الصدى المخالف
ﺳﻤﻌﺘﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺯﺍﻻ ﻳﺘﺠﺎﺩﻻﻥ ﻋﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻓﻮﻕ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻳﻔﻌﻼﻥ |
مساء الخير ، مساء الخير يا نفسي المنغرسة في عيش الوهم ، حبيبتي قهوتي كيف أنت ؟ أتراك ما زلت ساخنة كأحشاء قط ليلة صقيع ، لذيذة مثل عنب نصف ناضج ، لك لي ولي لك و لنا لبعض ، فيا يا قهوتي لست سواي ، حبيبك أنا عائم في هواك بعد رحيل ليلاي ، فلمن أبث خاشعاً بعدها هواي ؟. جن بي جنوني وأنا أنتظر يا قهوتي ؛ ولا يأتي سوى ، سوى ماذا يا قهوتي ، هل قلت لي شيئاً ؟ باخر ، كلا ، بل اﻟﻠﻴﻞ أمسى خائباً تراه ﻳﺠﺮ ﻣﻌﻪ ﺫﻳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺀ ﻳﺎﺋﺴﺎً ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺗﻲ ؛ ﻭ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻪ ﺍﻟﺒﻬﻴﻢ ﺃﺻﺮﺥ ﻗﺎﺋﻼً : ﺃﻧﺎ ﺳﺄﻛﻮﻥ (…) ! ، ﻓﻴﺮﺩ ﺍﻟﺼﺪﻯ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻗﻮﻟﻲ ، ﺛﻢ ﺃﻋﻒ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ . ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻟﻮﺫ ﺇﻟيك ثم إلى ﻗﻠﻤﻲ ﻭ ﺑﻪ ﺃﺣﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺃﻗﻮﺍﻟﻲ ، ﺃﻟﻴﺲ ﺃﻭﺍﻥ – ﺑﻌﺪ – ﻟﺰﻣﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ؟ ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻳﻌﺎﻛﺴﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺪﻯ ؟.
ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺭﻓﻌﺖ ﺭﺃﺳﻲ ﻭ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ، ﻭ ﺗﺮﺍﺀﻯ ﻟﻲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻬﺮﺝ ﺍﻟﺰﺍﻫﻲ ، ﻓﻈﻨﻨﺖ ﻣﺎ ﻇﻨﻨﺖ ﻭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ ﺳﻮﻯ ﻇﻨﻮﻥ ! ﺛﻢ ﺻﺮﻓﺖ ﻭﺟﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﻷﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺰﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻠﻜﺘﻪ ﻣﺘﺤﻤﺴﺎً ، ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﺪ ﺍﺑﺘﻌﺪﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺣﺪ يستحيل ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻲ ﺳﻮﻯ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻤﻀﻲ ، ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺑﺘﺴﻢ ﺳﺎﺧﺮﺍً ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻬﻴﺄ ﻟﻼﻧﻔﺠﺎﺭ .
***
ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﻋﻨﺪ ﺣﺎﺳﻮﺑﻲ ، ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻬﻤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖ ﺃﺻﺎﺑﻌﻲ ﺗﺮﻗﺺ ﻓﻮﻕ ﻟﻮﺣﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ، ﻣﺨﻠﻔﺔً ﻣﻌﺰﻭﻓﺔ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﺗﺒﺸﺮ ﺑﺄﻥ ﻣﻠﺤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺗﺮﻫﺒﻪ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ، ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻳُﻔﺘﺢ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﺎ ﺃﻣﻲ :
– ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻨﺎﻙ ؟.
– ﺇﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺣﻤﻖ ﺗﺤﺸﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻧﺰﺍﻧﺔ ؟ ﺃﻗﺮﺍﻧﻚ ﺗﺰﻭﺟﻮﺍ ، ﺑﻞ ﻭ ﺭﺯﻗﻮﺍ ﺑﺎﻷﻭﻻﺩ ، ﻭﺃﻧﺖ ﻣﺎﺫﺍ ؟ ﺳﻮﻯ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻤﺸﻘﻮﻑ (ﺍﻟﺤﺎﺳﻮﺏ) ﻭﺍﻻﺑﺘﺴﺎﻡ ﻟﻪ ، ﺃﻱ ﻣﺠﻨﻮﻥ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﺣﺸﺎﺋﻲ ؟.
– ﺳﺄﻛﻮﻥ ﻛﺎﺗﺒﺎً ﻳﺎ ﺃﻣﺎﻩ.
– ﺑﻞ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻌﺘﻮﻫً ﺑﺤﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺃﻧﻈﺮ ﺃﺧﺎﻙ ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻭﺍﺧﻼﺹ ؛ ﻭ ﺃﻧﺖ ﻣﺪﺟﺞ ﺑﺎﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﻭﺗﻌﻠﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻧﺰﺍﻧﺔ ﻛﺠﻠﻮﺩ ﺍﻷﺿﺎﺣﻲ ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺆﻃﺮﺓ ؟ ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻭﺃﺩﻧﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ.
ﺃﺟﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﻱ : ﻟﻘﺪ ﻧﻄﻘﺖ ﺍﻟﺤﻖ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻗﻤﺎﻣﺔ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﺮﺿا ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﻠﻰ ﻣﺜﻠﻲ ، ﻓﻼ ﻳُﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﺭﺃﺳﻲ ﺷﻴﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﺭﺿﺎ بفتات الآخرين.
– ﺃﻟﻦ ﺗﻘﻮﻝ ﺷﻴﺌﺎً ؟.
– ﻻ ﺟﻮﺍﺏ ﺷﺎﻓﻲ لك ﻋﻨﺪﻱ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ.
– ﺇﺫﻥ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻙ.
ﻭ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﺃﺗﻰ ﺻﻮﺕ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﻗﺎﻉ ﺑﺌﺮ : إﻧﻬﺎ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺃﻣﻪ ﻳﺎ ﺟﺎﻫﻠﺔ !.
ﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺓ ﻣﻀﺮﺏ ﻳﺘﻘﺎﺫﻓﻬﺎ ﺑﻌﻨﻒ ﺃﺑﻲ ﻭ ﺃﻣﻲ ، ﻻ ليست ﻛﺮﺓ ﺻﻔﺮﺍﺀ ؛ ﺇﻧﻬﺎ ﻛﺮﺓ ﺟﻤﺮ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﺍﺭﺓ ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺃﻇﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﺍﻱ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻘﻮﻝ : ﺑﺄﻧﻲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻬﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﺏ ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺑﻌﺪ ، ﺃﻭ ﺃﺑﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﻈﺮ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ، ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻳُﻔﺘﺢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ !
– ﻣﻦ ؟.
– ﺃﺑﻮﻙ ﻳﺎ ﻋﺎﻃﻞ.
– ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﺎﻃﻞ ؟.
– ﺃﻟﻦ ﺗﺸﺎﺭﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻛﻞ ﻭﺟﺒﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﻳﺎ ﻓﺮﺣﺔ ﻋﻤﺮﻱ ، ﻭ أﺑﻦ ﺑﻜﺮﻱ ؟.
– ﻻ ﺃﺭﻳﺪﻩ ، ﻓﻌﻨﺪﻱ ﻣﻘﺎﻝ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻲ إﻛﻤﺎﻟﻪ.
– ﻫﻞ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﺭﻳﺖ ؟ ﻳﺎ ﺫﺍﻙ ﻛﻔﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻹﻓﺘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻙ ﺑﻨﻈﺎﺭﺍﺗﻚ ﻳﻈﻨﻚ ﺃﺳﺘﺎﺫﺍً ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﻍ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﺽ ﻣﻨﻪ.
– ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻓﺘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؛ هي ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ.
– ﻧﻌﻢ ، ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ، ﻟﻘﺪ ﺧﻴﺒﺖ ﺁﻣﺎﻟﻲ ﻳﺎ ﻣﻨﺤﻮﺱ ، ﺇﻟﻬﻲ ﻓﻠﺘﺪﻫﺴﻚ ﺩﺑﺎﺑﺔ ﺃﻧﺖ ﻭ ﺧﺮﺍﻓﺎﺗﻚ.
ﻛﺬﺍ ﻭ ﺻﻔﻖ ﻭ ﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﺒﺎﺏ ! ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻧﺎ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ، ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻔﺎﻑ ﺳﺒﺒﻪ ﻟﻲ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻭﺳﻴﺘﺰﻭﺝ ﻗﺮﻳﺒﺎً ، ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﺧﻮﻩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻄﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻋﺪﺩﺍً ، ﻫﺎ ﻫﻮ ﻫﻨﺎ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﻟﻰ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻭ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺣﺎﺳﻮﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﺮﺿﺎ ﺑﺄﻱ ﻋﻤﻞ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﺳﻨﻴﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ.
ﺳﻤﻌﺘﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺯﺍﻻ ﻳﺘﺠﺎﺩﻻﻥ ﻋﻨﻲ ؛ ﺣﺘﻰ ﻓﻮﻕ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻳﻔﻌﻼﻥ ، ﺛﻢ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ، ﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﻥ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؛ ﺗﻄﺮﺩﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺑﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﻌﻠﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻟﻜﻨﻚ ﻣﺨﻄﺊ ﻳﺎ ﺃﺑﺘﺎﻩ ، ﻧﻌﻢ ﺇﻧﻪ ﻣﺨﻄﺊ ، ﻷﻥ ﻓﻲ ﺯﻣﻨﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ، ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﺎﺿﺖ ﺭﻭﺣﻪ على ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﺑﻖ ﻭ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺣﺪ ، ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺴﻪ ﺟﺮﻳﻤﺔ ، ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ، ﺇﺫﺍ ﻋﺜﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﺎ ﻭﺳﻴﻢ ، ﻓﺈﻳﺎﻙ ﻭﻟﻤﺴﻪ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻈﻴﺖ ﺑـ ﻣﻘﺘﻮﻝ ﻓﻬﻮ ﻟﻚ ﻳﺎ ﻣﻨﺤﻮﺱ ، ﻫﻴﺎ ﺃﺛﺒﺖ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ، ﻟﺬﺍ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﺪﻱ – ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ – ﻳﻐﺎﺯﻝ ﺣﺴﻨﺎﻭﺍﺕ ﻗﺮﻳﺘﻪ ﻭ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬﻦ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻐﺮﺍﻡ ﺑﺎﻟﺪﻭﺍﺓ - ﻣﺪﺍﺩ ﺗﻘﻠﻴﺪﻱ – ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؛ ﻏﺪﺍ ﺳﺄﺣﻠﻘﻬﺎ ﻭﺃﻋﻮﺩ ﻃﻔﻼً ﻻ ﻫﻢ ﻭﻻ ﻏﻢ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻪ ، ﻃﻔﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﻌﺼﺎ ﻭ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺭﺷﺎﺷﺎً ﻭﻳﻤﺸﻲ ﻣﺸﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺪﻱ ، ﺳﻌﻴﺪﺍً ﻓﺨﻮﺭﺍً ﻇﻨﺎً ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻨﻪ ، ﻓﻬﻞ ﺳﺘﺪﺍﻓﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ ﻭ ﻧﺤﻦ ﻛﺒﺎﺭﺍً ﻛﻤﺎ ﺩاﻓﻌﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭﻧﺤﻦ ﺻﻐﺎﺭﺍً ؟.
ﻟﻜﻨﻲ ﺣﻘﺎً ﺗﻌﺒﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻔﺘﻬﺎ ﺃﻣﻲ ﺑـ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻷﺿﺎﺣﻲ ، ﺇﻥ ﺗﺴﺎﺀﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻠﻪ ، ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻧﺎ موجود ﺗﺤﺘﻬﺎ ﺃﻋﺎﺗﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺭﺍﺀ ﺷﺎﺷﺔ ﺍﻟﺤﺎﺳﻮﺏ ؟ .
***
ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻳُﻔﺘﺢ !
ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺣﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻓﻜﻮﺍ ﻭﺛﺎﻗﻪ ﺃﺣﺴﻦ ﻟﻜﻢ
ﻭ ﻟﻲ :
– ﻣﻦ ؟.
– ﺃﺧﺘﻚ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ.
ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ سبع ﺳﻨﻮﺍﺕ ، ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺪﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﺑﺘﺪﺍﺋﻲ.
– ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻨﺎﻙ ؟.
– ﺃﺣﺘﺎﺝ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻓﻲ إﺧﺮﺍﺝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ.
– ﻟﻴﺲ ﺍﻵﻥ.
– ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺍﻵﻥ ! ﺃﻧﺖ ﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻨﻚ ﺣﻘﺎً.
– ﺣﺴﻨﺎ ، ﻣﺌﺔ ﻭ ﻭﺍﺣﺪ ﻧﺎﻗﺺ ﻣﺌﺔ ﻭ ﻭﺍﺣﺪ ﻛﻢ ﻳﺴﺎﻭﻱ ؟.
– ﺳﻬﻠﺔ ، ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻻ ﺷﻲﺀ.
– ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻻﺷﻲﺀ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻜﻲ ﺃﻓﻴﺪﻙ ﺑﻪ.
– ﺃﻧﺖ ﻣﻌﺘﻮﻩ ﻭ ﻟﻢ ﺗﻜﺬﺏ ﺃﻣﻲ.
– ﺇﻟﻴﻚ ﻋﻨﻲ ﻭﺇﻻ..
– ﺃﻣﻲ !.
ﻛﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺳﺄﻧﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻝ ﻣﻬﻢ ﻭﺃﻧﺸﺮﻩ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ، ﻟﻜﻦ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻲ سأوجل إلى ﺗﻤﺎﻡ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﻏﺪ ، ﺇﻧﻲ ﻣﺮﻫﻖ ﺃﺣﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻡ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ ﺇﻟﻲ.
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺭﻣﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﻤﻨﺎﺩﺍﺓ ﺃﻣﻲ ﻟﻲ ، ﺗﺮﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺮﻳﺪ ؟ ﺃﻭﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻧﻲ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻛﻞ ﻭﺟﺒﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ؟ ﺧﺮﺟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻬﻮ ﻓﻮﺟﺪﺕ بﺭﻓﻘﺔ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﺭﺟﻞ ﻏﺮﻳﺐ ، ﻭﻣﺎ أﻥ ﺳﻘﻄﺖ ﺃﻧﻈﺎﺭﻩ ﻋﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺩﺭ ﺑﺴﺆﺍﻟﻲ :
– ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﻋﻤﺎﺩ ﺷﻬﻴﺮ ؟.
– ﻧﻌﻢ.
– ﺃﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﺷﺮﻃﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺑﻄﺎﻗﺘﻲ ، ﺃﻧﺖ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻣﻦ !.
ﻗﻄﻌﺖ ﺃﻣﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ :
– ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻭﻟﺪﻱ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﻣﻄﻠﻮﺑﺎً ﻋﻨﺪﻛﻢ ؟.
ﺃﺟﺎﺑﻬﺎ ﺑﻬﺪﻭﺀ :
– ﻫﻨﺎﻙ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﻛﻞ ﺷﻲء.
ﺧﺮﺟﺖ ﺭﻓﻘﺔ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ، ﻟﻜﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻏﺒﻴﺎً ﻟﻜﻲ ﻻ ﺃﻓﻘﻪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﻗﻴﻔﻲ ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺍﻓﻬﻤﻪ ﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ؟ ﺇﻧﻪ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻳﺎ ﻧﺎﺱ ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻗﺘﻠﺖ " ﻟﻴﻨﻜﻮﻟﻦ " ﻛﻨﺘﻢ ﺳﺘﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ، ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺳﻮﻯ ﺣﺴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮﻱ ، ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﻮﻝ ، ﻟﻜﻦ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﺎﺋﻠﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ.
ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﻮﻗﻴﻔﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﻬﻴﺄ ﻟﻨﻮﻡ ﻓﻜﺮﺕ ﻛﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺎﻓﻬﺔ ! ﻣﺎ ﺃﺗﻔﻬﻬﺎ ﺣﻘﺎً ، ﺃﺟﻬﺰ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﻟﻜﻲ ﺃﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﺃﻧﺴﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻟﻮ ﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ، ﺛﻢ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺗﺴﻌﺔ : ﻛﺬﺍ أﻧﺖ ﻣﻮﻗﻮﻑ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﻮﻡ ﻭﻛﻔﻰ ، ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻄﺮﻭﺣﺎً ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺩﻫﻠﻴﺰ ﻳﻨﻴﺮﻩ ﺿﻮﺀ ﺧﺎﻓﺖ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺃﻭ ﻳﻐﺎﻟﺒﻪ ﺍﻟﻨﻮﻡ ، ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻏﺪﻭﺕ ﻣﺜﻞ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﻓﺎﺳﺪﺓ ﻣﺮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﻮ ، ﻟﻘﺪ ﺭﺣﻞ ﺍﻟﺸﺮﻃﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻷﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻭﻃﻨﻲ : ﻭﻃﻨﻲ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺎﻉ ؛ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻠﻰ ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺴﻜﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻗﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﺸﺮﺩﻭﻥ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻫﻨﺎ ، ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺩﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻗﺪ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺑﺄﻛﻤﻞ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻣﺎ ﻓﺎﺽ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ، ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﺠﺮﻩ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﻓﻴﻤﻴﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻳﻤﻨﺔ ﻭ ﻳﺴﺮﺓ ، أغلبهم في محياه نظرات توشي بأنه خرج للتو من السجن ومستعد لكي يعود إليه ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺑـ ﻫﺆﻻﺀ ؟ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺪﺭﺱ ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﻲ ﻻ ﺑﺪﺍ ﺃﻥ ﻳﻤﺮﻭﺍ ﺑﻲ ﻣﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﻭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻟﻐﺪ ، ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭﻻً ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺟﻬﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ، ﻟﻜﻦ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻫﻴﻬﺎﺕ ، ﺁﺗﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻜﻢ ﻣﻦ ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻓﻠﺴﺖ ﻏﺼﻨﺎً ﻳﺎﺑﺴﺎً ﻳﻨﻜﺴﺮ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﺷﺒﻪ ﻧﺎﺋﻢ ﻭﺳﻂ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻗﻮﻓﻴﻦ ﺗﻔﻮﺡ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ؛ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺻﻨﻊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺳﺮﻳﺮﺍً ﻣﻔﺘﺮﺿﺎً ، ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻃﺎﺏ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﺎﺫﺧﺔ ! ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ بالنسبة ﻷﻏﻠﺒﻬﻢ ﺭﺗﺎﺑﺔ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺛﻢ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﺪﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻊ ﺳﻄﻮﻉ ﻭﻫﺞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ، ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑإﺳﻤﻲ :
– ﻋﻤﺎﺍﺍﺩ ﺷﻬﻴﻴﻴﺮ.
– ﻧﻌﻢ ؟.
– ﺗﻌﺎﻝ ﻣﻌﻲ.
ﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺐ ﺑﻪ ﺿﺎﺑﻂ ﺃﻋﺮﻓﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎً :
– ﻋﻤﺎﺩ ﺷﻬﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ !.
– ﺇﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ.
– ﺁﺳﻒ ﻳﺎ ﻋﻤﺎﺩ ﻷﻧﻚ ﻗﻀﻴﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻣﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ، ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻳﺪﻱ ، ﺻﺪﻗﻨﻲ.
– ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻓﺎﺟﺄ ﺑﺸﻲﺀ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ.
– ﻃﺒﻌﺎً ﺗﻌﺮﻑ ﺳﺒﺐ ﺗﻮﺍﺟﺪﻙ ﻫﻨﺎ ؟.
– ﺃﻋﺮﻑ.
– ﻟﺴﺖ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺘﻜﻠﻒ ﺑﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ؛ ﻭﺃﻧﺼﺤﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺎﺩ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺃﺥ ﻷﺧﻴﻪ ، ﺃﺗﺮﻙ ﻋﻨﻚ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﺑﺴﻼﻡ.
ﻣﻜﺜﺖ ﺻﺎﻣﺘﺎً ﻭ ﻟﻢ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻓﺮﺃﺳﻲ ﻣﺸﻮﺵ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻣﺲ ، وأيضاً أفتقد قهوتي ، ﺛﻢ أﺗﺼﻞ ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ و ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ بسرعة.
– ﺧﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﺴﻦ.
ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻲ إلى ﺻﺪﻉ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﺎﺋﻼ : ﺷﻜﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻲ للتو ﻭﺍﻟﻠﺤﻈﺔ : ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺄﺧﺬﻫﺎ ﻣﻨﻲ ، ﻟﻜﻨﻚ ﺣﺘﻤﺎً ﺳﺘﻨﺪﻡ ﻳﺎ ﺷﻬﻴﺮ.
ﻣﻦ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺒﻨﻰ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﺗﺎﺑﻊ ﻷﻱ ﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ، ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻣﺪﻧﻴﺔ برفقة ﺃﻣﻨﻴﻴﻦ ﺑﻠﺒﺎﺱ ﻣﺪﻧﻲ ﻭ ﺻﻌﺪﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺛﻢ ﺩﺧﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻝ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻪ ، ﺗﺮﻛﻮﻧﻲ ﺃﻧﺘﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺣﺔ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻳﻜﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ، ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺄﻗﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻡ ، ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮة ﻭ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺻﺒﺎﺣﺎً ، ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﺧﺬﺕ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻣﻸﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻧﻮﺭﺍً ، ﺿﺠﻴﺞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﺼﺤﻮﺑﺎً ﺑﺄﻧﻴﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ، ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻻ ﺃﻓﻜﺮ ﺟﻴﺪﺍً ، ﻭ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺷﺮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺫﻫﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻟﻮﺣﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻼﻡ ﺑﺎﺳﻢ ، ﺃﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻭﺃغلقهما ﻣﺜﻞ ﻗﻂ ﻳﺤﺘﻀﺮ ، ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺭﺟﻼً ﻳﺄﻣﺮﻧﻲ ﺑﻤﺮﺍﻓﻘﺘﻪ ، ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﻳﻜﺔ ﺃﺣﻤﻞ ﻣﻌﻲ ﺃﻣﻌﺎﺀ ﻏﺰﺍﻫﺎ ﺍﻟﺠﻔﺎﻑ ، ﻭ ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﺘﺐ ﻓﺨﻢ ﺗﺤﻴﻄﻪ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ، ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺭﺟﻞ ﺿﺨﻢ ﺍﻟﺠﺜﺔ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﺧﻦ ﺑﺸﺮﺍﻫﺔ ، ﺍﺳﺘﺪﺍﺭ ﻧﺤﻮﻱ ﻭﺃﻣﺮﻧﻲ ﺑﺎﺳﻤﺎً ﺑﺎﻟﺠﻠﻮﺱ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺑﺮﺃﺳﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﻓﻘﻲ ﺑﺎﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ، ﺇﻧﻪ ﺿﺨﻢ ﺣﻘﺎً ﻭﺗﻔﻮﺡ ﻣﻨﻪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺯﻛﻴﺔ ﺗﺮﻫﺐ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ، ﺇﻧﻪ ﻋﺒﻖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺠﺒﺮﻭﺕ ، ﺟﻠﺲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺪﻭﺍﺭ ﻓﺄﻥّ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ ﺷﺎﻛﻴﺎً ﺛﻘﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ، ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺩﻋﻮﺓ ﺃﺑﻲ ﻟﻲ : ﺇﻟﻬﻲ ﻓﻠﺘﺪﻫﺴﻚ ﺩﺑﺎﺑﺔ ﺃﻧﺖ ﻭﺧﺮﺍﻓﺎﺗﻚ ، ﻫﻞ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺪﻋﻮﺓ ﺃﺑﻲ ﻭﺃﺭﺳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﻟﺘﺪﻫﺴﻨﻲ ؟ ﺗﺤﺴﺴﻨﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ، ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﻨﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ، ﺃﺷﻌﻞ ﺳﺠﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺛﻢ ﺗﻜﻠﻢ ﺃﺧﻴﺮﺍً :
– ﻋﻤﺎﺩ ؟.
– نعم .
– سيجارة ؟.
– تُشكر ، لكني لا أدخن.
كأنه استغرب من ردي ، فمكثنا صامتين نتناظر ، هو يفكر كيف يبدأ، وأنا أفكر كيف أنتهي ، في عينيه نظرة تحاول إرهابي ، كأن به يصرخ قائلاً أنا فلان ، فاقتنع أخيراً بأني لست من الذين يهابون الجالسون في مكاتب فخمة ، فانشرحت ملامحه من جديد فبدأ يعلب بمسطرة بين يديه :
– تشرب شيئاً يا سيد شهير ؟.
كأن شخص آخر يسكنني ، فنطق بدلاً مني :
– قهوة ، قهوة.
فجاء كوب قهوة ، هذه أول مرة أشرب شيئاً غير الماء في حضرة الأمن ، غريب أمركم يا سادة ! لكن القهوة خالية من السكر ، ذلك كان من حظي الأعور.
عدل الرجل جلسته ، إشارة منه لقرب انطلاق العرض :
– ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻧﺖ ﻋﻨﻴﺪ ؟ ﺇﺫﺍ لماذا ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ، ﺗﻜﺘﺐ ﻭﺗﺤﺮﺽ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ؟.
– ﻟﻢ ﺃﺣﺮﺽ ﺃﺣﺪﺍً ، ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺿﺢ.
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ :
– ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﺴﺮ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺗﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ " ﻓﻴﺲ ﺑﻮﻙ " ﺛﻢ ، ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻟﻚ ﻛﻞ ﻫﺆﻻﺀ المتابعين ؟ ﻭ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺃﺟﻨﻴﻴﺔ ؟.
ﻛﻨﺖ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ ﺩﻫﺎﻟﻴﺰ ﺭﺃﺳﻲ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻨﻮﻡ ، ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺄﻗﻮﻟﻪ ، ﺍﺳﺘﺄﻧﻔﺖ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﺎﺗﺒﺎً إياي :
– ﺗﻜﺘﺐ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﻭﺗﺤﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻃﻦ ! ﻟﻘﺪ ﻏﻔﺮﻧﺎ ﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮﺍً ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺳﺄﻧﺬﺭﻙ بنفسي ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺗﺨﺬ ﻓﻲ ﺣﻘﻚ ﺃﻱ ﺍﺟﺮﺍﺀ ، وبإمكاني اﻵن أن أهوي بك إلى قعر بئر لكني لن أفعل.
هكذا صرنا في جو الخريف المتقلب ، الدبابة تلهث وتحذر وتتوعد :
– ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳﺘﻚ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻦ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ﻫﻜﺬﺍ ، ﻓﻜﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺘﺴﻮﻳﺪ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻭﺗﻜﺬﺏ ﻋلى ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ.
ﺍﺳﺘﻔﺰﻧﻲ ﺑﻜﻼﻣﻪ ، ﻫﻞ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ؟ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻬﻴﺌﺎً ﻟﻠﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺃﺳﺮ ﻫﻴﺠﺎﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ، ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺃﻳﻀﺎً ﻛﺎﻥ ﻋﻨﻴﺪﺍً ﻭ ﺩﻓﻌﻨﻲ ﻷﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﺑﻌﻨﻒ :
– ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﺗﺴﺤﺐ ﻗﻮﻟﻚ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .
فترجل من الكرسي وضرب بكفه على المكتب :
– ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺏ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻳﺎ ﻋﻤﺎﺩ .
لجمت لساني لهنيهة قبل أن أرد عليه بهدوء غير الألوان في خدوده :
– إﻧﻤﺎ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻟﻠﻪ ، ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ.
ثم عاد جالساً مستعيداً برودته :
– ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﺍﻵﻥ ، ﻭﺃﺫﻛﺮﻙ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺘﻚ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻧﻲ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ، ولا تفرح كثيراً بنجاتك اليوم.
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺳﺒﻴﻠﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﺎﻭﺭ ﺧﻴﺎﻻﺗﻲ : ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ؟ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻩ ﻃﻮﻳﻠﺔ ، ﻻ ، ﺑﻞ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪﺍً .
ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻱ ، ﺃﺭﻛﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻲ ﻭﺣﻴﺪﺍً ، ﻻ ﺳﻼﺡ ﻟﻲ ﺳﻮﻯ ﻗﻠﻤﻲ ، ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﻩ ﺑﻌﻴﻦ ﺣﺒﻴﺐ ، ﻭﺑﻌﻴﻦ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﺨﻴﻞ ﻟﻲ بأنه ﺣﺒﻞ ﻣﺸﻨﻘﺔ ﺳﻴﻠﺘﻒ ﻳﻮﻣﺎً ﺣﻮﻝ ﺭﻗﺒﺘﻲ ﻭ ﻳﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻗﻄﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ، ﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﻐﺰﻭﺍ ﺗﻔﻜﺮﻱ ، ﻫﻮ ﺻﺎﺩﻕ ﻛﻞ ﺍﻟﺼﺪﻕ ، ﻫﺬﺍ ﻻ ﺭﻳﺐ ﻓﻴﻪ ، ﺇﻧﻤﺎ ﻻ ﻣﺮﺩ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻲ ﻭﻛﻞ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ، ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻲ ﺃﺿﺤﻴﺖ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ، ﻓﻬﻞ ﻳﺤﻖ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺍﻵﻥ ﺃﻡ ﻳﻠﺰﻣﻨﻲ ﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺏ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺪﺑﺎﺑﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﻗﺮﺍﺭﺍً ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﻘﺾ ؟.
ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻨﺎﺩﻝ :
– ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺎﺩ ﺷﺎﺣﺐ ﺍﻟﻮﺟﻪ ؟.
– ﻻ ، ﻻ ﺷﻲﺀ ، ﻓﻘﻂ ﻟﻢ ﺃﻧﻢ ﺟﻴﺪﺍً ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻷﻣﺲ.
– ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻋﺮﺱ ﺑﺎﺫﺥ.
– ﺑﻠﻰ ، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺫﺧﺎً ﺑﺎﺫﺧﺎً ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺒﺬﺥ ﻭﺍﻹﺳﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻗﺎﺩﻡ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ.
– ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺸﺮﺏ ؟.
– ﻗـهوتي .
ﺃﺭﺗﺸﻒ ﻗﻬﻮﺗﻲ ﻭﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻵﺗﻲ ، ﺁﻩ ﻳﺎ ﺩﻧﻴﺎﻱ ، ﻣﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻭﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻲ ، ﻣﻦ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﺍﻟﻤﺘﺴﻮﻝ ﻫﻨﺎﻙ ، ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻟﺲ ﻗﺮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ، ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﻘﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎﻫﻲ ، ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻐﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﺎﺳﻢ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻤﻠﺘﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺩﺍﻋﻴﺎً ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﺼﻼﺓ؛ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻛﺒﻴﺮاً ؟.
***
عدت إلى المنزل في المساء ، وجدت أمي متوجسة من تأخري ، لم أتجاوز الباب وهي تمطرني بالأسئلة بعد أخرى :
– أين قضيت ليلة الأمس ، ماذا فلعت يا متعوس ؟.
أحاول تهدئتها بالكذب :
– كنت عند صديقي ، التحقيق معي شيء بسيط ، فقط سوء تفاهم لا أكثر ، صدقني .
– حقاً.
– نعم.
ثم توجهت إلى غرفتي ، وفي أول خطواتي سمعت دقات عنيفة على الباب ! توقفت واستدرت برأسي ، وتناظرنا أنا وأمي.
النهاية ……
اقتباس :
ﻓﻲ ﺯﻣﻨﻨﺎ ﻫﺬﺍ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﺤﻴﺔ ﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ؛ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﺎﺿﺖ ﺭﻭﺣﻪ على ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺣﺪ ، ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺴﻪ ﺟﺮﻳﻤﺔ .
تاريخ النشر : 2019-04-15