تجارب من واقع الحياة

الوحدة تقتلني

مرحبا بالجميع، قد تبدو قصتي لكم من الوهلة الأولى عادية أو لا جديد بها، لكن عندما قررت أن أكتبها راودني إحساس كبير بأني لو أطلعتكم على تفاصيل صغيرة و قديمة قد توضح لكم ما أعانيه من الوحدة .

أقسم بأن كل ما أذكره واقعي لأبعد درجة، ولا داعي للحلفان.. لكني شخص كتوم جدا و يبدو لي بأن ما أفعله الآن شيء غريب ( أن أطلب مساعدة من أشخاص لا أعرف من يكونون ) .

أنا شاب أكملت ال ٣١ من عمري، هادئ لكني اجتماعي جدا. مفعم بالحيوية و أحب الصباح و أن أبتسم في وجه كل من يصادفني. أحب التعرف على أصدقاء جدد يشاركوني اهتماماتي و هواياتي وهذا ما جعلني أكون دائره جيده جدا. لا أصدقاء سوء ولا مشاكل ابداً في حياتي، صحيح بأني طعنت من بعضهم واكتشفت سواد نواياهم لكني كنت أبتعد عنهم سريعاً فلقد كنت أهتم براحتي النفسية .

إقرأ أيضا: سئمت الوحدة

تبدأ قصتي في العام ٢٠١٢ عندما تعرفت على صديق بمحض الصدفة عبر ( تويتر ) كان صديقا و كأنه قد نزل من السماء بكل ما فيه. أعجبت به شخصية وآداباً و لباقةً. تقابلنا سريعا و أصبحنا أصدقاء و كبرت العلاقة حتى أصبحنا أقرب للأخوة. لا يمضي يوم واحد بدون أن نتحدث أو نتقابل للخروج سوياً .

أعترف بأني في تلك الفترة قد تركت الكثير الكثير من الأصدقاء بسبب انطوائيته، فلقد كان لا يحب التجمعات او الأصدقاء الجدد ومكتف بي فقط . نسهر في منزلنا حتى شروق الشمس و نذهب لبنادي سويا حتى أصبحت عائلتي تزور عائلته، فتكونت صداقة متينة بيننا بعد سنة من لقائنا الأول .

في تلك الأثناء كنت أخبره بأنه يجب أن يتعرف على اصدقائي و نخرج سويا، وكان يرفض الفكرة بكل أدب. حتى أرغمته في أحد الأيام و وافق و أصبحت أخرج معه برفقه أصدقائنا. و لم يمض الكثير من الوقت حتى أصبحنا نسهر جميعنا ونقضي كل الوقت سويا.. أنا وصديقي و مجموعة من الاصدقاء.

إقرأ أيضا: الوحدة والفراغ العاطفي

و لقد كانت أفضل فترة في حياتي، حتى أن شخصيته تغيرت فلقد أصبح منفتحاً أكثر بأن يتعرف على الكثير. وأصبح جريئا بقرارته. و في أحد الأيام كنت نتدرب في النادي فنظر إلي وقال :

_ما رأيك أن نعود للمنزل و نوضب حقائبنا و نسافر الآن تعجبت من الأمر لا سيما أن هذا القرار لم أعهده ابدا عليه، فهو يحب التخطيط لفترات طويلة لكل شيء. ونعم ما حصل أننا في غصون ساعات قليلة كنا في الطائرة .

وتمضي الأشهر حتى عاد لطبعه الانطوائي و هذا ما جعلني أترك جميع اصدقائي بلا استثناء لأقضي وقتي معه. ولم أندم ولن اندم لأنه في هذه المرحلة أصبح بمثابة أخاً لي و أقرب شخص في العالم لقلبي .

مضت السنين و قرر بأن يكمل عمله في الخارج بمدينة بعيدة جدا عن وطني، وغادر و هذا ما جعلني كئيبا لفتره من الزمن. لكم أن تتخيلوا أن شخصغ تقضي كل يوم معه طيله ١٢ سنة يغادر و يصبح تواصلكم في أوقات معينة فقط. دخلت في اكتئاب و وحدة واستيقظت وأنا في ال٣٠ من عمري، لا أملك صديق واحدا أقضي ساعات الوحدة معه .

أستيقظ، أذهب للعمل، أعود للمنزل، أقضي طوال اليوم وحيدا.. آكل وحيدا، أخرج وحيدا، أسافر وحيدا فلا أملك أي صديق. حاولت أن أكون صداقات لكن في هذا العمر أغلب من حولي لديهم أصدقاء منذ سنوات .

أرغمت نفسي ( غصبت ) أن أتعرف على أصدقاء لم يكونوا حتى قريبين من شخصيتي فقط لكي لا أكون وحيداً.. لكن دائما ما أشعر بأن هنالك فراغا بيننا لا يربطني معهم شيئاً .

إقرأ أيضا: الوحدة صديقتي

الكثير الكثير من الهوايات مارستها وما تزال، أعيش بوحدة و أخاف أن أقضي باقي عمري بلا صديق. فالصداقة شيء مقدس لي . فالأصدقاء هم أرواح نعيش معهك في الحياة ليؤنسونا و يكونوا درعاً لنا في أوقات الحاجة. لا تعلمون بأني أقضي ساعات كثيرة مستلقيا على سريري أفكر إن كنت في هذا العمر ولا أملك أي صديق ما الذي سوف أفعله بعد سنوات عندما أكبر أكثر بلا أي رفيق ؟

كم يؤلمني المنظر عندما أكون بالخارج وأشاهد أصدقاء سويا يتنزهون أو يأكلون وأنا في طاولة لوحدي . كيف لي أن أعبر هذا المأزق ؟ كيف لي أن أشعر مثل السابق أني شخص مليء بالحياة وليس الآن انطوائي لي روتين واحد لا يتغير مع الأيام؟

التجربة بقلم: بشر

guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى