ألغاز علمية

اكتشاف عضو جديد في رأس الأنسان – عام 2020 م

بقلم : شهاب صبري – مصر
للتواصل : [email protected]

أكتشف مجموعة من الأطباء عضو جديد في دماغ الإنسان لم يكن مكتشف إلى يومنا هذا
أكتشف مجموعة من الأطباء عضو جديد في دماغ الإنسان لم يكن مكتشف إلى يومنا هذا

 
بالرغم من كل الإنجازات العلمية والطبية التي وصلنا لها حتى الآن ، ما زال جسم الإنسان وأسراره و طريقة عمله يصعب جداً على العقل البشري استيعابه ، و يوم بعد يوم يقدم مثال حي على عظمة الله سبحانه وتعالى و روعة الخلق .

 في معهد للسرطان في هولندا أكتشف مجموعة من الأطباء عضو جديد في دماغ الإنسان لم يكن مكتشف إلى يومنا هذا ! لا يوجد طبيب على وجه الأرض مهما كان تخصصه كان على علم بوجود هذا العضو في جسم الإنسان ، و هذا طبعاً بالرغم من كل التقدم الطبي و التكنلوجي الذي وصل له الطب الحديث ، و أدوات المسح المتقدمة المستخدمة في معظم أنحاء العالم ، يا تُرى ما هذا العضو ، و كيف تم اكتشافه ، و هل يمكن أن يفيدنا أو يساعد الأطباء في شيء ؟ .

سأحدثكم اليوم أعزائي القراء عن اكتشاف عضو جديد في دماغ الإنسان.
 
في أي كتاب علمي عن التشريح البشري سنجد فيه أن الإنسان لديه 3 أزواج رئيسية من الغدد اللعابية ، واحدة خلف الخدين بين الفك والأذن ، و واحدة أسفل الفك ، و واحدة تحت اللسان ، و لكن يبدو أن هذه الكتب تحتاج إلى تحديث ! .

 بالصدفة البحتة و أثناء البحث عن أي تلف في الغدد اللعابية على أحد مرضى السرطان بعد حصوله على علاج إشعاعي أكتشف أخصائي علاج الأورام في المهد الهولندي للسرطان فوتر فوغل جسم غريب في رأس المريض ! زوج من الغدد اللعابية على شكل أنابيب موجودة خلف الأنف في المنطقة المعروفة بإسم (البلعوم الأنفي) ، يا تُرى ما هو البلعوم الأنفي ؟.

blank
تم اكتشاف زوج من الغدد اللعابية على
شكل أنابيب موجودة خلف الأنف
 
البلعوم الأنفي هو الجزء العلوي من البلعوم ، و هي منطقة موجودة خلف الأنف تشبه المكعب تقريباً ، هذه المنطقة مكونة من عضلتين و مبطنة بغشاء مخاطي ، و تحتوى على غدد لعابية مجهرية مثلها مثل الموجودة بالمئات في أنحاء متفرقة من الفم والحلق ، لكن زوج الغدد التي تم اكتشافها في هذا الجزء أتضح أنها رابع الغدد الرئيسية في دماغ الإنسان بطول يصل لـ 4 سم في المتوسط !.
 
– إذن لماذا فوتر فوغل هو الوحيد الذي استطاع رؤية هذا العضو ؟.
 
 
هناك سببين رئيسيين لعدم اكتشاف هذه الغدة من قبل
 
السبب الأول أن الأخصائيين في الماضي لم يستخدموا نفس تقنية المسح التي استخدمها فوتر في البحث عن الغدد اللعابية ، فوتر كان يستخدم تقنية مسح جديدة للكشف عن الخلايا في الغدد اللعابية ، هذه التقنية هي عبارة عن مزيج من الأشعة المقطعية المتعارف عليها مع تصوير مقطعي معروف باسم (الإصدار البوزيتروني) ،

و فيها يقوموا الأطباء بحقن المريض بمتتبع إشعاعي يرتبط ببروتين أو أنزيم معروف عنه ارتفاعه في مرضى سرطان البروستاتا ، هذه الطريقة كان يتم استخدامها للكشف عن سرطان البروستاتا ، لكن بتجارب أثبتت أنها فعالة أيضاً في الكشف عن خلايا الغدد اللعابية بدقة شديدة ، و من خلال المسح بهذه التقنية ظهرت أمام فوتر غدة لعابية ضخمة لم يراها في حياته من قبل ، لا هو ولا غيره من الأطباء المتخصصين على مر التاريخ الذين أفنوا عمرهم في العلم و دراسة جسم الإنسان!.

blank
تم اكتشافه بتصوير مقطعي معروف باسم
(الإصدار البوزيتروني) و استخدام انزيم اشعاعي 
أما السبب الثاني الذي منع الباحثين من اكتشاف هذه الغدة طبقا لفوتر ، هي موقعها ، على عكس الـ 3 غدد اللعابية الرئيسية التي قد تستطيع أن تشعر بها بيدك أو تُرى أثناء الجراحة فالغدد اللعابية التي تم اكتشافها حديثا تقع في منطقة يصعب الوصول إليها عن طريق العمليات الجراحية التقليدية ، و هنا سيخرج لي أحد القراء و يسألني سؤال:
 
– أليس من الممكن أن يكون فوتر أخطأ و أن هذا المريض لديه هذا العضو زيادة مثلاً ؟.
 
سؤال ممتاز ، صفقوا له يا أصدقاء .
 
النتائج التي توصل لها فوتر لم يكن من السهل على المجتمع العلمي تقبلها إطلاقاً ، خاصةً و هو يتحدث عن اكتشاف جديد في جسد مخلوق أقيمت عليه العديد من عمليات التشريح و الأبحاث و الدراسات على مر مئات السنوات ، و الطبيب الهولندي يحكي أنه عندما أرسل النتائج لزملائه لم يصدقوا ! لأنه على حسب وصفه فهذا الاكتشاف كان غريب بالنسبة لهم و أبعد من حدود علمهم و معرفتهم ، وهذا ما أكد عليه جراح الفم والوجه والفكين Matthijs Valstar حيث قال : ” في البداية لم أصدق .. هذا الكلام غير موجود في كتب الطب !”.
 
وللتأكد من نتيجة وصحة هذا الاكتشاف المدوي جمع فوتر فريق من الباحثين من المعهد الهولندي للسرطان و ثلاث معاهد طبية أخرى في هولندا ، وبعدها قاموا بإجراء الكشف على 100 مريض من مرضى سرطان البروستاتا و كانت النتيجة هي وجود نفس العضو المكتشف في كل واحد منهم ، بل أنهم قاموا بتشريح أكثر من جثة للتأكد من أن هذا العضو عبارة عن غدة لعابية بالفعل أم لا ،

blank
يظهر الى يسار الصورة الدكتور فوتر فوغل
و على اليمين الدكتور ماتيوز فالستر 

وأطلق فريق العلماء على هذه الغدد المكتشفة حديثاً أسم الغدد اللعابية الأنبوبية (Tubular salivary glands) وأنقطع الشك باليقين وأصبح المجتمع العلمي على دراية بالعدد الحقيقي للغدد اللعابية الرئيسية لدى الإنسان في سبتمبر 2020 م قبل إعلان النتائج في منتصف شهر أكتوبر، لكن على الجانب الأخر فهناك عدد من الأطباء يرون أن الاكتشاف يحتاج لأبحاث أكثر خاصةً أنه ما زال حديث.

 
و من أجل الأمانة العلمية فالأطباء وعلى رأسهم فينسنت فاندر طبيب الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى جامعة لوفان البلجيكية لا يختلفون مع فوتر وزملاءه في اكتشافهم و بحثهم ، و يقولون أن لا شك أن أنسجة الغدد اللعابية المكتشفة حديثاً هي أنسجة جديدة علينا وعلى المجتمع العلمي بالكامل ، لكن مشكلتهم تنحصر في تصنيف الغدد اللعابية الأنبوبية باعتبارها غدة رئيسية أم لا ، خاصةً مع تشابه خواصها مع الغدد اللعابية الصغيرة باستثناء حجمها الكبير مقارنةً بها !

blank
يرى بعض العلماء أن الاكتشاف لا زال يحتاج الى مزيد من البحث

لكن بعض الأصوات العلمية الأخرى تقترح أن هذه الأفكار نابعة عن دهشة العلماء من الاكتشاف و رفضهم لفكرة اكتشاف عضو جديد في جسم الإنسان أبعد من حدود علمهم و لم يكونوا على دراية به طوال هذه السنوات بالرغم من أنهم أفنوا عمرهم بالكامل في التعلم و دراسة جسم الإنسان ، لكن بغض النظر عن صراع العلماء في تصنيفها هل هذه الغدد اللعابية المكتشفة حديثاً يمكن أن تفيد الطب في شيء بخلاف تحديث معلوماتهم الشخصية ؟.

blank
الغدد اللعابية لها أدوار متعددة و مهمة جداً لكل إنسان
في الحقيقة الغدد اللعابية لها أدوار متعددة و مهمة جداً لكل إنسان ، مبدئياً سنجد أن هذه الغدد تفرز أكثر من 30 مل لتر من اللعاب في الساعة الواحدة ، و أكثر من 99 % من اللعاب عبارة عن مياه ، والباقي أنزيمات و مخاط لزج و مركبات أيونية ومواد مقاومة للميكروبات ، اللعاب بتركيبته هذه يساعد على ترطيب الفم والحفاظ على الأسطح الداخلية و سهولة البلع والهضم ، و له دور مهم أيضاً في تحليل بقايا الطعام العالقة بين الأسنان وتنظيفها ، وعند حدوث أي مشكلة في هذه الغدد فقد تعرض صاحبها لمشاكل كثيرة مثل مرضى التهاب الغدة النكافية ، و هؤلاء يعانون من آلام و جفاف في الحلق وصعوبة في الأكل والبلع و حتى صعوبة في الكلام ،

و اكتشاف الغدة الرابعة لها أهمية كبيرة في علاج مرضى السرطان ، حيث أن الأطباء الذين يستخدمون العلاج الإشعاعي على مرضى السرطان في الدماغ أو الرقبة يحاولون قدر المستطاع عدم تعريض الغدد اللعابية للإشعاع ، لأن تلف هذه الغدد يعرض المريض لمشاكل التهاب الغدد بخلاف معاناته من السرطان نفسه ، و لأن الأطباء لم يكونوا على دراية بوجود غدة لعابية في هذه المنطقة فلم يحاول أحد تجنب الإشعاع عليها بالرغم من الأثار السلبية على المريض ،

و هذا الكلام تم تأكيده بالفعل من خلال فحص الباحثين لسجلات أكثر من 700 مريض من مرضى السرطان الذين تعرضوا لعلاج إشعاعي ، و اكتشف الباحثين أنه كلما تعرض المريض لإشعاعات في منطقة الغدد المكتشفة حديثاً كلما ظهرت عليهم الأعراض المصاحبة لالتهاب أو تلف الغدد اللعابية ، و بالتالي اكتشاف الغدة الرئيسية الرابعة قد يكون لها دور مهم في تخفيف معاناة مرضى السرطان أثناء العلاج ، حفظكم الله أعزائي القراء من تلك الأمراض .

blank
هذا الاكتشاف سوف يخفف معاناة من معاناة مرضى السرطان أثناء العلاج
في الوقت الذي تنظر فيه لدقة و جمال الطبيعة حولك و تنظر لسماء الليل و ترى جمال القمر والنجوم و تقول ” سبحان الله ” فجسدك الذي نما من نطفة فيه أروع الأدلة عن عظمة خلق الله ، وإذا كنت تنبهر من تفوق المجتمع الغربي على المستوى الطبي من علوم وأجهزة وغيرها فلا تدع انبهارك هذا يجعلك تغفل على أن جسد الإنسان كان و ما زال عصي على المجتمعات العلمية بالكامل و هم مسلحين بأحدث وسائل التكنولوجيا و التقدم الطبي على الإطلاق ، و لا نستبعد بعد عشرات أو حتى مئات السنوات أن تكتشف البشرية شيء جديد عن جسم الإنسان و طريقة عمله ، و وقتها أيضاً قد لا يكونوا قد وصلوا لكل أسراره !  لذا كلما نظرت إلى السماء و تأملت في عظمة الله سبحانه و تعالى ، تذكر دائماً كل شيء حولك دقيق و مذهل ، نحن أيضاً مذهلين .
 
– يا تُرى هل كنت على دراية بهذا الاكتشاف قبل قراءة المقال ؟ .
– وهل تعتقد أن هناك المزيد من الاكتشافات في جسم الإنسان قد يتم اكتشافها في المستقبل ؟.
– وهل يبهرك عجائب وأسرار جسم الإنسان أكثر أم الفضاء ؟.

تاريخ النشر : 2021-01-05

guest
69 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى