تجارب ومواقف غريبة

الجني مرزوق

أحداث قصة الجني مرزوق ليست منذ زمن بعيد، فلقد حصلت لي قبل سنة من الآن تقريباً. لقد كنا في زيارة لمنطقة بعيدة عن مدينتنا قرابة الأربع ساعات. كان الجو جميلاً جداً، أخذنا متاعنا و القليل من الطعام غير الصحي من أجل التسلية في الطريق.

كان أخي الأكبر يقود السيارة ووالدتي كانت بجانبه، أما أنا وأخواتي الاثنتان كنا نركب في الخلف. كنا نضحك و نتسامر، و نلهي بعضنا خلال فترة السفر. و قرابة الساعة الثامنة مساءاً صرخت أختي قائلة:

“انظروا إلى اليسار؟!”

فنظرنا جميعاً لكننا لم نر شيئاً ..

فبدأت تقسم بأنها شاهدت ظلا أبيض طويل لكنه اختفى. أخذنا نضحك عليها، و يبدو أنها كانت متعبة أو شاهدت انعكاس الضوء على النافذة . لكن قال أخي:

“قد يكون مرزوق بلا رأس”

فصمتنا قليلاً ثم قلت له:

“من يكون هذا ؟”

قال أخي:

-“إنه جني اسمه مرزوق، وهو بلا رأس، يدور في المناطق الجبلية يبحث عن شخص ليقطع رأسه و يأخذها لجسده .”

صمتنا خوفاً وليس استغراباً، حتى صرخت والدتي في وجهه ونهته عن إخافتنا و قول الأكاذيب . ضحك أخي وهو يذكر أشكالنا كيف اختلفت في ثوانٍ . نسينا الموضوع لأننا وصلنا بعد ما حدث بقليل .

إقرأ أيضا: عباس والجن

وصلنا لمنزل جدي “والد أمي” وهو يقطن في منطقة زراعية تدعى بلجرشي. يقع منزله على جبل صغير، و في أسفل الجبل توجد المزرعة التي ورثها من جده، فهى ورث عائلي نحب زيارته و الابتعاد عن صخب و حرارة المدينة ( جدة ) . تسامرنا معاً، وفرح جدي و جدتي بقدومنا ونمنا وانقضى اليوم حتى أتى يوماً آخر.

قررت أختي أن تحضر الطعام و اللحم، و نقوم بعمل حفلة شواء صغيرة في مساء اليوم . جهزنا كل شيء و أكلنا و شربنا الشاي و غادر الذين حضروا الحفلة. وقام جدي وجدتي ووالدتي وطلبوا الإذن وذهبوا للنوم .


حل الظلام وكنت أنا و أشقائي في حديقة المنزل نتسامر. الحديقة محاطة بسور، وعندما تقف على السور تشاهد المزرعة في الأسفل. وقد كانت المزرعة في ظلام دامس، فقط كان بها ضوءاً خفيفاً ينبعث من غرفة ” أبو معتز”. وهو المزارع الذي كان يحرث الأرض و يساعد جدي فيها منذ سنوات عديدة .

اقترب مني أخي وأعطاني صحن طعام وقال لي:

“أنزله لأبو معتز، فرائحة الأكل كانت قوية و من العيب أن لا نرسل له شيئاً ولقد شم الرائحة “


رفضت رفضا قاطعاً، و بدأنا بالجدل حتى أقنعني بالنزول وسوف يقوم هو بمراقبتي حتى أعود من سور الحديقة . أقسم بأن تلك الدقائق المعدودة كانت كساعة كاملة مليئة بالرعب، تخيلوا بأن تنزلوا لوادي مظلم، وتشاهدوا الظلام الدامس وأنتم تقتربون منه . دخلت المزرعة المظلمة، وكل ما كنت أشاهده هو نور المصباح الخارجي لغرفه أبو معتز. كان الضوء يقترب مني وكنت أركض نحوه مسرعاً ولا أسمع إلا صوت الأبقار من بعيد وأصوات صراصير الليل .

طرقت الباب و دخلت، وجدته يغسل بعضاً من ثيابه. أعطيته الطعام و غادرت وأنا اشاهد أخي يلوح لي بكشاف هاتفه من الأعلى . ركضت مسرعاً للأعلى خائفاً، وكنت أشعر بأن شيئاً ما يلاحقني و أنا أعلم أنه الخوف .

إقرأ أيضا: جدتي والجن

عندما صعدت قال لي أخي:

“كان هناك شيئاً يشبه الكلب يلاحقك و أنت تركض! “

كان يصف هذا الكلب، و كيف كان يقترب مني كل مرة لكنني كنت أتملص. لم أهتم بكلامه ، وكنت أعلم أنه يخيفني و لكنني صراحة كنت مرعوباً من الداخل. شربت قليلا ًمن الماء. أقنعنا أخي الأكبر أن نلعب معه أنا وهو وبقية أشقائي لعبه الأونو قبل النوم .

جلسنا على طاولة كانت بجانب السور و بدأنا نلعب . و بعد عدة دقائق صرخ أخي:

“بسم الله ما هذا؟”


لم نعره أي اهتمام، و أكملنا اللعب و هو كان يصرخ حتى وقف مسرعاً و أشار بيده قائلاً:

“انظروا اقسم بأن هناك شيئاً !”

فنظرنا خلفنا بسرعة وانتصب شعر جسدي بالكامل، لقد كان هناك جسد أبيض يتمايل يميناً و يساراً في وسط المزرعة، لم يكن يمتلك رأسا ولا ملامح، فقط كان جسدا ممدد اليدين وكان كل ذراع في جهة يتمايل . كنا نحدق ونحن صامتين. ننتظر أي أحد ليكذب مانرى، لكنني أنا وجميع أشقائي كنا نشاهده .

صرخنا جميعاً و ركضنا نحو المنزل و صعدنا للطابق الثاني خائفين ومرعوبين. كان بعيداً و أسفل المنزل لكن الخوف غلبنا. بدأنا في قراءة القرآن وكانت قلوبنا تدق . تشجعت أختي واقتربت من النافذة ثم صرخت قائلة:

“مازال واقفاً مازال واقفاً”

توجهنا جميعاً ووجدنا ذلك الجسد في الأسفل يتراقص وكانت أذرعه ممددة كما كانت. قل الخوف قليلاً و أصبحنا ننظر إليه ونحدث بعضنا:

” سوف يقترب أم ماذا؟”

“هل يسمعنا ؟”

“هل يختفي لو صرخنا بآيات القرآن؟”

ثم قالت أختي:

“أليس من الممكن أن يكون مرزوق الجني الذي حدثتنا عنه يا أخي ؟”

صمت أخي قليلا ًو قال:

“لا، لأنني من قمت بتأليف القصة، كنت أريد إرعابكم فقط.”

إقرأ أيضا: المرأة المجهولة 2: الجن يتسلى بنا


غضبنا منه، و قلنا له أنه السبب في استدعاء الجن لكثرة كلامه عنهم بالخطأ . خرج جدي من غرفته من أجل الوضوء لأداء صلاة الفجر. لكنه انتبه لوجودنا بسبب أصواتنا و قال:

“ما الذي تفعلونه هنا ؟”

فأسرعنا نحوه من أجل أن نحكي له ما حصل، فاقترب من النافذة بهدوء، وأمعن النظر في الشبح الأبيض قليلا ًو ضحك وقال:

“هل هذا ما تخافون منه؟”

صدمنا من رده فعله . لكنه أكمل:

“دعوه وشأنه، و إن كان يخيفكم فانتظروا بزوغ الشمس .”

توجه بعدها لغرفته ليصلي الفجر. لم نفهم شيئاً وجلسنا سويا ً لنسلي بعضنا لكي لا ننام من الخوف؛ لكن سلطان النوم غلبنا ونمنا كلنا إلى جوار بعضنا. صوت والدتي كان عالياً وهي توقظني فلقد نمنا حتى الظهر. عندما شعر جسدي بصوت والدتي فتحت عيني بقوة لأجد أخي يفتح عينه بسرعة وكان كل شخص فينا يقول ما الذي حدث وكيف نمنا .. ركضنا مسرعين نحو النافذة لنشاهد مكان الشبح الأبيض لكن ما وجدناه صدمنا !

اقترب جميع أشقائي مني وقالت فتاة منهن:

“هل نخبر أمي بالذي رأيناه بالأمس ؟”

فنظرنا أنا و أخي لهن وقلنا:

“أتوقع بأنها سوف تضحك علينا للأبد لو فعلنا، انظرن بأنفسكن إلى مكان الجني .”

إقرأ أيضا: الجن ينتقم من طفل!

أصابت الدهشة وجوهنا عندما علمنا بأن الجني الذي أسقط قلوبنا ليلة أمس لم يكن سوى ثوب أبيض قد علقه أبو معتز وهو يغسل ثيابه عندما ذهبت بالطعام إليه. وقد نشر الثوب بسرعة بعد غسله عندما عدت للمنزل . و في خلفه كانت يوجد مصباح الغرفة فجعل الثوب مرئياً لنا . والهواء بدوره كان يرنحه يميناً و يساراً .

لم نتحرك تماماً وكنا في مكاننا نشاهد المنظر ونحن لانصدق بأن قطعة قماش كهذه كادت أن تسقط قلوبنا . علم جدي وقتها بأن ما نشاهده هو رداء، لكنه لم يخبرنا لكي نتعلم درساً أو ليمازحنا على قوله .

وعند عودتنا للمدينة و لمنزلنا قصت والدتي ما حصل لنا للجميع، وأصبحنا سخرية العائلة من بعدها . وحتى والدي كان يلاحقنا بالثوب ويقول : “أقدم لكم الجني الذي دون رأس .”

التجربة بقلم: نهار الغامدي

guest
18 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى