ألغاز تاريخية

كتاب تحوت: أسطورة كتاب الحكمة المطلقة

في جميع الأساطير ومختلف الأديان الحكمة شيء لا يستغنى عنه، وفي كثير من الأحيان يضحى بالغالي والنفيس مقابل الحصول ولو على جزء صغير منها. فمن منا لا يعرف أودين كبير آلهة أسغارد الذي كان شغله الشاغل الوصول للحكمة، لدرجة أنه قام بالتضحية بعينه للحصول عليها.
نحن في الأسطر القادمة لن نهتم بأودين ورحلته للحكمة بل اهتمامنا يتركز حول كتاب. لا تستغربوا فهو ليس كأي كتاب عادي، إنما هو كتاب غامض ينسب للإله تحوت إله الحكمة عند المصريين القدامى، والذي بحسب الأساطير أن في هذا الكتاب أسرار الكون والحكمة.
هناك أسطورة تنص على أن أي شخص يقرأ محتويات الكتاب سيكون قادرًا على فك كل الأسرار وأن يصبح سيدًا للأجسام الأرضية والبحرية والجوية والأجرام السماوية. لذا ننطلق في رحلتنا في بحر الغموض ولنتعرف على أسطورة كتاب تحوت.

قبل أن نخوض في هذا الكتاب يجب أن نتعرف أولاً على مؤلف إله الحكمة تحوت، فحسب الميثولوجيا المصرية القديمة تحوت هو الإله المصري للكتابة والسحر والحكمة والقمر (تحوت بشكل عام كان إله الحكمة، ولكن أحيانا كان يلعب أدوار إضافية باختلاف المدن) كان واحدًا من أهم الآلهة في مصر القديمة. هذا تعريف مختصر يوضح الشخصية التي ينسب اليها هذا الكتاب. والآن لنتطرق لهذا للموضوع المهم.

blank
تحوت.. حسب الميثولوجيا المصرية

كتاب تحوت

حسب الأسطورة فإن تحوت قام بكتابة جميع أسرار الكون والسحر والمعرفة المصرية في كتاب، ومن يقرؤه يستطيع أن يمتلك هذه المعرفة. هنا قد يخطر في بال بعضكم كيف حصل تحوت على هذه المعرفة؟

هناك روايتان وجدتهما تتحدثان عن كيفية كتابة تحوت لهذا الكتاب ..

دموع رع: تُشيرُ هذه الرواية إلى أنّ “تحوت” إلهَ الحكمةِ والمعرفةِ قد لاحظَ حزنَ “رع” إلهِ الشمسِ عند غروبِها، فاقتربَ منهُ وسألهُ عن سببِ حزنهِ. أخبرهُ “رع” أنّّهُ يُحزنُ على فقدانِ قدرتهِ على الإضاءةِ خلال الليل، فاقترحَ “تحوت” عليهِ حلًّا. طلبَ من “رع” أنْ يُعطيهِ عينيهِ، فوافقَ “رع”. استخدمَ “تحوت” عيني “رع” لقراءةِ أسرار الكون من على ألواحِ النجوم، واكتشفَ أسرارَ السحرِ والكتابةِ. ثمّ أعادَ عيني “رع” إليهِ، بعد أنْ نسخَ كلّ ما تعلّمهُ في كتابٍ عظيمٍ يُعرفُ باسمِ “كتاب تحوت”.

تُشيرُ روايةٌ أخرى إلى أنّ “تحوت” خدَعَ “رع” للحصولِ على أسرارِ كتابهِ. فقد ادّعى “تحوت” أنّهُ يُمكنهُ علاجُ “رع” من مرضٍ خطير، لكنّهُ اشترطَ الحصولَ على “كتاب تحوت” كمقابلٍ للعلاج. وافقَ “رع” على مضضٍ، ونَسَخَ “تحوت” محتوى الكتابِ قبل أنْ يُعيدهُ إلى “رع”.

وعلى اختلاف الروايتين حول كيفية حصول تحوت على المعرفة، إلا أنها تشترك في كون المعرفة أتت من رع، ولا أستطيع أن أجزم صحة هذه الروايات لسببين:

أولا هي المدة الزمنية، فنحن نتكلم عن روايات يصل عمرها إلى 5000 سنة، وثانيا لكونها في الأول والأخير مجرد أساطير.

بعد تعرفنا لقصة هذا الكتاب سيسأل البعض أين هو هذا الكتاب؟ وأظن أن غالبيتكم يعرف أن كتابا مثل هذا لا وجود له في وقتنا الحاضر. لكن بافتراض أنه كان موجودا في حقبة زمنية ما، كيف وأين اختفى؟

حسنا حسب بعض الأقاويل فاختفاء هذا الكتاب يرجع لغضب الآلهة على البشر. أو إخفاؤه بسبب المعرفة التي يتضمنها، والتي لا يجب على أي إنسان أن يمتلكها، أو لكون هذا الكتاب غير موجود من الأساس.

إذا بحثتم في محركات البحث عن كتاب تحوت ستجدون العديد من الكتب التي تسمى كتب تحوت يمكنكم قراءتها. لذا وجب أن أوضح أن ما ستجدونه هي برديات تحوت، وليس كتاب تحوت. وبرديات تحوت هي مجموعة نصوص تنسب لإله تحوت وتتكلم عن مواضيع مختلفة كالعدالة والموت والحب.

سأعطيكم بعض المقتطفات من هاته النصوص:

“الحياة رحلة، والهدف هو الوصول إلى النور.”
“الحقيقة هي نور يضيء الظلام.”
“الحكمة هي ثمرة المعرفة والتجربة.”
الموت هو مجرد باب إلى عالم آخر.”
“لا تخف من الموت، فهو نهاية الحياة الجسدية وبداية الحياة الروحية.”

وختاما لهذا الموضوع سأقوم بإبداء رأيي الشخصي، أنا أظن أن برديات تحوت هي نفسها كتاب تحوت من الأساطير. لكن تم إضافة نوع من المبالغة بسبب مرور الزمن، وذلك بسبب تشابه محتويات البرديات والكتاب، حيث كلاهما ينسبان لتحوت وكلاهما يتضمنان مواضيع مختلفة. إضافة لاعتقادي الشخصي أن الأساطير ليست مجرد ترهات لا معنى، لها ففي بعض الأحيان تكون صحيحة نوعا ما. ولكن إضافة البهارات عليها لتصبح قصص لا يمكن أن تصدق.

المصدر
Worldhistoryneareast
guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى