الأقنعة
انه حزام تعلقت به الكثير من الأقنعة |
في غرفة صغيرة مليئة بالأوراق المبعثرة و الكتب القديمة يجلس إنسان هرم يقلب الصفحات على ضوء شمعة ضعيف. مرتجفا من هول الاكتشاف المروع الذي فهمه للتو . فجأة يظهر ظل اسود قاتم يتجسد قليلا.. قليلا . انه يبدو مثل ظل إنسان .لكن ما هذا الذي على وسطه ؟ .. انه حزام تعلقت به الكثير من الأقنعة . إنها وجوه . هذا الوجه اعرفه انه الرئيس و ذاك رجل الدين و الآخر انه قائد الثورة المجيدة و هناك الدوق و حتى الفلاح . لا أكاد اصدق . نفس النظرة . نفس الخط في كل كتاباتهم .حتى إنها نفس البصمة في كل تلك القصور و الأكواخ .
كيف يعقل . أنت هم و هم أنت . و الأدهى انك أمامي و تعترف بذلك . ما أشد بؤسي إن كان ما أظنه صحيحا . حتى شماعة الجنون لا املكها لأعلق عليها غرابة وجودك .
– من تكون؟ ما تكون ؟ مع كل هذا الشر الذي في عينيك و ابتسامتك اكاد اجزم انك الشيطان .
– الشيطان صديق عزيز اكن له كل الاحترام و التقدير لكن قناعه بشع و لا أفضل ارتدائه .
-انزع قناعك حتى أراك .
– ستموت رعبا ان فعلت . مع ان ذلك لا يؤثر في حالتنا هذه كثيرا .
– ماذا تريد مني .
– ما أريده من كل البشر . الإنكار و نسيان من يكونون حقا .
-و ماذا تربح أنت من كل هذا .
– رهان قديم . لا تصدع رأسك الطيني بكل هذه الأسئلة .
-لدي سؤال أخير كيف استطيع أن اراك و لماذا تخبرني الحقيقة
– لأن الأوان قد فات بالنسبة إليك . انت ميت
– ايها الكاذب اللعين كيف اكون ميتا و انا ارى و اسمع و اشعر
– يالغباء البشر . ما زالوا يظنون ان الموت فناء
– اذا كنت ميتا حقا .. اثبت .. اثبت لي ذلك
– حسنا . انظر إلى قدميك
ينظر الإنسان إلى قدميه فيرى خيطا فضيا مشعا طويلا يرق و يمتد على مد البصر نزولا في الظلام . تختفي الغرفة بما فيها ولا يبقى إلا الإنسان و حامل الأقنعة و الظلام . يرتعب جدا ثم يدرك انه ميت فعلا ويختفي الخوف فجأة
– انها.. انها معجزة . هذا اجمل من القدمين العاديتين
-الاشياء العادية ليست اقل اعجازا من المعجزات !
يقف الانسان مطمئنا و كأنه يعلم ما سوف يحدث . يختفي الظلام تدريجيا و يقترب كيان مشع يبعث السكينة و السعادة و يا للغرابة هو أيضا يحمل حزاما من الاقنعة . عرف الانسان منهم والديه و كلبه و زهور اللوتس التي في حديقته.
– لقد بدأت افهم
يضع الكيان المشع ما يشبه اليد على رأس الإنسان الذي أصبح معجزة جميلة مثل قدميه
في هذه اللحظة بالذات يدرك الإنسان كل شيء .
– لقد آن الأوان
يواجه حاملا الأقنعة بعضهما وينزعان قناعيهما و يغيرانهما بسرعة يراهما الإنسان على حقيقتهما للحظة
– أنا اعرف من تكونان . لقد عرفت ذلك دائما . يهمس الانسان
يقرب الانسان يده من وجهه . ثم ينزعه و يحمل آخر
في الصباح وجد الإنسان الهرم ميتا فوق مكتبه . كان نصف وجهه مبتسما و النصف الآخر ازرقا من الرعب
وفي نفس الصباح ولد ثلاثة أطفال احدهم أصبح طبيبا و الآخر رجل دين أما الثالث فكان مجنونا يهوى صناعة الأقنعة .
تاريخ النشر : 2015-03-21