طوائف و معتقدات

طائفة فتيان تل النمل : عندما ينسى الانسان عقله

زعيم الطائفة روك تيريولت حول جميع نساء طائفته الى جواري لديه ومارس أنواع الجنون على اتباعه

في كل مرة يميط فيها العالم اللثام عن إحدى الطوائف الغريبة ، تتبادر إلى ذهني تساؤلات عديدة  :

كيف ينساق الناس إلى أمور مماثلة ؟

بل ما هو نوع الناس الذين يسهل الزج بهم إلى هكذا طوائف ؟!

قصتنا حدثت في أواخر السبعينات و الثمانينيات من القرن العشرين ، عندما تزعم شخص يدعى ” روك تيريولت ” إحدى الجماعات المتطرفة التي تؤمن بنهاية  العالم الوشيكة وتستعد ليوم القيامة القادم!

روك تيريولت النبي المجنون

blank
روك تيريولت .. استطاع تأسيس طائفة خاصة به وجمع العديد من الاتباع

ولد روك في مايو من العام  1947  في كيبيك لعائلة  مكونة من سبع أشقاء بالإضافة إليه ، عاش روك حياة مضطربة حيث ادعى أنه تعرض للإيذاء من قبل والده على الرغم من أنه لم يوجد دليل على سوء المعاملة المزعوم وقتها!

كانت عائلته كاثوليكية متدينة وقد كره روك هذا المذهب ، لذا وخلال طفولته ترك دراسته وعكف على دراسة العهد القديم ، وتحول الى الكنيسة السبتية البروتستانتية – التي طردته لاحقا لفجاجة أفكاره – حيث أصبح يؤمن بصراع وشيك بين الخير والشر سيؤدي إلى نهاية العالم في العام 1979!

وفي سنوات المراهقة ، أصبح روك سكيرًا عنيفًا مع عائلته واصدقاءه ، ولم يتوقف هنا بل تفاقم جنونه ليعلن أخيرًا عن تنصيب نفسه نبيًا ويشرع في تأسيس جماعته عام 1977 و التي ستعرف لاحقًا باسم جماعة ” فتيان تل النمل “.

ما يحدث داخل تل النمل؟

blank

 سكنت الجماعة أرض نائية في أعماق برية سومرفيل في كيبيك ، و كان روك قد أقنع حفنة من الاشخاص بالانضمام إليه في حركته الدينية ، والذين قاموا بترك عائلاتهم وبيع ممتلكاتهم وقطع اتصالهم بالعالم الخارجي ، وأصبحوا يعتاشون على بيع السلع المخبوزة والمصنوعات اليدوية و يرتدون حلة موحدة ترمز إلى المساواة!.

اما سبب اطلاق تسمية تل النمل على الطائفة فيعود إلى ان روك حين نقل جماعته امرهم ببناء مساكن جديدة بينما جلس هو مرتاحا من دون ان يفعل أي شيء ، اكتفى بالتفرج على الرجال والنساء والأطفال وهم يكدحون في البناء بلا توقف ، مشبها ما يقومون به بما يفعله النمل لبناء مسكنه أو تله ، ومن هنا جاءت التسمية.

كانت بداية الطائفة طبيعية كما يبدو للعيان ، فقط أناس مع نهج جديد ، مجموعة اخرى من المجموعات الدينية التي يكتظ بها العالم والتي بدت أمرًا عاديًا يجيده الجميع لدرجة تجعلك تتوهم أنك الوحيد الذي لا يملك طائفة ما!

لكنك حين تتلصص على حياة هؤلاء التعساء ، ستجد أن روك قد أحكم السيطرة عليهم وأخضعهم بالكامل عابثًا بعقولهم ، وفي أثناء انخراط الجماعة في ترقب يوم القيامة الوشيك الذي اعتقدوا أنه سيحدث في فبراير من العام 1979 ،  كان النبي المجنون مشغولًا حينها بإقناع  الطائفة بأن نسائها ملك له وهو الوحيد الذي له حق الإنجاب منهن زاعمًا أنهن بالأصل  زوجاته ، وسيحظين بشرف أن يحملن أبناء النبي ، وقد وافق الجميع بالنهاية ليصبح لديه ثمانية محظيات و23   طفلًا!

blank
جميع نساء الطائفة هن محظياته

حين حل فبراير عام 1979 أخيرا ولم تحدث القيامة الموعودة لم يتراجع روك عن مزاعمه لكنه قال لأعضاء طائفته ان السنوات الالهية تختلف عن سنوات اهل الأرض وان الموعد الذي ضربه ليوم القيامة كان محددا بالتواريخ الربانية ولهذا لم يحن اوانه بعد .. وطبعا صدقه هؤلاء المساكين مسلوبي العقل والإرادة.

وبمرور الوقت كان أتباع الرجل يعانون من انتهاكاته المتكررة عليهم من اعتداءات جسدية وجنسية وتشويه و وشم عن طريق حرق أجسادهم كالمواشي ، وبتر أصابعهم في حفلة عذاب لا تنتهي ، بل ازداد الأمر سوءًا عندما رأى روك أن دور النبي قد استهلك كثيرًا وأنه بحاجة لتجديد دماءه ، ليخرج لهم لاحقًا وهو يدعي الألوهية بالمرة !

لم تكن ترقيته من نبي إلى إله تصب بمصلحة الجماعة ، فقد ازداد عنف وجنون الرجل وأصبح لا يكتفي بالتعذيب وحسب بل تطور الامر إلى البتر والقتل وكل ذلك باسم التطهير الديني!

لم يكتفي الرجل بذلك بل منعهم من الكلام مع بعضهم البعض بغيابه ، حتى الزواج وما الى ذلك من امور كانت لا تتم إلا بموافقته ، وكان مطلوب منهم ان يعملوا ويجلبوا له نقودا من خلال بيع ما يصنعونه من خبز ومعجنات ، والذي لا يجلب المال او يكون مردوده قليلا يتعرض لأقسى العقوبات من ضرب وجلد وصلب ..

في تلك الأثناء كانت مشكلته مع الكحول في تفاقم مستمر ، مما عزز حس الجنون لديه دافعًا إياه الى ارتكاب عمليات تشويه مروعة ، منها أنه قام ببتر ذراع إحدى محظياته وإزالة ثمانية من اسنانها ، كما قام ببتر أصابع اخرى تدعى ” غابرييل لافالين” وقطع ذراعيها بل لم ينتهي الأمر عند هذا الحد فقد بدى أنه قد تفرغ لها يومها ، ليقوم لاحقًا بإزالة احد ثدييها وضربها واختتم اليوم أخيرًا بكسر جمجمتها بفأس ، كما قام بإخصاء رجل وطفل صغير لم يتعدى سنه العامين!

blank
اعضاء الجماعة ليسوا سوى خدم وعبيد لديه

السؤال الذي سيخطر ببالك الأن هو ، ما الذي يجبر هؤلاء على البقاء بمكان تبتر فيه أصابعهم و أذرعهم وما إلى ذلك من انتهاكات ؟!

ببساطة كانت عقوبة روك للعصيان قاسية للغاية ، تتضمن نتف الشعر ، تعليقهم إلى السقف والتغوط عليهم ، والضرب بالأحزمة أو المطارق لمن يحاول الهرب!

كان يبث الذعر بقلوبهم ، يعيد برمجتهم نفسيًا وجسديًا جاعلًا منهم دمى مذعورة سهلة الانقياد ، فلا يفكر احد بعصيانه حتى بخياله خوفًا من بطشه المجنون.

امتدت انتهاكات الرجل لتصل إلى أطفال الجماعة الذين عانوا من الاعتداءات الجنسية المتكررة والضرب والحرق والرجم بالحجارة ، كما قام أيضًا بصلبهم بمسامير على الأشجار وجعل اقرانهم يرجمونهم بالحجارة.

إحدى نساء الطائفة وتدعى ” سولانج بويلارد ” كانت تشكوا من آلم مبرحة بمعدتها ، فما كان من روك الا أن باشر بعلاجها مستخدمًا في ذلك ما تجود به قريحته من أساليب وحشية. في البداية طلب منها خلع ثيابها ، وعندما فعلت إنهال عليها باللكم ، وعندما لم  ينجح علاج اللكمات ذاك بشفائها استخدم روك حقنة شرجية عبارة عن انبوب يمرر من خلاله زيت الزيتون ، ومع ذلك لم تتحسن المرأة ، فاخذ الرجل مسالة شفاءها كتحد بالنسبة له ، فقام  بطرحها أرضًا وفتح معدتها طالبًا من احد أعضاء الطائفة انتزاع بعضا من أمعاءها ومن ثم أخاط الجرح ، وبالطبع لم تتحمل سولانج كم التجارب الوحشية  التي اقيمت عليها ، وتوفيت من فورها بعد معاناة رهيبة.

وكأي مدع ألوهية يحترم نفسه ، فقد زعم روك أنه يستطيع إحياءها ، وعندما فشل بذلك قام بنزع أحد أضلاعها وارتدى العظمة كتذكار!

انهيار جماعة تل النمل

blank

بعد الوفاة المروعة لسولانج تمكن أحد أعضاء الجماعة من الفرار وإبلاغ السلطات الكندية التي كانت تنام في العسل حينها ، لتندلع مطاردة بين الاثنين أسفرت عن اعتقاله في النهاية وقد وجهت إليه تهم عديدة كالاعتداء والقتل الخطأ.

في العام 1993  تم الحكم على روك تيريولت بأنه مذنب بجريمة قتل سولانج بويلارد ، وحوكم بالسجن مدى الحياة ، الغريب في الأمر أنه كان مازال يملك سيطرة على عقول بعض أعضاء طائفته رغم كل ما حدث ، والذين لم يتوقفوا عن زيارته بالسجن وتقديم خدماتهم إليه ، ليحظى بأربع اطفال اخرين وهو خلف القضبان!

وكان قد تصدر عناوين الأخبار في العام 2009  عندما حاول بيع أعماله الفنية في مزادات للجريمة ، وبعدها بعامين وتحديدًا في 26 فبراير لقي روك مصرعه بسجن دورتشستر طعنًا عن عمر يناهز 63 عامًا ، وكان الذي قدم هذه الخدمة للبشرية زميل له بالزنزانة يدعى ماثيو جيرارد ماكدونالد وهو قاتل مدان بجريمة قتل ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة بدوره ، سلم ماكدونلد سلاحه لاحقًا لحرس السجن قائلًا : ” لقد قتلت ذلك ال*** ، اشلاؤه متناثرة بالأرجاء ، وهذه هي السكين ، لقد مزقته!” 

وهكذا اسدل الستار بشكل شنيع على حياة مضطربة مخبولة عاشها روك تيريوك ، وانحلت طائفة فتيان تل النمل أو ما تبقى منها بموت زعيمها ، ويبقى السؤال بالنهاية :

متى يتوقف جنون الطوائف هذا ، ومتى يدرك الناس أنه لا توجد ديانة سوية تقوم على تعذيب وانتهاك الأخرين؟!

ختامًا : أتمنى أن يروقك المقال عزيزي القارئ ، و لا تنسى مشاركتنا برأيك في التعليقات ، من يدري لربما انسجمت آراءنا سويًا وقررنا تكوين طائفة بدورنا!

المصدر
Roch Thériault
guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى