تجارب من واقع الحياة

صديقي.. أتمنى ألا نفترق أبدا

كان عقلي يغمره الظلام والأسرار الملتوية، كنت أخاف من إسقاط شعاع الضوء عليه وفضح ما يختبئ في دواخلي. لقد كانت لدي صداقة مع أندرو، سائحٍ أمريكي الأصل، وهو ينحدر من عائلة مزارعين في تكساس. لقد التقيت به في رحلتي في مدينة وليلي، وصار صديقًا عزيزًا لي.


لم يكن لدينا حديثٌ عن الدين، فهو مسيحي وأنا مسلم وكلٌّ منّا يحترم خصوصيات الآخر. إلى أن حدث الأمر الرهيب، حينما كنا نجتاز الشارع وإذ بسيارةٍ مسرعةٍ تهوي نحونا، فقدت تفكيري لبضع لحظاتٍ، في حين ارتمى صديقي أندرو أمامي، واصطدمت السيارة به بعنف.

عندها تداركت الموقف وأسرعت لإنقاذه، وفي طريقنا إلى المستشفى، قال لي جملةً أحفظها حتى الآن: “صديقي .. أتمنى أن لا نفترق أبدًا، وأتمنى من الله أن يجمعنا”.

لم أكن أعلم بأنها ستكون آخر كلماته. بعدما وصلنا للمستشفى، تم نقل أندرو إلى غرفة العناية المركزة في حالة حرجة. وأنا لم أستطع الابتعاد عن جانبه حتى وصل الصباح. كانت هناك دموع تسيل من عيني بلا توقف، فقد كان هذا الشخص الذي كنت أعتبره صديقاً عزيزاً عليّ مستلقياً بلا حراك. كان صديقي العزيز في حالة صعبة.

إقرأ أيضا: صديقي الوفي ربما كان

في تلك اللحظة، أدركت بأن الحياة قصيرة جداً وأننا لا نعلم ما الذي سيحدث في أي لحظة. بدأت أسأل نفسي لماذا يحدث هذا لشخص بهذا النقاء والطيبة؟ لماذا يحدث هذا لصديقي؟ ولكن لم يكن هناك أي جواب.

بعد بضع ساعات من إدخال صديقي أندرو إلى المستشفى، وصلت الخبر المفجع بأنه قد توفي.لم يكن هناك أي وقت للتفكير في الحزن، فلقد كنت مصدوم ومحطم تمام أحسست قلبي يحترق وكأن شيئًا ثقيلًا يحطمني من الداخل.

لقد كانت هذه الصداقة بمثابة شعلةٍ في حياتي، لكن الآن أصبحت ذكرىً حزينةً تسكن في دواخلي وتؤرقني بسبب فقدان صديقي العزيز.

عدت إلى منزلي وكانت الدموع لا تزال تنهمر بلا توقف. لقد فقدت صديقاً عزيزاً عليّ ولن أستطيع نسيانه أبداً. لقد تركت هذه التجربة الأليمة آثارًا في نفسي، فأحيانًا يبدو أن الحزن يستمر إلى الأبد ..

بعد هذا الحدث المأساوي، أدركت بأنه من الأهميةأن نقدر ونحترم بعضنا البعض ونمضي الوقت مع أولئك الذين نحبهم ونتقاسم معهم اللحظات السعيدة.

الحياة قد تنتهي في أي لحظة، وهذا هو السبب في أني أحاول أن أعيش حياتي بشكل كامل وأبذل قصارى جهدي لمساعدة الآخرين وتقديم الأمل لمن يحتاجونه. لأنه من المؤكد أن الحياة هي قصة مؤلمة، لكنها قصة تستحق العيش.

التجربة بقلم: محمد أديب حجامي – المغرب

guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى