أدب الرعب والعام

ذرية الغسق : يورل يلعن حظه

بقلم : محفوظ نور
https://www.facebook.com/profile.php?id=100079313513264

“خمس قطع ذهبية”
ارتجف لهب الشمعة الملقاة وسط المائدة ،وصمت الجمهور الملتف حوله فجأة ،وسكن النُزُلُ بشكل لم يُعهد في مثل هذه الساعة، أخذ (يُورِّل) آخر قطعة لحم وألقاها في فاه ،وقال وهو يمضغها بعسر :
“خمس قطع ذهبية ،أرخص ثمن ابيع به خدماتي”

***

كان يورل قد خرج سابقا مع الزعيم لكي يريه الأخير مدى الدمار والخسائر التي تكبدتها قريته الصغيرة ، في محاولة منه لنيل عطفه واهتمامه، فتقدموا خلال القرية وأزقتها وبدأ جمع من الناس بالتجمهر خلفه، متهامسين اسمه وماهيته، تدغدغ كبرياء يورل فزاد من حجم صدره وعبس عبوس المحنكين مكثرا من دعك لحيته القصيرة والتي أبى شعرها أن يطول محاول التركيز فيما يسرده له الزعيم، لكنه بين الفينة والاخرى يخطف نظرة لشابات القرية ويلوي فمه في ابتسامة، فتبادله احداهن بضحكة ورمشة عين وتبعد الاخرى عيناها عنه وقد احمرت وجنتاها، على غير الصغار الذين لم تنزل ابصارهم عن خناجره والرمح الفضية المعلقة على ظهره ، تذكر اخويه وهو يتأمل أعينهم الواسعة في سعادة وجذل وأفواههم التي لم توصد منذ أن رأوها، كانت نفس الملامح التي طلت وجهه يوم امتلأت عيناه وهو صغير بتلك الرمح وحاملها السابق.

لقد كانو يرونه بطلا من ابطال القصص والملاحم التي رويت لهم منذ نعومة أظافرهم ، وقد تجسد أمامهم، فعجت أعينهم بتلألؤ لا يصنعه سوى الأمل، وارتفعت هاماتهم بعد أن بزغ نجمهم الحارس في سماء لم يألفوا منها سوى الظلام.

تحدث الزعيم بعد أن خرجوا من أزقة القرية نحو سهل مفتوح محاذ للغابة ، قائلا :
” بات الامر لا يحتمل، اقترب الشتاء وبحلوله ستزداد شراسة هجماتهم كما هو معروف عنهم … أعتقد أننا بالكاد سننجوا هذا العام فقد افترست نصف قطعاننا بالفعل ولن نتعافى من هذه الضربة الا بعد عدة سنوات مُرةٍ أخرى، لكن الامر فاق ذلك وأصبح يهددنا شخصيا بعد آخر هجمة لهم وتذوقهم لأول مرة دماء بشرية”

انتشرت صلوات ولعنات هامسة بين الناس
” قطع الظلام.. مفترسوا الغسق.. ذرية الليل”

تأمل يورل الغابة المبسوطة في الأفق ،ثم التفت للزعيم وسأل : “هل علمتم ما شكلهم أو ماهيتهم “

رد الزعيم : ” كان المعتدون مخلوقات اشبه بكرة من الظلام الدامس لا يمكنك أن تميز في أوجههم أي عضو من أنف أو فم حتى تفتح و تبرز أنيابهم ،لا يتعدى أكبرهم حجم الكلب، سريعوا الحركة والمناورة ، يهجمون على ضحيتهم دفعة واحدة وبعددهم الكبير يجرونها نحو الغابة حيث يمزقونها حية ، غير أننا تأقلمنا بسرعة مع نمط هجماتهم وأعددنا لهم العدة ، فبعد أن جمعنا حيوانات القرية كلها داخل حصن خشبي صغير ووضعنا عليه مجموعة من الحرس، نجحنا في رد سلسلة من هجماتهم حتى انقطعت تماما ولأسبوع نعمنا ببعض الامن وطمأنينة ، الى أن جاءت ليلة غاب فيها القمر وهز سكونها زئير وحش عظيم يجمد الدماء في عروق كل من يسمعه ، افترست نصف قطعاننا من دون ان اذكر باقي البهائم من أحصنة الى ارانب ، لكن الخسارة الكبرى كانت في الحراس الثلاثة “
ثم ارتخى جفناه وشردت عيناه وأكمل :
” أحدهم كان أصغر أبنائي ، ولا زال صوت الزئير المختلط بصيحاته وهو يُجر نحو الغابة يسكن كوابيسي “

***

مضغ يوريل اللحم ببطء محاولا استساغت مذاقه ،وشاهد اعين الزعيم و هي ترقص في محجريهما باحثة عن مصدر للقطع الذهبية الخمس ، على عكس كثير من الحضور الذين تجمدت أعينهم وارتخت أفواههم في دهشة ، أو ذبلت أجسادهم وسقطت أبصارهم في يأس وخيبة ، اغلبهم ان لم يكن كلهم سيكبر وينجب أولادا وأحفادا ويفترش فراش الموت ولن يرى في حياته كلها قطعة ذهبية واحدة ، رفع الزعيم راسه وقال بصوت خافت :
“أرجوك يا سيد يورل ، ليس في خزنتنا سوى ثمانين قطعة فضية”

رد عليه يورل : “لا تناديني بسيدي ، انا لست سيد احد ، ان لم تستطع توفير خمس قطع فانا لا استطيع مساعدتكم ، وصدقني ذلك أرخص ما يقدم أمام ما تواجهونه وتودون مني أن أقضي عليه … ارسلوا مبعوث للأمير واطلبوا منه النجدة لعله ينزل اليكم من برجه العاجي ويهب لكم بعضا من جنوده”

أحب يورل هذه القرية و أهلها ، لكن الطيبة الزائدة لا تؤكل خبزا ،استقام من مقعده شاكرا الزعيم على حسن ضيافته ، وحمل حقيبته وهو يهم بالخروج ، مر أمام الزعيم الذي تكورت يداه في قبضة وارتجفتا بشدة محاولا التحكم بغضبه ، ربت يوريل على كتفه وتقدم الى الحشد الذي شق له طريقا نحو الباب ، التفت الزعيم وزجر يورل بسخط :
“لقد راسلناهم من البداية طالبين النجدة وفي كل مرة يجيبون بنفس الرد حتى حفظته .. (جنود سموه قادمون لنجدتكم كما اقسمنا تحت ميثاق الشرف ، ترقبونا على ابواب قريتكم في القريب العاجل ، يحيا الأمير ، المجد و الخلود للامبراطورية)”.

لم يلتفت يوريل وأكمل مسيره إلى أن تحركت كتلة كبيرة من خلف الجمهور وقطع طريقه رجل عملاق يكاد رأسه يلامس سقف النزل وبدأ بالتقدم نحوه ، أعد يوريل نفسه للقادم ، ذهبت كلتا يدى الرجل نحو خصره أين تعلق سيفه ، و بدوره أمسك يوريل بقبضت خنجره لكنه لم يشهره ، نادى الزعيم الرجل في دهشة :
“ما الذي تفعله يا (باج)”؟

لم يستجب باج والتهى بنزع الحزام ثم انحنى أمام يوريل وعرض السيف بيديه المبسوطتين له قائلا : “ كنت أعتقد أنني أرتدي هذا السيف عن استحقاق كوني من الشجعان الأقوياء ، الى أن حلت تلك الليلة وسمعت زئيره وجدران الحصن تتهشم تحت وطأة هجومه وكأنها لا شيء أمامه ، نظرة واحدة نحو عينيه القرمزيتين كانت كفيلة بأن تبخر كبريائي وتجعلني أهرول وأترك الآخرين يقاتلون الظلام ومخلوقاته ، لم أعد أمتلك حتى الشجاعة لدخول الغابة وأنتقم لشرفي المهان ، أنا لست جديرا بسيف عائلتي ولكنه أغلا ما أملك ، فأرجوك”

شعر يورل بالاشمئزاز الشديد من هذا الرجل الذي يتذلل له ولم يجبه ، فلو كان حقا يود استعادة شرفه لبقي حارسا على الليل وعدوانهم أو لدخل الغابة متجاوزا خوفه ومنتقما لأصحابه ، خفض باج جسده وركع بكلتا ركبتيه على الارض رافعا السيف مترجيا يورل في صمت ، لم يستطع يورل كبح مشاعره ليصطبغ وجهه بمزيج من الغضب والنفور ، وهم بتخطيه محاولا وبشدة ألا يبصق أمامه ، لكن المسرحية لم تنتهي ، هجم عليه سكان القرية دفعة واحدة والكل يعد ليورل أعز ما يملك

سأقدم رمح عائلتي أيضا ..
سأعطيك اجود فرس عندي ..
سأزوجك اي من بناتي ..
هل تريد دميتي ..

حاصره أهل القرية وهم يدفعون نحوه مختلف الوعود و الأشياء ليصيح يورل وقد احمر وجهه غضبا رافعا يديه في السماء :
“حسنا حسنا ابتعدوا عني”
ويلتفت وهو يشق طريقه في وسط الزحمة نحو الزعيم :
“سأقبل بثمانين قطعة فضية ، لكن غنيمة الصيد ستكون كلها لي وستساعدونني في نقلها “

وقدم يده للزعيم ، التقطها الاخر وقال :
“بشرفي وشرف اهل القرية كلهم ، سنساعدك ما استطعنا حتى نتخلص من هذا الكابوس”

هز يوريل رأسه بالايجاب و قال : “اذن احضر لي كبشا سمينا وانتظروني على حافة الغابة بعد طلوع فجر اليوم القادم “

رد الزعيم في سعادة لكن بتعجب : “الآن ان المغرب قد اقترب وسيحل الظلام قريبا “
رد يورل بابتسامة حاذقة : “ومتى تظن أننا نصطاد ذرية الليل “
ثم عدل نفسه وأضاف :
“وان غابت شمس الغد ولم أعد فأرسل الى هذا اني ميت”
وكتب عنوان مقره.

***

كان يورل قد مل من مراقبة جثة الخروف الملقاة على حافة الغابة وسط الظلام ، وبدأ جسده يمتعض من طول جلسته بين فروع الشجرة القاسية ، وشك بأن طعمه لن ينجح في اغرائهم للخروج كونهم ارتوو من دماء القرويين وخرافهم ، حك شعر رأسه الأحمر الكثيف و تمنى لو أن (كَالْتُو) كان معه ، كان ليجد مخبأهم في زمن قياسي ويقف الآن وقد بدأ بحبك خطة للقضاء عليهم جميعا ، ثم تذكر الحساب الذي ينتظره عند عودته ، حينما يرى كالتو الثمانين قطعة فضية ومجموعة من العظام ، مط جسده وهو يتثاءب وأراد أن ينزل ليفتح جثة الخروف بغية ان تنتشر رائحة نفوقه بشكل أسرع ، وما ان هم بالقفز حتى سمع صوت الاحراش وهي تضطرب خلفه
“وأخيرا”

كان نور القمر الخافت كافيا لكي يرى خيال أجسادهم وهم يتقافزون بين الأحراش متقدمين نحو الخروف ، الى أن توقفوا تحته تماما ، لقد كانو دزينة من (شراغيف الظلام) ولم تعكس أجسادهم الشبه كروية أي نور بطبيعة الحال كأي مخلوق من ذرية الليل فحتى في الظلام الدامس ومن نور النجوم فقط يمكنك تميز أشكالهم ، فلا ظلام أعمق من ظلامهم ، تقدم أغلبهم ببطء و حذر قاصدين الخروف ، لكن اصغرهم تاخر عن البقية وبدأ بشم الهواء ، ضم يوريل جسده أكثر لكي يختفي بين الأعراف ، يبدوا انهم متوترون وحذرون جدا على غير عادتهم ، كان ذلك الشرغوف يتقدم أكثر وأكثر نحو الشجرة وهو يرفع جسده الصغير ، لم يكن يورل يريد ان يكتشف امره لان هدفه لم يكن هؤلاء الشرذمة القليلة لقد كان هدفه العش بأكمله ، وهو معروف عن شراغيف الظلام انها عدوانية جدا رغم صغر حجمها فما ان يكتشف فيلق كهذا مصدر خطر قريب من العش فانه سينهيه او يموت وهو يحاول ، كان الشرغوف قد التصق بالشجرة وبدأ يهرش لحائها محاولا تسلقها ، لم يجرؤ يورل على اخراج نفس ، الى ان علت أصوات النهش والتمزيق ، التفت المتأخر عن الوليمة وتقافز مسرعا ليلحق ما فاته متناسيا تماما موضوع تحقيقه ، لم تطل المدة حتى اختفى من الخروف كل شيء الا عظامه ،وبعد أن زاد حجمهم بشكل ملحوظ جر الشراغيف اجسادهم السمينة عائدين بغنيمتهم نحو العش ، لكن الصغير تردد وتوقف متأملا الشجرة بأعين لم يستطع يورل تمييزها في وجه المخلوق ، لينطلق بعد ان حركته نداءات رفاقه المتكررة ، تركهم يوريل يبتعدون عنه حتى احس بأن المسافة امنة لتعقبهم من دون ان يتم اكتشافه ، أضاء مشعله الصغير وتتبع أثارهم المتروكة باستهتار على ارضية الغابة اذ لا يوجد داع لإخافئها فلا شيء ينافسهم، فحتى الدببة تفضل الابتعاد عنهم ، لم يطل تتبعه حتى وجد الكهف لكنه لم يدنوا منه الى أن أشرقت الشمس ، وقبل دخوله لاحظ رمزا مصبوغا بالأبيض على احد جوانب المدخل ، كان رمز شمس مشرقة ، اذن لقد سبقه أحد الرهبان اليهم ، ذلك يفسر مدى حذر الشراغيف عند اقترابهم من الجثة سابقا ، فيبدو أن نفس الحيلة مرت عليهم ، وبما أن العش لا يزال هنا فهذا يعني أن عظام الراهب ترقد بسلام داخل الكهف أو أنه انسحب لجلب الدعم كأي انسان سليم العقل ، على عكسه هو .

حضر يورل ثلاث مشاعل ثم أخرج من الحقائب قفصا معدنيا ثبت بداخله حجر أبيض متلألأ ، كان (حجر قمر) بحجم حبة البيض ، أمسك يورل القفص بحجره و ثبته فوق المشعل ، اشتعل المشعل وبدأت اطراف لهبه تداعب الحجر ، وببطء وروية بدأ نور الشمس المخزن داخله بالتحرر الى أن سطع فجأة ، كانت هذه اللحظة دائما ما تباغته ، مسح يورل عينيه و تفقد لهب المشعل رغم علمه بأنه ما إن يسطع حجر القمر فلاحاجة للهب فإنه لن يتوقف عن الاضاءة حتى يفرغ أو يمسه نور الشمس الطبيعي ليبدأ حينها بتخزين النور مجددا، لكن معلمه دربه على أن يترك دائما شعلة لهب لحالات الطوارئ ، أنار يورل باقي الاحجار ودخل الكهف ، لم يستدعي الأمر سوى عشر خطوات و انعطافتين لكي يزول اي بصيص لنور الشمس ، رفع المشعل وهو يتأمل الكهف ونور الحجر المتذبذب والمتموج يرسم عدة أطياف تسري بين الجدران صانعة وهما يوحي بأن حجارتها تذوب وتتحلل ، زاد تعمقا في الكهف حتى انسابت رائحة لم يألفها أنفه أطلاقا مهما اطال في شمها ، كانت مزيج من روائح العفن واللحم الفاسد مختلطة برائحة تشبه الزيت المحترق ، الأخيرة كانت رائحة دمائهم.

بدأ الاعداد للمعركة ، فك الرباط عن رمحه المعدنية بالكامل وأراحها على الجدار ، ثم علق مشعلا وراء ظهره مثبتا اياه بحزام جلدي خاص ليطل من فوق رأسه وقد تخطى قامته بحوالي القدم ، ذلك لكي يتيح له بعض حرية الحركة أثناء القتال ، تقدم أمام فجوة كبيرة فتحت على غرفة شاسعة من الكهف، كان جبروتهم وشراستهم الشديدة هي ما جعلتهم بلا منازع، ولكنها كذلك احدى نقاط ضعفهم، فهم لا يحمون عشهم نهارا، فأي مخلوق يشم رائحتهم سيولي مدبرا في الحين، ما عدا البشر وبالتحديد ثلاثة أنواع منهم ، المجنون وعاثر الحظ والصياد، ولسبب ما ظن يورل أنه يشمل جميع الأوصاف.

غرس المشعلين أمام المدخل كمصدر احتياطي للنور وسد يمنعهم من الهروب ، لكن رغم الضوء الساطع لم يستطع يوريل أن يلمح كل حدود الغرفة فقد بقي جزء معتبر منها تحت سطوة الظلام ، امتلأت الارضية بالشراغيف التي انكب بعضها على بعض وهي نائمة، الا أن النور الساطع من الحجر والذي رغم بعده وضعفه بدأ بالتفاعل مع أجسادهم المظلمة، فاستيقظ بعضهم و تراجع و هو يهس موقظا البقية ، لكن رغم ذلك فان هذا النور غير كاف لقتلهم فنقاوة الحجر منخفضة ولن توفر ليورل سوى بعض المساحة التي لن يتخطى حدودها أي من الشراغيف، لأن معركته الحقيقية ستكون مع الملكة ، وكان مجرد التفكير فيها كفيلا لاستدعائها ، لمعت عينان حمراوتان في عمق الظلام ليتجه بؤبؤهما المستطيل نحو يورل مباشرة ، كان الفارق بينهما كبيرا مما دل على ضخامة رأس هذا المخلوق ، لكن ارتفاعه عن الارض لم يتعدى خصره ، ابتسم يورل واستعد لقتال سهل ، زفرت الملكة بصوت حاد ورفعت جسدها ، ورفع يورل راسه لتتحور ملامح وجهه من متحمس للقتال الى “هل أنت تمزح معي”، لقد تعدت طوله بحوالي ثلاثة أقدام ، حتى ولو نال منهم القطع الذهبية الخمس ، فالمبلغ زهيد جدا.

اقتربت الملكة وصوت خطواتها يتردد داخل الكهف ، بصق يوريل وهو يسب حظه العاثر ، وبوجه عابس اتخذ وضعية القتال ، وسع من وقفته واشتدت قبضته على رمحه وقبلها كعادته قبل اي معركة لجلب الحظ الجيد و الذي سيحتاجه و بشدة ، وببطء مشت الملكة نحوه دلالة على أنها لا تعتبره تهديدا حقيقيا ، ليلمس أول جزء منها النور ويظهر رأسها و تكتمل صورتها المجهولة في خيال يورل ، لقد كان رأس كبش ، أو الأصح جمجمة كبش فلقد بقيت بعض الأماكن التي لم يغطها الظلام كونها لا تزال تنموا وتتعافا من أثر اصابة ما ، كان مظهرها مرعبا وشرس ، التف حول رأسها قرنان انتهت الحافة المدببة لكل واحد منهما نحو الأمام بزاوية مثالية للطعن ، و برزت الأنياب التي نبتت من كلا فكيها في تكشيرة مستعدة دائما للقضم و التمزيق، لكن اكثر شيء دل على أنها ليست من الأحياء هو عينها اليمنى التي سكنت محجرها العظمي الخالي من أي مضغة لحم أو جلد ، تذبذب عزم يورل الى ان تقدمت الملكة اكثر ، وظهر أول بصيص أمل له ،لقد كانت قدمها الأمامية اليسرى المصابة مما سبب لها ذلك عرجا حادا ،لكنه لم ينقص الكثير من جبروتها و هيبة مظهرها ، نفثت الهواء من منخريها العظميين و هزت جدران الكهف بصيحة اشبه بزئير الدب ، لم يتراجع يورل وبدأ بالدوران حولها محافظا على مسافة آمنة فإنه لم يرد للمعركة أن تنشب أمام المدخل الوحيد للغرفة ، لم يستطع ان يأتيها من جهة اصابتها لضيق المساحة ، تحرك نحو يمينها ببطء وروية وبحيرة الظلام التي حاصرته من الشراغيف تتبعه بلا هوادة و تقبع على الحدود التي رسمها النور وهي تنبح وتهس واعدة يورل بالويلات لو غادره ضوء الحجر ولو لثانية ، على عكس الملكة التي لم تتبع حركته سوى بعينيها ، وفجأة أدارت راسها الضخم واندفع جسدها العملاق بسرعة كبيرة نحوه ، كاد يقسم بأنه سمع صوت الريح وهي تصفر بين قرنيها ، سنوات من التدريب هي ما أنجاه في تلك اللحظة ، لقد باغته هجومها وكاد يردي بحياته ،لكنه تفاداها في آخر لحظة وقفز نحو اليسار وأحد قرنيها كاد أن يخترق صدره ، انزلق يورل نحو الوراء بسرعة ونبض قلبه يهز صدره ، لن يكون قتالا سهلا كيفما فكر فيه ، فرغم اصابتها وضخامة حجمها فسرعة هجومها رهيبة وفتاكة ولن تغفر له أي خطأ أو لحظة تردد.

راقب جسدها وهو ينسحب في الأرض حتى دوى ارتطام الملكة وسقطت مرتجة بعد أن هزت جدار الكهف بأكمله لتمطره الحجارة النازلة من السقف ، فتحت الاقدار فرصة ليورل لم يتلكأ في اقتناصها ، اندفع بكل قوته بعد أن انكشف له عنقها ،اقترب منها في لحظة وفي رمشة عين سدد ضربته التي توجهت بشكل دقيق نحو فقراتها ، و لم يبقى له سوى ان يشعر برمحه تخترق لحمها وتقطع اوتار رقبتها خاتمة بتحطيم أحد فقراتها ، لكن الملكة لم تكن بذلك الضعف ولن ترضخ بتلك السهولة ، لفت رأسها نحوه بسرعة خاطفة ليصد قرنها ضربة الرمح الغادرة، ثم وبنفس القوة والسرعة رفعت حافرها عاليا و أنزلته على رأسه محاولة سحقه تحتها ، وبردة فعل سريعة تدحرج يورل بعد أن طوى نفسه وترك قوة اندفاعه تقوده مارا من تحتها ،التوى في تدحرجه كيلا يتضرر المشعل الملتصق بظهره فانفلتت منه رمحه ، سمع صوت الحافر وهو ويشق الأرض من خلفه ، التفت نحو عدوه وهو يتوقع الهجوم القادم ، وبدورها التفت الملكة نحوه وقد تأجج في عينيها الدمويتان عزم عظيم على انهاء حياته ، تلمس الارض في عجل باحثا عن رمحه التي غادرته ، أمسكها ورفعها مستندا عليها ، وركع ملتقطا أنفاسه وهو يشاهد الملكة تجاهد اصابتها لكي تستدير اليه ، يبدوا أنها لا تستطيع الهجوم بشكل عادي ولا يسعها سوى أن ترمي نفسها باندفاعة قوية نحو هدفها، غير أنه ورغم ضعفها واصابتها كادت تقتله مرتين ، ما كان يجب أن يستهين بها ، استقام يوريل، واستقامت الملكة وكأنها تماثله ووقف الندان يتبادلنا النظرات الى أن بدأت الملكة بالتراجع نحو الظلام ، لم يتوقع يورل ذلك و بغضب صاح :
“لا لا لااااااا ، لا تفكري في الهروب بعد كل هذا ايتها اللعينة”

لكن الملكة لم تعره أي اهتمام وغمست نفسها في الظلام ، بدأ يوريل بالتقدم لكي لا تنسحب من ناظره الى أن صاحت صيحتها المزمجرة ، استجابت لها الشراغيف في الحال وبدأت هي أيضا باصدار نباحها الحاد والمزعج ، ليتم محاصرته من قبلهم في دائرة مغلقة علت جدرانها بعد ان تسلق صغار الشراغيف على الكبار رغم النور الذي اضعف بعضهم لحد الشلل الا أن أجسادهم بقيت في مكانها
كل شيء من أجل الملكة .

بدأ الغضب بالغليان داخل يوريل ملتفتا يمنة ويسارا ، لكنه لم يسمح له بتشويش فكره ، كان متأكدا من أنه لا يمكن للملكة الهروب من بعد طلوع الفجر اذن فلابد أن هذا الجدار الأسود صمم لغرض واحد ، أغمض يورل عيناه فهو قد ادرك انه لن يحتاجهما ، بدأ في نفي الضجة عن أذنيه الى ان سقط عقله في ذلك الوادي السحيق وفي حالة التأمل التي وصل اليها أنزل يده الى الارض وترك كفه تلامسها مستشعرا وقع حوافرها في الظلام ، كان الجدار يزداد ضيقا رغم احتراق بعض الشراغيف وتبخر قطع من اجسادهم الى دخان أسود ، فجأة فتح عينيه و هما تلتفتان نحو اليمين وبنفس السرعة ارتد نحو الخلف ، لتخترق الملكة الجدران غير مبالية برعاياها ،غارسة قرنيها في محله السابق ، ولم يضيع فرصته هذه المرة وبصيحة مدوية نزل رمحه على قدمها المصابة بعدة طعنات عميقة ، زأرت الملكة في وجهه من الألم محاولت التفريق رأسه عن جسده بفكيها ، غيرأن يوريل لم يكن طماعا وانسحب قبل أن تنال منه أنيابها ، لتتلكأ الشراغيف للحظة ثم تهب لنجدة ملكتها غير مبالية بالنور واحتراق أجسادها ، تراجع يوريل وهو يطعن في كتلة الظلام المتحركة لكنها لم تتوقف ، الى أن لاحظ القرون المتوجهة نحوه لكن بعد فوات الأوان ، ليجد نفسه في اللحظة التالية وهو يسافر عبر الهواء ، ارتطم بعدها بالجدار ليمتلأ بصره بالنجوم المتلألأة ويسري في جسده خدر لذيذ ، اثقل جفناه برغبة شديدة في النوم ، وبدأت زمجرات الملكة ونباح الشراغيف بالتلاشي من مسمعه ، وانسحب وعيه شيئا فشيئا نحو الظلام

*
” هل تريد أن تراني اكل أمك وأخويك “
*

” لااااااااااا “

انتفض يوريل صارخا وكأن صاعقة نزلت عليه الى أن اعاده ألم ارتجاجه وضلوعه المكسورة الى الواقع ، لكنه الم مرحب به مادام سيبقيه واعيا ، مد بصره الى أعدائه ليرى الملكة وهي تتأوه من الألم وسائل أسود ولزج يقطر من قدمها التي تدلت من مرفقها مهددة بالسقوط ، مد يده محاولا النهوض لكي يلتقط قفص النور الملقى بين قدميه ، والحجر المتصدع بداخله من اثر الاصطدام يحرر نور الشمس الذي خزنه من بين تلك الشقوق ،والذي رغم مداه الضعيف كان ما حماه من الشراغيف التي تكدس بعضها أمامه ، لتقع أنامل يسراه وهو يحاول النهوض على شيء مجهول ، لف بصره نحوه و تفاجأ ، كانت جمجة انسان ، تفقد باقي الجثة ووقعت عيناه على حقيبة جلدية طبعها رسم مميز ، شمس مشرقة ، لقد كان هذا الهيكل العظمي يعود للراهب الذي سبقه الى هنا، يبدو أنه لم يكن بتلك الحكمة ، مد ذراعه و هو يهس من الالم الذي انفجر في صدره ، أمسك بطرف حزامها ورمى الحقيبة في حضنه ، أدخل يدا واحدة فيها و أخرج ما أمسكته و ابتسم :
“اللعنة عليكم أيها الرهبان ، أين تجدون حجارة بهذه النقاوة”

لقد كان حجر قمر بحجم حبة عنب غلفته طبقة رقيقة من الزجاج ولكنه يكاد يشع من دون أن يمسه أي لهب ، كان أنقى حجر رآه يورل في حياته البائسة كلها ، ولوهلة بقي محدقا في تلألأ فسيفسائه متناسيا الخطر المحيط به ، ثم خطرت على باله فكرة مجنونة ، مزق جزء من ردائه ووضع الحجر بداخله وعقد عليه باحكام ، رابطا اياه برمحه ، أمسك بعدها بصخرة وضرب حجر القمر بقوة محسوبة كأنه يحاول كسر لوزة من دون أن يهشم النواة ، لم يحدث شيء ، أعاد الكرة بنفس الشدة ، لاشيء أيضا ، ضاعف من قوة ضربته لينشق الحجر ، بسرعة مرر الحجر فوق لهب المشعل المحتضر ، ليشع ببصيص نور حاد رغم القماش الذي غلفه مصدرا صوت صفير خافت أشبه بصوت المعدن الساخن وهو يقبل سطح الماء ،ابتسم يورل كالمجنون عندما عرف أن خطته المتهورة قد تنجح ،ازداد الشق كبرا وبدأ بالانقسام والنور المتحرر يكاد يحرق القماش من شدته ، قاتل يوريل خناجر الألم التي التوت في صدره وهو ينهض ، أدار رمحه في يده برشاقة وحولها من وضعيت الطعن الى وضعية الرماية ، لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة اضطر لأبعادها عن يديه ،وهمس قائلا
“لا تخذليني يا حبيبتي”

انبثق النور بقوة من الحجر الصغير وبخر كل من تجرأ على التقدم أمامه من أجرأ الشراغيف الى دخان تاركا منهم سوى عظامهم الرقيقة والمشوهة ، و علا صوت صفيره منبئ باقتراب نهايتهم ، ضيق يورل عينيه وحاول أن يبقي تركيزهما في الأفق أين احتمى عدوه ، لمح العينين الحمراوتان ، ثم قفز قفزتين ورمى الرمح بكل قوته وهو يصيح
“فالتقبلي هديتي يا جلالتك”

انطلق الرمح مسافرا من يده وسطوع الضوء المرافق له ينير الكهف بأكمله وكأنه نجم هاو ، ليغرس بعد رحلته القصيرة أمام الملكة، لقد اثرت الاصابة على دقته، فهو أراد للرمح أن تكون بين عينيها، لكن لا بأس فالمعركة قد حسمت ، اشتد صفير الحجر حتى طغى على سمعه، وانفجر مطلقا دويا عظيما ونورا أعظم كاتما بذلك صراخ الملكة ورعاياها ، تراجع يورل الى الجدار وركع مغلقا عينيه لكن ذلك لم يكن كافيا لصد النور ، فعقد ذراعيه على رأسه وريح حارة تلفح بشرته وتكاد تحرقها، ثم هدأ كل شيء فجأة، ولم يبقى سوى صوت الحجارة المتساقطة وهي تقرع على الارض وأنفاس الملكة الثقيلة وهي تحتضر ، أزاح يورل ذراعيه عن عينيه ببطء ليبهر بالمنظر، عم غبار الحجر القمري الكهف وأناره بوهجه الشبحي الضعيف ، وذراته المتناثرة تتموج وتتلألأ عائدة نحو الأرض في خيبة بعد أن لم تجد ولو نسمة ريح تؤنسها في وحشة الكهف وانعزاله، ثم بدء السعال، نسي تماما أن استنشاق الغبار القمري قد يقتل المرء، سارع بتمزيق عباءته وصنع منها لحافا ليقيه، ثم نهض مستكملا عمله، مشى بخطواة رزينة لأن رأسه المرتج لن يتحمل أية حركة سريعة، حتى وقف أمام رمحه و امتشقها من الأرض لافا بصره نحو الملكة، تقدم نحوها وتفقد حالها، لقد كانت تسعل بشدة فناهيك عن الضربة المباشرة للانفجار فان استنشاقها للغبار عزز من ضررها الداخلي لدرجة أنها بدأت بتقيؤ دمها الأسود والبارد، وقد تبدوا للجاهل أنها على بعد أنمل من نهايتها، لكن ذرية الليل لا يموتون بهذ السهولة، اقترب نحو رأسها ونظر نحو عينها والتي لم تبصره رغم قربه منها، وأنزل رمحه على جمجتها لتبدأ أشواك الصقيع بالتشكل عليها مباشرة.

***

لم تكن نهاية سيئة بعد كل شيء فمقارنة بما اصطاده لوحده فاصاباته كانت نوعا من أنواع المعجزات الصغيرة، ضلعان مكسوران ومخ مرتج قليلا، لقد أصيب بما هو أسوأ ، لكن الغنيمة كانت هي ما أنسته آلامه، عش ممتلئ بالشراغيف وملكة يكاد تحورها يكتمل، ترك للقرويين عظام الصغار وأخذ هو عظام الملكة، كان القرويون سعداء بما أهداه لهم يورل فتلك العظام وان كانت غير مكتملة، فسيجنون من بيعها بضع قطع ذهبية ولو بيعت بأرخص الأثمان، اشترى منهم عربة بحصانها وهم بالعودة، لكنه لم يستطع كبح نفسه عند خروجه من بوابة القرية مقلدا بالأزهار ومرشوشا بماء الورد وأصوات الكبار بصغارهم تصخب بتهليله مقتدين بصيحات باج
” فليحيا البطل الجسور “
” هاااااي”
“فليحيا نجمنا الحارس “
” هاااااي”
” يورل قاهر الظلام”
“هااااااااااااااي”

لم يستطع المحافظة على رزانته كما يجدر بالأبطال عند نهاية القصص، وانتزع الرمح غير مبالي بآلام صدره، ووقف رافع اياها في السماء مطلقا صرخة حرب مزمجرة، ليتقافز الجمهور من حوله وقد شحنوا من جديد، كانت نشوة لا مثيل لها، ضرب لجام الحصان بقوة، لكن رغم محاولة الحيوان المسكين فان سرعته لم تتجاوز الهرولة البطيئة، لم تكن انطلاقة سريعة كما تخيلها لكن الجمهور لم يبالي وبقو يهللون له ويحيونه حتى اختفى في الافق.

***

رغم طول الرحلة الا أنه لم يبقى سوى بضع ساعات حتى يصل الى المنزل ، خرج من الغابة لتنفتح امامه الطريق ممتدة وسط سهل من المزروعات ، ومن بعيد لمح شخصا مألوفا يشاركه اياها ، أتسعت ابتسامته وضرب على لجام الخيل طالبا المزيد من السرعة ، لم يطل ذلك الشخص حتى التفت مستقصيا الجلبة التي خلفه ، توقف يورل امامه وقال
“ كيف حالك يا أبتي“

رد عليه الشيخ بابتسامة هزيلة ثم التفت الى حماره قائلا :
“ أبشر يا (جولجو) لقد قرر يورل أن يكون ولدا بارا لأول مرة ”

لم يعره يورل انتباهه و سأل عن ما يحمله الحمار ، ليجيبه الشيخ بمكر مشيرا الى عربة يورل المغطات تماما :
“ صيد أكبر من صيدك “

احتار يورل من أبيه ، فكيف عرف أنه يحمل صيدا معه وما الذي يعنيه بصيد أكبر من صيده ، أكبر من الملكة التي احتلت عظامها العربة بأكملها … وفجأة أدرك يورل ما يعنيه أبوه ، لم يكن يقصد كبيرا الحجم ، بل كان يعني أكثر قيمة ، وأعلى ندرة ، وأشد شراسة من الملكة التي اصطادها ، لا يمكن لذلك أن يكون سوى شيء واحد ، رفع الشيخ جزء من الغطاء عن ما حمله الحمار ، لتظهر يد نحيلة بيضاء تشنجت أصابعها في قبضة تاركة دليلا على أن آخر لحظات صاحبها كانت ألما خالصا

انمحت الإبتسامة من وجه يورل فهو لا يشعر أمام هذه الأشياء سوى بغضب دفين يغلي في أعماقه و كراهية غير محدودة اتجاههم حتى وهم جثث هامدة.
قال يورل بامتعاض : “ كيف فعلتها أيه العجوز الهرم البائس “
أجابه الشيخ : “ لا تنسى أن الغباء داء لا تختص به أنت فقط “

حك يورل رأسه و هو يرى العجوز يعيد تغطية الجثة ثم قال :
“ إذا هلا نزلت وأرحت (جولجو) من حمله الثقيل ، المسكين لم يعد يتحمل كما كان في شبابه “

نزل يورل منصاعا لأمر أبيه و الدهشة مع مزيج من الغيرة لا تزال تختلج فؤاده ، فهذا الرجل الذي تقترب شمسه من مغربها يوما بعد يوم لا زال يستطيع التفوق عليه و ابهاره ، لكن ماذا يتوقع من شخص لا يرضى أي أحد من من عرفه سوى أن يناديه بالأسطورة.
أعاد يورل نفسه الى العربة بعد أن أتم مهمته و أكملا طريقهما الذي لم يطل حتى انتهى الى منزلهم ، أطلت عليهم من باب الكوخ شابة و هي تمسح يديها بمنديل ثم تقدمت نحوهما ، قفز يورل و هو فاتح ذراعيه مستقبلا إياها ضاحكا وهو يقول :
“ هل اشتقتي لأخيك الكبير “

تجنبت الفتاة عناقه برشاقة ودفعته عنها قائلة
“ ابتعد عني ، فأنا لن أقترب منك حتى تستحم “

و التفتت و هي تمد يد العون للشيخ النازل من العربة
“ شكرا يا عزيزتي ، يبدوا أن أخاك فاجأنا بصيد عظيم “

“ لا تحاول أيها الثعلب العجوز ، كلنا نعلم أن صيدي لا يقارن بصيدك اطلاقا “

نظرت ( هِلينْ ) الى يورل بانزعاج وقالت
“ ألم يرسلك كالتوا لشراء بعض الأغراض فقط “

“ أنت تعرفين أخاك يا هلين ، البطولة أمي و المجد أبي “

ليناديهم كالتو من العلية أين تموقعت مكتبة المنزل :
“ أهلا بعودتكما ، يورل ما الذي فعلته الآن؟ ”

ثم أشار اليه بأن يلقاه داخل المنزل ، ابتسم يورل وهو يحك شعره وبدأ بتحضير نص أعذاره .
داخل المنزل حكى يورل ما جرى له ثم بدأ بإلقاء الأعذار ، كيف أن شرفه منعه من ترك من يطلبون نجدته ، وكذا أن عظام الملكة والتي وان لم يكتمل نموها ستجني عليهم أرباحا جدية ، ليقاطعه كالتو
“ حسنا حسنا لقد استوعبنا مدى شهامتك و قوتك ، هل ابتعت ما طلبته منك “

قفز يورل من مقعده وخرج ليرجع ببعض الأكياس ، تفقد كالتو الأكياس ثم أخرج حجارة القمر
“ ينقصها حجر واحد “

“ لقد كسرته “
أجاب يورل و هو يقدم فتاة الحجر نحو كالتو

قال كالتو : “ على الأقل في هذه المرة خسرنا حجرا واحدا فقط ، ماذا عن الباقي“

رد بورل “ آه تقصد الصندوق ، لقد طلب مني بائعه ألا أفتحه لأي سبب “

أخذه كالتو من يدي يورل مبتسما وهو يقول :
“ لقد كنت أتحرق لقدومك منذ فترة طويلة “

دخلت عليهم هلين و وزعت عليهم قطعا من كعك العسل ، لتجلس بينهم قائلة لكالتو :
“ ألم تخبرهم بعد “

التفتت كل من عيني الشيخ و يورل من كعكهما الى كالتو ، و الذي رفع قطعته أمامه و هو يتأملها مبتسما :
“ إن الأمير يطلبنا ، واعدا ايانا بـ100 قطعة ذهبية مع بعض المزايا الأخرى “

“ 100 قطعة مقابل ماذا ؟ “

“ مقابل انهاء مهمة عجز عنها 60 جنديا من خيرة جنوده”

guest
22 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى