انجرة قبيلة اندلسية لم تتغير منذ مئات السنين
سقوط الاندلس واستسلام محمد الثاني عشر لقوات مملكة قشتالة |
انتهت تلك الحقبة الذهبية بسقوط غرناطة (اخر قلاع المسلمين) بيد الاسبان سنة 1492م واسدل الستار عن فترة تاريخية منيرة من تاريخ الاسلام والمسلمين هناك لتبدأ في نفس الوقت فصول جديدة من افظع ماسي التاريخ.
المورسكيون هم الذين بقوا في الاندلس بعد سقوطها واجبروا على تغيير دينهم |
اعمال وحشية ارتكبتها محاكم التفتيش الاسبانية في حق الاندلسيين المهجرين من اراضيهم وكذا اولئك الذين اختارو البقاء تحت الحكم المسيحي في شبه الجزيرة الايبيرية ،
ولان موضوع مقالي لن يتناول قصة المورسكيين وماساتهم التي ملات فظاعتها الكتب والابحاث فانا هنا اكتفي بالاشارة الى ان الاسبان حاربوا المسلمين طوال قرون من الزمن الى ان اصدر الملك فيليب الثالث بتاريخ 22 سبتمبر 1609 قرارا رسميا بالطرد النهائي فازدحمت الطرق وامتلات الموانئ واشتد الاقبال على البواخر.
هاجر المورسكيون بافواج كبيرة الى المغرب ومنهم من رحل الى الجزائر ومصر وتونس وتركيا وحتى الى العالم الجديد(امريكا) لكن يبقى المغرب اكبر مستقبل لتلك الافواج بحكم القرب الجغرافي والتاريخ المشترك بين البلدين.
ومن ضمن من استقر في شمال المغرب اندلسيون استوطنوا الجبال المحيطة بمدينة طنجة وظلوا منغلقين على انفسهم يعيشون ويتزاوجون فيما بينهم الى اليوم.
لاحظ التشابه بين ملابس نساء انجرة اليوم وما كانت تردتيه المورسكيات في الاندلس |
بامكان القول ان افراد هذه القبيلة منذ ان قدموا من الاندلس الى المغرب لم يختلطوا بباقي سكان البلاد على غرار ماوقع للمورسكيين الذين نزحوا الى فاس او مراكش او الرباط .
سكنوا المنطقة الممتدة من طنجة غربا الى تطوان شرقا وامتدادا حتى الى شفشاون والمناطق المحيطة بها.
لم يكن استيطان قبيلة انجرة لهذه المنطقة اعتباطا فهي تشبه الى حد كبير سهول وهضاب اشبيلية او غرناطة. والى اليوم تعتبر قبيلة انجرة اكبر قبائل جبالة على الاطلاق ويمتد نفوذها الى اجزاء واسعة من منطقة جبالة شمال المغرب.
منطقة انجرة .. مناظرها تشبه سهول الاندلس |
كان سكان قبيلة انجرة الاولون القادمون الى المغرب ينظرون الى الشواطئ الاسبانية من خلال نوافذ منازلهم القابعة في الجبال على الجانب الاخر المقابل في معاقلهم في جبال طنجة علهم يوما ما يرجعون الى موطنهم لكن الايام مرت والعقود والقرون ولت ولم يعد احد الى هناك ابدا.
الغريب في الامر ان قبيلة انجرة تكاد تكون حالة فريدة من نوعها ذلك انها لم تتغير منذ 500 سنة لازالت تحتفظ بنمط عيشها الاندلسي الى الان وربما الصور المرفقة مع المقال خير شاهد على ذلك.
الزي الاندلسي اصبح اليوم هو الزي الرسمي لنساء منطقة الشمال وبه يعرفن. يمزج في لونيه الابيض والاحمر عبق التاريخ واصالة شعب اضطهد وهجر قصرا من بلده.
الزائر لهذه المنطقة اكيد سيتفاجا بلكنتهم العربية الغريبة وملامحهم المائلة الى الشقرة.
لديهم لكنة خاصة واختلطت فيهم الملامح الاوربية |
ومازالت الكثير من قراهم تضم منازل قديمة أسطحها بنيت بشكل ثلاثي الأضلع مثل المنازل التي تبنى في المناطق التي تكثر فيها الثلوج.
تجدر الاشارة هنا ان مدينة شفشاون المجاورة كانت ترفع فيها الرايات السوداء على المنازل حدادا على سقوط الاندلس وانتهى هذا التقليد حوالي سنة 1919.
حمل الاندلسون الى المغرب الكثير من ثقافتهم علومهم وفنهم وعاداتهم ونقلو الينا طربهم كالطرب الغرناطي.
وصلة من الطرب الغرناطي من انشاد المغربية بهاء الروندة |
والجدير بالذكر ان الطربين الغرناطي والاندلسي كانت تنشد وصلات منه في البلاط الملكي المغربي ايام المرابطين والموحدين ذلك ان وجوده بالمغرب سبق سقوط غرناطة بسنين طويلة.
بقي هنا ان اختم مقالي بابيات شعرية في رثاء الاندلس نظمها الشاعر ابو البقاء الرندي انقلها لكم بتصرف
بالأَمْسِ كَانُوا مُلُوكًا فِي مَنَازِلِهِمْ * وَاليَوْمَ هُمْ فِي بِلَادِ الكُفْرِ عُبْدَان
فَلَوْ تَرَاهُمْ حَيَارَى لَا دَلِيلَ لَهُمْ * عَلَيْهِمْ مِنْ ثِيَابِ الذُّلِّ أَلْوَانُ
وَلَوْ رَأَيْتَ بُكَاهُمْ عِنْدَ بَيْعِهِمُ * لَهَالَكَ الأَمْرُ وَاسْتَهْوَتْكَ أَحْزَانُ
يَا رُبَّ أُمٍّ وَطِفْلٍ حِيلَ بَيْنَهُمَا * كَمَا تُفَرَّقُ أَرْوَاحٌ وَأَبْدَانُ
وَطَفْلَةٍ مِثْلِ حُسْنِ الشَّمْسِ إِذْ بَرَزَتْ * كَأَنَّمَا هِيَ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانُ
يَقُودُهَا العِلْجُ لِلْمَكْرُوهِ مُكْرَهَةً * وَالعَيْنُ بَاكِيَةٌ وَالقَلْبُ حَيْرَانُ
لِمِثْلِ هَذَا يَمُوتُ القَلْبُ مِنْ كَمَدٍ * إِنْ كَانَ فِي القَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ
المصادر :
– قبيلة أنجرة: الأندلسيون الوحيدون الذين لم يتغيروا منذ 500 سنة – موقع طنجة انتر
– قبيلة انجرة: آخر أثر للأندلوسيين بشمال المغرب – راديو تطوان
– الموسوعة العالمية للشعر العربي – موقع أدب
تاريخ النشر : 2019-05-13