أدب الرعب والعام

سلفيا

بقلم : ريتا

كانت تطمح دائماً في امتلاك قصر و ركوب سيارة فاخرة
كانت تطمح دائماً في امتلاك قصر و ركوب سيارة فاخرة

في بيت صغير متواضع في مدينة لومان الفرنسية وُلدت سلفيا ، لم تكن غاية في الجمال و لكنها كانت ذكيه جداً ، كانت تطمح دائماً في امتلاك قصر و ركوب سيارة فاخرة ،  كان والد سلفيا يعمل كسائق أجرة ، و في أحد الأيام أنحرف على الطريق لتنتهي حياته في النهر ، لذلك كانت والدتها تكد في العمل لأجل أطفالها ، كانت سلفيا الأخت الكبرى  و جين و أنا الأصغر.

عند بلوغها سن التاسعة عشر عملت في محل لبيع المجوهرات ، و لكنها سرعان ما تركت المحل لان كلارا ربت عملها أتهمتها بسرقة عقد ، وعملت بعدها في محل للخياطة ، ولكنها لم تلبث كثيراً حتى تركت العمل ، لم تحتمل جيمس فقد كان يأمرها بالعمل ، سلفيا لم تحتمل تأمر جيمس فهي لم تسمح لأي شخص كان أن يأمرها فقد رأت نفسها دائماً ملكة تستحق حياة أفضل .

في أحد الأيام كانت تبحث عن عمل في أحد الصحف حين وقعت عينها على مقال تقول فيه صاحبة المقال : أنها تبحث عن فتاه لكي تهتم برجل عجوز يبلغ من العمر 90 سنة ، كان رجل ثري و لكنه وحيد و يريد من يهتم به ، كقراءة الكتب و الروايات ، أخذت سلفيا الهاتف و طلبت الرقم ، لترد عليها أمرأة عجوز ، اتفقت معها على المجيئ في صباح اليوم التالي ،  و في الصباح اتجهت سلفيا إلى المكتبة لتشتري بعض الكتب والروايات و وضعتها في حقيبتها و من ثم اتجهت إلى منزل العجوز ، وصلت إلى المنزل ، كان منزل جميل ، نظرت إلى الحديقة التي تنبعث منها رائحة الزهور ، كانت غاية في الجمال ، طرقت الباب لتفتح لها الخادمة : تفضلي ، السيدة بانتظارك .

سرعان ما وقعت عينا سلفيا على أثاث المنزل و من ثم تقدمت اليها سيدة في أواخر الخمسينات كان وجهها تملأه التجاعيد و لكنها كانت متأنقة و راقية ، أمرتها بالجلوس و طلبت منها الاعتناء بالسيد بين فهو بحاجة إلى أخذ دوائه فقد ، كان يعاني من مشاكل في القلب و لديه ولدان انجلا  وبيتر ، تزوجت انجلا و سافرت مع زوجها إلى نيويورك ، أما بيتر فقد كان ينفق أموال والده في النوادي الليلية ليأتي كل ليلة و رائحة الخمر تفوح منه ، و في أحد الأيام أمره السيد بين بمغادرة منزله و بعد شجار دام لساعات خرج بيتر و لم يعد ، ماري هي الأخت الصغرى للسيد و لكنها بدورها كانت كثيراً ما تسافر ، على الرغم من ثرائه لكنه عاش وحيداً و لم يجد من يهتم به ، عادت سلفيا بعد ذلك إلى بيتها ، كم كانت تكره ذلك الحي الفقير المظلم  ! فقد كانت رائحة الرطوبة تفوح منه ،

دخلت إلى منزلها و اتجهت إلى غرفتها ، في  حين كانت والدتها تعد الطعام ، دلفت الباب ورائها و أرتمت على سريرها ، أغمضت عيناها و راحت تتخيل نفسها ترتدي فستان باللون الأبيض ، كانت ترقص على الموسيقى في منزل أشبهه بقصر ، اتجه اليها شاب وسيم يطلب يدها للرقص ، راحت ترقص و ترقص حتى وقعت على الأرض لتصحى على واقع أليم ، جدران غرفة متشقق  وملابس رثة بالية ، و مرآة مكسورة معلقه على الجدار ، نظرت إلى نفسها في المرآه ، سلفيا أعدك أن تعيشي حلمك ، أعدك أن تخرجي من هذا الجحيم ،

 

وفي اليوم التالي ارتدت ملابسها و اتجهت إلى منزل العجوز ، فتحت لها الخادمة الباب و اتجهت إلى غرفة السيد ، كان يجلس على كرسي هزاز خشبي يطل على الحديقة ، جلست سلفيا بجواره : مرحباً سيدي ، أسمي سلفيا ، و أنا من سيهتم بك في غياب السيدة  ماري  ، قالت جملتها و لكنها لم تسمع رد ، كان ينظر من الشرفة المطلة على الحديقة ،  أخرجت الكتاب من حقيبتها و راحت تقص عليه بعض القصص ، كانت كل صباح تتجه إلى غرفة السيد بين لتقص عليه بعض القصص وتحرص على إعطائه دوائه ،

في الليل لم تستطع النوم ، كانت تفكر في منزل السيد العجوز فقد كان أشبه بمنزل أحلامها ، راحت تفكر كيف لها أن تحتال على السيد ، كيف بأماكنها أخذ منزله ؟ لقد وعدت نفسها أن لا تعود لذلك الجحيم ، كانت الساعة تشير إلى الواحدة فجراً ، في حين خطرت في بالها خطه شيطانية ،  كانت قد تحدثت ماري إلى سلفيا من قبل عن مكوثها في منزل السيد بين لأن ماري لا تستطيع المكوث في منزل السيد بين حيث أنها تسافر كثيراً ، لذلك قامت بإعطائها مفتاح المنزل ، و كذلك قامت بتوضيب غرفه للمكوث بها ، كانت غرفة صغيرة في الدور الأول ، بعد خروجها من غرفة السيد العجوز اتجهت إلى غرفتها و دلفت الباب ورائها و راحت تحدق إلى الغرفة ، تلك العجوز الشمطاء لم تعطني احدى الغرف الفاخرة بل وضعتني في غرفه عفنه تملأها الرطوبة ،  وضعت رأسها على المخدة و راحت تغط في سبات عميق لتحلم بحلمها المعتاد ،

في الليل كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءً ، صحت من نومها و تذكرت موعد دواء السيد بين  ، خرجت من غرفتها متجهه إلى غرفة السيد بين ، فتحت الباب و رأته مستلقي على فراشه ، سيدي هذا وقت أخذ دوائك ، أخذت الحبة لتضعها في فمه ، و لكنها ترددت في إعطائه الدواء ، كان السيد بين يحدق في عينيها ، كانت يداها ترتجف ، أمسك يدها  ، اسمعي سواءً أخذت الدواء أم لا ، لن أترك منزلي ، فأنا لم أصنع ثروتي لتأتي فتاة حمقاء مثلك لتنهي حياتي ، اتسعت عيناها بذهول يا الهي هذا العجوز لقد قرأ أفكاري ! خرجت من الغرفة مسرعة و  كانت دقات قلبها تتسارع ، كانت تستشيط غضباً ، يا إلهي ماذا لو تحدث عبر الهاتف إلى أخته ، ماذا لو أخرجوني من المنزل ؟  لكن لا ، لن أعود لذلك الجحيم ، أخذت بالتفكير،

 كانت ترتجف من الخوف ، راحت تتمتم في نفسها : لن أخرج ، لن أخرج ، كانت الساعة تشير إلى الواحدة فجراً ، كانت تجلس على الأرض على ركبتيها ، نظرت إلى الساعة و هنا استجمعت قواها و اتجهت إلى غرفة السيد ، دخلت خلسة إلى الغرفة ، كان كعادته نائم على فراشه ، أخذت الوسادة و وضعتها على وجهه ، قامت بكتم أنفاسه فهي لم تعد تحتمل أكثر ، و ما هي إلا ثواني حتى غادر السيد بين الحياة ،

  كان السيد بين يحتفظ بألة كاتبة خاصة به أخرجتها و كتبت عليها : أنا السيد بين و هذا إقرار مني و بكامل قواي العقلية أتنازل عن كل ممتلكاتي للسيدة سلفيا ، فهي من أعتنى بي ، أخذت أصبع إبهامه و قامت بطبع أصبعه على الورقة ، و من ثم أخرجت منديل و قامت بمسح الحبر على إبهامه ، أخذتها و وضعتها في جيبها  أخذت توظب الغرفة و اتجهت إلى غرفتها ، وضعت الورقة في حقيبتها ، أخذت نفساً عميقاً لتهدأ نفسها ، كانت الساعة الثالثة فجراً ، حاولت النوم و لكنها لم تستطع ، أغمضت عينيها و راحت تغط في عالمها الخاص ، عالم لا يخلو من الرفاهية و المتعة ،

 في صباح اليوم التالي دخلت الخادمة لتوضيب غرفة السيد بين ، كانت معتادة على دخوله الحمام و من ثم الجلوس في كرسيه الهزاز مقابل الشرفة ، اقتربت منه : صباح الخير سيدي ، وقت الحمام سيدي ، وضعت يدها على صدره محاولةً منها إيقاظه ، و لكنه لم يجبها ، وضعت رأسها على صدره و لكنها لم تحس بأي نبض ، راحت تصرخ : يا الهي السيد بين ! فليساعدني أحد ، سلفيا وقد سمعت صراخ الخادمة فتحت عيناها وهنا تذكرت ما حدث بالأمس ، حاولت أن لا تتوتر ، خرجت من غرفتها و اتجهت إلى الخادمة.

 سلفيا : لماذا تصرخين ؟.

الخادمة : السيد لقد مات ، سلفيا التي لم يظهر عليها الخوف كانت مجردة من المشاعر : أتصمتي أيتها الغبية ، سأقوم بالاتصال على دكتور السيد بين ، جلست على كرسي قرب الهاتف و أخذت دفتر دليل الهاتف ، كانت تجلس بهدوء و راحت تدندن في صوت خافت ، كانت تبحث على رقم دكتوره الخاص ، كانت الخادمة انظر اليها ، لم ترى أغرب منها ، فهي تعرف السيد بين منذ أكثر من شهر كيف لها أن لا تحزن عليه ؟ ما هي إلا ثواني حتى أتى دكتور السيد بين و أتجه إلى غرفته و أعلن عن وفاته ، تم تبليغ ماري عن وفاة أخيها ،

لم تشك ماري بموت أخيها فهي تعلم أن عناده في عدم أخذ الأدوية سينهي حياته ، فقد كانت كثير ما تتشاجر معه بسبب امتناعه عن أخذ دوائه ، قامت ماري بالتجهيز لجنازة السيد بين ، لم يحضر الجنازة الكثير فالسيد بين لم يكن له أقارب كثير ولا أصدقاء ، قاموا بوضعه في القبر ، كانت ماري تبكي و حتى الخادمة و الدكتور فرانك ، عدا سلفيا التي راحت تتحدث في نفسها : أسفة سيد بين ، لم يكن لدي طريقه أخرى لأعيش حلمي ، بعد مراسم الدفن اتجه كلاً من ماري و الدكتور فرانك و سلفيا إلى المنزل ، في المساء أمرت ماري سلفيا أن تغادر المنزل و أعطتها أجرتها ، قامت بوضعها على الطاولة ، و لكن سلفيا فاجأتها بوضع رسالة السيد بين على نفس الطاولة.

ماري : ما هذا ؟.

سلفيا : رسالة من السيد بين أعطاني إياها قبل وفاته و لم أفتحها بعد ، فقد قال لي أن أعطيك إياها في حال أصابه مكروه.
أخذت السيدة ماري الورقة و اندهشت من قراءة ما فيها ، استشاطت غضباً و راحت تصرخ على سلفيا : أيتها المخادعة ، هذا كذب ، مستحيل ، لا أصدق .

أمسكت سلفيا من عنقها محاولة خنقها ، و لكن الدكتور فرانك حاول منعها ، وقعت ماري على الأرض مُغمى عليها ، أخذها الدكتور إلى غرفتها  و حقنها بإبرة مهدئة ، أمسكت يد الدكتور طالبة منه الاتصال على المحامي ، كان فرانك يحاول تهدئتها فغطت في سبات عميق ، اتجه فرانك إلى سلفيا التي لم يظهر عليها التوتر ، كانت تقف على الشرفة التي تطل على الحديقة لتستنشق الهواء ، اقترب منها فرانك و كانت بيده رسالة السيد بين ،

فرانك : ألم تري أن من الغريب أن يكتب لكي السيد بين كل ممتلكاته و أنتِ لم تعرفيه إلا منذ مدة قصيرة ؟.

سلفيا و هي تنظر إلى النهر بالقرب من الحديقة ، كل شيء في هذه الحياة جائز !.

 فرانك : هل علمتي أن لديه ولدين انجلا و بيتر ؟.

 سلفيا و هي تنظر إلى عينيه بتحدي : أجل ، وعلمت أيضاً من السيد بين مدى كرهه لهما.

فرانك : و هل السيد من حدّثك بذلك ؟ أنا أعلم أن السيد بين لم يكن ليشاطر أحد أسراره.

نظرت اليه سلفيا : أي أحد عزيزي إلا أنا.

ما هي إلا ساعات قليلة حتى حضر جيك محامي العائلة ، قرأ الورقة وأندهش ، كيف للسيد أن يكتب كل ثروته لفتاه لم يعرفها إلا منذ مدة قصيرة ؟ و لكن خط الكتابة كان يعود للسيد و كذلك بصمة اليد ، بعد فحص الورقة جيداً تبين أن سلفيا لديها الحق بأخذ المنزل و بعض ممتلكات السيد بين ، أخذت سلفيا التنفس بارتياح فهذه بداية تحقيق حلمها .

في صباح اليوم التالي قامت السيدة ماري بتوضيب حقيبتها  ، كانت تنظر إلى سلفيا بحقد فهي ما زالت لم تصدق خدعتها ، اقتربت منها ثم همست في أذنها : أتمنى أن تتعفني في هذا المنزل وحيدة ، أمسكت سلفيا بيدها و همست بأذنها : أتمنى أن أتعفن في منزل راقي على أن أتعفن في حي فقير ، ردت ماري بصوت : عالي يا لكِ من وقحه !. أمرت الخادمة بأخذ حقيبتها واتجهت إلى الباب ،  غادرت المنزل ، لم يبقى في المنزل إلا سلفيا وحدها ، أخذت تنظر إلى المنزل و راحت تدور وتدور و تطلق الضحكات ، سلفيا و أخيراً تحقق حلمك ، ها أنا أعيش حلمي .

سرعان ما أغمست سلفيا في حياة البذخ ، كانت تنفق أموالها في شراء فساتين باهظة الثمن و لبس الكعب العالي ، كانت تذهب إلى أفخم المطاعم ، كانت أين ما تذهب يشر الناس عليها على أنها أبنة السيد بين من التبني ، و البعض يقول أنها أبنته الغير الشرعية.

بينما كانت سلفيا تحتسي القهوة في مطعم اعتادت على الذهاب اليه ، اقتربت منها احدى الفتيات و عرّفت عن نفسها أنها لارا ، كانت حبيبة بيتر السابقه أبن السيد بين الأصغر ، كانت فتاه متوسطة الجمال تبلغ من العمر 22 سنة ، سرعان ما توطدت علاقتها بسلفيا ، كانت تأخذها إلى النوادي الليلية و إلى الحفلات ، عرّفتها على بعض الأصدقاء ، و بدورها كانت سلفيا تقوم بدعوتهم إلى منزلها فتقام الحفلات الراقصة حتى الصباح ، أين ما كانت لارا تكون سلفيا موجوده ،

و في يوم ما طلبت لارا من سلفيا أن تذهب معها إلى نادي هواة ركوب الخيل ، فقد كانت تعشق ركوب الخيل و مسابقات الأحصنة ، وافقت سلفيا ، و في صباح اليوم التالي كانت لارا تركب الحصان ، أما سلفيا فأكتفت بالنظر اليها ، كان المكان مكتظ فقد بدأت بالشعور بالملل ، و بينما كانت تجلس على الكرسي اقترب منها شاب كان طويل القامة جميل الملامح جلس إلى جانبها و همس بأذنها : واضح عليك الملل.

 سلفيا : و ما دخلك أنت ؟.

الشاب : لا أحب رؤية فتاة جميلة بمفردها.

اتجهت اليهم لارا : مرحباً ، لم أراك منذ مدة ، راحت لارا بدورها بتعريفهما على بعض.

– سلفيا ، أعرفك على صديقي بيرسي ، بيرسي هذه سلفيا ، أنها أقرب صديقاتي.

نظرت اليه سلفيا و لكن سرعان ما فاجأها بسحب يدها و تقبيلها ، تشرفت بمعرفتك سلفيا.

سحبت يدها بسرعه و بدأت دقات قلبها تتسارع ، كان لديه عينان جميلة و ساحرة بلون الأزرق ، وخصلات شعر بلون البني ، بملامح وجهه حادة .

في صباح اليوم التالي كانت تجلس على سريرها تسرّح شعرها البني ، راحت تفكر في  بيرسي ، فهي لم يخفق قلبها للحب منذ كانت في سن المراهقة ، حيث كانت حياتها عبارة عن مأساة ، كانت مجردة من المشاعر ، على الرغم من تقرب بعض الشبان منها فهي لم تسمح لأي أحد بالاقتراب منها ، فقد كان لديها هدف بحياتها تريد الوصول اليه ، الأن و قد تحقق حلمها راحت تحدث نفسها : لم لا أتقرب منه ؟ فهو شاب غني و وسيم  ن فقد كانت تشعر بالوحدة في حياتها.

في المساء و كما اعتادت سلفيا قامت بدعوة صديقتها لارا و بعض الأصدقاء إلى حفل عيد ميلادها في منزلها ، كعادتها كانت سلفيا متأنقة تلبس فستان بلون الزهري ، كانت ملامحها فاتنة ، اقتربت منها لارا : سلفيا ، كل عام و أنتي بخير ، لم تهتم سلفيا لها و راحت تنظر إلى الباب لعلها ترى بيرسي ، راحت  تبحث بنظرها عنه لكنها لم تجده ،

فشعرت بضيق عكس لارا التي بدت مستمتعة بالرقص مع صديقها ، الكل كان يستمتع عدا سلفيا ، اتجهت إلى الشرفة و راحت تنظر إلى النجوم ، و لكن أحست بيد تمسك بخصرها و بهمس قريب من أذنها : كل عام و أنتي بخير ، نظرت اليه ، لقد كان بيرسي ، فرحت سلفيا لرؤيته وسرعان ما زال شعورها بالضيق ، أمسك يدها و راحت ترقص معه ، راحت تحدق بوجهه و في عينيه الجميلة ، كانت سعيدة ، يا الهي هذا ماكنت أحلم به !.

في صباح اليوم التالي كانت لارا تحتسي قهوتها مع سلفيا و راحا تتحدثان عن الحفلة ، راحت سلفيا تسألها عن بيرسي ؟ قالت لها لارا :  أنه أبن أحد تجار المجوهرات و قد كان في إجازة في جزر الهاواي ، هذا ما كانت سلفيا تبحث عنه ، رجل من عائلة غنية .

 في أحد الأيام و بينما كانت سلفيا عائدة إلى منزلها هجم عليها رجلان ، كان أحدهم يحمل سكين ، أراد أخذ حقيبتها لكنها قاومت و لم تتركه ، ما أغضب الرجل منها فقام بطعنها في كتفها ، وقعت سلفيا أرضاً ، كانت تصرخ و تتألم ، و من بعيد راها بيرسي و أمسك بيد الرجل و لكمه في وجهه فوقع أرضاً ، أما الأخر فقد فر هارباً ، أمسك سلفيا من بيدها و أدخلها المنزل ، كانت تتألم بشدة  ، ادخلها غرفتها ، تمددت على السرير و تناول الهاتف و طلب رقم الدكتور ، في ثواني أتى الدكتور وعالج جرحها ، كانت تغط في سبات عميق فقد أعاطها الدكتور إبرة مهدئة ، في الليل كانت الساعة 2 ، بيرسي لم يذهب إلى منزله ، لم يرد أن يتركها وحدها ، تمدد على الأريكة بالقرب منها .

في صباح اليوم التالي صحت سلفيا من نومها ، فتحت عينيها و راحت تتسأل : ماذا أتى بها إلى هنا ؟ و لكنها تذكرت ما حصل لها في الأمس ، نظرت إلى الأريكة فرأت بيرسي ، كان قد نام على الأريكة ، نظرت اليه و ابتسمت ، اتجهت اليه و نادته : بيرسي ، نظر اليها  : صباح الخير.

سلفيا : صباح النور ، لقد نمت على الأريكة

بيرسي : أجل ، لم أشأ أن أترككِ و أنتي في هذا الحال.

 سلفيا : هيا تعال فلنأكل الفطور معاً.

اتجها إلى الصالة ، كانت الخادمة قد أعدت الإفطار ، قامت سلفيا بتناول الطعام ، و لكن بيرسي كان يحدق فيها ، فسألها : سلفيا من أين لك هذا المنزل ؟ سلفيا و قد بان عليها التوتر : لقد ورثته من عمي السيد بين .

بيرسي : و لكن أسمع أن السيد بين لديه ولدان ؟.

سلفيا محاولة تغيير الموضوع : أريدك أن تعلمني ركوب الخيل ، لقد سمعت أنك مدرب شاطر.

بيرسي و قد فهم مقصدها : حسناً ، اذا تحسنت يدك سوف أقوم بتدريبك ، بعد الإفطار اعتذرت لتذهب لتغيير ملابسها ، كان بيرسي يمشي في الصالة ، رأى غيتارة كانت موضوعة على الطاولة ، أخذها و راح يعزف و يغني.

 

كانت في غرفتها ترتدي ملابسها حين سمعت صوت بيرسي فتحت باب غرفتها ، راحت تنظر اليه و هو يغني ، كان صوته رائع ، ولكن عندما انتبه اليها أوقف الغناء وأرجع الغيتارة إلى مكانها

سلفيا : لماذا أوقفت الغناء ؟ صوتك رائع.

بيرسي : لا أحب أن ينظر إلي أحد و أنا أغني.

سلفيا : هل تعزف الغيتارة ؟.

بيرسي : أجل ، عندما كنت صغير أهداني والدي غيتارة ، لطالما أحببت عزف الغيتار ،  لكن الأن لم أعد أحبها ، أحمرت عيناه و راح ينظر اليها و قد بدأت عيناه تدمع.

سلفيا : لماذا ؟.

 راح يمرر يده على عنقها ، ضغط على عنقها حت كادت تختنق :  أبعد يدك ، ما بك ، هل جُننت ؟.

بيرسي : اعتذر ، لقد كانت مزحة سخيفة.

في المساء و في غرفة سلفيا تحديداً ، كانت سلفيا تفكر في بيرسي ، لقد زاد إعجابها به ، راحت تسأل نفسها : هل أحببته ؟ استلقت على سريرها و راحت تفكر : اذا تزوجت به ستزيد ثروتي ، سوف أكون زوجة السيد بيرسي طامسون .

و في إحدى الليالي كانت تُقام حفل راقص في منزلها ، كانت أصوات الموسيقى تعلو ، فتيات ترقص ، و البعض ينظر اليهن و يصفق ، كانت سلفيا تستمتع بيومها ، راحت ترقص و ترقص و تغني ، كان بيرسي يراقبها من بعيد ، تقدم منها و أخذ يدها ، في حين توقفت الموسيقى جثى على ركبتيه و طلب يدها لزواج ، لم تتمالك سيلفيا نفسها من الفرح و وافقت على الفور ، أقاموا حفل زفاف بسيط وسط أصدقائهم ، لم يحضر أحد من أهل بيرسي ، لأن والده كان يعمل في أمريكا ، و كذلك والدته لم تستطع المجيئ ، بعد انتهاء الحفل أتجه العروسان إلى منزلهما.

 

سلفيا : إلى أين ستأخذني في شهر العسل ؟.

بيرسي و قد تغيرت ملامح وجهه :  إلى الجحيم.

سلفيا : ماذا ، أهذه مزحة ؟.

أخذ يضحك ثم أتجه إلى احدى الغرف و أغلق الباب خلفه ، لم تفهم سلفيا ماذا دهاه ؟ اتجهت بدورها إلى غرفتها ، شعرت بنعاس و غطت في سبات عميق ، صحت بعدها لكنها لم تستطع النهوض ، لقد أحست بدوار و تعب شديد ، راحت تنادي بيرسي ، وقعت من على السرير ، حاولت أن تفتح الباب و لكن أُغمى عليها ، عندما استفاقت كان بيرسي بجوارها ، كانت مستلقيه على الكرسي في الصالة و كان يقف أمامها .

سلفيا : بيرسي ، أين كنت ؟ لقد أحسست بدوار وتعب شديد ، ماذا أتى بي إلى هنا ؟.

 بيرسي : خذي هاذي الحبه سوف تشعرك بتحسن .

أخذت الحبة وشربتها و لكنها أحست بدقات قلبها تتسارع ، نظرت إلى بيرسي الذي كان يقف أمامها  ، كان ينظر اليها بنظرات حقد ، مدت يدها محاولة منها أن تمسك يده ، كانت ترتجف و بدأت بالتعرق ، وقف أمامها :  سلفيا ،  يا لك من فتاة حمقاء  أتيتي من الجحيم لتفسدي حياتي ، لم تفهم سلفيا ماذا يقصد ، راحت تتمتم : ماذا ، من أنت ؟

نظر اليها وضحك : أنا بيتر أبن السيد بين الذي قتلتيه و أخذتي منزله ، هنا اتسعت عيناها من الدهشة و راحت تتنفس بسرعة ، كان صدرها يعلو و يهبط ، ثم أضاف  : سوف آخذك إلى القبو لكي تتعفني هناك ، أما بالنسبة إلي سوف أكون زوجك و وريثك ، أمسكها من يدها و أنزلها من على السلالم ، لم تستطع الحركة ، نظرت اليه ثم  سألته : ماذا أعطيتني من دواء ؟.

 رد عليها قائلا : هذا سم يا عزيزتي ، لم يكن دواء.

كانت تنظر إلى كل ركن في البيت و تدمع عيناها ، فهي تعلم أنها آخر مرة سوف تراه ، انزلها إلى القبو ، كان مظلم و بارد ، رماها فيه ، كان قد أعد لها تابوت وضعها فيه ، و قبل أن يغلق الباب قال لها : سوف تتعفنين هنا قبل أن يتم الكشف عن جثتك ، أغلق باب التابوت و رحل ، حاولت فتح الباب لكنها لم تستطع ، راحت تلفظ أنفاسها الأخيرة قائلة : أهدأي سلفيا ، على الأقل لم تموتي  في حيك الفقير ، ها أنت في تابوت و في منزلك الراقي !.

النهاية ……

تاريخ النشر : 2021-01-26

guest
6 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى