الحجر الذى غير التاريخ
الحجر الآن موجود بالمتحف البريطانى |
يبلغ طول هذا الحجر مترا و 10 سم وعرضه 75 سم وسمكه 11 سم ، وكان هو المفتاح الى حل لغز الحضارة المصرية القديمة عن طريق فك رموز لغتها ، حيث اندثرت اللغة الهيروغليفية فى القرن الرابع الميلادى عندما امر الملك ثيودوسيوس باغلاق المعابد الفرعونية واستبدالها بمعابد مسيحية سنة 391م . ولكن القدر لعب دوره بعد مرور ما يقرب الـ 14 قرن على يد ضابط مهندس يدعى بيير فرانسوا خافير بوشارد والذى كان من ضمن الحملة الفرنسية على مصر ، ففى يوم 19 يوليو 1799 واثناء قيامه باعمال ترميم وتوسعة فى قلعة قايتباى فى مدينة رشيد شمال مصر لاحظ حجر اسود من البازلت عليه لغات غريبة وكان موجود وسط احجار القلعة.
كان الحجر موجودا ضمن احجار قلعة قايتباي بالاسكتدرية |
كان من السائد وقتها بناء القلاع والمساجد من احجار المعابد الفرعونية القديمة ، وادرك بوشارد على الفور انه امام حجر اثرى هام وقام بابلاغ قيادته بامر الحجر الاثرى وتم نشر الخبر فى الصحف الخاصة بالحملة الفرنسية واطلق عليه الفرنسين اسم حجر رشيد.
امر نابليون بعمل عدة نسخ من الحجر حتى يتسنى للعلماء اكتشاف اللغات الموجود عليه.
تقهقر الفرنسيين بعد هزيمتهم فى معركة ابوقير البحرية الى مدينة الاسكندرية حاملين معهم كل الاثار التى استولوا عليها من مصر ومن ضمنها حجر رشيد ، وبعد كر وفر بين القوات الفرنسية والقوات البريطانية استسلمت القوات الفرنسية وتم توقيع معاهدة استسلام تم بموجبها تسليم كل الاثار التى بحوزتهم الى الجانب البريطانى ومن ضمنها حجر رشيد.
اين تكمن اهمية الحجر؟
لقرون طويلة ظلت الحضارة المصرية القديمة لغزا قابعا تحت الرمال |
قبل اكتشاف الحجر كانت اللغة الهيروغليفية لغة غامضة منسية لم يستطع العلماء فك رموزها وفهم اسرارها ، ومن هنا جائت اهمية الحجر ، لأنه عبارة عن رسالة من كهنة معبد منف الى الملك بطليموس الخامس كتبت سنة 196 ق م وفيه يقدمون الشكر والعرفان للملك لاعفائه المعابد من دفع الضرائب والرسوم. وقد قام الكهنة بكتابة الرسالة بثلاث نسخ على نفس الحجر ، الاولى باللغة الهيروغليفية والتى كانت لغة المعبد والكهنة ، والثانية باللغة الديموطيقية وهى لغة عامة للشعب اما النسخة الثالثة فكانت باللغة اليونانية القديمة وهى لغة البطالسة الذين كانوا يحكمون مصر انذاك.
كان العلماء باستطاعتهم قراءة اللغة اليونانية القديمة ، وكان ذلك هو المفتاح لفك شفرة الهيروغليفية عن طريق مقارنة النصين. لكنها لم تكن عملية سهلة ، وكان اول من حاول فك رموز الحجر عالم الفيزياء البريطانى توماس بوتنج رغم انه عالم فيزياء لكنه كان محب للغة الهيروغليفية حيث اكتشف فى عام 1815 م ان الاشكال البيضاوية الملونة او ما يطلق عليه اسم الخرطوش ماهى الا اسماء ملوك وملكات وتمكن من الحصول على اسم بطليموس وبعدها توقف.
وحاول المستشرق الفرنسى سلفستر دى ساسى فك الرموز بعده لكنه لم يفلح ، وبدأ بعدها العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون والذى اصبح له شأن كبير فى فك رموز اللغة المصرية القديمة (1790-1832).
شامبليون فك اسرار الحجر الذي طالبت الحكومات المصرية المتعاقبة باعادته الى مصر |
كان شامبليون شغوفا بالاثار المصرية القديمة وكان دارسا للغة اليونانية القديمة وقد تمكن من الحصول على نسخة مقلدة من الحجر وكذلك استعان بكاهن قبطى يدعى يوحنا الشفتشى لمساعدته فى فك رموز اللغة الهيروغليفية وربطها بقواعد اللغة القبطية حيث تعد اللغة القبطية هى امتداد للغة الهيروغليفية .
وبدأ شامبليون بافترضاته ، هل الخطوط الثلاثة على الحجر تمثل ثلاثة نصوص ام انها نص واحد بثلاث لغات ؟ وهل اللغة الهيروغليفية تعتمد على ابجدية ثابتة من مجموعة حروف مثل اللغات الحية ام انها تعتمد على علامات وقيم صوتية ؟
وتوصل فى النهاية بانه نص واحد وبداء فى مقارنة النص الهيروغليفية بالنص اليونانى ومقارنة الكلمة اليونانية بالرمز المقابل لها. وفى يوم 27 ستمبر 1822 م نجح شامبيلون فى فك طلاسم اللغة الهيروغليفية واحيائها من جديد بعد 14 قرن من موتها وبدأ علم جديد مختص بالحضارة المصرية القديمة يسمى علم المصريات. والحجر الآن موجود بالمتحف البريطانى.
والسؤال ماذا لو لم تقد الاقدار بوشارد الى الحجر؟ ماذا كان سيكون مصير الحضارة المصرية القديمة ؟
كلمات مفتاحية :
– Rosetta Stone
– Jean-François Champollion
تاريخ النشر : 2021-05-28