طوائف و معتقدات

سطور في السحر المجهول

بقلم : حسن زيدي – المغرب الشقيق
للتواصل : [email protected]

السحر معروف منذ فجر التاريخ وعرفته جميع المجتمعات البشرية

يعود تاريخ نشأت السحر(أو Witchcraft) إلى فترة ما قبل التاريخ , و جلي أن أشهر مرحلة مر بها هي أواخر العصور الوسطى وأوقات حديثة أخرى تم خلالها محاكمة مئات الآلاف من السحرة وحرق عشرات الآلاف منهم بتهمة ممارسة السحر و الشعوذة , وكان ذلك خصوصا في أوربا. و السحر أو (ماجيك) Magic هو وسيلة للسيطرة على الأحداث , والأشياء , والبشر , و حتى الظواهر الفيزيائية بطرق باطنية. وكان للكلمة القديمة “ماجيك” هدفا وضعه الشاعر و الساحر الإنجليزي المعروف (أليستر كراولي) للتمييز بين ما أسماه “العلم الحقيقي من بين جميع مزيفاته” وعرفه بأنه علم و فن يمكن إحداثه وفقا لإرادة الساحر.

في حوالي (2000 إلى 750 ق.م) كان السحر الأوروبي الشمالي منتشرا بين كثير من الثقافات خلال ذلك الوقت , لقد كان يقوم على الشعوذة المشتركة (الجماعية) عكس طرق استحضار الشياطين واستغلالهم , فمثلا كان هناك (السحر الأنجلوسكسوني) الذي كان يمارس بواسطة نوبات و حيل بسيطة وأحيانا تكون الأجواء التي يمارس فيها مختلطة مع عناصر دينية تتلوا صلوات خاصة , وفي تلك الفترة كان سكان أوربا يستخدمون السحر كجزء من حياتهم اليومية.

سطور في السحر المجهول
كان السحر منتشرا في اوروبا القديمة .. صورة لطقوس كهنة الدرود في انجلترا القديمة

في إنجلترا , أصبح الناس يستخدمون السحر حتى في الطب فقد كان توفير العلاج آنذاك مهمة “طبيب ساحر” يزعم بأن له القدرة على التحكم في شر السحر وتوجيهه لعمل الخير , على الرغم من أنهم لم يشيروا إلى أنفسهم كونهم سحرة . أما في أواخر القرن ال 16 الميلادي فقد أصبح السحرة مضطهدون وغير مقبولون في المجتمع الأوروبي , ولم يكن مسموحا لهم بالتواجد فيه بل وكان يتم اصطيادهم و إعدامهم حرقا.

في الثقافة الآسيوية , لا يزال الإيمان بالخوارق قائما خصوصا في أجزاء معينة من الهند إذ يتم الإبلاغ عن ممارسي السحر وإعدامهم حوالي 200 مرة سنويا, وفي عام 1999 وضعت ولاية (آوريسا) الهندية قانون حظر السحر وممارسيه والذي يعرض السحرة المشتبه بهم لمعاملات قاسية جدا.

أن السحر الصيني راسخ بعمق في عناصر التصوف و الدين و الفن والأدب , وإن هناك العديد من المعتقدات القديمة من بينها علوم قراءة (الطالع) و الإستبصار و التنجيم , والتي لا تكاد توجد في تقاليد الصين القائمة حتى الآن.

“إكسورسيسينغ” (الشيطان) هو نوع من الشعوذة الشعبية في منطقة (قوانغدونغ) الصينية وهو منتشر بكثرة في أجزاء هونغ كونغ , والغرض منه هو لعنة الأعداء باستخدام السحر الأسود , وكثيرا ما يعتبر هذا النوع من الطقوس مهنة تحتاج خبرة حيث يتم تنفيذها من قبل النساء الأكبر سنا فقط.

سطور في السحر المجهول
الطقوس السحرية والروحانية منتشرة في المجتمعات الاسيوية

وفي الفلبين , أعتمدت كلمة (مامبارانغ) لوصف الساحر .. أما (مالارانغ) فهي تعني الساحرة , و (بارانغ) هي الكلمة المستخدمة لوصف الشعوذة الخبيثة و “خنافس الفطريات” المستعملة فيها . تقول القصص الحضرية الفلبينية أن مامبارانغ (وهو الساحر) يحتفظ بتلك الخنافس السامة في زجاجة أو قصبة من الخيزران ويغذيهم بعناية ,عندما يوظف تلك الكائنات لتحقيق مآربه يبدأ بترتيل نوع من الصلاة بحيث يهمس فيها تعليماته ويحدد الضحية للخنافس التي تقوم بعد ذلك بالبحث عن ضحيتها والدخول إلى جسمها عبر أي فتحة جسدية : الأنف, الفم, الأذنين, فتحة الشرج, أو أي جروح مفتوحة , بعد ذلك يشعر من تعرض لهذا السحر المقرف بآثار غزو تلك الطفيليات اعتمادا على المنطقة التي دخلت منها , على سبيل المثال ألم على مستوى البواسير إذا كان الدخول من خلال فتحة الشرج و آلام الأذن إذا حدث الأمر من خلال الأذنين.. إلخ.

“سوانجي” هو نوع من السحرة المذكورون في نظام اعتقاد بعض قبائل غينيا الجديدة مثل (كومباي) و (إنواتان) , ويقال أن سوانجي يأكل الدم أو الأعضاء الداخية لضحاياه ثم يملأ الجثث بالأوراق و العشب ويعتقد أيضا أنه يلتهم روح الشخص. وحسب الأسطورة , ففي حالة تعرض إنسان للهجوم من قبل (سوانجي) يقال أنه سيتحول إلى (زومبيفيد) ومن ثم فهو يعود إلى دياره ويكون باديا عليه أنه سقط في حالة غامضة , إذا كان الضحية قادرا على تحديد أن سوانجي قد هاجمه فغالبا ما يقتل و يأكل من قبل عائلته في الإعتقاد بأن ذلك سوف يحرر روحه !

سحر ومعتقدات الويكا

سطور في السحر المجهول
صورة من العصر الفيكتوري لنسوة يمارسن طقوس الويكا

(الويكا) هو نوع ممارسات السحر التي تكرم الآلهة و تنظر إليها على أنها أقطاب تكميلية و تجسيدات لبيان قوة الحياة في الطبيعة , الإعتقاد الرئيسي في ويكا هو أن الآلهة قادرة على “التعبير” عن نفسها في شكل مادي من خلال أجساد الكهنوت و الكهنة أثناء طقوس (رسم القمر) أو (رسم الشمس) حيث يزعمون خلالها أن القوة الإلهية تتملك أجسادهم أثناء تلك الطقوس و تتحدث مع سائر البشر.

ومع ذلك , يمتد هذا التوحيد إلى نوع من الشرك في الإعتقاد بأن آلهة جميع الثقافات هي جوانب من هذا الدين , كما يتم تكريم العديد من الآلهة المتنوعة بما في ذلك اليونانية و الرومانية والآلهة المصرية , وكذلك آلهة السلتيك وشمال أوروبا وآسيا , إضافة إلى ذلك الأفريقية و الشرق الأوسط. يعتقد سحرة الويكا بأن هناك قوة عظيمة في السحر ويمكن التلاعب بها حسب شكل السحر او الشعوذة التي تكون في كثير من الأحيان مجموعة من الآدوات الخاصة , و يقولون (الويكانز) أن ممارسة السحر عمل يحتاج وعيا عميقا يهم كل من التريكز الداخلي و الخارجي , وترتبط فكرة الويكا ارباطا لا ينفصم مع الجانب الروحي و علاقتهم مع جميع الكائنات و طريقة فهمهم لأنفسهم و للكون من حولهم.

وفي رأي معتنقي دين الويكا ومما لا شك فيه أن هناك صلة قوية ما بين السحر و الدين إلى درجة أنه لا يكاد يتم السحر في آي شكل من الأشكال من دون الطقوس الدينية .

علم الشياطين

سطور في السحر المجهول
كان الاعتقاد ان الكثير من الامراض والعلل التي تصيب الانسان هي بسبب الشياطين

في الأدب الأنجليزي الحديث , الشيطان وعلم الشياطين تحمل دلالات من الشر وهي فكرة أتت إلينا في المقام الأول من الكتاب المقدس العهد الجديد , و في كثير من الأحيان يشار اليها على أنها أرواح لها صلة بالجنس البشري , مثل الملائكة التي سقطت من نعمة الرب في التقليد اليهودي المسيحي أو النفس البشرية.

يعود الإعتقاد في الشياطين قبل آلاف من السنين , ففي عصر (هوميروس) القديم كان الشيطان موصوفا بالخير وكان له مرتبة وسيط بين البشر و الآلهة. و اعتقدت الديانة الزرادشتية أن هناك حوالي 3333 شيطانا بعضهم له مسؤوليات شريرة محددة مثل جلب الحروب و المجاعات و الأمراض القاتلة , وفي بابل القديمة كان للشيطان تأثير حتى على عناصر الحياة الطبيعية إذ تم إعطاء العديد من أجزاء الجسم ألقابا بأسماء شياطين. كما استشهد بوجود الأرواح الشيطانية من قبل عدة فلاسفة يونانيين منهم (بورفيري) و (إمبليكوس) وغيرهم… وقد تأثرت المذاهب اليهودية بشكل عميق حول ما يتعلق بالشياطين و الملائكة ومن بين تلك المذاهب الكابالا اليهودية التي تم تمريرها منذ عصر آدم ونوح -عليهم السلام- وكذلك البطاركة العبرية .

وفقا للكتاب المقدس في عهده الجديد (سفر الرؤيا 12 -9) , الشياطين هي الملائكة التي سقطت من السماء برفقة الشيطان عندما اختار أن يتمرد ضد الله تعالى , في وقت لاحق حاول بعض علماء الدين المسيحي تحديد عدد هذه الشياطين فوجدوا خلال القرن الـ 15 ما مجموعه 133,316,666 شيطان ! أما في القرن 16 فقد قدر العدد إلى ما يقارب 44,435,622 .

على الرغم من أن فكرة “الحيازة الشيطانية” تعود إلى فترة العصور الوسطى إلا أنه لا يزال بعض الناس اليوم يعتقدون أن الشيطان يمكنه تملك الشخص ببساطة عن طريق ارتكاب الخطيئة وأنه يستطيع السيطرة على كامل جسمه فعليا , وهذا النوع من الحيازة يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية كما هو موضح في الكتب المقدسة وفي عدد لا يحصى من قصص الرعب و الأفلام السنمائية.

سطور في السحر المجهول
ينظر الى ابليس على انه رئيس الشياطين

وكان ينظر إلى الشيطان (إبليس) على أنه رئيس بين الشياطين والتي تم تقسيمها على شكل هرم أي من الأعلى إلى الأسفل , وأحيانا يشيار إليها باستخدام أسماء النبلاء (الملك, الأمير, الدوق, الحاكم, وغيرها..) والباقي منها مقسمة إلى جحافل. هناك العديد من غريمويرز (اسم أطلق على كتب السحر والغموض القديمة) رتبت أيضا الشياطين وفقا لألقاب النبلاء من بينها “كتاب القديس سيبيريان” “لو دراغون روج” ” مفتاح سليمان الأصغر” إلخ..
تصنيف الشياطين في تلك الكتب يختلف بين مؤلف إلى آخر لكن القائمة المشتركة فيها هي للشياطين الكبرى , ومنهم :
الشيطان, لوسيفر, بيلزبوب, بيليال, ليفياثان, أسموداي, بيريث, أستاروث, فيرين, غريسيل, سونيلون, ليليث, عزازيل, مامون, ثاموز, بعل, مولوك, أبادون, مريهم, بيثيوس, بلفيغور, الخ.

يحاول جل ممارسي أنواع السحر تقييد و قيادة الشياطين ويتم ذلك وفقا للإجراءات والطقوس الموصوفة في كتب مثل “مفتاح سليمان الأصغر” و “كتاب ابراميلين” , بعض هؤلاء السحرة ليسوا من عبدة الشياطين ولكنهم يسعون بواسطتهم إلى تحقيق أهداف شخصية , وهناك ايضا انبياء وصالحين منحهم الله هذه القدرة من بينهم: النبي سليمان الذي أعطي نفوذ السيطرة على الجن و الشياطين بأمر من الله سبحانه , (أبراميلين ماجي) مؤلف كتاب “ابراميلين” وهو رجل ألماني أنشئ مجموعة من الأعمال الأدبية السحرية , (إدوارد كيلي) كان إنجليزيا مدانا بالإجرام وكان يدعي الوساطة الروحية , وفوق ذلك، إدعى أن لديه القدرة على استحضار الأرواح والملائكة من خلال كرة كرستالية، وادعى أيضاً امتلاكه القدرة على تحويل النحاس إلى ذهب , قيل أن هؤلاء جميعا كانوا من مستحضري الأرواح المعروفين الذين ادعوا القدرة على استدعاء الشياطين.

وحسب مزاعم الساحر فإن استدعاء الشياطين عمل لا يخلوا من خطورة ومغامرة والعمل به يحتاج معارف و مدارك واسعة , إضافة إلى الصفقات التي تعقد بين الإنس و الشياطين وبيع الأنفس للشيطان , تلك التي ترتبط ارباطا وثيقا بفنون السحر.

إذا رجعنا إلى القارة الأوروبية في أوائل القرن الـ 16 سنجد أنه قد بدأت هستيريا السحر و عمليات إعدام السحرة تتفشى وكانت الغالبية العظمى من أولئك الذين وقعوا تحت اشتباه ممارسة السحر من النساء , وتشمل الممارسات الأخرى التي ارتبطت مع السحرة و الساحرات خاصة , الركوب على عصا المكنسة في جوف الليل وهي إحدى أشهر الخرافات التي رويت عن ساحرات أوروبا , و الإتفاق مع الشيطان وتدنيس الصليب وباقي المقدسات , والإجتماعات الليلية السرية بين السحرة والتي تنطوي على تقديم الجثث كأضاحي للشيطان و حتى أكل لحوم البشر. بينما اتهم البعض بممارسة الهرطقة فقط لأن لديهم قطط في المنزل إذ أعتقد في ذلك الوقت أنها شياطين بهيئة حيوانات تعطى للسحرة من قبل الشيطان للعمل معهم كمستشارين أو خدام أو رسل.

سطور في السحر المجهول
تم احراق الالاف بتهمة ممارسة السحر

وفقا لصيادي الساحرات Witch Hunters خلال ذروة محاكمات السحرة , علامة الساحر(ة) (وتسمى أيضا علامة الشيطان أو حلمة السحرة) كانت مؤشرا كافيا للدلالة على أن الفرد كان ساحرا وهي قد تكون مجرد شامات, ندبات, علامات جلدية, عيوب طبيعية أو بقع غير حساسة من الجلد. وكانت طريقة صيد الساحرات الشائعة هي ” السباحة ” أو ” التملص ” (استنادا إلى ملحمة محنة المياه القديمة) حيث كان المتهم مربوطا بيديه وقدميه ويتم رميه في مياه عميقة فإذا طرحت المياه الساحرة المتهمة فإن الماء (مخلوق الله) قد رفضها واعتبرت مذنبة , وإذا غرقت أعتبرت بريئة ! ويمكن تحديد هوية الساحر أيضا بواسطة أداة حادة تعرف باسم ” الخداع ” في البحث عن بقع غير حساسة ميزها الشيطان (حسب المعتقد) في السحرة دون غيرهم. كان يتم تنفيذ حكم الإعدام على السحرة عن طريق الحرق وخاصة الشكل المعروف الذي يطلق عليه عادة “الحرق على المحك” , الذي يوضع فيه المحكومون في ساحة كبيرة تحيط بها أشجار من الخشب المحترق , وإن هذه لها تاريخ حافل كوسيلة للعقاب على جرائم مثل الخيانة و الهرطقة. وقد ألغيت طريقة الإعدام هذه في وقت لاحق بمعظم الحكومات و تعتبر اليوم عقوبة قاسية و غير عادية.

شهدت ألمانيا أعلى معدلات إعدام السحرة في أوروبا وهي أعلى من تلك الموجودة في بقية القارة مجتمعة , وتشير التقديرات إلى أنه على مدى 160 عاما ، بين عامي 1500 – 1660 تم إعدام ما بين 50,000 و 80,000 شخصا من السحرة المشتبه بهم (حوالي 80% منهم من النساء) , بما في ذلك حوالي 26,000 في ألمانيا و حوالي 10,000 في فرنسا . بينما أعدمت إنجلترا أقل من 1,000 خلال نفس الفترة.

المعتقدات ذات الصلة

سطور في السحر المجهول
كانت ممارسة الخيمياء منتشرة وكان الكثير ممن مارسوها يطمحون لتحقيق ثروة بتحويل المعادن الرخيصة الى ذهب ، صحيح ان ايا منهم لم يحقق ذلك ، لكن هذا الهوس اسهم في تأسيس علم الكيمياء الحقيقي

– الخيمياء : الخيمياء The Alchemy جزء مهم من تقاليد السحر الغامضة فقد مورس في شبكة معقدة من المدارس و النظم الفلسفية القديمة , في بلاد ما بين النهرين و مصر القديمة وبلاد فارس و الهند و اليابان و كوريا و الصين و اليونان (القديمة) و روما , وفي الحضارات الإسلامية ثم في أوروبا حتى القرن العشرين. بصفة عامة , تشير الخيمياء إلى علم يضيف قيمة أو فائدة للمواد النادرة على الرغم من أنها تعتبر فلسفة القرون الوسطى وكشكل قديم من أشكال الكيمياء , وعند ذكر كلمة “خيمياء” عادة ما نستحضر في أذهاننا صورا ل “عالم” منهمكا بالعمل في مختبره خلال القرون الوسطى وتحيط به أكوام من الكتب و المخطوطات النادرة وأنابيب إختبارات و معوجات و موسيقى وأدوات أخرى مرتبطة عموما مع التجارب الكيميائية , ومع مرور الوقت تم استخدام الكلمة في اللغة الشعبية للإشارة إلى قوة سحرية ذات مفعول عجيب و أعطيت طابعا أسطوريا تاريخيا.

إن أفضل الأهداف المعروفة وعلى الرغم من أنها لم تكن الوحيدة عند الخيميائيين هي تحويل المعادن المختلفة إلى ذهب أو فضة , وخلق حلا سحريا أو (إكسير الحياة) من شأنه علاج جميع الأمراض و إطالة أمد الحياة إلى أجل غير مسمى . ولقد بذل الخيميائيون العرب و الأوروبيون في القرون الوسطى جهدا كبيرا للبحث عن “حجر الفيلسوف” وهو مادة أسطورية يعتقد أن فيها معرفة خفية تمكن من يجدها من تحقيق الخلود وعدة أشياء أخرى. ومن الناحية العملية , أسهمت الخيمياء إسهاما كبيرا في معرفة جذور الكيمياء و الطب , بما في ذلك اختبارات وأنواع المعادن و إنتاج البارود و الحبر و الأصباغ و مستحضرات التجميل و الدباغة الجلدية و تصنيع الزجاج و إعداد المستخلصات والمشروبات الكحولية , إلخ..

في العصور الوسطى كان كثير من الخيميائيون ينظرون إلى الجوانب الميتافيزيقية باعتبارها الأساس الحقيقي للخيمياء , و كانت المواد الكيميائية العضوية و غير العضوية و عمليات المواد الجزئية تعتبر استعارات مجردة للكيانات الروحية و تجسدات خارقة للطبيعة , وهكذا فإن الهدفين التوأمين (تحويل المعادن و انشاء العلاج الشافي) يرمز إلى تطور الخيميائي من الجهل إلى التنوير.

سطور في السحر المجهول
صورة لمخطوطة عن الخيمياء

تلك الرموز الخيميائية القديمة و المخططات والصور النصية التي عثر عليها حديثا , كلها تحتوي على طبقات متعددة من المعاني , و الإشارات , و المراجع وأعمال أخرى خفية على حد سواء , ومن أجل اكتشاف معناها الحقيقي يجب أن يتم فك شيفرتها المعقدة.

حتى القرن السادس عشر , كانت الخيمياء تعتبر علم جديا في أوروبا ؛ على سبيل المثال , خصص السير (إسحاق نيوتن) الكثير من وقته لدراسة الخيمياء وربما أكثر مما خصصه للبصريات أو الفيزياء التي يشتهر بها , وشخص آخر من الخيميائيين المعروفين في القرن ال 16 كان العالم السويسري (باراسيلسوس) Paracelsus والذي , رغم أنه لم يتخلى عن معتقداته القديمة حول الله (تعالى) و الملائكة و الشياطين وجميع أنواع الأرواح , إلا أنه انتقل نحو تكريس بحثه نحو الطب بدلا من إنتاج الذهب معلنا أن الخيمياء يمكن و ينبغي أن تستخدم للشفاء فقط.

ومن الخيميائيين البارزين الآخرين في العالم الغربي : روجر بيكون , ألبيرتوس ماغنوس , سانت توماس الأكويني , نيكولاس فلاميل , تايكو براهي , توماس براون و بارميجيانينو. وهناك بعض الخيميائيين البارزين الآخرين : وي بويانغ من الصين القديمة , ناغارجونا خلال القرون الوسطى من الهند ,جيبر , الكندوس , كاليد , رازيس ,توسي و ابن سينا في العالم الإسلامي .

سطور في السحر المجهول
التنجيم يركز على البروج والافلاك السماوية واثرها على حياة الناس

– التنجيم :علم التنجيم هو الاعتقاد بأن معرفة المواقف النسبية الظاهرة للأجرام السماوية يمكن أن تكون مفيدة في فهم و تفسير شخصيات الأفراد و الشؤون الإنسانية و المسائل الأرضية الأخرى , و استخدام المواضع النجمية لشرح الأحداث الماضية و الحالية و التنبؤ بالمستقبل. و يعتقد البعض أيضا أن تحركات الأجرام السماوية توثر تأثيرا مباشرا على الحياة في الأرض أي أنها أسباب فعلية للأحداث وليس مجرد علامات أو حروف.

المجتمع العلمي يعتبر علم التنجيم علما زائفا أو مجرد خرافات , بينما كثير من المنجمين الحديثين إعتبروه لغة رمزية , أو شكل فني من أشكال ” العرافة ” . ومع ذلك , وحتى اليوم , قد أعربت نسبة كبيرة من عامة الناس اعتقادهم في صحة التنجيم واعتباره علما منطقيا. وقد لعب معتقد التنجيم الذي سجل منذ الألف الثالث قبل الميلاد في بابل دورا في تشكيل الثقافة , وعلم الفلك المبكر وغيرها من التخصصات على مر التاريخ , في الحقيقة علم الفلك دخل في تناقض مع التنجيم بعد فترة من الانفصال التدريجي خلال عصر النهضة حتى القرن الـ 18.

و تنقسم المعتقدات الأساسية للتنجيم في عدة ثقافات :

علم التنجيم الغربي وهو يركز على رصد المخططات الفلكية أو الأبراج ويستخدم الدورة السنوية للإثني عشر محطة بين الأبراج (على أساس البروج اليونانية الكلاسيكية) , و مسار الشمس في السماء . بينما تطور علم التنجيم الصيني بشكل مختلف فهو يستخدم دورة 12 سنة , وجميع أسماء الأبراج فيه عبارة عن 12 من الحيوانات الأصلية التي تشير إلى شخصيات وخصائص مختلفة. تاريخيا , كانت هناك أيضا تقاليد منفصلة عن التنجيم الغربي وهو العربي والفارسي , و التنجيم البابلي , المصري, علوم التنجيم الهلينيستية القديمة , و علم تنجيم حضارة المايا.

وقد مارس العديد من المفكرين الغربيين البارزين والفلاسفة والعلماء التنجيم مثل فيثاغورس و أفلاطون و أرسطو و جالينوس و باراسيلسوس و جيرولامو كاردان و نيكولاس كوبرنيكوس و تقي الدين و تايكو براهي و غاليليو غاليلي و جوهانس كيبلر وكارل يونغ … و غيرهم الكثير قد ساهم في علم التنجيم.

المصادر :

Witchcraft and Witches

تاريخ النشر : 2018-06-08

حسن زيدي

المغرب
guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى