حكم سكارفيس تلك الأراضي لمدة 12عاما دون أن يفقد شبرا منها أو يفقد جزءا من هيبته طيلة تلك المدة . وتعتبر تلك المدة أو تلك الفترة أطول فترة حكم لأسد يحكم بها أراضيه في التاريخ .

نفق الملك كما أشقائه بهدوء وسلام في بقعة معزولة وحده دون أي ازعاج في عمر الأربعة عشر عاما . أنهكته الشيخوخة أخيرا وانتصرت عليه ، وتركت ميتته تلك خبرا مؤسفا للغاية لدي كافة عشاقه دام حتى بعد وداعه بفترة كبيرة .

هركليز ” الأسد حامي كروجر المدمر “

هركليز أسد ضخم للغاية يمتلك لبدة ذهبية خالصة . يعيش هذا الأسد رفقة شقيقه سومطرة في محمية كروجر الوطنية في جنوب إفريقيا ، وقد أطلق عليه حراس المحمية إسم هركليز .. لشجاعته وفطنته الملحوظة منذ أن كان شبلا وأيضا للبدته الكثيفة الشقراء .

كانت زمرته عندما كان صغيرا محكومة من قبل ثلاثة أُسود بالغة ومهيمنة وفرت للإناث والأشبال كافة سبل الراحة والأمان . إلا أنه في يوم من الأيام وبعد أن أصبح هركليز شابا يافعا أغارت ذكور أخرى أكثر عدائية على الزمرة .. واستطاعوا بفضل عددهم الكبير قتل الذكور الحامية الثلاثة وإزهاق أرواحهم بأبشع طريقة .

هرب الشاب هركليز خارج حدود موطنه خوفا من الموت .. ومن بطش تلك الذكور القوية والتي كانت ستقتله حتما لو رصدته في الجوار . أصبح وحيدا في البراري بشكل لا يصدق ، والمعلومة المؤكدة أنه كان سيلقى حتفه سريعا كأسد وحيد . حيث أن نسبة موت الأسد في البرية وهو دون عائلة تتجاوز نسبة موت طفل رضيع داخل مسبح أولمبي . وبالرغم من ذلك ، استطاع الأسد العنيد أن يصمد وحيدا بشكل غريب لمدة تجاوزت السنتان لم يصب خلالها بأي أذى . وبعد فترة شوهد برفقة أسد ذكر آخر يدعى سومطرة ، وبفضل التناغم والتعاون شكلا تحالفا قويا للغاية وأصبحا أخوة في الدم .

إقرأ أيضا : الكائنات القديمة : جبابرة عصور ما قبل التاريخ

كانت الهجمات التي كانوا ينفذوها على الزمرات الأخرى لحكمها فاشلة في البداية ، إلا أنهم سرعان ما اكتسبوا الخبرة .. واستطاعوا في فترة وجيزة السيطرة على زمرة متبعة . وبفضل قوة وخصوبة البطل هركليز أنجب رفقة شقيقه من الإناث عددا كبيرا للغاية من الأشبال الشقراء التي تحمل جيناته . كان هركليز يحمي شقيقه سومطرة وزمرته من أسد متنمر آخر يدعى مونانا . والذي قتل عددا كبيرا للغاية من أشبال هركليز ، واستطاع في مرة الإنفراد بسومطرة .. وتشاجر معه وأصابه بجرح بليغ في قدمه جعله يعرج لفترة طويلة . مما اضطر هركليز إلى أن يرافق شقيقه حتى يتعافى لحمايته من بطش مونانا ولحماية الزمرة منه ،

خرج هركليز خارج حدوده واشتبك مع مونانا وأصابه إصابات بليغة وثأر لزمرته وأخيه .. لكن الذكر المشرد ظل مرابضا لحدوده وأخذ يحاول التحالف مع ذكور أخرى في الجوار للإغارة على زمرة هركليز وقتله . ولا يزال هذا الأسد يعيش إلى وقتنا هذا في زمرته التي تتداخل حدودها مع حدود منافسين لايعرفون الرحمة .

ويذكر أن تحالفات الأُسود القريبة من حدود هركليز وشقيقه سومطرة يقدر عددها بالأربعة أو الثلاثة من الأُسود البالغة العدائية للغاية . وهم أكثر من تحالف ، عامة نتمنى السلامة لهذا البطل رفقة إناثه و أشباله .

مستر تي ” قائد تحالف سبارتا المابغو “

بالطبع قبل الحديث عن القائد العظيم أو شيطان تحالف المابوغو الأعظم مستر تي ، فإن الكل هنا يعرف من هم المابوغو .. وكيف كانوا سويا كستة أسود صغيرة ترعرعت معا في إحدى المحميات المفتوحة في شمال إفريقيا .. حتى كبروا بعدها وكونوا تحالفا صلبا يدعى بتحالف المابوغو بقيادة الأسد مستر تي .

كان التحالف يحكم عددا كبيرا للغاية من الأراضي وقد أزهق أرواح الكثير من الأُسود الحاكمة لفترة كبيرة من الزمن . واستطاع التحالف بدوره التماسك حتى 14عاما وهذا قبل أن تضرب المشاكل والصراعات الأخوة ليتفرقوا بعدها في مجموعتين .. وليقضي على قائدهم مستر تي على يد تحالف آخر من أربعة أُسود يدعى تحالف سيلاتي ميل .

مستر تي بصفة عامة كان أسدا شرسا للغاية وسريع الغضب بشكل مبالغ فيه .. حيث أنه كان دائما يزأر في أوجه أشقائه من أجل الحصول على نصيب أكبر من الطعام في كل مرة يصطادون فيها . كان دوما هو أول من يبادر بالهجوم على قادة الزمر الأخرى وينكل بهم رفقة اخوته الملاعين ببشاعة وهو مشهور ومولع بقتل الأشبال الصغيرة حيث أنه قد وصل به الأمر إلى أنه قام في مرة بقتل أشبال إخوته ماكولو وبريتي بوي أمام أعينهم دون أن يحركوا ساكنا .

إقرأ أيضا : حيوانات مُدانة: محاكمات غريبةالمتهم فيها حيوان

كان مستر تي أو كما يلقبوه الشيطان يعشق أيضا انتهاك الحرمات ، والهجوم خلسة على أي أنثى شابة معزولة للقضاء عليها بلا أي سبب وتركها خلفه . بالرغم من جبروته لم يكن مستر تي أقوى من أخيه ماكولو ، حيث سبق وأن تصارعا وأصيب مستر تي في كفه وانسحب من الشجار .

والسبب الوحيد الذي جعله أن يكون قائدا لتحالف المابوغو هو دهائه ومكره الشديدان والذي تميز بهما على الدوام حتى قبل مقتله . يذكر أن مصرع وحادثة قتل مستر تي على يد تحالف سيلاتي ميل لم تكن مأساوية كثيرا وبشعة كمثل أخيه التوأم كينكي تيل . إلا انها في النهاية كانت القشة التي قسمت ظهر البعير .. بالنسبة لنهاية تحالف المابوغو للأبد ، بالرغم من انه امتد بعد ذلك امتدادا ضعيفا عن طريق ماكولو وبريتي بوي ، واللذان نجيا من هجمات تحالف سيلاتي ميل وكونا زمرا خاصة بهم بعيدا عن ساحات الحرب المشحونة .

ماكولو ” قاهر مسترتي والقائد الفعلي لسبارتا المابوغا “

في نشأة تحالف مابوغو وأثناء ترعرع الأخوة الخمسة ، كان الضوء دائما يسلط قائدهم المغوار مسترتي رفقة توأمه كينكي تيل . وهذا بسبب الكاريزما العالية والحضور اللافت والذي كانا يتمتعان به . ولكن .. في الجوار وأمام أعين الجميع ، كان هناك شقيق من الأخوة الخمسة أكثر بطشا ودهاءا منهم أجمعين .. وأكاد أقسم أنه القائد الفعلي لتحالف سبارتا مابوغو .

واجه الأسد ماكولو نظيره مستر تي في معركة عنيفة بينهما وهذا قبل انفصال التحالف . واستطاع الشقيق الأكبر الإنتصار على أخيه الصغير والقائد في نفس الوقت مستر تي . انفصل التحالف ولاقي كل من مستر تي وكينكي تيل حتفهما على أيدي جماعة المجينجيلانز وجماعة سيلاتي ميل . بينما فقد راستا وضل طريقه للأبد ، ولم يشاهده أحد بعد ذلك ويعتقد أنه قتل هو أيضا على أيدي بعض الصيادين غير الشرعيين . أما على الجانب الآخر استطاع ماكولو رفقة شقيقه بريتي بوي النجاة وانتهجوا حياة جديدة تماما ، حيث كونوا تحالفا .. وكان ماكولو قوي البنية رفقة شقيقه يغزو الحدود الأخرى ، ويعتقد أنه هزم الكثير من الذكور العدائية التي كانت تتجول هناك .

إقرأ أيضا : الدب فويتك : جندي الحرب العالمية الثانية

مات ماكولو في أوائل عام 2013 نتيجة الشيخوخة ، وشوهد بريتي بوي بعدها بوقت قصير يتجول وحيدا .. ووفقا للشهود لقد كان نحيلا وضعيفا للغاية وربما سيلحق بأخيه قريبا جدا .

بلوندي أفوكا وموهوك أفوكا ” قادة تحالف أفوكا الشمال “

تحالف أفوكا الشمالي كان تحالفا مثيرا وسيء السمعة كثيرا في سابي ساند . كان التحالف يتكون من ثلاثة أُسود ” دارك مين أفوكا ، بلوندي أفوكا ، موهوك أفوكا ” ، انشق دارك مين وقد عرفنا قصته ، وأصبح بلوندي رفقة شقيقه ملوكا للمنطقة ولزمرتهم لمدة أربع سنوات متعاقبة دون منافس . وقد أنجب بلوندي حينها عددا كبيرا للغاية من الأشبال حملوا من أبيهم سيء الطباع ، نفس الصفات والشراسة وسوء الطبع .

كان بلوندي ملازما لأخيه موهوك لمعاونته وحمايته من أي هجوم يتعرض له من أخيهم السابق دارك مين ، والذي اشتبك معهم في كثير من المرات ، كان بلوندي مصابا في إحدى ساقيه وكان يعرج منذ مدة طويلة . الا أن أصابته تلك لم تمنعه من بسط نفوذه المطلق ومواصلة تنمره وجبروته على كافة المخلوقات من حوله . رحل بلوندي وتوفي بسبب مرض السل البقري تاركا الزمرة برمتها لأخيه العاثر موهوك والأقل سطوة منه ليحميها بمفرده . كانت التحالفات تحيط بموهوك طمعا في الزمرة بعد علمهم بوفاة بلوندي خاصة من الأسد المشرد أمبالي ، والذي بعد أن فشل في هزيمة دارك مين اتجه نحو الشمال تحديدا ووضع نصب عينيه زمرة موهوك .

إقرأ أيضا : أضخم معركة بين البشر والحيوانات .. من انتصر فيها؟

وذلك بالإضافة إلى عودة الأسد الملقب بالملك نينها رفقة ابنه نوكاهوما ، واللذان كانا يريدان استرداد إناثهما وأرضهما من قبل تحالف أفوكا الشمالي والذي اخذها منهما عنوة من قبل وطردهما من حدودهما الشرعية .

الشيء المبشر أنه حتى بعد وفاة بلوندي لايزال موهوك بحالة نفسية جيدة وبجسد قوي وبخبرات متراكمة تعلمها من أخيه . لكن يظل الخطر محدقا في الجوار وعيناه لا تكاد تغفو عن الأرض والعرض .

دارك مين أفوكا ” الملك الحزين “

دارك مين أفوكا هو أسد بالغ منشق عن تحالف أفوكا الشمالي ، المثير في قصته هي مواجهته لظروف قاسية وصعبة بعد انشقاقه عن التحالف الذي طرده منه إخوته . وبسبب غير معلوم وفي واقعة غريبة رفضت الإناث التزواج معه واخترن إخوته عوضا عنه ليكونوا سلالة . ومن هنا انشق دارك مين وذهب لزمرة اخرى وتزاوج مع إناثها وأنجب أشبالا ، ولذلك اعتبره إخوته عدوا مريدا لهم ، وفي كل مرة كان يريد العودة إليهم كانوا يتصدون له ويحاولون قتله .

كان من ألد أعداء دارك مين هو أسد مشرد يدعى أمبالي ، كان أمبالي يلقب بالشبح .. ويعود هذا إلى صيده لأشبال دارك مين بسرعة والإختفاء بعد قتلهم في لمح البصر . وفي مرة قرر الإشتباك وقتل دارك مين ليأخذ منه أرضه وإناثه ، وبالفعل استطاع أمبالي أن يفوز على دارك مين بعد أن خاض معه معركة مريرة . فانسحب دارك مين بعيدا وهو يلعق جراحه تاركا خلفه إناثه وأشباله للشبح أمبالي .

قتل أمبالي الأشبال واستقر ليتزاوج رفقة إناث دارك مين ، بعد أن تعافى الأخير من جراحه ذهب لأمبالي مجددا .. واشتبك معه وفاز عليه وكاد أن يقتله إلا أن الأخير انسحب . ثم بعدها ذهب لتحالف إخوته ” تحالف أفوكا الشمالي ” وانتصر عليهم في معارك منفردة واحدا تلو الآخر . فأصبح إخوته يهابونه .. وانسحب أمبالي من منطقته تماما وفقد الأمل في الفوز يوما على دارك مين العنيد ، والذي استعاد حكمه وإناثه في ريمونتادا قوية للغاية جعلته ملكا متوجا بالفعل .

إقرأ أيضا : تحول التوائم إلى قطط.. حقيقة أو أسطورة؟

وكانت أبرز خسائره هم أشباله السابقين الذين قتلهم امبالي . تحول دارك مين وأصبح شريرا للغاية يفتك بأي كائن عاثر يتجول حول مملكته ، أيقن أنه لو لم يتصرف كالأُسود ستأكله الضباع أو الأُسود حتى . وقد كانت ميتة هذا الأسد مأساوية وحزينة للغاية ، حيث كان في إغارة صيد رفقة الإناث والأشبال ، وكان يساعدهم في صيد جاموسة إفريقية كبيرة .. كادت زمرة الأُسود أن تقتل هذه الجاموسة الكبيرة صاحبة القرون الغليظة ، إلا أنها أطلقت نداءا استغاثيا وجذبت قطيع الجواميس الذي هب بسرعة لينقذ أنثاه من بين براثن وأنياب الأُسود . وفور أن شاهدت الإناث والأشبال قطيع الجاموس يهب من بعيد لنجدة تلك الجاموسة الضخمة ، سرعان ما هربوا مسرعين تاركين إياها خوفا من حوافر وقرون الجاموس الوحشي الجبار .. والذي يمكن بضربة واحدة منه أن يقتل أسدا بالغا بسهولة .

و للأسف هرب الجميع من قطيع الجاموس ، إلا دارك مين ! .. فقد تمت محاصرته تماما من قبل الجواميس الغاضبة والتي أخذت تطعنه وتضربه بقرونها وحوافرها ، وأصابته إصابات بليغة للغاية .

حاول الأسد الملك الهرب والنجاة بحياته أكثر مرة ، إلا أنه لم يفلح للأسف بسبب إصرار الجاموس على قتله والتنكيل به . لقد كان يطير في الهواء كالدمية تماما بسبب ضربات الجاموس القوية .. وأدى زئيره المدوي في المقابل إلى جذب زمرته ، والتي أتت مكتملة العدد لتنقذه بعدما أصيب بشدة من الجاموس الذي هرب مسرعا بعد أن رأى مجموعة كبيرة من الأُسود .

إقرأ أيضا : غرائب من عالم الحيوان – 1 –

أخذت الزمرة تعتني بقائدهم المصاب عناية شديدة لكن إصاباته كانت قاتلة . لقد أصيب بكسور عديدة في مناطق متفرقة من جسده ونزيف داخلي .. كانت جروحه الظاهرية ليست خطيرة عند مشاهدتها لكن الداخلية كانت بشعة للغاية . قبل وفاته مباشرة كانت إحدى بناته تلعق جراحه بحنان شديد للغاية لتداوي ألمه . اعتقد الجميع أن دارك مين سيعيش ، لكنه للأسف لم يستمر طويلا ، وأعلن عن وفاته بعد عدة أيام من الهجوم ، يذكر أيضا أنه في فترة من حياته كان مصابا بمرض السل البقري .. والذي جعله ضعيفا للغاية وفقد نصف وزنه ، وقد انتقل له هذا المرض أثناء اشتباكه مع أخيه والذي مات قبله أيضا بنفس المرض .

ختاما ..

لفترة كبيرة كنت من عشاق الحياة البرية وعاشقا لدراستها ومعرفة اسم كل فرد فيها ، وأبرز ما شدني في هذا العلم هم الأُسود . في عالمهم توجد حدود وأصول وأعراض ، يوجد أيضا تحالفات ، عصابات ، مشردون هائمون يبحثون عن المشاكل .. وأيضا مناطق محرمة كالمنطقة 108 والمنطقة 28 والتي يعثرون فيها على الدوام على جثث لأُسود مقطعة قتلت نتيجة شجارات وصراعات مع تحالفات هذه المناطق التي ظلت لغزا لسنوات .

حياة الأُسود قاسية فعلا ومليئة بالمشاكل ، يوجد الكثيرين منهم من من لم أذكرهم لضعف المصادر .. الأسد الآسيوي الحنون ديفراج مهراجا ، سيكاكاما العجوز ، نوتش القوي والكثيرين أيضا .

إن عالم البرية عزيزي القاريء هو عالمي المفضل الذي أنفض فيه بدوري كإنسان تعيس غبار يومي المثقل بالمشاغل .. لأتنفس الصعداء أخيرا بعيدا عن عالم البشر الممل .. بعيدا عن النفاق والضغائن ، وبعيدا ايضا عن أبناء جلدتي الذين يعشقون التلون كالأفاعي من أجل المصالح والنوافع .

انا أحترم البرية بكل صراحة لأنها نقية بالرغم من وحشيتها . فالأُسود والضباع عزيزي القارىء لو صادفوك في مرة لن يخدعوك .. أو يبينوا حبهم لك من خلال الإبتسام في وجهك وهم يكنون لك في داخلهم السوء .. بل كل ماسيفعلونه حينها هو التهامك حيا بكل براءة وكشف نواياهم النقية تجاهك .

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .