أشهر أحداث القرن العشرين – 3 – : المنطاد R 101

لعل صناعة المناطيد ، هي الصناعة الوحيدة التي لم يتجاوز عدد ضحاياها ال١٠٠ ضحية. و فعلياً ، تُعد صناعة المناطيد الأقل بعدد الضحايا مقارنة بكوارث حدثت سابقا و لاحقاً . ولعل حادثة المنطاد R 101 هي الأشهر فقط. و في جولة سريعة حول تطور و صناعة المناطيد، كان المنطاد القاسي ، هو تطور ، عن المنطاد النصف قاسي ، و اللذان ينحدران كلاهما من البالون العادي ( المنطاد الكروي ) .
استعمل الفرنسيون المناطيد الكروية منذ أكثر من ٢٠٠ عام ، و تحديداً في أوقات الحرب كأداة للمراقبة. و لكن بما أنهم تحت رحمة الرياح و الظروف الجوية ، فقد أصبح بديهياً أن تتطور المناطيد و يضاف إليها محرك للتوجيه و زيادة السرعة.
ونجح المنطاد الأول الذي صممه الفرنسي ( H.Giffard ) ، و كان يسير بدفع البخار و يمكنه الوصول لسرعة ٨كم/ساعة بدون رياح. ثم طور بعد ذلك محركاً كهربائياً اسماه ( La France ) ، و تطورت هذه الصناعة بعد الحرب العالمية الأولى و أصبحت رفاهية لنقل الركاب. و لكنها انتهت عقب مأساة المنطاد R101 .
بداية و نهاية المنطاد R 101 ..

في ظل التنافس بين شركة الصناعات الجوية ( غارنتي ) و بين وزير الجو البريطاني نفسه ، و لصعوبة دفع التكاليف من قبل الحكومة البريطانية ، و لشدة المنافسة ، فقد استبدل اللورد ( تومبسون ) وزير الجو وقتها المحركات التقليدية بمحركات أخف وزناً و تعمل على البنزين و هنا كانت النواة الأولى للمصيبة التي ستحدث لاحقاً ب R101.
إقرأ أيضا: مهرجان بالونات كليفلاند : أكبر حفل لإطلاق البالونات يتحول لكارثة
و كل ما فعله الوزير كان فقط للتفوق على القطاع الخاص ومنطادهم R100 . و عند عرض المنطادين في صالون الجو في ( هيندون ) ، أجمع الناس على تفوق الR100 بشكل واضح لقدرته على حمل الأوزان .
لكن الخبراء وحدهم كانوا يعلمون بأن كلا المنطادين يسرب الغاز، و غير قادرين على العودة إلى ( كارنغيتون ) بتلك الحمولة الثقيلة. لكن سرعة اتخاذ القرارات و كانت بالمجمل قرارات غبية و سهلة لا معنى لها .
زيادة مصيبة المنطاد R 101 ..
قرر الخبراء بعد نجاح منطاد R100 في الوصول إلى كندا في رحلة موفقة ، زيادة وزن الR101 بقطع المنطاد إلى قطعتين ، و تمديده أكثر ، و إضافة خزانات جديدة من الهيدروجين ، تسمح له بالأرتفاع أكثر .
ولزيادة الطين بلّة فقد أعلن اللورد تومبسون أن R101 سيغادر إلى الهند عبر مصر في الرابع من شهر تشرين الأول. سيكون هو شخصياً على متن هذا المنطاد . و إن هذه الرحلة ستكون سريعة في الذهاب و العودة لحضور المعرض الجوي السنوي .
الرحلة الأولى – الرحلة النهائية للمنطاد R 101 ..
غادر المنطاد R 101 قاعدته في الكاردينغتون في الوقت المحدد ، وعلى متنه ٥٤ شخصاً ، من بينهم ستة من المسافرين فقط . و بالرغم من الجهود المبذولة لتخفيف وزن المركب الطائر ، إلا أنه لم يتم احتساب وزن الأمتعة على متنه. فكانت أمتعة اللورد تومبسون تزن أكثر من أمتعة الركاب جميعاً .
كانت تجهيزات المنطاد من الفضة، و ٢٠٠ متر من السجاد ذي الوزن الثقيل ، و المؤن ، و المشروبات بكميات كبيرة . بحكم أن الوزير كان ينوي إقامة مأدبة جوية فوق مدينة الإسماعيلية ، إضافة لتسعة أطنان من الوقود الإضافي.
إقرأ أيضا: العواصف الجيومغناطيسية وحادثة كارينغتون
لم يغادر بالأساس ..

أعلن أحد السكان لصحيفة ( دايلي أكسبريس )، بأنه خرج من منزله ، فشاهد ضوءاً ساطعاً بوميض مرعب قادماً تجاه المنازل. فلامس الأشجار و أسقف المنازل ببضعة سنتيمترات و أخذ يبتعد .
و بعد عدة ساعات ، أعلن مطار ( بورجيه ) بأن المنطاد وجد على بعد واحد كيلومتر شمال ( بوفيه ) ،و في الساعة ٨:٠٢. انفجر المنطاد بمن فيه و لم ينج إلا 7 أشخاص بأعجوبة .
الأسباب ..
بكل بساطة مع كل الإضافات التي أضيفت لتساعد المنطاد للارتفاع كانت دون جدوى و لم يتجاوز هضبة قريبة من ( بوفيه ) و أحد أغلفة الهيدروجين ثقبت لأنها وضعت دون أدنى مراجعة للسلامة . و كان هذا الحادث هو الضربة القاضية للصناعة البريطانية، و أحيل بعدها منطاد R100 للتقاعد خوفاً من حادث آخر .
ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .